"الحياة" السعودية تعود للحياة.. لكن خطر الموت يلاحق الصحافة الورقية العربية
القاهرة – مصراوى:
عادت صحيفة "الحياة" السعودية التي تصدر من العاصمة البريطانية لندن، إلى الصدور ورقيا، اليوم الأحد، بعد توقفها لعدة أيام بسبب الظروف المالية التي تمر بها الصحيفة.
وقال موقع "إيلاف" الإلكترونى السعودى، إن توقف "الحياة" عن الصدور الأسبوع الماضي، يكشف حجم الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها الصحف السعودية.
تأسست الحياة قبل 71 عاما، على يد اللبنانى كامل مروة فى العام 1946، واشتراها الأمير خالد بن سلطان فى العام 1988، وسمح بتداولها في السعودية فى العام 1996.
ونقل موقع صحيفة "الخليج الجديد"، عن إعلامي سعودي يعمل في صحيفة "الحياة"، قوله إن قرار عودة النسخة الورقية إلى الصدور لا يعني التراجع عن قرار إيقاف طباعتها ورقيًا بشكل نهائي والاكتفاء بالنسخة الإلكترونية، نافيا وجود نية لإغلاق الصحيفة بشكل نهائي وتوقفها عن الصدور.
وتواجه الصحافة الورقية المطبوعة، أزمة طاحنة، تتفاقم حدتها تدريجيا منذ نحو 3 سنوات، ففى مصر، قال مجدي الحفناوي، أبرز خبير مصري في مجال توزيع الصحف، ومدير عام الطباعة والتوزيع في مؤسسة المصري اليوم، لمصراوى فى تصريحات سابقة إن مجموع توزيع الجرائد اليومية انخفض إلى 400 ألف نسخة فقط.
وفى لبنان، أغلقت صحيفة السفير بعد أكثر من 42 عاما من صدورها، كما توقفت صحيفة التجديد المغربية.
كانت وكالة «سبوتنيك» الروسية، نشرت تقريرا الأسبوع الماضى، يفيد أن إدارة "الحياة" تتجه إلى إغلاق مكتب الصحيفة في لندن، على أن ينتقل العمل إلى دبي.
وقالت الوكالة إن الأزمات التي أصابت وسائل الإعلام في الوطن العربي في السنوات الماضية، وصلت مؤخرا إلى صحيفة »الحياة» اللندنية/ السعودية والتي تعد الذراع الأهم في الصحف الدولية الموالية لسياسات المملكة إلى جانب صحيفة "الشرق الأوسط" كونهما تحملان صفة الإصدارات الدولية، ويصل توزيعهما إلى أغلب العواصم العربية والعالمية.
ونقلت الوكالة عن صحيفة «الأخبار» اللبنانية أن المكتب الرئيسي للجريدة في العاصمة البريطانية شهد اجتماعا الأسبوع الماضى، وأبلغ «رفلة خرياطي»، مدير التحرير، الموظفين أنه «ربما لن يعيش مكتب لندن حتى نهاية أبريل.
وقالت «الأخبار» إن «خرياطي» نقل عن مديرى المكتب اللندني لشركة «مكشف» التي تصدر عنها «الحياة»، قولهم إن الشركة لم يصلها أي تحويل من السعوديّة، منذ 3 أشهر، وأنه تمت تغطية المصاريف في هذه الشهور من الاحتياطي.
وبحسب تقرير «الأخبار» فإن «خرياطي» نقل للموظفين أن «هذا الشهر سيتم وقف الطباعة والتوزيع في لندن، ولن تدفع رواتب المراسلين والمستكتبين".
وأضاف مدير تحرير الصحيفة: «تم تأمين رواتب شهر مارس للموظفين، لكنها غير مؤمنة للشهر المقبل".
ووفق صحيفة «الأخبار»، فإنه من الأرجح أن تلجأ شركة «مكشف» إلى حجة الإفلاس، كحل لعدم دفع التزاماتها المالية المستحقة للموظفين الذين سيتم تسريحهم، وتصفية مكتب لندن.
ورجحت أن تكون دبي المقر الرئيس البديل بعد التصفية، معتمدة على معلومات من دبي تتحدث عن أن طقم العمل في مكتب الصحيفة يجري تجارب لإصدار نسخة ورقية، رغم أن المكتب كان مسئولا عن الموقع الإلكتروني للصحيفة فقط.
ونقل “إيلاف” عن صحفيين سعوديين وصفهم للأزمة التي تمر بها الصحف في بلادهم بـ “ الكارثية”، ولم تسلم منها حتى مؤسسات وشركات إعلامية كبرى، كانت حتى وقت قريب الأغنى والأكثر دخلاً في منطقة الشرق الأوسط.
وبعكس دول عربية كثيرة، لا تملك الحكومة السعودية المؤسسات الصحافية في البلاد، بإستثناء جريدة “أم القرى” الرسمية التي تتولى نشر المراسيم الحكومية.
وكان خالد المالك رئيس هيئة الصحفيين السعوديين ورئيس تحرير صحيفة “الجزيرة” نشر سلسلة مقالات في نوفمبر الماضي سلط خلالها الضوء على ما سماه “الأزمة” التي تعاني منها الصحف السعودية، بسبب الانخفاض الحاد في دخلها “بعد خفض الكثير من الشركات للموازنات التي تخصصها للإعلان”.
وأكد المالك على ضرورة أن تتحد المؤسسات الصحفية في البلاد مع وزارة الإعلام لمواجهة الأزمة.
وتصدر في السعودية 12 صحيفة ناطقة بالعربية، إضافة إلى طبعات محلية تصدرها صحيفتا “الحياة” و”الشرق الأوسط “السعوديتان اللتان تتخذان من لندن مقراً.
وقال مسؤول في صحيفة سعودية لـ”إيلاف”، “إن الأزمة المالية غير مسبوقة ولم نعهدها حتى في نهاية تسعينات القرن الماضي، حينما انخفض سعر برميل النفط إلى نحو 8 دولارات”.
وذكر مدير تحرير في صحيفة تصدر في الرياض وتطبع وتوزع في دول عدة “أن الشركة التي يعمل بها هي من بين 3 مؤسسات صحفية على الأكثر في البلاد ما زالت متماسكة وتدفع رواتب موظفيها من الرسميين والمتعاونيين في مواعيدها”.
وكشف مدير التحرير الذي فضل عدم الكشف عن اسمه “أن هناك صحفاً أخرى لم تدفع رواتب موظفيها لمدد تصل إلى 4 أشهر، وقررت تسريح عدد كبير منهم”.
ولاحظ الدكتور ناصر البراق رئيس قسم الصحافة في كلية الإعلام والاتصال في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، “أن الصحف السعودية تعيش أزمة حقيقية على المستويات كافة”.
ورأى “أن الصحف في بلاده لا تعاني أزمة مالية فقط، بل تعاني من فشل في صناعة المحتوى المميز، ونقص في الكوادر الجيدة، وهو ما دفع القراء إلى هجرها”.
وأضاف البراق “لا أؤيد دعم الحكومة لمؤسسات صحفية تدار بعقلية تقليدية”. وأكد “يجب على هذه المؤسسات أن ترتقي بأدائها لتواكب تطلعات جيل تقني صاعد لا يلتفت إلى الورق”.
ونصح البراق الذي كان ملحقاً ثقافياً في سفارة بلاده في المغرب المؤسسات الصحافية “بالإتجاه إلى تطوير محتوى منصاتها الرقمية، والاستغناء عن الطبعة الورقية التي تكلفهم مبالغ طائلة”.
فيديو قد يعجبك: