لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حكاية "بتوع الأتوبيس".. إضراب مشروع أم جريمة تستحق العقاب؟ (تقرير)

11:53 ص الجمعة 07 أكتوبر 2016

إحدى الوقفات الاحتجاجية لعمال النقل العام

كتبت- هاجر حسني ونورا ممدوح:

"الإضراب مشروع مشروع.. ضد الفقر وضد الجوع"، هتاف أطلقه أصحابه عن قناعة بأنه يومًا سيصل إلى أذان مَن يهمهم الأمر. لم تخلُ مظاهرة لهم إلا وكان هو مُشعلا لحماستهم، ومحُفزًا لهم للثبات على مطالبهم حتى آخر قطرة عرق تسقط من جبينهم.

فمنذ ما يقرب من 15 يوما، تم القبض على ستة من عمال هيئة النقل العام على خلفية الدعوة لإضراب عن العمل للمطالبة بزيادة مكافأة عائد الإنتاج بالنسبة للسائقين والمحصلين إلى 17% بدلاً من 13% أسوة بنقل عام الإسكندرية، فضلاً عن إصدار قرار بصرف علاوة دورية 7% وعلاوة سنوية 10% تضاف على العلاوات الخاصة مثل العام السابق.

وتضمنت مطالب العمال صرف طبيعة العمل والإضافي والساعات التكميلية على آخر مرتب أساسي، حيث إن الهيئة لا تخضع لقانون الخدمة المدنية، وصرف بدل عدوى ومخاطر 40%، وزيادة الحافز الإداري إلى 200 % بدلاً من 100%، بالإضافة إلى زيادة حافز السلوك والمواظبة بما يتناسب مع زيادة الأسعار ومنحهم نسبة من وعاء الهندسة.

"الموقف القانوني"

قال أشرف الشربيني، أحد محاميي دار الخدمات النقابية والعمالية، الذين حضروا مع العمال في جلسة التحقيق بنيابة أمن الدولة، إنه تم تجديد حبس العمال الستة بنيابة أمن الدولة العليا.

كانت قوات الأمن قد ألقت القبض على العمال الستة في مساء الثالث والعشرين من سبتمبر، وعُرضوا على النيابة في 24 من نفس الشهر، وحصلوا على 15 يومًا وتم التجديد لهم يوم 5 أكتوبر الجاري.

وأوضح الشربيني، أن الاتهامات التي تم توجيها لهم هي "الانتماء لجماعة محظورة والامتناع عن العمل والتحريض على الإضراب".

وأكد الشربيني في تصريحاته لـ"مصراوي"، أنه أثناء التحقيق معهم؛ نفى العمال جميع التهم المُوجهة إليهم بشكل قاطع.

"فكرة الإضراب فكرة لم يتبناها كل عمال النقل العام، هناك مجموعة دعت لها للمطالبة بحقوقهم. ولكن ذلك حق مشروع ودستوري لهم"، هكذا يُضيف الشربيني، موضحًا أن بعض ممن ألقي القبض عليهم كانوا يؤيدون فكرة المفاوضة دون أن يكون لديهم نية للدخول في إضراب عن العمل.

وشدد المحامي، على أن الدستور يقر الإضراب، والقانون ينظمه، مؤكدًا أنه اتهام ليس له أساس، باعتبار أنها كانت مُجرد دعوة دون تنفيذ على أرض الواقع. وكذا التهمة الثانية الخاصة بالامتناع عن العمل، قائلًا: "هذه التهم مطاطة وفي انتظار انتهاء التحريات عليهم".

ولفت إلى أن التهمة الرئيسية التي أعطت القضية أكبر من حجمها هي "الانتماء لجماعة محظورة"، معلقًا "هذا غير سليم نهائيا لأنهم نظموا وقفات احتجاجية عمالية وقت فترة حكم الإخوان وهناك فيديوهات تثبت ذلك وهو ما ينفي عنهم هذه التهمة".

"حق دستوري"

من جانبه، قال حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن الإضراب حق ينظمه الدستور والقانون، وهو فعل غير مجرم، كما أن مصر وقعت على العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية والذي ينص على حق كل عامل في الإضراب عن العمل، وهذه الاتفاقية لها نفس قوة القانون.

وأضاف أبو سعدة، أنه في عام 2002 عندما أضرب عمال السكة الحديد تم الإفراج عنهم وذلك لأن القانون لا يجرم الإضراب، وهو يعتبر حق لكل عامل.

"تجريم الإضراب"

من جانبها، قالت داليا موسى، مسؤول الملف العمالي بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إن المجلس العسكري أصدر قانون في عام 2011 ـ وقت إدارته للبلاد عقب ثورة يناير ـ يُجرّم التظاهر والإضراب وأحيانا يتم استخدام هذا القانون حتى الآن في توجيه التهم لأشخاص دعوا للإضراب، لافتة إلى أن قانون العمل الذي يتم إعداده حاليًا به مادة تجرم الإضراب- على حد تعبيرها.

وأضافت موسى، لـ"مصراوي"، أن المعاهدات الدولية والاتفاقيات التي وقعت عليها مصر تنص على أن العامل من حقه الإضراب وذلك بعد اتخاذ عدة إجراءات من إعلام المسؤولين في العمل بالمطالب وإعطائهم فرصة لتنفيذها ومن ثم يكون من حقهم الإضراب.

"الناس دي كانت تطالب بحقوق مشروعة. جنائيًا مفيش حاجة ضدهم ومفيش أدلة لأنهم بالأساس لم ينفذوا فعل الإضراب، وتم منعهم من حضور محامي في بداية التحقيقات ويتم التحقيق معهم في نيابة أمن الدولة العليا" تقولها موسى.

"سيناريو آخر"

زاوية أخرى تحدث عنها سعد شعبان، القيادي العمالي ورئيس اتحاد عمال مصر الديمقراطي، قائلا إن "تدخل الأمن في القضايا العمالية مرفوض"، مضيفًا أن الإضراب حق دستوري ينظمه القانون ولا يجوز أن يتم القبض عليهم لمجرد أنهم دعوا لتنظيم إضراب.

وتساءل شعبان، "هل الأمن لم يكن يعلم أنهم منتمين إلى جماعات محظورة وفقا لما تم اتهامهم به غير ليلة الإضراب؟"، حيث أنه من المفترض أن يكون مرصود قبل ذلك بمدة وأن يتم القبض عليه قبل ذلك، وهو ما يؤكد أنه تم القبض عليه بسبب الإضراب وليس الانتماء لجماعة إرهابية- على حد تعبيره.

وأكد القيادي العمالي، أنه "لا يجوز أن كل من يطالب بحقه يكون هذا مصيره"، مضيفًا أن رئيس هيئة النقل العام تفاوض مع رئيس النقابة المستقلة يوم الإضراب واستجاب لعدد من مطالبهم، مستنكرا عدم دعوة زملائهم الذين تم القبض عليهم للتفاوض قبل ذلك لمناقشة مطالبهم قبل دعوتهم للإضراب.

"عندما يكون هناك دعوة للإضراب من قبل مجموعة من العمال فإنه من المفترض أن يتم التفاوض معهم أولا حول مطالبهم والعمل على الاسجابة لهم".. يقولها سعد شعبان، مضيفًا أنه "في حالة التصميم على تنظيم الإضراب فإنه يتم وقفه عن العمل 60 يومًا وتحويله إلى التحقيق وفقا للقانون دون تدخل الأمن في الأزمة حتى لا تتسع الفجوة".

وأشار إلى أن ذلك عودة لما وصفه بـ"القبضة الأمنية مرة أخرى"، واصفًا الاتهامات التي تم توجيها لهم بـ"الباطلة" لا أساس لها من الصحة، قائلًا "القضية تخطت الدعوة للإضراب فقط ولكن أصبحت الانضمام لجماعات محظورة أيضًا".

"خطوة تسبق التصعيد"

قال مجدي علي حسن، رئيس النقابة المستقلة للنقل العام، إن الإضراب حق مشروع ولكن لابد أن يكون بشكل مُنظم، وأن العمال لهم الحق أن ينظموا إضراب للمطالبة بحقوقهم، موضحا أن هناك خطوات قبل الوصول للإضراب وهي أن يتم التقدم بطلب مفاوضة للجهات المسئولة أولًا ومن ثم المناقشة حول مطالبهم.

وتابع، "إذا فشلت المفاوضات للوصول لحل لا يكون أمامهم سوى الإضراب كورقة للضغط للحصول على مطالبهم ولكن لابد أن يكون إضراب سلمي وأن يتم بشكل منظم لأنه حق دستوري ينظمه القانون".

وأكد أن هؤلاء العمال لهم الحق في المطالبة بمطالبهم، وأنه تم الدفع بعدد من المحاميين من قبل مجموعة من الاتحادات العمالية والمراكز الحقوقية للحضور معهم في نيابة أمن الدولة يوم 5 أكتوبر الجاري، لافتا إلى أنه يتم التواصل أيضا مع أسرهم بشكل مستمر حتى يتم الإفراج عنهم.

"البلد مش مستحملة"

أمّا مايسة عطوة، عضو لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، فكان لها رأي آخر، إذ قالت إن "الإضراب له ضوابط لا يمكن تعديها"، مضيفة "البلد مش متحملة أي إضرابات ولازم نقف جنبها ونحط إدينا في إيد بعض".

وانتقدت عطوة، قيام عمال النقل العام بإضراب للمطالبة بزيادات في الأجور أو علاوات أو ترقيات، مضيفةً "يفعلون ذلك على الرغم من أنهم متميزون في رواتبهم"- على حد قولها.

ووجهت عطوة للعمال رسالة مفادها: "من فضلكم اصبروا على البلد شوية وإحنا معاكم وواقفين جمبكم وبلدنا بتتعرض لحرب داخلية وخارجية ولازم نحط إدينا في إيد بعض وكلكم إخوتنا وولادنا ومسئولين عنكم ولازم نتحمل بلادنا".

وأشارت إلى أن كل البلاد التي ساندت مصر تتعرض لهجوم أيضاً وأصبح الجميع في مركب واحدة، لافتة إلى أن "السعودية خفضت رواتب بعض العاملين ولم يقدم أحد على الإضراب وكذلك دولة الكويت تعاني الآن من ضائقة مالية وأزمة اقتصادية ولم ينظم العاملين أي احتجاجات"، على حد زعمها.

وأوضحت أن جبالي المراغي، رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، ورئيس النقابة العامة للنقل البري، عقد لقاءً مع العمال للتفاوض حول مطالبهم، وطالبهم بالصبر وعدم اللجوء إلى الإضراب ومنهم من استجاب لهذه المبادرة ومنهم من رفض ذلك- على حد تعبيرها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان