لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ماذا فعلت الحكومة لوقف تنفيذ حكم عودة "تيران وصنافير" لمصر؟

06:27 م السبت 20 أغسطس 2016

كتب- محمد قاسم:
تسبب حكم محكمة القضاء الإداري بإلغاء اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، في حرج كبير للحكومة المصرية أمام الرأي العام دفعها لاتخاذ كل الطرق الممكنة لوقف تنفيذ الحكم أولًا ثم إلغائه ثانيًا وإثبات أنها لم تتنازل عن الجزيرتين لأنها تقع في الأساس داخل الحدود السعودية، ثم إيجاد مسوغ قانوني لتمرير الاتفاقية بستار قانوني إلى مجلس النواب صاحب الكلمة الفصل فيها.

وكان رئيس الوزراء شريف إسماعيل وولي ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان قد وقعا اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية في أبريل الماضي.

وتسبب الاتفاق، الذي لا يدخل حيّز التنفيذ إلا بموافقة مجلس النواب -وهو ما لم يتم حتى الآن- في تظاهرات أعقبت توقيع الاتفاقية وسط اتهامات للحكومة "ببيع" الجزيرتين مقابل الحصول على استثمارات سعودية، وقام عدد من المحامين برفع قضية أمام القضاء الإداري لوقف تنفيذ الاتفاقية.

وقضت محكمة القضاء الإداري، برئاسة المستشار يحيى دكروري، في 21 يونيو الماضي ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية وما ترتب عليها من التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية.

وأكدت المحكمة في حكمها غير المسبوق أن القضاء وحده هو الذي يقرر في كل حالة على حدة ما يدخل ضمن أعمال السيادة وما يخرج عنها، واعتبرت أن أعمال السيادة ليست نظرية جامدة وإنما تتسم بالمرونة وتتناسب عكسياً مع الحرية والديمقراطية، فيتسع نطاقها في النظم الديكتاتورية ويضيق كلما ارتقت الدولة في مدارج الديمقراطية.

الخطوة الأولى
في 23 يونيو.. طعنت هيئة قضايا الدولة على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، أعلى جهة قضائية في البلاد للفصل في النزاعات الإدارية، وقدمت مجموعة من المستندات والمكاتبات الرسمية بين الوزارات المصرية، وبين مصر والسعودية، ومحاضر اجتماعات لمجلس الوزراء المصري، تفيد بأن الجزيرتين تتبعان السعودية.

وفي 26 يونيو.. بدأت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، بمجلس الدولة، برئاسة المستشار الدكتور عبد الفتاح أبو الليل، نائب رئيس مجلس الدولة، نظر الطعن المقام من الحكومة، إلا أن المحامي محمد عادل سليمان -أحد مقيمي دعوى إلغاء الاتفاقية- تقدم بطلب لتنحية "هيئة المحكمة" عن نظر الطعن المقام من الحكومة. وأوقفت المحكمة نظر الطعن لحين الفصل في طلب الرد المقدم.

وقال عادل سليمان إنه تقدم بالطلب "ليرفع الحرج عن السلطة القضائية نتيجة لمحاولات السلطة التنفيذية الأخيرة التدخل في عملها وتصريحات مجدي العجاتي وزير الدولة للشئون النيابة وزيارة ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع لمجلس الدولة".

ولا تستطيع هيئة المحكمة اتخاذ قرار بشأن طعن الحكومة على حكم بطلان الاتفاقية لحين الفصل في طلب رد هيئة المحكمة.

ومضت دائرة أخرى في نظر طلب تنحية وحددت جلسة 27 أغسطس الجاري، للنطق بالحكم في طلب الرد المقام الذي استند إلى 5 أسباب من بينها أن وزير الدولة للشؤون البرلمانية مجدي العجاتي، صرح علانية يوم الأربعاء، الموافق 23 يونيو، بقوله: "أتمنى أن تقبل المحكمة الادارية الطعن المقدم من هيئة قضايا الدولة، على أن يتم الفصل فيه خلال أسبوع"، مؤكدا أن العجاتي مستشار سابق بالمحكمة الإدارية العليا، وعمل بالدائرة نفسها التي تبت في الطعن الأمر الذي ينبئ تدخل السلطة التنفيذية في أعمال السلطة القضائية.

كما سبب المحامي طلبه بما استشعره من "سرعة غير مسبوقة في إجراءات نظر الطعن ما يجعله غير مطمئن للدائرة، حيث حددت موعدًا للجلسة مغايرًا عن موعد انعقادها العادي يومي الاثنين الأول والثالث من كل شهر".

وتعليقًا على طلب تنحية المحكمة، قال المستشار محمد حامد الجمل، الرئيس السابق لمجلس الدولة -في تصريحات خاصة لموقع مصراوي- إن الطلب "حيلة" أقامها المحامي لتعطيل المحكمة الإدارية العليا عن نظر طعن الحكومة، مؤكدًا أن الطلب مصيره الرفض لعدم استناده على أسباب مقنعة.

وأثار تقدم أحد المواطنين بإشكال أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة لوقف تنفيذ حكم بطلان اتفاقية "تيران وصنافير"، قيام المحامي خالد علي -أحد مقيمي دعوى بطلان الاتفاقية- بتقديم استشكال عكسي أمام محكمة القضاء الإداري لتنفيذ الحكم.

الخطوة الثانية والحاسمة
وفي 15 أغسطس الماضي، أعلنت هيئة قضايا الدولة تقدمها بطلب لوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري القاضي ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والذي تم بمقتضاها اعتبار جزيرتي تيران وصنافير سعوديتين.

وقالت الهيئة، الممثلة في الحكومة المصرية أمام المحاكم، في بيانها إنها استندت في الاستشكال المقدم منها على أن الاتفاقية تقع ضمن أعمال السيادة، طاعنة فيما ورد في حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بتبعية الجزيرتين الاستراتيجيتين المتحكمتين في مدخل خليج العقبة لمصر.

ويبدو أن هيئة قضايا الدولة تقدمت بطلب الاستشكال تحسباً للاستشكال الذي سبق وأقامه المحامي خالد علي طلب فيها تنفيذ حكم القضاء الإداري بإلغاء الاتفاق، إذ أن أحكام القضاء الإداري مشمولة بالتنفيذ العاجل ولا يوقف الطعن عليها إجراءات التنفيذ، ويتطلب وقف التنفيذ التقدم باستشكال أمام المحكمة نفسها، ولها أن تقرر الاستمرار في التنفيذ من عدمه.

استشكال الحكومة يفتح الطريق لعرض الاتفاقية على البرلمان
وكشف تقرير تحليلي كتبه الصحفي محمد بصل المتخصص في الشئون القضائية بجريدة الشروق، عن أنه بمجرد تقدم هيئة قضايا الدولة باستشكال أمام القضاء الإداري تم وقف تنفيذ الحكم مؤقتًا وفقًا لنص المادة 312 من قانون المرافعات الأمر الذي يمهد الطريق أمام إحالة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية إلى البرلمان لمباشرة إجراءات التصديق عليها.

وهو الأمر الذي أكده المستشار الجمل، بأن المادة 312 من قانون المرافعات توقف تنفيذ الحكم بمجرد الاشكال عليه أمام محكمة القضاء الإداري الأمر الذي يتيح إحالة الاتفاقية للبرلمان، إلا أنه دعا الحكومة للتمهل لحين صدور الحكم في الطعن المقدم منها على حكم إلغاء الاتفاقية لافتا إلى أن مصيره الإلغاء لعدم اختصاص القضاء الإداري الولائي بنظر أعمال السيادة.

لكن المحامي خالد علي كتب تدوينه على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك" ذكر فيها أن "كل ما قامت به هيئة قضايا الدولة حتى الآن لا يوقف تنفيذ الحكم، حيث يشترط لذلك صدور حكم بوقف التنفيذ من محكمتي القضاء الإداري والإدارية العليا".

وأضاف علي، أن "الدولة بكل وضوح تسعى لأى ستار قانوني يسمح لها بعرض الاتفاقية على البرلمان لفرض واقع قانوني ودستوري جديد على مجريات النزاع".

خطوة غامضة المعالم
في خطوة أخيرة لجأت هيئة قضايا الدولة إلى المحكمة الدستورية العليا أيضاً بتقديم منازعة في التنفيذ إليها حملت رقم 37 لسنة 38 ق.ع لوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري، ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، واستمرار تبعية جزيرتي تيران وصنافير لمصر.

وقالت الهيئة في المنازعة التي أقامتها: إن "حكم محكمة القضاء الإداري، الصادر في 21 يونيو الماضي، يتناقض بشكل صريح مع أحكام سابقة صدرت من المحكمة الدستورية العليا، تعتبر المعاهدات الدولية من أعمال السيادة التي لا يجوز للقضاء مراقبتها، ولا يجوز الطعن عليها أمام المحاكم العادية ومجلس الدولة".

واستندت الهيئة في المنازعة التي أقامتها إلى "الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا، في 21 يناير 1984، بعدم قبول الطعن على معاهدة الدفاع العربي المشترك الموقعة عام 1964، والذي أكد عدم اختصاص المحكمة بنظر الاتفاقيات الخاصة بالعلاقات الدولية وتقتضيها السياسة العليا للبلاد لاندراجها ضمن أعمال السيادة التي ينبغى أن تنحسر عنها الرقابة القضائية الدستورية".

كما استندت الهيئة إلى حكم المحكمة الدستورية العليا، الصادر عام 2007 بعدم قبول الطعن على استفتاء التعديلات الدستورية باعتباره من أعمال السيادة التي لا تراقبها المحاكم.

وذكرت الهيئة أن "حكم القضاء الإداري خاطئ في التفاته وعدم التزامه بأحكام المحكمة الدستورية العليا، بما يعتبر عقبة في طريق تنفيذ تلك الأحكام".

لكن المستشار الجمل، انتقد خطوة الحكومة باللجوء للمحكمة الدستورية العليا لعدم اختصاصها بنظر منازعات تنفيذ على أحكام محكمة القضاء الإداري مؤكدًا أن الاشكال المقدم أمام القضاء الإداري لوقف التنفيذ كان كافيًا، مبديًا استغرابه من فكرة اللجوء للمحكمة الدستورية خاصة وأن حكم بطلان اتفاقية "تيران وصنافير" مصيره الإلغاء لعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري الولائي بنظر الاتفاقيات التي تمس أعمال السيادة وفق رأيه.

فيما اعتبر المحامي خالد علي -في تصريحات صحفية سابقة- "إجراء هيئة قضايا الدولة غير ذي جدوى، فالقانون يحدد أطر إيقاف تنفيذ أحكام القضاء الإداري، وليس من بينها المنازعة أمام المحكمة الدستورية العليا".

يذكر أنه بالتوازى مع مسار الاستشكالات أمام محكمة أول درجة ومنازعة التنفيذ الجديدة أمام "الدستورية" فإن قضية "تيران وصنافير" مازالت في حوزة المحكمة الإدارية العليا التى علقت نظر طعن الحكومة على حكم أول درجة بعدما قدم أحد المدعين طلبا لرد دائرة فحص الطعون الأولى التى تنظر الطعن، وستفصل فى الطلب دائرة الفحص الثالثة في 27 أغسطس الحالي.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان