لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ملابس البالة.. تصيب الفقراء بالربو الشعبي والحساسية (تحقيق)

10:50 ص الخميس 04 فبراير 2016

تحقيق- نور عبد القادر ومحمد أبو ليلة:

في وكالة البلح تلك المنطقة القريبة من شارع 26 يوليو بوسط العاصمة القاهرة، كان عدد من تجار ملابس "البالة" و"الاستوك" يفترشون بضاعتهم في صباح يوم باكر من أيام الشتاء القارص التي ينتظرها عدد لا بأس به من محدودي الدخل والفقراء للذهاب إلى تلك المنطقة من أجل شراء ملابس مستعملة لا يشغلهم بها سوى انخفاض أسعارها حيث توفر عليهم عناء الملابس الجاهزة وما أصابها من غُلوٍ كبير.

طبقاً لقرار وزاري رقم 770 صادر في عام 2005، فقد سمحت الحكومة لبعض التجار باستيراد ملابس مستعملة، في حالة ما إذا كان الشخص قادما من الخارج ويحمل معه ملابسه الشخصية، بالإضافة لملابس البالة التي تأتي إلى مدينة بورسعيد برسوم المنطقة الحرة.

محمد عبد المنعم أحد أكبر مستوردي ملابس البالة يؤكد لـ مصراوي أن هناك نوعان يتم استيراده تحت بند القرار الوزاري الصادر في عام 2005، منها موديلات وماركات قديمة لمحلات أوربية، يقوم المورد الأجنبي ببيعها للمستورد المصري بأسعار أقل بغرض التخلص منها، وتقوم مصلحة الجمارك بمنح خصم لملابس الأستوك لا يتعدى نسبة 30% من سعر الأصناف المماثلة الحديثة ويمكن أن تزيد هذه النسبة أو تقل في بعض الحالات تبعا للحالة الواردة عليها الأصناف.

وهناك نوع أخر من الملابس وهي المستعملة والمتهالكة والتي يقوم عدد كبير من مسيحي أوربا بالتخلص منها في بداية كل عام كطقس ديني لديهم، "الاوربيون بيتخلصوا من ملابسهم المستعملة كل عام ويشتروا ملابس جديدة بدلا منها، وبيتم تجمع هذه الملابس حيث تقوم الكنائس في أوروبا بإرسالها إلى مواطنين مسيحيين في الدول الفقيرة على هيئة تبرعات".. يتابع.

7 مليار جنيه قيمة الملابس المهربة

وأوضح أن جزءً أخر من هذه الملابس يقوم التجار في أوروبا بتجميعها وبيعها لمستوردين من دول أخرى فقيرة مقابل مبالغ قليلة، وسميت –بالة- نسبة إلى أنه يتم تجميعها داخل بالات مكبوسة ومحزمة بالشنابر، "لابد من التعاقد مع بعض الجمعيات الخيرية من آجل استيراد الملابس المستعملة من الخارج، تحت مسمي توزيعها على الفقراء، لأنها تلك الحالة الوحيدة التي يسمح باستيرادها" - يضيف عبد المنعم.

الإحصائيات تشير إلى أن حجم تجارة الملابس فى مصر يقترب من ٢٠ مليار جنيه سنويًا، وعلى رأسها الملابس الواردة من الأسواق الأوروبية، وحسب حديث رئيس غرفة الصناعات النسيجية محمد المرشدي لـ"مصراوي"، فإن حجم البضائع المهربة من الخارج والموجودة في الأسواق المصرية يقترب من 60% من السوق المصري بميزانية تقترب من تقدر بـ 7 مليارات جنيه.

"الملابس المستعملة -البالة- تعتبر تجارة غير مشروعة لأنها غير مطابقة للمواصفات القياسية وتدخل الموانئ بطرق غير شرعية ويتم تهريبها رغم منع استيرادها ولكن يتم التلاعب باسم الجمعيات الخيرية لدخول تلك الملابس المستعملة بدون جمارك او مقابل مادى ويتم بيعها من الباطن ولا تخضع للحجر الصحي وبالتالي يتم تمرير شحن من الملابس الحملة بالأمراض والأوبئة".. يؤكد ذلك محمد الداعور رئيس شعبة الملابس الجاهزة بالغرفة التجارية لـ مصراوي.

"كيف تبدأ مشروع مربح لملابس البالة برأس مال لا يتعدى ألفين جنيه"..عبارة من عبارات كثيرة امتلأت بها مواقع إلكترونية وصفحات تواصل اجتماعي لتمويل مشروعات عبر الإنترنت والتي منها الملابس المستعملة، حاول مصراوي معرفة جزء من هذه التجارة التي امتدت جذورها عبر الإنترنت.

أحد موزعي ملابس البالة عبر الانترنت يدعى سيد شومان ويتخذ لنفسه موقعا إلكترونيا، حينما تواصلنا معه أوضح أن لديه شحنه من الملابس البالة المستعملة والملابس الجديدة واردة من أوروبا، بها ملابس للنساء والرجال والأطفال وتصلح لكل من يريد أن يفتتح مشروع لملابس البالة بأسعار منخفضة، مؤكداً أن سيتم بيع الملابس بالكيلو وليس –قطاعي- ، وأن سعر الكيلو 50 جنيه، "احنا شركة استيراد مش محل قطاعي".. على حد قوله .

بيزنس "البالة"

أحد المواقع الإلكتروني الأخرى المتخصصة في ملابس البالة حاول أن يجذب زبائنه ويقنعه ببضاعته الرخيصة من خلال عدد من العبارات الدعائية الرنانة "اللبس الشتوي نازل غالى وعلشان احنا من اكبر المستوردين فى مصر وعلشان احنا بنحس بيكم وبنحس بجشع التجار واستغلالهم، نريد أن نوفر لكم أرخص الاسعار بنختلف في شراء الملابس، وأسعار وجودة شغل من ماركات عالية، واسعارنا لا تقبل المنافسة، والبضاعة مفتوحة والبيع بالتنقية لكل قطعه والسعر ٦٥ جنيه للكيلو فقط وحد ادنى للشراء ٢٠ كيلو والعرض مستمر لفتره محدودة أو نفاذ الكمية، وللبيع بالقطاعي الكيلو ١٠٠ جنيه بدون حد أدنى للشراء".

لكي تستثمر في ملابس البالة كل ما عليك فلعه أن يتوافر لديك مبلغ سبعة ألاف جنيه، وبعدها تنشئ صفحة عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي من أجل تسويق المنتج ومكان لتخزين المنتجات.. حسب كلام أحد موزعي البالة الذي رفض ذكر أسمه لـ مصراوي.. مؤكدا هو الأخر أن سعر شحنة الملابس 40 جنيه لكيلو الأستوك وهو متنوع ما بين ملابس للنساء والرجال.

وتابع: يمكن الشحن للمحافظات باختيار أي من الموديلات المعروضة علي الصفحة والدفع مقدما فودافون كاش والتواصل واتس اب وفايبر، وبحد ادنى للشراء ٢٠ كيلو، ومتوفر ايضا بنطلونات وجيبات كريمي ماركات زارا واتش ام ومانجو بسعر ٦٠ جنيه للكيلو .

حمدى أحمد أحد تجار البالة بالوكالة يؤكد هو الأخر لـ مصراوي أنه يبيع بضاعته جملة وبالكيلو أيضا وأسعاره مختلفة حسب نوع المنتج مؤكداً ان الملابس الشتوية بجميع انواعها لا يتعدى الكيلو منها 80 جنيه.

حيث يشرح ما لديه من منتجات ويوضح أسعارها: وصلنا اليوم بضاعه جديده حريمي شتوي ماركات أصلية مشهورة والبيع بالتنقية، هتختار كل قطعة بنفسك وبحد إدنى للشراء ٢٠ كيلو فقط وبسعر ٧٥ جنيه للكيلو ومتوفر ستوكات اطفال وعبايات خليجي الكيلو ٧٠ جنيه، وبنطلونات وجيبات حريمي بسعر ٦٥ جنيه الكيلو، بنطاللات رجالي بنطلون وقميص وتيشيرت بسعر ٦٠ جنيه للكيلو ماركات عالمية، وكل الاصناف عباره عن اكياس وزن ٢٠ كيلو وممكن شحنها لجميع المحافظات.

في الوقت نفسه يؤكد لويس عطية عضو شعبة الملابس في الغرفة التجارية أن –البالة- لا تنافس تجارة الملابس الجديدة، ولكن تجارة الاستوك والتي يتم تهريبها للبلاد وبيعها بمحال الملابس الجاهزة هي التي تنافس المنتج المصري وأغلب مصادرها من دول مثل فرنسا وبلجيكا وألمانيا وإيطاليا المصدر الرئيسى لتصدير البضاعة المستعملة إلى مصر، من خلال بطاقات للتجار تتيح لهم استيراد كمية تتراوح ما بين 15-20 طنا من الملابس، في كل مرة يسافرون فيها.

ويتابع في حديثه لـ مصراوي: يتكلف الطن من 100 ألف جنيه إلى 200 ألف، يتم فرز البضاعة، وتصنيفها تبعا لجودتها، حيث يتم تسعير الملابس حسب درجة جودتها، وحسب انواع البالة التي يطلق عليها الدوبل كريمة تعنى أنها تتضمن ملابس بواقي تصدير المصانع العالمية وهى غير مستعملة، أما البالة الكريمة فهى أيضا بواقي التصدير لكن بها بعض عيوب التصنيع البسيطة التي لا تظهر، أما البالة نمرة " 1" فهي التي تحتوى على ملابس مستعملة لكن غير مستهلكة، بالإضافة إلى البالة نمرة 2، التي تحتوى على الملابس المستعملة بصفة عامة ولا يتم فرزها.

أمراض البالة.. حساسية وربو

لكن "عطية" عضو شعبة الملابس يحذر من التعامل مع هذه الملابس، إذ يرى هو الأخر أنها تمثل خطراً صحياً، لأن من يقدم على شرائها لا يعرف أى أنواع من الأمراض كان مصابا بها المستخدم الأول لهذه الملابس.

"الملابس الأوروبية المستعملة –البالة- تسبب عند ارتدائها بعض الأمراض الصدرية التي تصل للربو الشعبي وحساسية الجهاز التنفسي نتيجة تصاعد اتربة وروائح نتيجة التخزين لفترات طويلة خلال الشحن من بلد لأخر"..يؤكد ذلك استشاري الأمراض الجلدية دكتور محمد حسين في حديثه لـ مصراوي.

وأوضح أن عملية تطهير تلك الملابس لا تتم كما يجب من خلال معامل الدول الاوربية او الحجر الصحي بالموانئ، لأنها جزء كبير منها مهرب ، وتكون ناقلة للأمراض والعدوى والفيروسات التي لا تموت، سواء منها او من أماكن التخزين لفترات طويلة بالشاحنات، كما أنها قد تحمل في طياتها الحشرات الضارة كالقمل والقراد وغيرهما من الأمراض التي تصيب الاطفال مثل عدوى البكتريا الطفيلية وأكزيما التلامسية، ومن الممكن أن تسبب مرض الإكزيما والتنيا والبهاق.

وأفاد علاء عبد الكريم، رئيس هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، ان الهيئة منوطة فقط بالرقابة على الملابس الجديدة، وضبطيات الملابس المستعملة هي مسؤولية جمارك الموانئ، والهيئة منوط فقط بالملابس الجديدة.

وطبقا لإحصائيات الرقابة على الصادرات والواردات فإنه خلال العامين الماضيين دخل مصر عدد 13ألفًا و852 شحنة ملابس جاهزة مستوردها وحجمها 10 ملايين و334 ألف و558 طنًا من الملابس الجاهزة، بينما ضبطت شحنات من الملابس ضارة ومسرطنة وغير مطابقة للمواصفات عددها 206 شحنات ملابس جاهزة، حجمها 236ألفًا و69 طن، لوجود صبغات مسرطنة في هذه الملابس تسبب السرطان عند ارتدائها كما ان هناك رفضًا لعدم تدوين بيانات اللائحة كاسم المستورد وبعض الأمور الورقية.

وطلب مجدى طلبة وكيل المجلس التصديرى للغزل والنسيج، ضرورة زيادة الرقابة من قبل وزارة المالية والتي تدير المنافذ، والداخلية، وكذلك منح حق الضبطية القضائية فى الأسواق المصرية، بحيث يحق لهيئة الرقابة على الصادرات والواردات أن تنزل الأسواق وتأخذ عينات من المنتجات وتقوم بفحصها، ولابد أن تكون هذه الجهات مؤهلة، لأن مباحث التموين لا تستطيع أن تراقب السوق وتقبض على المنتجات المخالفة، لأنها ليست جهة فنية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان