لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"التهاب بطانة الرحم".. ثالث سبب لوفيات الأمهات في مصر..( تحقيق)

12:24 م الإثنين 15 فبراير 2016

غرفة عمليات - ارشيفية

تحقيق- علياء أبوشهبة:

في الوقت الذي تتزايد فيه المعدلات السنوية للإنجاب لتصل وفقا لمؤشرات عام 2014 إلى 3.5 طفل كمعدل إنجابي لكل سيدة، إلا أن معدلات الولادة الآمنة التي تحافظ على سلامة الأم لا تسير وفق نفس المعدل المرتفع؛ حديثا رصدت دراسة طبية صادرة عن جامعة "اكسفورد" أن الإصابة بالتهابات في الجهاز التناسلي تعتبر من أهم أسباب حدوث الحمل خارج الرحم بنسبة 95%، وهو السبب الثالث لوفيات الأمهات في مصر.

"مصراوي" يرصد مخاطر الإصابة بالتهاب بطانة الرحم والتي تؤدي إلى التهاب الحوض وهو ما يؤثر سلبا على صحة المرأة، وتصل مخاطرة إلى العقم وفقدان الأم لحياتها، وسط ضعف الرقابة من وزارة الصحة على المستشفيات والعيادات الخاصة لاسيما خارج القاهرة.

وفقا للمسح الصحي الديموغرافي لعام 2014 فإن معدل وفيات الأمهات يبلغ 52 من كل 100 الف ولادة حية في عام 2013، ومعدل وفيات المواليد حوالي 27 مولود من الألف.

"نادية" كادت تفقد حياتها

في قرية بني مزار في المنيا تزوجت "نادية" قبل أن تكمل عامها الثامن عشر، وتم توقيع عقد عرفي على أن يتم توثيقه بعد وصولها إلى السن القانونية للزواج، وبعد شهور قليله من الزواج حملت "نادية" وتقول:" لم أهتم بمتابعة الحمل لأن القرية لا يوجد بها سوى الوحدة الصحية والتي تكاد تخل من الخدمات العلاجية والبديل هو الذهاب للأطباء في العيادات الخاصة المتواجدة بعيدا عن مقر سكني لذلك لم تتعد زيارتي للطبيب 4 زيارات".

حينما جاء موعد الولادة أخبر الطبيب أسرة "نادية" أنها تحتاج إلى جراحة قيصرية وسوف يتم إجرائها داخل العيادة، تقول "نادية":" كانت الغرفة التي أجريت فيها الولادة مثل أي غرفة عادية وبعد إفاقتي وعودتي للمنزل شعرت بآلام بالغة في منطقتي البطن والحوض استمرت في اليوم التالي إلى جانب ارتفاع درجة الحرارة حتى فقدت الوعي وتم نقلي إلى المستشفى الجامعي في المنيا وهناك علمت إصابتي بالتهاب بطانة الرحم أدى إلى التهاب في الحوض وتكون "خراج" وبعد العلاج تحسنت حالتي بعد أن كدت أموت".

أسرة "نادية" لم تفكر في شكوى الطبيب واكتفت بالتوقف عن التعامل معه واختيار طبيب أخر.

غياب التعقيم

دكتور عمرو حسن، مدرس واستشاري النساء والتوليد في كلية طب القصر العيني، قال ل"مصراوي" إن أي عمليه جراجيه لابد من تعقيم الأدوات وغرفة العمليات والسيدة التي تجري عملية ولادة قيصرية في مكان غير مناسب يترتب على ذلك عدة نتائج منها على سبيل المثال التهاب الجرح وبالتالي تلوثه، أو قد تتم عملية "كحت" بعد الإجهاض بأدوات ملوثه في عيادة "تحت بير السلم" تتلف بطانة الرحم وتجعل الجدار الأمامي ملتصق بالجدار الخلفي ومن الممكن أن يحدث عقم.

أضاف قائلا: ننصح دائما بإجراء الجراحات في جهات تتبع المواصفات الفنية الصحيحة لتقديم الخدمة العلاجية كما يجب من خلال أدوات معقمه، وأيضا لابد من مراقبة درجة الحرارة، والانتباه لأي ألالام أو إفرازات من مكان الجرح، والنصيحة أيضا برفع المناعة التي تساعد على محاربة الميكروب من خلال تناول الطعام الصحي والمفيد والمداومة على الفحوصات الدورية، وترك مدة كافيه بين كل حمل، لأن العدوى إذا العدوى إذا انتقلت للدم يمكن أن تصيب السيدة بتسمم الحمل بالتالي تؤدي إلى وفاتها، وهو القاتل الثالث للسيدات أثناء الولادة بعد النزيف وحمى النفاس.

العقم نتيجة الالتهاب

"عانيت من الإجهاض المتكرر في السنوات الأولى من زواجي والآن لم أعد قادرة على الإنجاب"، بهذه العبارة الحزينة بدأت وفاء، السيدة الأربعينية حديثها إلى "مصراوي" وأضافت أنها نظرا لتعدد مرات الإجهاض كانت تقوم بعملية "الكحت" في عيادة أي طبيب في مدينة المحلة الكبرى، و"الكحت" هو عملية تتم بعد الإجهاض لإزالة بقايا محتويات الرحم.

تقول "وفاء" إنها كانت تعاني بعد كل عملية "كحت" من ألام في منطقتي البطن والحوض إضافة إلى النزيف والإفرازات الكريهة وغيرها من الأعراض المتعبة؛ حتى ذهبت إلى طبيب مشهور في القاهرة وعلمت إصابتها بالتهاب بطانة الرحم والحوض أيضا ما أدى إلى إصابتها بالعقم نتيجة تأخر العلاج.

التلوث أدى إلى التهاب الحوض

مع بداية معرفة "نهلة"، السيدة العشرينية بحملها كانت المنتديات الالكترونية والمجموعات عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك هما مصدرها الدائم للحصول على المعلومات؛ وهو ما كان يزعج الطبيب المعالج لها، ومع قرب موعد الولادة التي قرر الطبيب أن تكون قيصريه بدأت "نهلة" في البحث عن المخاطر الممكنة لكن ولادتها في إحدى المستشفيات الخاصة في مصر الجديدة دفعتها للشعور بالاطمئنان، حتى وقع ما لم تكن تحمد عقباه أصيبت بالتهاب في بطانة الرحم أدى إلى التهاب منطقة الحوض، ولأنها لم تحصل على المضاد الحيوي المناسب لحالتها ما أدى إلى إصابتها ب"خراج" ثم إلى ناصور شرجي.

"ما شعرت به من ألالام ومعاناة لا يمكن وصفه، لم أكن أتصور أن الأدوات المستخدمة في الجراحة ملوثه وخاصة أنه مستشفى خاص في مصر الجديدة".
بعد الجراحة القيصرية التي أجريت لها في إحدى المستشفيات الحكومية الشهيرة للنساء والتوليد، شعرت "نوران" بعدة أعراض منها احتباس البول والنزيف علاوة على ألام البطن والحوض، وتقول :" استعنت في البداية بوصفات الطب الشعبي لكن حالتي أصبحت أسوأ واحتاج زوجي للعلاج أيضا، والسبب هو تلوث الأدوات الجراحية المستخدمة في الولادة".

الفزع التي شعرت به "سميه" التي شارفت على بلوغ عامها الخمسين دفعها لإجهاض نفسها كما قالت "بالوصفات الشعبية" لكي تتجنب إنجاب طفل رابع لأن حالتها المادية والصحية لا تسمح بذلك، إلا أن ما عانته من التهابات بسبب عملية "الكحت" بأدوات ملوثه في عيادة طبيب، دفعها للشعور بالندم على إجهاض نفسها بهذه الطريقة التي عرضت حياتها للخطر.

الصحة العالمية توصي بالتعقيم

وفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن التهاب بطانة الرحم هو من الأسباب الكبرى لوفيات الأمهات، خاصة في الدول النامية. ويعتبر استخدام علاجي الكليندامايسين والجنتامايسين هما الأكثر فعالية لهذه الحالة. ولكن نظراً لارتفاع تكلفة الكليندامايسين، قد لا تكون هذه المعالجة قابلة للتطبيق في معظم ظروف ضعف الموارد.

ومن أنظمة الوقاية من التهاب بطانة الرحم الموصي بها منظمة الصحة العالمية وفقا لما هو منشور على موقعها الإلكتروني ينصح بتجنب العمليات القيصرية غير الضرورية، واتخاذ التدابير الملائمة للمخاض الطويل والقيام بأقل قدر ممكن من الفحوص المهبلية أثناء المخاض واستعمال طرق تعقيم جيدة وإجراءات جراحية حذرة أثناء الولادة.

وأوصت المنظمة أيضا بعدم التأخر في إجراء فتح البطن الاستكشافي في حالة فشل في المعالجة الطبية.

كما أوصت أيضا بضرورة تثقيف الحوامل حول ضرورة مراجعة الطبيب أو مقدم الرعاية الصحية في حالة إذا تم اكتشاف تمزق الأغشية أو الاشتباه به خلال الحمل، إضافة إلى ضرورة تثقيف جميع الأمهات الحديثات حول أعراض التهاب بطانة الرحم والأمراض التي الأخرى التي يمكن أن تصيب السيدات بعد الوضع، وكيفية تجنبها.

التهاب بطانة الرحم

مشروع "تحسين صحة الأمهات"

صندوق الأمم المتحدة للسكان لديه برنامج متخصص يهدف إلى زيادة فرص الولادة الآمنة للأمهات، يعمل منذ عدة سنوات وفي عام 2012 تم توقيع اتفاقية دولية لخفض وفيات الأمهات بين الحكومة المصرية لتعجيل خفض وفيات الأمهات وبين منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسف حتى عام 2015 وجاري العمل على خطة استراتيجية جديدة بين نفس الأطراف.

من أبرز المشاكل التي رصدها المشروع المعدلات المرتفعة لانتقال الأطباء بين الوحدات في مختلف المحافظات مما يؤدي إلى تسرب القوة البشرية المدربة، إضافة إلى بعض العادات والتقاليد المجتمعية، فضلا عن قيام أطباء القطاع الخاص بإجراء عمليات الولادة في عيادات خاصة غير مرخص لها بذلك، عدم وجود سجلات طبية مستوفاة بدقة وبالخصوص لدى القطاع الخاص، عدم وجود نظام إحالة وتغذية عكسية كفء.

يعمل المشروع في جميع المحافظات، مع التركيز في التدريبات والأنشطة المجتمعية على محافظتي أسيوط وسوهاج.

في عام 2015 قام مشروع "تحسين صحة الأمهات" بتطوير وتجهيز 5 وحدات رعاية أولية بمناطق عشوائية بالقاهرة بالإضافة الى إمداد كافة وحدات الجمهورية بكروت صحة الأم.

وتم تدريب 160 ممرضة على القبالة والولادة الطبيعية بأسيوط وسوهاج بالإضافة الى 200 ممرضة وعدد من الجمعيات الأهلية العاملة في هذا المجال على الأمومة الآمنة.

وفقا للمسح الصحي الديموغرافي ان 90% من الولادات تتم في منشأة صحية، منها 61% في منشأة خاصة (تشمل هذه النسبة مراكز مرخص لها بالتوليد وأخرى عيادات غير مجهزة). لا يشمل التدريبات التي يقوم بها الصندوق بشكل مباشر هذه المنشآت الخاصة ولكن يعمل على إدارتها أطباء ومقدمي يعملون بالقطاع العام.

التعقيم والعلاج بالمضادات الحيوية

وأوضح دكتور أحمد التاجي، الولادة عملية فسيولوجية طبيعية من المفترض أن تتم بدون أي مشاكل للأم والجنين لكن للأسف يلاحظ تدني مستوى الخدمة المقدمة للمرأة خصوصا في النجوع والأرياف ومازالت نسبة حدوق الالتهابات وحمى النفاس وهي ثالث سبب لوفيات الأمهات مع أن منعها في منتهى السهولة من خلال نظافة الأيدي والأدوات المستخدمة في الولادة سواء طبيعية أو قيصرية، لأن تعقيم الأدوات بغليها أو استخدام محلول مطهر، رغم ذلك تظل النسبة مرتفعة مع أن الحل سهل.

وأكد على ضرورة زيادة وعي الفريق الطبي بما يشمله من الطبيب والممرضة والعاملة، والتوعية للسيدات أن الولادة يجب أن تتم في مركز معد ومخصص لذلك وبه الوسائل الكافية لمنع حدوث الالتهابات بالتالي التسمم والوفاة.

وطالب التاجي وزارة الصحة بتوفير جهات تقديم الخدمة العلاجية للولادة الأمنه على مستوى الجمهورية، وتفعيل الإشراف على العيادات الخاصة فضلا عن تشديد الرقابة قبل منح التراخيص للمستشفيات والعيادات الخاصة للتأكد من توفر الإمكانيات اللازمة.

زيادة رقابة وزارة الصحة

حذر دكتور ممدوح وهبه، استشاري أمراض النساء ورئيس الجمعية المصرية لصحة الأسرة، من العيادات الخاصة التي تقوم بالتوليد في القرى قائلا :" العالم بيضحك علينا"، ووصف ما يحدث في تلك العيادات بأنه مهزلة، مضيفا أنها تكون عبارة عن شقة يخصص المطبخ للتوليد وغرفة النوم للكشف والتعقيم في الحمام والصالة للانتظار، وهي كارثة بكل المقاييس.

وأضاف أن التهاب الرحم يؤدي إلى التهاب الجهاز التناسلي وانسداد قناة فالوب أو يؤدي إلى حدوث "خراج" ويؤدي أيضا إلى الحمل خارج الرحم.
ولفت إلى أن نقص الوعي لدى الأمهات سببه تراجع الجهود الإعلامية المبذولة خلال السنوات السابقة لتوعية الأمهات ونشر الثقافة الصحية، مشيرا إلى ضرورة تسهيل عمل مؤسسات المجتمع المدني لكي تتمكن من المشاركة مع الدولة في القيام بدور التوعية لافتا إلى التضييق الحالي على الجمعيات في تلقي التمويل الأجنبي ما يؤثر على قيامها بدورها.

وطالب وهبه بتفعيل تطبيق القانون والرقابة على المستشفيات والعيادات الخاصة، لافتا إلى ضرورة توفر الكثير من المتطلبات الأساسية في أي مكان يقوم بإجراء الجراحات.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان