بالفيديو- بعد تجدد أزمتهم..أهالي منشأة ناصر يتهمون الحكومة ببيع المنطقة لشركة "إعمار"..(معايشة)
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
كتبت – نانيس البيلي ومادي غيث:
تصوير - عمر جمال:
تجددت أزمة أهالي منطقة الشهبة والرزاز بمنشأة ناصر بالقاهرة والمقرر نقلهم من مساكنهم إلى حي الأسمرات بالمقطم لخطورة المنطقة، بعد احتشاد عدد من الأهالي، الأحد الماضي، أمام ديوان محافظة القاهرة بعابدين، وتقدموا بأكثر من 80 تظلم اتهموا فيه الحي بالتعسف ضدهم وإخلائهم من مساكنهم بالقوة الجبرية وعدم تعويض بعض المستحقين.
وأصدرت رابطة العدالة الاجتماعية بمنشأة ناصر بيانًا، أعلنت فيه تنظيم أهالي منشأة ناصر والدويقة وقفة احتجاجية، وقال البيان إن الحي يمنح وحدات سكنية للمستأجرين بالمنطقة أو للورش والمحال، واتهموا الحي بالتلاعب بالوحدات السكنية بالأسمرات، وبيع المنطقة لشركة "إعمار" العقارية.
انتقل "مصراوي" إلى منطقة الشهبة والرزاز بمنشأة للوقوف على حقيقة الأزمة.
تتكون منطقة الشهبة من منازل متهالكة من طابق أو طابقين على أقصى تقدير، بنيت بعضها على تدرجات الجبل، شيدت أسقف معظمها من عروق الخشب التي لا تحمي سكانها تمامًا، الشقوق زحفت على جدران كثير من المنازل، وبعضها اتسعت الفجوات بين جدرانه المشيدة من الطوب الأحمر أو غطته طبقة أسمنتية فتسرب الضوء بوضوح إلى داخله.
تنحدر شوارع الشهبة من أسفل إلى أعلى لكونها مشيدة على جبل، تسير في اعوجاج شديد، ممرات ضيقة تظهر في الجنبات بين المنازل تنتهي بتدرج سلمي إلى أعلى، حيث المنحدر الصخري الهائل الذي يحيط بالمنطقة، يستقر أعلاه مناطق الزلزل والحرفيين وسوزان التي آوت سكان المناطق الخطرة بدءً من زلال 1993 مروراً بكارثة الدويقة عام 2008.
قطع من صخور الجبل تتناثر بشوارع الشهبة، بعضها استقر أسفل المنحدر الصخري، وآخر وضعه الأهالي أمام منازلهم تجلس عليه النسوة ويتبادلون أطراف الحديث، أويلهو الصغار فوقه، بينما ثبتت ببعض القطع الآخرى بطاطين مهترئة التفت حول 3 خيام استقرت أمام منزل متهدم، يقول الأهالي إن أسرة ذلك المنزل لم تجد ملجأ يأويها غير الخيام.
على أطراف منطقة الشهبة بمنشأة ناصر، يتوسط المنازل المتهالكة، ركام منزل متهدم يظهر من خلفه أطراف الجبل، يقول سكان المنطقة إن الحي قام بإزالته الأسبوع الماضي من خلال البلدوزرات واستعانوا بأفراد من الشرطة لإخلائه بالقوة الجبرية بعد رفض سكانه المغادرة لعدم توفير وحدات سكنية بديلة لهم بمشروع الأسمرات "البيت كان فيه 4 أسر، مدوش شقق غير للمالك بس".
تشير سيدة أربعينية، غطى الحجاب جزء من فمها فجعلها أشبه بـ"الملثمين" إلى 3 خيام نصبت في العراء أمام المنزل المتهدم، تقول إن الأسر الثلاث التي لم تحصل على وحدات سكنية بديلة نصبتها واستقرت بها منذ أسبوع لعدم وجود مأوى آخر لهم، وتضيف أن رب الأسرة المسن أصيب بـ"كريزة الكلى" التي يعاني منها فاصطحبه أبناؤه وزوجته إلى المستشفى.
يعاني سكان الشهبة من أوضاع مأساوية، فالقمامة تنتشر في كل مكان، تنبش فيها مجموعة من الكلاب الضالة، بجانب العقارب التي لا يسلم الأهالي من لدغاتها، بحسب "أمل" التي تهرول من بعيد وتأتي نحونا وهي تحمل صغيرتها التي لا تتعدى العام وتقول إنها أنقذت طفلتها من "عقربة" منذ أيام بعد أن لدغتها "المرة الجاية يا لحقتها من العقربة يا ملحقتهاش"، وتشير إلى أنها تركت آثراً واضحًا على ذراعها.
في أطراف منطقة الشهبة، يتواجد عدد من النقاط بالجبل يتسرب من خلالها مياه قادمة من أعلى إلى أسفل، توقفها كمية كبيرة من الرمال أسفل الجبل، يقول الأهالي إن ذلك التسرب المائي يأتي من مساكن الحرفيين الموجودة أعلى الجبل، وأنه مستمر طوال الوقت "زي حنفيات شغالة".
يقول السكان إن التسرب المائي - الذي لا تخطئئه العين - يمثل خطورة بالغة على باقي المنازل بالشهبة، ويرجعون ذلك بأن التسرب يحدث عملية تشبع في الجبل يجعله يتحرك على المدى القريب، وبعد تحركه يحدث تصدعات في المنازل بالمنطقة، ويوضحون أنهم تقدموا بشكاوى إلى الحي لوقف ذلك التسرب، لكنه لم يحرك ساكنًا " قدمنا شكاوى بوجود 4 نقاط للتسرب ومعملوش حاجة".
الأهالي يستعدون للرحيل شريطة وجود بديل
"أم حمادة" عجوز ستينية، تجلس على "عتبة" منزلها المتهالك ذو الطابقين المقسم إلى حجرات صغيرة للغاية، تقول وعلامات الغضب تكسو ملامحها إن البيت يسكنه 8 أسر، جميعهم أبنائها فيما عدا ساكن واحد، بينما منحهم الحي 3 وحدات سكنية فقط "مديين لولدي بس ولأبوه والمحل، إزاي؟ العيال الباقية دي تروح فين تتلقح في الشارع؟".
تقول السيدة الستينية وهي تجلس ومن حولها أحفادها الصغار إن منزلها لا يحمل أي خطورة " بيتنا مش في خطر بيتنا حلو"، وتشير إلى أن التصدعات الموجودة بالجدران ظهرت بعد قيام الحي بهدم المنزل المجاور لها منذ أسبوع "المرزبات والبلدوزر عملوا شروخ في البيت".
تنفض العجوز الذباب من على وجهها الذي زحفت عليه التجاعيد، وتقول إن الحي هددهم في حالة رفضهم إخلاء المنزل بإخراجهم بالقوة الجبرية عن طريق أفراد الشرطة "يطلعونا إزاي وإحنا بقالنا 37 سنة قاعدين في البيت ده".
بالطابق الثاني بمنزل "أم حمادة"، جلست "الحاجة عطيات" داخل غرفة مستأجرة على "حصيرة" متواضعة بجانب "مرتبة" افترشت من أسفلها كرتونة، وبجوارها تراص تلفاز وأواني للطهي وبضع شكارات خزين أرز ودقيق، تقول إنها باعت عفشها بعدما جاء الحي إليها منذ أسابيع ووعدها بوحدة سكنية "قالولنا بيعوا عفش البيت وهيسلمونا شقه بعفشها، بيعناه وقاعدين على البلاط ".
تناشد السيدة السبعينية الدولة بتوفير مكان آمن تسكن به لأن حياتهم فى خطر بمنطقه الشهبة "أنا عاوزة ربنا يكرمني ونتنقل من الحتة اللى إحنا فيها دى".
تقول إنها على استعداد لإخلاء غرفتها فوراً بمجرد توفير مسكن بديل لها "أنا مستعدة أنقل والله من الصبح بس يجيبولنا شقق"، وتضيف بملامح تملؤها الآسى "إحنا تعبنا وإتبهدلنا"، وتشير إلى أنهم ملوا من انتظار وعود الحي التي لم تتحقق "قاعدين نقول هينقلونا بكرة أو بعده بس لسه ما آنش الأوان".
"هيهدوا بيتي ويودوني الأسمرات"، بعينين ارغرورقت بالدموع تقول "رحمة"، السيدة الخمسينية، التي تملك منزل قديم من طابقين، أعلى منطقة الشهبة، وتوضح أنه يتكون من 5 غرف، ويعيش معها أبنائها الثلاثة المتزوجون، بالإضافة إلى مستأجر لإحدى الغرف، تقول إنها تريد وحدات سكنية لها ولأبنائها، وأن الحي يماطلها في عدد الوحدات السكنية المخصصة لها "قالوا وحدة وبعدين وحدتين وبعدين مفيش خالص".
تضيف السيدة الخمسينية إنها لا تعارض الإخلاء في حالة توفير بديل لها ولأولادها "لو سابوني أقعد لكن لو ادوني حقي همشي"، وتضيف أن الحي يخدعهم فبعد أن ذهبت مع أولادها بأوراق منزلها بعد أن تم الحصر للحصول على إثبات أحقيتها في وحدات سكنية بعددهم "قال لابني خلي بالك يا ابني من أمك دي هتقعد معاك.. وأنا مفهماش أي شيء".
تقول "رحمة" إنها تتخوف من عدم منحها شقق لها ولأودها "البيت ده اللي أنا شقيت عشان أبنيه وكنت بربي أيتام وكنت بشيل شكارة الأسمنت على راسي، بتوع الحي هيدوني حقي.. لأ، عشان أنا ممعييش راجل يدافع عني"، وتضيف أن الحي يهددهم بالشطة واستخدام القوة الجبرية معهم "أنا خايفة عل عيالي مش هوديهم في داهية ولا هخلي أمين شرطة يضربهم قلم زي ما بيضربوا".
تتابع السيدة الخمسينية بصوت مليء بالآسى "جوزي اشتغل في الجبل ده الله يقطع الجبل واللي جابنا فيه لحد لما مات فيه سنة 1991، ومن يومها محدش إداني جنيه، بمسح وأغسل وأخدم وأعمل كل شيء إلا الغلط، عشان أجيب الجنيه الحل لعيالي، وأخرتها يهدوا البيت ويودوني الأسمرات".
يقول اللواء سيد خليل، رئيس حي منشأة ناصر، لمصراوي إن منازل الأسمرات أنشأت لكل الأهالي الموجودين بمنطقة الشهبة، سواء كانوا ملاك أو مستأجرين "كل إنسان مقيم في المكان له حق واخده، مفيش حد مستحق شقة مخدش"، ويوضح أن كل غرفة بالشهبة يحصل مقابلها مالكها أو المستأجر على وحدة سكنية كاملة مفروشة بالأثاث، ولكن عليه تقديم أوراقه الرسمية للحي.
ويشير "خليل" إلى أن هناك 3 أسس يتعامل بها حي منشأة ناصر مع سكان منطقة الشهبة المتقدمين للحصول على وحدة سكنية بديلة لمسكنهم، أولها الإقامة الفعلية بالمنطقة وتحددها معاينة الحي، ثانيًا الأوراق الرسمية التي يقدمها الأفراد، ثالثًا حصر السكان الذي تم في عام 2012 و2014.
وليد مبارك، المستشار الإعلامي لحي منشأة ناصر، يقول لمصراوي "أي أوضة بالشهبة تم حصرها وتستحق وحدة سكنية، يذهب المقيم بها فوراً إلى الحي الذي يشكل لجنة تصدر قرارها بنفس اليوم، وفي حالة أحقيته يستلم فوراً وحدته السكنية"، مشدداً على أن الحي يبحث جيداً قبل منح الوحدات السكنية "لازم نتقصى حقائق لوصول الوحدات السكنية لمستحقيها، لأن إعطاء أي شقة لغير المستحقين يعد إهدار مال عام".
ويؤكد "مبارك" أن إزالة بعض المنازل بالشهبة يكون بموجب تقرير من لجنة جيولوجية تحدد أماكن الخطورة، نافيًا أن يكون إزالة تلك المنازل تؤثر على المجاور لها لأنها يقوم بها مختصون "دي ناس فاهمة شغلها وعارفين بيهدوا إزاي".
ويضيف "مبارك" أن بعض السكان يلجأون إلى حيلة لجعل منازلهم خطرة وتسليمهم وحدات سكنية لا يستحقونها، من خلال هدم بعض حوائط المنزل أو إحداث شقوق بها
يتهم عدد من أهالي الشهبة "الحكومة" ببيع منطقتي الشهبة والرزاز لصالح شركة "إعمار" العقارية، ورغبة الحي في تهجير السكان لعمل مشروعات سكنية بملايين الجنيهات لصالح الشركة الإماراتية، منهم "زينهم" رجل أربعيني، من سكان الشهبة، فيقول الرجل الذي زحف الشيب على رأسه فبدا أكبر من عمره إن شركة "إعمار" بدأت في العمل بالقرب من الشهبة في المناطق الخطرة التي تم إخلائها السنوات الماضية "الشركة مش هتيجي من نفسها الحكومة بايعالها الأرض".
ويقول "ياسر عرفات" من سكان الرزاز ومنسق رابطة العدالة الاجتماعية بمنشأة ناصر، إن شركة "إعمار" والحي يعملون على إخلاء المنطقتين "الدولة عاوزة مربع الشهبة والراز ينضفوا لشركة إعمار تاخدهم".
ويتهم عدد من الأهالي أفراد الحي بالتواطؤ وعدم حل مشكلة التسرب المائي بالجبل لإيجاد خطورة بالشهبة – المصنفة كونها آمنة بحسب التقارير الجيولوجية – وذلك لإخلائها لصالح شركة "إعمار" العقارية "يقدروا يمنعوها بس هما مسلطينها عشان إحنا معانا أوراق تثبت إن الأماكن دي مش خطر".
ويشيرون إلى أن خطورتها هي جعل الجبل يتحرك "بعد كده يقولك البيوت فيها خطر لأن في مياه تحت منها "هو عاوز يوجد للبيوت خطورة عشان يزيلها".
ويتعجب الآهالي من تبريرات الحي بعدم قدرتهم على منع التسرب "هل الدولة بكل أجهزتها متقدرش تمنع تسرب زي ده"، ويقترح أحدهم أبسط الحلول للعلاج عن طريق التفتيش في مساكن الحرفيين وحل المشكلة من المنبع.
اللواء سيد خليل، رئيس حي منشأة ناصر، ينفي الأمر برمته "مفيش الكلام ده، إحنا مبنعملش لصالح أي شركات، وكلنا مسؤولين أمام الله عن أموال المصريين، الحكومة لو هتخلي مناطق بيكون بناء على قرار لجنة علمية حددت أماكن الخطورة، ولدينا مستندات تثبت ده".
وفي سبتمبر 2016، سقطت صخرة بمنطقة الدويقة بمنشأة ناصر، وقامت المحافظة بإيفاد لجنة علمية تضم عدداً من الأساتذة المتخصصين بمجالات الجيولوجيا والهندسة وميكانيكا التربة، أكدت اللجنة أن ما تم سقوطه من صخور ما هو إلا بعض الكسوة الخاصة بالتدبيش لبعض المرتفعات الواقعة ما بين المرحلتين الرابعة والخامسة بمساكن سوزان مبارك والتي أقيمت للحفاظ على المنسوب بين المرحلتين، وسقوط بعض أجزاء التدبيش نتيجة تسرب مياه غير معلومة المصدر.
وأصدر المحافظ تعليماته باكتشاف مصدر المياه، والعمل على إنهاء التسرب والتوجيه بإعادة ترميم أعمال التكسية الحجرية للجزء المنهار.
أصحاب الورش والمحلات يرفضون الإخلاء
تمتليء الشهبة بعدد كبير من الورش والمحال الصغيرة، منها ورش أخشاب وأواني الألمونيوم وأساتك وخيوط، ومحال بقالة وخضروات، يشتكي أصحابها من عدم أحقيتهم في الحصول على أماكن بديلة لمصدر دخلهم في حال إخلائهم، بحسب ما قاله لهم موظفوا الحي.
على كرسي خشبي متواضع، يجلس "سيد" شاب ثلاثيني، أمام مصنع "أساتك" و"خيط" بالطابق الأول لمنزل من طابقين بوسط منطقة الشهبة، يقول إنه يعمل بالمصنع ومعه 4 عمال آخرون وسيدة بخلاف صاحب المصنع الذي يملك المنزل، ويرفض إخلائه ويبرر ذلك بأن المنزل يتكون من مصنع وشقة بالطابق الأول وشقتين بالطابق الثاني بينما يقول أفراد الحي بأنهم مسموح لهم بإيجار وحدتين سكنيتين فقط بحي الأسمرات ولن يعطيهم بديل لمصنعهم.
بدوي حسين، 48 سنة، مستأجر ورشة بالشهبة، يقول إنه لا يعارض إخلاء محله مقابل توفير مكان آخر لورشته لكونها مصدر رزقه الوحيد ومعه 3 عمال "عاوز بديل للورشة وأنا أمشي عشان ده أكل عيشي الوحيد".
يشير "حسين" إلى أنه لديه جميع الأوراق التي تثبت تأجيره للورشة منذ 16 سنة، منها "محضر تحري" من حي منشأة ناصر، مبديًا تخوفه من هدم الورشة وتشريدهم "هيهد المحل وأمشي وأتسوح في الشارع أنا والعمال اللي معايا".
يقول "الحاج سيد" صاحب ورشة لخشب الكونتر المستخدم في تصنيع الأثاث، إنه يرفض مغادرة ورشته لعدم توفير الحي مكان بديل مناسب له "قالولي مفيش بديل دلوقتي غير في مساكن الحرفيين" ويشير إلى أن المحال هناك مساحتها صغيرة "محل زي ده أنا هحط فيه ورشة إزاي".
يتشارك "سيد" في مصنع الخشب مع أشقائه الثلاثة بعدما ورثوها عن والدهم الذي يملكها منذ 26 سنة، ويعمل معهم 10 عمال، يقول "سيد" إنها مصد رزقهم الوحيد "بناكل منها عيش ملناش رزق تاني غير هنا"، ويؤكد أنه يريد بديل لورشته أهم من الوحدة السكنية "عاوز بديل الشقة متهمنيش بس دي لقمة عيشي".
يلتقط أطراف الحديث منه "وليد" شقيقه الأصغر ويقول بنبرة ملؤها الآسى "لما يقفلوا المصنع ده هشتغل إيه أنا واخواتي، إحنا ناس مش متعلمين عشان نتوظف أو نشوفلنا وظيفة"، يضيف "سيد" بنبرة غاضبة "أهم حاجة تأمين المعيشة بتاعتنا، يافرحتي لو هروح المقطم وأقعد فيها ومشتغلش".
بوسط منطقة الشهبة، تجلس "فاتن" ذات الـ14 عامًا، داخل محل صغير بالطوب الأحمر لبيع الخضروات، تقول الفتاة وهي تستذكر أحد مواد الصف الثاني الثانوي، إنها تسكن مع والدتها وشقيقها بإحدى الشقق الإيجار بالشهبة، ومصدر دخلهم من معاش زهيد قيمته 300 جنيه بجانب الجنيهات القليلة من محل الخضراوات الذي فتحته والدتها بعد وفاة والدها منذ سنوات.
بصوت مرتجف، تقول فاتن إنها لا تهتم كثيراً بالانتقال إلى الأسمرات أو البقاء في الشهبة، ولكن ما يهمها هو الابقاء على المحل الذي يسترزقون منه "لو نقلونا يدونا بس محل عشان دي لقمة عيشنا"، وتشير إلى أن الحي أخبرهم بأحقيتهم في وحدة سكنية فقط دون "دكان" بديل.
يقول اللواء سيد خليل، رئيس حي منشأة ناصر، لمصراوي، إن أي مستحق من أصحاب المحلات والورش بالشهبة يمكن أن يتسلم بديل فوراً بالأماكن المتاحة "أي مستحق معاه عداد نديله على طول، ممكن يجيلنا فوراً ونسلمهم محلات بديلة"، مشيراً إلى أن منطقة الحرفيين بها 48 محل، كما سيتم بناء 300 محل آخر بهضبة الحرفيين الموجودة بجوار موقف الأتوبيس الذي تم افتتاحه منذ أيام، بالإضافة إلى سوق مفتوح سيتم إنشاؤه بسوق الصخرة بشارع الطيران "خلال شهرين سيتم بناء محلات جديدة بعدد من المناطق لتستوعب أصحاب المحلات بالشهبة والمناطق الخطرة الأخرى".
ويوضح أنه يلزم لأصحاب المحلات إثبات ملكيتهم أو إيجارهم من خلال وجود سجل تجاري وعداد كهرباء تجاري، ويشير إلى أن جميع محلات الأسمرات تسلمتها رئاسة الجمهورية "خدتها ومنعرفش فين".
رئيس الحي: "مسؤولون أمام الله عن أموال المصريين"
اتهامات آخرى من بعض الأهالي للحي بالتلاعب في الوحدات السكنية المخصصة لسكان الشهبة بحي الأسمرات من خلال إدراج أسماء غريبة وسط السكان المستحقين للشقق، منهم "أم حمادة" تقول إن مسؤولين من حي منشأة ناصر يبيعون تلك الوحدات لصالحهم مقابل 30 ألف جنيه "جايبين دوسيهات غريبة وسط ورقنا، ويقولوا الدوسيهات دي انتوا بايعين لها"، نافية الأمر برمته " إحنا مش بايعين لحد".
ويقول "زينهم" رجل أربعيني، من سكان الشهبة، إن موظفوا الحي يبيعون الوحدات السكنية بالأسمرات لمعارفهم "أنا ممكن اسمي يتحط ويتبدل باسم واحد تاني" يصمت قليلاً ويتابع "ده اللي بيحصل، ويجي يقولي انت متستحقش، إزاي أنا من سكان الشهبة ومولود هنا أنا وعيالي".
وبنبرة غاضبة، يقول "ياسر عرفات" منسق رابطة العدالة الاجتماعية بمنشأة ناصر إن "شقق الأسمرات بسبب فساد الحي اقتربت تتملي"، ويضيف "الأماكن اللي المفروض كانت تنقل الأسمرات ماشالوش ربعها".
ويتابع أن تسهيل التسكين في الأسمرات مثل توفير آثاث الوحدة السكنية الجديدة سهل التسكين هناك "الواحد بيرح بشنطة هدومه، فيه واحد ما بيبقاش في المنطقة ولا محصور بس سكته مع الحي أو مع المهندس، فبيخش يروح يسكن في الأسمرات، وهو مش من منشأة ناصر أصلاً".
ويناشد "عرفات" الدولة بعمل مراجعة وحصر لسكان الوحدات الجديدة بالأسمرات لتبين حقيقتهم "يروح يشوف الناس اللي هناك دي كلها جت منين"، ويضيف "لو الدنيا مشيت سليمة كل ناس الشهبة هتتسكن وتقلاقي شقق جديدة".
من جانبه، نفي اللواء سيد خليل، رئيس حي منشأة ناصر لمصراوي ما يتردد عن تلاعب الحي في الوحدات السكنية بالأسمرات "إحنا مسؤولين أمام الله عن أموال المصريين، مستحيل نتلاعب في الشقق بتاعتهم".
منسق "العدالة الاجتماعية" بمنشأة ناصر: بعض منازل الشهبة بناها أصحابها للإزالة والحصول على وحدة سكنية جديدة.. ورئيس الحي: بعض الأفراد يلجأون للتحايل سو"شقة الأسمرات مطمع"
"ياسر عرفات" من سكان الرزاز ومنسق رابطة العدالة الاجتماعية بمنشأة ناصر، يقول إن هناك منازل بالشهبة بناها أصحابها للإزالة "بيقول إن الدولة في يوم من الأيام هتيجي تنقلني يبقى أنا مخسرتش بالعكس أنا بيتي كله ميكملش ثمن شقة جديدة، وأنا هاخد عدد شقق كاملة على أد أوض البيت كله".
يشير "عرفات" إلى أن معظم أهالي الشهبة قسمت منازلها إلى حجرات صغيرة للحصول على وحدة سكنية مقابل كل حجرة "الناس كانت ساكنة مقسمة بيتها أوض".
ويتابع "عرفات" إن فكرة إنشاء البيوت بغرض الإزالة بدأت بعد سقوط صخرة بالمنطقة عام 1993 ونقل السكان إلى وحدات سكنية آمنة "من وقتها غذت الفكرة عند الناس إن أي أماكن في الأطراف هيتم إزالتها"، يصمت قليلاً ويتابع "فالناس بدأت تعمل حسابها، وتقول بدل ما أنا عندي شقتين يبقى عندي 4 أوض بـ4 شقق.. الفكر من يومها ماشي كده"، ويبرر "ياسر" حق أهالي الشهبة في تملك وحدات سكنية "اللي استحمل المعيشة دي طول الفترة دي من حقه ياخد الشقة".
يؤكد الرجل الأربعيني أن معظم البيوت في الشهبة تم حصرها وأهلها يريدون إخلائها إلى مساكن آدمية، ويضيف أن السكان هم من أوجدوا الخطورة لكي ينقلهم الحي إلى مساكن أفضل "دي بيوت معمولة للإزالة"، يخفض صوته ويقول "اللي عامل بيت أي كلام هيستنفع من الشقق اللي هتتسكن وهياخد شقق نضيفة، ومعظمهم عندهم بيوت تانية بره غير هنا، بس معاه عناوينه على هنا".
يقول اللواء سيد خليل، رئيس حي منشأة ناصر لمصراوي، إن بعض الأفراد لجأوا إلى أساليب تحايل للحصول على شقق لا يستحقونها منها خلال قيامهم باستئجار "غرف" بالشهبة بعد عام 2014 بعدما تم الانتهاء من حصر السكان الأصليين، ويضيف "شقة الأسمرات ثمنها ربع مليون جنيه، مطمع لأي حد يعمل أي حاجة عشان ياخدها".
وفي 30 مايو 2016، افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي، المرحلتين الأولى والثانية من مشروع إسكان "تحيا مصر" بحي الأسمرات بمنطقة المقطم، اللتين تضمان ما يناهز الـ11 ألف وحدة سكنية بتكلفة إجمالية بلغت ملياراً ونصف المليار جنيه، وقام السيسي بتسليم عقود 10 وحدات سكنية من مشروع الأسمرات.
وضم المشروع مدارس للتعليم الأساسي ووحدات علاجية وملاعب رياضية، ونقطة للشرطة وأخرى للإسعاف، ومكتبا للبريد، وكذلك أسواق تجارية لتوفير احتياجات المواطنين.
وفي يناير 2015، أعلنت محافظة القاهرة أن الرئيس السيسي قرر تخصيص نصف مليار جنيه لتطوير منطقة الدويقة من صندوق "تحيا مصر"، وتدشين المرحلتين الأولى والثانية لمشروع إعادة تسكين أهالي المناطق الخطرة في مناطق آمنة بمشروع حي الأسمرات تم تخصيصها لمنطقة "الدويقة ومنشية ناصر واسطبل عنتر وعزبة خير الله"، بالإضافة إلى العمل السريع على تطوير المناطق التي تصلح للسكان.
وفي نفس الشهر، بدأت المرحلة الأولى لإخلاء بعض الشوارع الخطرة بحي منشأة ناصر، وتسكين الأسر بمدينة 6 أكتوبر حتى الانتهاء من مشروع الأسمرات، وهدم العقارات ذات الخطورة الداهمة، وقالت المحافظة إن عملية الإخلاء تستهدف الحفاظ على أرواح المواطنين.
ورفض البعض في ذلك الوقت الانتقال إلى منطقة 6 أكتوبر لبعدها عن مصادر "أرزاقهم"، وقالت المحافظة إنها دفعت القيمة الإيجارية لمن يرفض الذهاب إلى أكتوبر، أو الإبقاء عليه داخل مسكنه في حال عدم وجود خطورة داهمة للعقار، حتى الانتهاء من مشروع الأسمرات.
فيديو قد يعجبك: