"للخلف در".. إشغالات المقاهي تعود بعد شهر من "حادث الكافية"

كتب – نانيس البيلي ومي محمد:

تصوير - نادر بكار:

"عامين مع الشغل"... كان منطوق محكمة جنح مصر الجديدة، صباح الإثنين، على صاحب ومدير "كافيه كييف" الذي قتل فيه الشاب محمود بيومي، ليغلق ولو مؤقتا الباب على القضية التي هزت الرأي العام طوال الشهر الماضي، والذي شهد حملات واسعة على جميع مقاهي العاصمة لإغلاق الكافيهات غير المرخصة والمخالفة... ومع مساء يوم الحكم عاد مشهد المقاهي لسابق عهده، لتعود إشغالات الشوارع.

"مصراوي" رصد وضع الكافيهات والمقاهي مساء يوم الحكم بمناطق الزمالك والدقي وفيصل..

كراسي وطاولات متراصة على الأرصفة، والتند تخرج إلى حرم الشارع، المكان شاغر بالزبائن، يلتف من حولهم "شيش" ومتعلقات أخرى، هكذا كان المشهد، مساء الإثنين، أمام معظم كافيهات ومقاهي عدد من المناطق بالقاهرة.

قبل نحو شهر أطلقت الأجهزة الأمنية بالقاهرة والجيزة، حملات غير مسبوقة استهدفت فحص جميع المقاهى والكافيهات وإزالة التعديات، بعد مقتل "ضحية كافيه مصر الجديدة"، وأغلقت عدد كبير من المقاهي والمطاعم غير المرخصة، قبل أن تهدأ قليلاً بداية الشهر الجاري، ويعود المشهد "من جديد".

وبحسب الأرقام الرسمية، أغلقت أجهزة الأمن والمحليات أكثرمن100 كافيه بالقاهرة، و42 بالجيزة، و31 بالإسكندرية، و12 في بنى سويف. ورصد "مصراوي" حيل أصحاب المقاهي للهروب من الحملات.

عاملون بالمقاهي: الحملات هدأت في الأيام الأخيرة.. وندفع أموالا لعاملين بالمحليات لتحذيرنا قبلها

"إحنا بكرة مش هنفرش عشان فيه حملة".. قالها "حسن" العامل بأحد الكافيهات الشهيرة بالزمالك لزملائه، قبل أن يوضح لنا أنهم سيدخلون الكراسي ومتعلقات المقهى إلى الداخل، لعلمهم بقدوم حملة إشغالات للمنطقة من مصادرهم داخل البلدية.

"إخبارية" تصل بسرعة البرق إلى مسؤولي الكافيهات والمقاهي فور صدور قرار بحملات البلدية عليهم، قبل ساعات من موعدها، مقابل أموال يدفعوها لمصادرهم داخل المحليات، يتخذون تدابيرهم وقت الحملة.

"لسه جايلي تليفون من شوية إنهم احتمال ينزلوا الصبح"، أكدها "وليد" رئيس شيفت بالكافيه، مشيرا إلى أنه علم بموعد حملة الإشغالات من المحامي الخاص بالمقهى، من خلال مصادره داخل البلدية، وأكد أنه يبلغهم كل مرة قبل الموعد ليأخذوا تدابيرهم.

صفحة خاصة عبر "فيس بوك"، هي الوسيلة التي يتلقى من خلالها العاملون بالكافيه تعليمات من رئيس الشيفت حول مواعيد حملات البلدية، من خلال المحامي الخاص بهم، الذي يدفع أموالا لأفراد داخل البلدية مقابل إخبارهم، يقول "حسن": "لازم يكون لينا حد جوه البلدية".

يقول "وليد" إنه يعلم أن افتراش الرصيف بالمقاعد غير قانوني "ده مكان عشوائي مقدرش أتحكم فيه"، ويضيف أنه يسارع بإزالة المقاعد فور وصول حملات البلدية وأن الزبائن تتقبل الأمر لعلمهم بأن جلوسهم في الخارج مخالف "وبيقوم عشان هو عارف إنه قاعد في الممنوع".

يضيف "حسن" أن عدد التندات والكراسي المرصوصة في حرم الشارع أمام المقهى أقل بكثير من العدد الذي كان يضعه قبل شن الحملات قبل نحو شهر "كان عندي كراسي أكثر من كده قبل الحملات"، ويشير إلى أن كل مقاهي الزمالك تتبع نفس الأسلوب "أنا والكافيهات اللي جنبي نفس الكلام".

بأحد الشوارع الجانبية بالزمالك، يقول "راضي" المسؤول بالمقهى إن حملات الإشغالات هدأت قليلاً منذ بداية الشهر الجاري، وتكون في الصباح فقط، ويشير إلى استمراره في رص الكراسي ومتعلقات المقهى بالخارج لعلمه بمواعيد حملات البلدية "إحنا عارفين بنحط امتى الكراسي وبنشيلها امتى".

يضيف "راضي" أنه يدفع أموالاً لمصادره داخل البلدية مقابل إخباره بموعد الحملات "بيقولونا قبلها"، ويشير إلى أن ذلك يكلفه كثيراً "كله ماشي بالبلوظة، لازم نراضيهم طبعًا".

يوضح الرجل الخمسيني أنه يبدأ في رص متعلقات المقهى بالخارج مع حلول المساء، وفي حالة حجز عدد كبير من الزبائن في الفترة المسائية يمكن أن يرص الكراسي بطول الشارع الصغير "إحنا مظبطين كل حاجة لو فيه حملة هتيجي".

يبرر "راضي" وضعه متعلقات المقهى بحم الشارع بضيق مساحة المقهى الذي لا يسع لأكثر من 15 مقعدا "مضطر أفرش بره، إحنا معندناش مساحة جوه".

داخل منطقة الدقي، اختلف الوضع قليلاً، فالمقاهي أخرجت عدد أقل من الكراسي والمقاعد، ومقاهي أخرى حاولت الخروج عن استحياء، ويقول المسؤولون إنهم ينتظرون حتى ساعات متأخرة من المساء لضمان عدم قدوم حملات البلدية.

أوضاع المقاهي بمنطقة فيصل، كان وسط ما بين الدقي والزمالك، فمعظمها زحف إلى حرم الشارع، حتى الكافيهات التي حررت ضدها محاضر وصودرت متعلقاتها، يقول العاملون بها إنهم دفعوا الغرامة واستردوا بعضها، وأنهم يجازفون بافتراش الرصيف لأن الحملات هدأت منذ أيام.

من جانبه قال اللواء علاء الهراس نائب محافظ القاهرة أن الحملات لن تستمر أبد الدهر ، وهى تتم كل فترة على مجموعة من الكافيهات ، لكن اصحاب الكافيهات يتعود مجددا للتجاوزات ، موضحا انه تم تحويل المخالفات للنيابة ولم تتحول الى قضايا ، ما دفع أصحاب الكافيهات لإعادة فتحها مجددا وفك الشمع الاحمر في حالة التشميع .

ولم ينفي اللواء هراس وجود بعض الموظفين المرتشين، مؤكدا انهم يتعاونوا مع أصحاب الكافيهات لإبلاغهم بالحملات التى تقوم بها المحافظة ، مؤكدا انه فى حالة ضبط مخالفة مثل هذا يتم التعامل معها ، لكن هناك مشكلة أن أصحاب الكافيهات والغير مخالفين لا يقومو بالإبلاغ عن تلك الوقائع.