لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في سنة 5 ثورة .. المَلف الحقوقي "لم يُراوح مكانه"

07:33 م الأحد 24 يناير 2016

كتبت ـ هاجر حسني:

أحيانا يكون القرب المكاني والثقافي كافٍ لانسياب بعض الأفكار بين الشعوب التي يضمها إقليم واحد، وهو ما حدث في مصر بعد "ثورة الياسمين" التونسية في 2011 ضد الرئيس زين العابدين بين علي، والذي ساهم في اشتعال الثورة المصرية رغم أن البعض كان يستبعد ذلك على اعتبار أن "مصر مش تونس"، ولكن عندما تتشابه الظروف وتكون هذه المرة في دولة واحدة ويختلف فقط زمن حدوثها هو ما يثير التساؤل حول إمكانية وجود ثورة أخرى أو موجة جديدة للثورة كما يصفها البعض.

التضييق على الحريات، حالات الاعتقال، تردي الحالة الاقتصادية والاجتماعية، التعذيب في السجون والأقسام كان الدافع وراء نزول المصريين إلى الميادين للاحتجاج على أوضاعهم في يناير 2011 ضد نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، وساهم حادث مقتل الشاب السكندري خالد سعيد منتصف 2010 على يد عدد من أفراد الشرطة بعد تعذيبه في ارتفاع الغضب حتى أغرقت دعوات التظاهر مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة فيسبوك من خلال صفحة "كلنا خالد سعيد" التي كان لها دورًا كبيرًا في الحشد للتظاهر.

خمس سنوات كانت كافية لتراجع المكاسب الضعيفة التي حققتها التظاهرات، وعاد النضال من جديد للمطالب بأبسط الحقوق في التعبير عن الرأي، فمنذ أواخر شهر نوفمبر الماضي بدأت حركة من القبض وغلق دور النشر ومنافذ التعبير ليراها البعض "اجراءات احترازية" قبل ذكرى الثورة في ظل الأعمال الإرهابية التي ينشط القائمون عليها في مثل هذه الأيام، والبعض الآخر يراها قمع وتقييد للحريات، وبدأت الأوضاع تتشابه كثيرًا مع ما حدث قبل ثورة 25 يناير.

القبض والاحتجاز

وخلال شهر ديسمبر كان هناك حركة من القبض على عدد من النشطاء فأعلنت حركة شباب 6 أبريل اعتقال اثنين من أعضائها هم أيمن عبد المجيد ومحمد نبيل، وقالت الحركة عبر صفحتها على فيسبوك أنه تم "اقتياد أيمن عبد المجيد إلى قسم النزهة والتحقيق معه من قِبل الأمن الوطني، بينما لم يستدل على مكان الزميل محمد نبيل" آنذاك، فبحسب الحركة تم اقتحام منزل الناشطين بالقاهرة بدون إذن نيابة أو أوامر ضبط وإحضار، تم احتجازهما في أحد مقار الأمن الوطني بدون أي تهم واضحة أو معلنة.

وبعد أيام قليلة من القبض على أعضاء شباب 6 أبريل تم القبض على محمود السقا، الصحفي بموقع بوابة يناير، والتحقيق معه بتهمة الانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون، وهي "حركة شباب 25 يناير"، فيما أكد السقا في التحقيقات أنه جرى الاعتداء عليه وتعذيبه داخل محبسه للإدلاء باعترافات، وكان السقا أحد القيادات الشابة في حملة تمرد وعضو اللجنة الإعلامية لحملة حمدين صباحي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

يرى حمدي قشطة، عضو المكتب السياسي لحركة 6 أبريل الجبهة الديموقراطية، أن الموقف ليس اعتقال فرد أو اثنين، وهذا لن يولد الثورة أيًا كان وقتها، ولكن وجهة النظر الأصح هي وجود ذات السياسات الاقتصادية والأمنية التي كانت موجودة ما قبل 2011 وعادت مرة أخرى الآن، قائلا "نحن نعيش أجواء ما قبل 2011 في كل النواحي والملفات".

"نفس المعطيات تؤدي إلى نفس النتائج"، هكذا يقول قشطة، فقرار الثورة هو قرار شعبي في وجهة نظره وليس من الضروري أن يكون توقيتها في ذكرى يناير لأنه في أي وقت سيصل فيه الشعب لحالة الغضب سيثور.

وعن وجود حالة من التضييق على الحريات في الفترة الأخيرة، يقول عضو 6 أبريل، إن "القائمون على السلطة يروا ما وصلوا إليه من أخطاء في عيون الشعب وهم خائفون من الغضب الشعبي، ولذلك فيحاولون منع التواصل بين الطليعة الشعبية وطبقات الشعب العادية".

ويؤكد قشطة أن الشعب متفق تماما على هدف واحد قائلا "دعونا لا نأخذ الكلام من أفواه السياسيين، وأكبر مثال عملي على ذلك هو عزوف الشعب عن انتخابات البرلمان 2015 ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك ومن يقول ذلك فلابد أن يعدل من آرائه، ووقتها اجتمع الشعب دون دعوة سياسية لعدم التصويت ولكن من تلقاء نفسه".

تقييد الحريات

التضييق لم يقتصر فقط على الاحتجاز بل طال أيضًا عدة منافذ للحرية، ففي 28 ديسمبر داهمت مجموعة من 7 مسؤولين جاليري "تاون هاوس" ومسرح روابط حيث تم تفتيش المعرض والمكاتب وأجهزة الكمبيوتر الموجودة في المكان والاطلاع على التراخيص والمستندات والأعمال الفنية الجاهزة للعرض والأرشيفية، دون وجود أذن تفتيش.

ثم انضم إلى الحملة مسؤولون من الأمن الوطني ومصلحة الضرائب، ومكتب القوى العاملة، وجرى على مدار ثلاث ساعات عمليات تفتيش، واستجواب العاملين والاطلاع على وثائق تحقيق شخصيتهم قبل أن يسمح لهم بمغادرة المكان، ثم قامت القوة بمصادرة جهاز كمبيوتر محمول وأخر مكتبي وأقراص مدمجة وذاكرة تخزين "USB"، ومواد ارشيفية، وأغلقت المعرض والمسرح.

وخلال يومين من ذلك أعلن موقع "العربي الجديد" بنهاية شهر ديسمبر أن قراء الموقع في مصر فشلوا في الدخول إليه ليتبين بعد ذلك أن الموقع تعرض للحجب التدريجي على الأراضي المصرية، وجاء الحجب في مصر بعد حجب وزارة الثقافة والإعلام السعودية الموقع في المملكة، وتبعتها دولة الإمارات فيما لم يصدر عن الدول الثلاث أي توضيح حول سبب الحجب.

وفي نفس الفترة قبلت محكمة جنح مستأنف مصر القديمة بالقاهرة استئناف إسلام بحيري على حكم حبسه 5 سنوات بزعم ازدراءه للدين الإسلامي وقررت تخفيض حكم الحبس إلى سنة واحدة، فيما ألقت قوات الأمن القبض عليه لتنفيذ الحكم وإيداعه بأحد السجون.

ويقول جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إن "المناخ الموجود حاليًا يتسم بالتضييق على الحريات، والناس حاليا أكثر غضبًا من 2011، ولكن رغم هذا الغضب فلا يفضل أن يخرج المعترضون للتظاهر والاحتجاج في ذكرى ثورة يناير".

"لا يوجد ما يسمى بثورة جديدة"، هكذا يرى عيد، ولكن ما يمكن أن يحدث هو موجة تكميلية لثورة يناير، وردًا على الآراء التي تقول بأن تقييد الحريات ليست سبب كاف لخروج المواطنين للتظاهر، يقول عيد إن الحريات مرتبطة بالأزمة الاقتصادية والفشل في القيادة وهو ما سيؤدي إلى خروج الناس للتظاهر ولكن في وقت لا يعلمه أحد حتى الآن.

يتابع عيد "التظاهر حق لكل فرد ولكنه لابد أن يكون مُنظم ويكون له موعد محدد، وطريقة تعامل الدولة مع ذلك ستتوقف على ما إذا كانت تحترم حقوق الإنسان أم لا، وهذا أمر استبعده ولذلك ربما يكون هناك عنف ضد مثل هذه التظاهرات".

الانتهاكات مستمرة

أصدر مركز النديم تأهيل وعلاج ضحايا العنف، تقريره عن شهر ديسمبر، حيث رصد المركز 11 حالة وفاة في أماكن الاحتجاز، 3 منهم نتيجة التعذيب، 7 نتيجة الإهمال الطبي، وحالة واحدة انتحار، كما رصد المركز 17 حالة وفاة خارج أماكن الاحتجاز، 3 نتيجة طلق ناري في مشاجرة مع رجل شرطة، طلق ناري عن طريق الخطأ، 1 طلق ناري عشوائي، 10 حالات تصفية، حالة واحدة من قصف جوي، وحالة واحدة ضرب أفضى إلى موت، خلال هذا الشهر فقط.

كما رصد المركز 65 حالة تعذيب، 6 حالات تعذيب جماعي "دون حساب سجن العقرب"، 2 حالة تكدير جماعي "دون حساب سجن العقرب"، 50 حالة اهمال طبي في أماكن الاحتجاز 12 حالة عنف شرطة، 58 حالة إخفاء قسري، 16 حالة ظهور بعد اختفاء.

وتقول عايدة سيف الدولة، مؤسس مركز النديم لعلاج وتأهيل ضحايا العنف، إن هناك عدد كبير من الشباب في السجون ولا أحد يستطيع أن يتنبأ بما سيحدث في ذكرى 25 يناير، خاصة وأن ثورة يناير حدثت وكانت مفاجأة للكثيرين وأنا كنت واحدة منهم، موضحة أن "الاعتقالات والانتهاكات موجودة منذ 2012 وليس خلال الشهر الماضي فقط".

وأضافت، أن التضييق على الحريات يحدث طوال الوقت، ولكن ما حدث خلال الفترة الماضية هو حركة اعتقالات جديدة خارج نطاق الإسلاميين، وهو ما لفت نظر الكثيرين، ولكن ما يحدث طوال الوقت هو قبض عشوائي ودائما ما تكون التهم جاهزة بالانضمام لمنظمة ارهابية.

وأوضحت سيف الدولة أن هناك تخوف من ذكرى 25 يناير هيستيريا بالرغم من أنه لا يوجد من دعا للنزول والتظاهر ممن شاركوا في الثورة في 2011، معلقة على وصف البعض لما يحدث في الفترة الأخيرة بأنه "اجراءات احترازية" قائلة إن "هذه الاجراءات موجودة طوال الوقت من قبض واخفاء ولم تتوقف ليوم واحد" بحسب قولها.

وتابعت "من الممكن أن ينزل الناس ويتحركوا في وقت آخر ده ممكن يحصل أكيد هيجي يوم والناس هتطهق"، وعن تعدد الأهداف وعدم الاتفاق الذي يسود فئات الشعب، قالت إنه "في 25 يناير لم يكن هناك أيضًا هدف واحد بالرغم من أن الشعار كان واحدًا ولكنه لم يعني نفس الشيء لكل الناس".

احتمالات ضعيفة

ولكن قيام ثورة أخرى أو خروج المواطنين للاحتجاج على أوضاع بعينها أمر رآه محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، مستبعد، مرجعًا ذلك إلى "حالة الفرقة والانقسام التي سادت بين الشعب المصري واختلاف المطالب والأهداف"، فيقول "مبارك اللي الشعب ثار عليه لسه في ناس بتؤيده وتطالب بعودته، وهناك أيضًا من يؤيدون مرسي ويطالبون هم أيضا بعودته، كل فصيل الآن له مؤيديه في قطاعات من الشعب وهذا لم يكون موجود في 2011، لأن الناس كلها كانت متجمعة على هدف واحد وضد نظام واحد".

الدولة في وجهة نظر زارع تتخذ إجراءاتها طبقًا لوجهة نظر من يدير ويرى أنها في الصالح، بينما يرى قطاع آخر أن ما يحدث من احتجاز نشطاء وصحفيين وغلق دور نشر ومنافذ إبداعية هو تقييد للحريات، وفي كلتا الحالتين "ستستمر هذه التجاوزات ليست لأنها بسيطة أو فردية أو لأن المطالبة بوقف هذه الممارسات غير مشروع، ولكن لأن الشعب المصري لم يعد بعد الآن يد واحدة".

أقرأ في الملف..

في الذكرى الخامسة لثورة يناير.. ''ما أطول الرحلة'' (ملف خاص)

undefined

''رتوش يناير'' على جدران المحلة.. حكايات من قلب ''شرارة الحرية''

2016_1_24_17_11_4_170

على ''مائدة يناير'' بالسويس.. ذهبت الثورة وبقيَّ رحيقها

2016_1_23_21_45_39_570

عبدالله السناوي: إذا نزعنا ''ثورية'' 25 يناير سقطت 30 يونيو - حوار

2016_1_24_21_24_18_684

بورصة يناير.. مؤشرات 5 أعوام بين القضبان والاختفاء والمنفعة (ملف تفاعلي)

2016_1_24_19_31_13_147

''هتيف السويس''.. والاسم ''عربي'' (بروفايل)

2016_1_24_23_13_21_491

نائب رئيس قطاع الأخبار يحكي كواليس تعليمات الحزب الوطني ونهاية مبارك (حوار)

2016_1_24_23_39_2_996

''ثوار''.. جبهة تعثرت في طريق الثورة

2016_1_24_14_7_53_223

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان