إعلان

لماذا تدافع مصر عن وحدة الأراضي السورية؟

03:41 م الأربعاء 28 ديسمبر 2016

كتب - علاء المطيري‎: ‎
تمثل سوريا عمقًا استراتيجياً وعسكرياً لمصر على مر التاريخ الذي يشهد بأن مفهوم ‏الأمن القومي المصري يبدأ عند سلسلة ‏الجبال‎ ‎الواقعة في شمالها، ويشير خبراء إلى أن ‏وجود سوريا ومصر مُوحَدتين يجعل المنطقة العربية تقف على أرض صلبة ‏في ‏مواجهة‎ ‎التحديات الخارجية‎.‎

وعن دور مصر الثابت في الدفاع عن وحدة الأراضي السورية في ظل الحرب الطاحنة ‏التي يغذيها صراع بين قوى إقليمية ‏ودولية‎ ‎يرى خبراء عسكريون وسياسيون أن بقاء ‏سوريا موحدة يحمى المنطقة من انهيارات قد تكون لها تبعات كارثية على ‏دول ‏المنطقة‎ ‎برمتها، لأن سقوط سوريا بمثابة انهيار مركز الاتصال والطرق التي تربط المنطقة ‏برمتها عبر التاريخ‎.‎

عمق استراتيجي
قال اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكري، "أيًا كان النظام الحاكم في سوريا فإنها تمثل ‏عمقًا استراتيجياً لمصر"، مشيرًا إلى أنها ‏تمثل‎ ‎عنصرًا أساسياً في حسابات مصر ‏العسكرية من ناحية الشمال الشرقي، لأن ضعفها يؤثر على توازن القوي بين ‏مصر ‏وإسرائيل‎.‎

وأضاف أن مصر يمكن أن ترسل قوات عسكرية إلى سوريا لتأمين استقرارها عند ‏الضرورة، لكني لا أعتقد في وجود قوات ‏عسكرية‎ ‎مصرية في الوقت الحالي‎.‎

وأشار مسلم إلى أن سوريا كانت شريكًا أساسياً في الحرب التي خاضتها مصر ‏ضد إسرائيل بتنسيق مشترك ومقاتلين ‏مصريين‎ ‎وخبراء عسكريين كانوا يتواجدون في ‏سوريا أثناء الحرب‎.‎

من ناحيته، قال السفير أحمد القويسني، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن العلاقة ‏الاستراتيجية بين مصر وسوريا تتأكد عبر ‏التاريخ، حيث تمتد خلفيتها التاريخية إلى ‏عصر الفراعنة ومعركة قادش في منطقة شمال سوريا.‏

وأضاف القويسني "على مر التاريخ كان الأمن القومي المصري يبدأ‎ ‎عند سلسلة الجبال ‏الواقعة في شمال سوريا، وكلما كانت ‏سوريا ومصر موحدة كلما كانت قدرة الدول العربية ‏للدفاع عن أمنها‎ ‎القومي بشكل أكبر‎.‎‏"‏

وأكد القويسني أن مبادئ السياسة الخارجية المصرية تٌصر على وحدة التراب السوري ‏ولا مصلحة لمصر في تجزئة سوريا.

وقال "مصر لا تريد أن ترى دولة علوية أو كردية ‏في سوريا‎.‎"

"أفضل السيناريوهات"
وعن نظام الأسد في سوريا قال القويسني: "للأسف الشديد فإن استمرار النظام الحالي ‏في سوريا ربما يعد أفضل ‏السيناريوهات لأن‎ ‎البديل هو انقسامها إلى دول طائفية ‏وعرقية، وهذا يهدد الأمن القومي المصري ويخل بالتوازن ‏الاستراتيجي في الإقليم العربي ‏والشرق الأوسط"‏

ولفت القويسني إلى أن غياب دمشق عن أهم دول في اتخاذ القرار العربي - "القاهرة ‏والرياض ودمشق" - أخل بمنظومة اتخاذ ‏القرارات العربية، مؤكدًا أن تقسيم سوريا ‏سيكون مقدمة لسقوط أنظمة قومية وتجزئة دول المنطقة‎.‎

وأوضح القويسني أن الهدف الاستراتيجي لإسرائيل أن تكون محاطة بدول طائفية وعرقية ‏تعبر عن كيانات صغيرة جدًا لا تقوم ‏لها قائمة‎ ‎وهذا يذكر بممالك الطوائف في إسبانيا ‏قبل سقوط الحكم العربي في الأندلس، مشيرًا إلى أن بشار الأسد هو الدواء ‏المر ‏للحفاظ على‎ ‎سوريا موحدة رغم أنه نظام إجرامي‎.‎

وأكد أن مصر لا تنسى رفقة السلاح مع السوريين في النكسة وفي حرب أكتوبر وأن ‏التاريخ المصري يحتفظ بتلك المواقف في ‏ذاكتره‎ ‎لأننا هزمنا معًا وانتصرنا معًا‎.‎

وأشاد القويسني بالوعي الاستراتيجي لمصر في ثباتها على موقفها من سوريا رغم تذبذب ‏المواقف الدولية والإقليمة، لأن أولويات‎ ‎السياسة المصرية أن تظل سوريا موحدة، ‏ومسألة القيادة تترك للشعب السوري‎.‎

انهيارات محتملة
من ناحيته، قال الدكتور مصطفى الفقي، الخبير السياسي: "يوجد ترابط تاريخي بين الدولتين، فمصر ‏وسوريا كانتا دولة واحدة مرتين، ‏وكانت‎ ‎المرة الأولى في الفترة بين عامي 1931 و1940 ‏والمرة الثانية بين عامي 1958 و1961، وعلى مر التاريخ كان المزاج ‏المصري قريب ‏جدًا‎ ‎من المزاج السوري ويوجد ترابط بين شعبي الدولتين‎".‎

وأوضح أن مصر تدرك أن تقسيم سوريا يؤدي لانهيارات ضخمة بالمنطقة سيكون لها ‏عواقب وخيمة على كل الدول وليس على ‏سوريا‎ ‎فقط‎.‎

وتابع: "مصر تتعاطف مع الشعب السوري وتسعى لانقاذ سكان حلب من المعاناة ‏الأليمة التي يعانون منها"، مشيرًا إلى أن ‏السياسة‎ ‎الخارجية المصرية ثابتة ولا تتغير ‏بتغير النظام في سوريا‎.‎

وأكد الفقي أنه لا توجد علاقة بين موقف مصر من سوريا وبطبيعة النظام الحاكم بها، ‏مشيرًا إلى أن اهتمام مصر ينصب على ‏وحدة‎ ‎الأراضي السورية سواء بقي بشار الأسد - ‏الرئيس الحالي - أم رحل‎.‎

وأوضح الفقي أن القضية التي تهم مصر في سوريا هي أن يبقى الشعب السوري وأن ‏تبقى سوريا موحدة وأن تخفف المعاناة ‏عن‎ ‎السوريين الذين تحولوا إلى قتلى وجرحى ‏ولاجئين‎.‎

وعن ميزان القوى في الصراع العربي الإسرائيلي أوضح الفقي أن معظم الجيوش العربية ‏القوية أصبحت مخصومة من ميزان ‏القوى في‎ ‎الصراع مع إسرائيل، وهذا أمر لا يخفى ‏على أحد‎.‎

واعتبر الفقي أن الحديث عن وجود قوات عسكرية مصرية في سوريا ليس إلا ‏تكهنات‎.‎

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان