السياحة المصرية التركية تأثرت بضوابط السفر
كتبت- علياء أبوشهبة:
"استمتع بقضاء ثمانية أيام سبعة ليالي في تركيا مقابل 4700 جنيها"، هذا هو نص إعلان تروجه إحدى شركات السياحة، وهو واحد من عشرات الإعلانات المروجة للسياحة المصرية المتوجهه إلى تركيا، والتي تعتبر مقصدا سياحيا هاما لدى المصريين والعرب؛ نظرا لتنوعها الثقافى والجغرافى الذى يربط بين الشرق والغرب، فضلا عن مغريات التسوق وتأُير الدراما التركية، إلا أن هذه السياحة شهدت تراجعا تزامنا مع الأحداث السياسية وتطوراتها، كما لعبت القيود الموضوعة مؤخرا على سفر السيدات دورا في تراجع هذه السياحة.
وفقا لتقديرات العاملين في قطاع السياحة بين مصر وتركيا تقدر أعداد السائحين بحوالي 375 ألف سائح وهو العدد الذي انخفض، كما تراجعت الرحلات الجوية المتجهة إلى تركيا بدرجة كبيرة، وهو ما تتأثر به 150 شركة سياحة مصرية متخصصة في السياحة المصرية إلى تركيا.
"مصراوي" رصد أسعار السفر إلى تركيا ومتوسط أسعار برامج الرحلات شاملة الطيران والإقامة التي تبلغ 8 أيام، في فنادق 3 نجوم تبدأ من 3700 جنيها، وفئة 4 نجوم 4200 جنيها، وتتراوح الرحلات التي تشمل الإقامة في فنادق فئة 5 نجوم إلى 5800 جنيها وتصل حتى 8 ألاف جنيها.
والعلاقة بين البلدين لا تقتصر على السياحة فقط بل تشمل المعاملات التجارية أيضا 3.7 مليار دولارهو حجم صادرات تركيا إلى مصر عام 2012، ما يمثل 2.4% من إجمالي صادرات تركيا، علماً بأن واردات تركيا من مصر كانت 1.3 مليار دولار فى نفس العام.
كما أن الإحصائيات تشير إلى تراجع الدخل السياحي لمصر خلال عام 2013 إلى 5.9 مليار دولار، بانخفاض 41%عن الإيرادات السياحية خلال 2012، والتي بلغت 10 مليارات دولار.
في شهر ديسمبر عام 2014 أعلنت وزارة السياحة عن وضع ضوابط جديدة على سفر السيدات من سن 18 وحتى 40 عاما إلى تركيا، وذلك بعد إلغاء سفر الذكور من مصر إلى تركيا في نفس الفئة العمرية، حتى يحصل المسافر على إذن مسبق من أمن الدولة العليا، وبالتحديد من ضابط الاتصال في مصلحة الجوازات والهجرة، من أجل السفر إلى تركيا، وذلك في ظل الظروف الأمنية الحالية، لمنع انضمامهم إلى تنظيم "داعش" في ليبيا وسوريا والعراق.
وتنفيذا للقرار تكرر نشر أخبار عن منع نساء مصريات من السفر إلى تركيا تنفيذاً للتعليمات الأمنية الجديدة، وعقب القرار أعلنت مصادر أمنية عن أن التعليمات الجديدة تأتى فى إطار إجراءات أمنية لتأمين سفر المصريات إلى تركيا خوفا من انضمام بعضهن إلى تنظيم داعش الإرهابى، بعد تبين قيام مجموعات إرهابية لتشجيع المصريات للسفر إلى التنظيم الإرهابى.
تأثير منع سفر السيدات
نهال الوكيل، واحدة من المتضررات من القيود المفروضة على السفر إلى تركيا، وقالت لـ "مصراوي" إنها كانت تعتمد في دخلها بشكل كبير على السفر إلى تركيا في فصل الصيف ما لا يقل عن ثلاث مرات، ومرة واحدة وقد تزيد في الشتاء من أجل شراء الملابس المميزة في خامتها وأسعارها، وبيعها إلى صديقاتها ومعارفها في إحدى النوادي الاجتماعية الشهيرة في مصر الجديدة.
وأضافت أنها تسافر من أجل تحسين دخل أسرتها وخاصة مع الإرتفاع المتوالي للأسعار، وترى أن السفر إلى تركيا لا يخرج عن السياحة والتجارة.
إعتادت نرمين عبدالرحمن، على بيع ملابس النوم للسيدات عبر المجموعة التي أنشأتها على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، حيث تتلقى الطلبات الإلكترونية وتتولى شركة الشحن توصيل الطلبات إلى زبائنها، لكن نشاطها أصبح مهددا بسبب تأثير قيود السفر على من كانت تشتري منهم بضاعتها.
تقول نرمين:" لم يعد أمامي سوى الشراء من كوريا والصين رغم تعرضي للنصب من موقع وهمي، لم أحصل على الملابس والاكسسوارات بعد دفع ثمنها، كما أن المقاسات صغيرة ولا تناسب الكثيرات، بخلاف البضاعة التركية، ومرة أخرى اشتريت بضاعة تبين أنها من "الباله" نظرا لرداءة الخامة وخسرت كثيرا من زبائني".
قيود السفر إلى تركيا دفعت شادي مينا، إلى تغيير وجهة شهر العسل إلى بيروت وإن كان يتخوف من غلاء الأسعار فيها، وقال ل"مصراوي":" أحب السياحة الداخلية ولكن في مناسبة مميزة مثل زواجي أبحث عن مكان مختلف لم أذهب إليه من قبل ويسهل السفر إليه في أي إجازة عيد، ولذلك كانت تركيا الاختيار الأقرب".
في المقابل رفض خالد أبوالعز، الهوس بالسفر إلى تركيا، مشيرا إلى أن المواقف السياسية لا يمكن تجاهلها، وأن المسلسلات هي السبب الأساسي لللإقبال على السفر إليها.
ذكرت رانيا محمود، تجربتها في السفر إلى تركيا والتي لم تكن بنفس البريق الذي تصورته من حيث مستوى فندق الإقامة، فضلا عن التقارب الكبير بين المحال التجارية بين البلدية، موضحة أن مصر بها الكثير من الماركات التجارية العالمية والتي يمكن التسوق منها.
"حملة مقاطعة السياحة المصرية إلي تركيا"، هذه هي الدعوة التي أطلقت على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وتهدف إلى رفض السفر إلى تركيا للسياحة وتوجيه هذه الأموال إلى السياحة الداخلية، وهي الدعوة التي تبنتها أحزابا سياسية وشملت أيضا مقاطعة البضائع التركية، ومن هذه الأحزاب الكرامة والمؤتمر والتجمع ومصر بلدي، وتيارات سياسية منها تيار الاستقلال وائتلاف دعم صندوق تحيا مصر، وتبنى إعلاميون الدعوة للمقاطعة منهم الإعلامي جمال عنايت.
"خراب بيوت" شركات السياحة
سمير محمد علي، عضو غرفة شركات السياحة أكد لمصراوي التأثر الكبير لشركات السياحة المتخصصة في السفر إلى تركيا، وقال :"إحنا إتخرب بيتنا"، مشيرا إلى أن عدد الرحلات اليومية من وإلى تركيا كان أربع رحلات وأصبحت الآن رحلة واحدة في طائرة أصغر.
وأبدى رفضه الربط بين السياسة والسياحة والتجارة، مضيفا أن السفر إلى تركيا يعتبر مصدر دخل للكثير من السيدات اللاتي يعتمدن على السفر إليها لشراء الملابس وبيعها بنظام “Open day” المنزلي. وأن السيدات هن بصفة عامة الأكثر إقبالا على السفر إلى تركيا والضوابط الجديدة أدت إلى ترجع أعدادهن.
"لا أعرف لمصلحة من هذه التعقيدات ومن المقصود معاقبته لأن هذه التعقيدات المرفوضة تقطع مصدر رزق الكثيرون"، يقول سمير، مضيفا أن رحلة تركيا كانت مفضلة لدى الكثيرين بسبب سهولة إجراءات السفر، فضلا عن رخص ثمنها والذي يشمل تذكرة الطيران والإقامة لمدة تزيد عن أسبوع، مقارنة بتكلفة السفر إلى شرم الشيخ على سبيل المثال.
ودعى سمير عضو غرفة شركات السياحة الجهات المسؤولة بمراجعة شروط السفر إلى تركيا والعمل على تسهيلها، وهو المطلب الذي قدمه إلى وزارة السياحة عدة مرات. مضيفا أن قطاع السياحة "مطحون" منذ أربع سنوات بسبب الأحداث السياسية عرضته للكثير من الخسائر.
تشجيع السياحة الداخلية
في المقابل قال سامي محمود، رئيس هيئة التنشيط السياحي، لـ"مصراوي" إن سبب اعتقاد أن السفر إلى تركيا أرخص سعرا من السياحة الداخلية هو الإقبال على ثقافة السفر في مجموعات ما يؤثر بدوره على الأسعار ويجعلها مخفضة وهي الثقافة الغائبة عن السياحة الداخلية، وطالب بضرورة تغيير هذه الثقافة.
وأشار أيضا رئيس هيئة التنشيط السياحي إلى ضرورة تغيير النمط المعتاد للسياحة الداخلية والمتمثل في السفر في العطلات والإجازات الرسمية والأعياد فقط، وهو ما يجعل من السياحة الداخلية سياحة مواسم فقط، في حين أنها مع تعداد المصريين الكبير ينبغي أن تكون سياحة مستمرة طوال العام.
وأضاف أن مستوى الخدمات الفندقية المقدم في مصر أعلى كثيرا من الموجود في تركيا، وهو ما اشتكى منه المسافرون إلى تركيا، وقال :" السياحة الداخلية شهدت تطور كبير خلال السنوات الماضية وبالنظر إلى مدينة شرم الشيخ على سبيل المثال نجد أنها أصبحت تضم عدة مراكز للترفيه والتسوق، وهي أفضل من أنطاليا من حيث الخدمات والفنادق".
وأشار رئيس هيئة التنشيط السياحي إلى مبادرة "مصر في قلوبنا" التي أطلقتها الهيئة بالتعاون مع وزارة السياحة، وهي مبادرة هادفة إلى تشجيع السياحة الداخلية إلى نويبع وطابا والأقصر وأسوان، وتقديم عروض ترويجية بأسعار مناسبة للأسر.
فيما يتعلق بمستوى الخدمات الفندقية قال علي غنيم، عضو غرفة الفنادق في اتحاد الغرف التجارية، إن مستوى الفنادق في مصر أعلى كثيرا، مؤكدا على ضرورة دعم وتشجيع السياحة الداخلية والذي يعتبر دعما لاقتصاد مصر، ولتشغيل العمالة.
وأكد غنيم أهمية تثقيف المواطن المصري بالأماكن السياحية المنتشرة في مصر، والتي تحمل التنوع، وطرح عضو غرفة الفنادق، مقترحا للتغلب على "موسمية" السياحة الداخلية من خلال تحديد مواعيد الإجازات الدراسية بشكل متتابع بين المحافظات، مع تقديم عروض تحفيزية لكل محافظة، ما يضمن توافد السياحة الداخلية في مواعيد مختلفة، بالتالي يرفع نسبة الإشغال في أوقات مختلفة من العام.
فيديو قد يعجبك: