إعلان

كلام عابر: في الصحافة والسياسة مع طلال سلمان (2)‏

10:14 ص الأربعاء 21 ديسمبر 2016

طلال سلمان رئيس تحرير صحيفة السفير اللبنانية

كتب - سامي مجدي:
الحديث مع الأستاذ طلال سلمان، رئيس تحرير صحيفة السفير اللبنانية، عن ما يسمى بالربيع العربي والسياسة في بلدان المنطقة ذو شجون. فسلمان المولود في البقاع اللبناني سنة 1938، يرى فيما آلت إليه تلك الانتفاضات التي خرجت عفوية في أغلبها بداية من تونس حتى سوريا مرورا بمصر وليبيا واليمن، "خيبة أمل ومرارة وإحساس بالانكسار."

كان الأمل معقودا على تلك الانتفاضات في انتزاع الشعوب العربية بلدانها من حكام قضوا عقودا في السلطة زرعوا خلالها الخوف في قلوب الشعوب حتى جاء الشباب فبددوا ذلك الخوف وكشفوا عن بصيص أمل في اخر نفق مظلم.

"لكننا دخلنا متاهة جديدة ما زلنا فيها،" على ما قال الأستاذ سلمان.

كان ذلك في المرة الثالثة التي التقي فيها مع الأستاذ طلال سلمان في مكتبه بالدور السادس من مبنى جريدة السفير في العاصمة اللبنانية بيروت. وفي المرتين الأولى والثانية تحدث مؤسس السفير عن الصحافة وصديقه "أستاذ الأجيال" محمد حسين هيكل  .

هنا الحديث كان عن السياسة عبر بوابة التاريخ وما أغناه التاريخ في بلاد العرب - قديمه وحديثه.

في العصر الحديث كانت ذروة السياسة والتاريخ أيضا في المنطقة العربية في خمسينات وستينات القرن الماضي. كان جمال عبد الناصر بطل تلك الحقبة. بطولته لم تأت من فراغ بل من أحلام أمة جسدها بقراراته وارادته التي لم تنكسر حتى في عز هزيمة مذلة كهزيمة ١٩٧٦، هكذا يرى سلمان.

يقول سلمان إن "عبد الناصر صار بطلا قوميا في 1956 (بعد العدوان الثلاثي ووقفوه أمام قوتين عظميين، بريطانيا وفرنسا، وإسرائيل).. بعدها تكرس زعيما للأمة بلا نقاش.

يقول "(في تلك الفترة) فجأة اختفت الطائفة والمذهبية... شيء مذهل. كل ما هو صناعي ومفبرك وصناعة الاستعمار فجأة اختفى.. كأن الأمة استعادة صفائها."

يعتبر الصحفي اللبناني أن العدوان الثلاثي على مصر "فجر طاقات الأمة بشكل لا تتصوره.. صارت جميع شعوب المنطقة مصريين وطنيين وقوميين عرب. صارت القاهرة عاصمتهم وعبد الناصر بطلهم،" رغم الانتقادات التي يوجهها ليبراليون وإسلاميون للنظام الناصري.

وحتى هزيمة يونيو 1967، تجاوزها الناس، على ما يقول سلمان. "كان الناس وكأنهم يقولون لعبد الناصر: انت أخطأت وخسرت. انت المسؤول تحمل مسؤوليتك وأكمل. حملوه المسؤولية من موقع الإيمان به. نحن معك ضد نظامك. نظامك قتلك. كانت هناك محاسبة."

يتذكر سلمان أن العاصمة البيروتية لم تشهد في العصر الحديث أضخم من مظاهرة إعلان عبد الناصر استقالته يوم ٩ يونيو ١٩٦٧، سوى تلك التي خرجت تودعه إلى مثواه الأخير في سبتمبر ١٩٧٠.

"بدايات الضياع"
بعد وفاة عبد الناصر وتولي الرئيس أنور السادات السلطة في مصر، وإسرائيل تحتل أجزاء من دول عربية بعد حرب الشرق الأوسط 1967، "عادت الأشياء إلى المربع صفر."

كان سلمان يشير إلى المنهج الذي اتبعه السادات والذي يعتبره مراقبون انقلابا على منهج سلفه. وذلك رغم ما قاله في اليوم الأول من ولايته أمام مجلس الأمة في 7 أكتوبر 1970: "لقد جئت إليكم على طريق جمال عبد الناصر؟ إنني اعتبر ترشيحكم لي توجيها بالسير على طريق جمال عبد الناصر."

يقول سلمان "الانكسار بالنسبة لي كان في اغتيال حرب أكتوبر في أيامها الأولى. الحرب أعطت في أيامها الأولى أملا هائلا للناس. ثم جاء يوم 10 أكتوبر 73 (رابع أيام الحرب) وخرجت مصر من الحرب وتركت الجيش السوري وحده."

كانت الجيوش العربية قد حققت تقدما هائلا على الجبهتين المصرية والسورية، وألحقت خسائر فادحة بالجيش الإسرائيلي شهد بها الجميع. لكن حدث ما حدث و"خذلت السياسة السلاح" على حد وصف الأستاذ محمد حسنين هيكل.

ينقل الأستاذ طلال سلمان ما قال إن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد أخبره به بعد الحرب: "الجيش السوري اخذ الجولان كلها. كان على بعد أمتار من بحيرة طبرية. لما همد (هدأ) الجيش المصري توجه الجيش الإسرائيلي كله ناحية الجبهة السورية. خسرنا 3 آلاف دبابة."

يقول سلمان إن ذلك كان "بداية عصر جديد." عصر 99 في المئة من أوراق اللعبة في أيدي الولايات المتحدة، على حد تعبير السادات.

مضت تلك السياسات حتى جاءت زيارة رئيس أكبر دولة عربية للقدس المحتلة. تلك الزيارة التي اعتبرها كثيرون في العالم العربي "خيانة" فيما اعتبرها اخرون "خطوة جريئة."

يقول سلمان بمرارة "السادات في نظر الجمهور العربي خائن. يحضرنها هنا مانشيت (صحيفة) السفير ثاني يوم زيارة القدس: الساقط عند المغتصب".

سوريا
بحكم الجوار لا ينفصل ما يجري في سوريا عما يجري في لبنان والعكس صحيح. كلها بلاد الشام (سوريا ولبنان والأردن وفلسطين التاريخية) قبل أن يرسم مستر سايكس ومسيو بيكو الخريطة التي قسمت العالم العربي في أعقاب الحرب العالمية الأولى لتحديد نفوذ الإمبراطورية البريطانية ومنافستها الإمبراطورية الفرنسية في المنطقة.

وتعيش سوريا حربا أهلية منذ نحو ست سنوات تنخرط فيها قوى دولية وإقليمية بشكل مباشر أو غير مباشر. هناك إيران وروسيا وهما منخرطتان بشكل مباشر إلى جانب حكومة الرئيس بشار الأسد.

على الجانب الاخر هناك الولايات المتحدة والغرب وتركيا والسعودية ودول الخليج منخرطة عبر وكلاء إلى جانب المعارضة المسلحة.

يقول سلمان "راحت سوريا... حتى لو استمر حكم الأسد."

وعززت معركة حلب التي استعادتها القوات الحكومية من المتمردين، تقريبا، بعد حملة عسكرية ضاغطة استمرت أسابيع، من موقع الأسد. لكن هناك إدلب التي باتت المعقل الرئيس للمتمردين على رأسهم متطرفي جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) فرع تنظيم القاعدة.

هناك أيضا الرقة، عاصمة الأمر الواقع للخلافة المزعومة التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية في يونيو 2014 على المساحات الشاسعة سيطر عليها في سوريا والعراق.

يقول الصحفي اللبناني إن "معركة الرقة ستكون معركة أممية فيها الأمريكان والروس والأتراك والإيرانيين وحزب الله والخليج وغيرهم. وهذه هي المرحلة الثانية من الحرب وقد تطول."

ويشن تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة حملة جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق. كما أن روسيا تشن ضربات ضد التنظيم المتطرف.

هذا بالإضافة إلى هجوم بري تشنه قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية والمدعومة من الولايات المتحدة على مناطق متاخمة للرقة في إطار عملية أعلن عنها قبل عدة أسابيع لتحرير المدينة الواقعة شمال سوريا. تبعد الرقة نحو 160 كيلومتر شرق حلب.

رغم ما يقال عن احتمالية تقسيم سوريا، إلا أن طلال سلمان لا يعتقد أن هناك خطرا يهدد الدولة السورية كدولة، لكن الخطر في الحقيقة على النظام وهذا بسبب الحرب الأهلية والتي ان انتهت تبقى ذكرياتها حاضرة تحتل الأذهان.

خلاصة القول لدى الأستاذ طلال سلمان: "لا سياسة عربية في الوطن العربي في الوقت الحالي.. هناك سياسيات كيانية قطرية حقيرة."

اقرأ أيضا:

كلام عابر: في الصحافة والسياسة مع طلال سلمان (1)‏

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان