لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

القصة وراء صورة "ماجد بولس".. ياما في موقعة الجمل حكايات

01:39 ص الأحد 25 يناير 2015

الضابط و اسامة عباس

كتبت- دعاء الفولي:

مغشيا عليه سقط أسامة عباس، قريبا من مبنى محافظة الجيزة، بشارع الهرم، قنبلة غاز مسيل للدموع تم إلقاءها أسفل قدمه مباشرة، لم يشعر بنفسه سوى محمولا داخل بهو فندق قريب، حيث تم إسعافه. كانت تلك بداية علاقته بالثورة والتظاهرات بشكل عام، الواحدة ظهرا بالتحديد في جمعة الغضب "اسم يوم جمعة الغضب نفسه يشد"، هكذا حدّث نفسه قبل أن ينضم لمسيرات الهرم مستكملا التظاهر، غير عالم أن ثمة صورة سُتلتقط له فيما بعد، لتصبح أيقونة الثورة في أيامها الأولى.

الأيام الباقية من الثورة قضاها في الميدان، ذهب صباح السبت إليه أكثر شجاعة، دلف المستشفى الميداني التي سمع عن المصابين بها بمسجد عباد الرحمن، وجد الحالة يُرثى لها؛ قمامة وأدوات طبيّة وآثار دماء على الأرض، بدأ في التنظيف مع آخرين، حتى اقترح عليه الأطباء البقاء لمساعدتهم في الإسعاف، مُعطين إياه معطف أبيض "عشان يقدروا يميزوني من وسط الناس العادية" على حد قوله.

كان "عباس" داخل دوامة علاج المرضى، عندما دقت موقعة الجمل على رؤوس المتظاهرين في الثاني من فبراير، البلطجية يقتربون، الجمال على مشارف الميدان، الضغط النفسي وكثرة سقوط المتظاهرين أصابا أعصابه بالانهيار "بدأت أعيط بشكل جامد.. فدكتور من المستشفى قالي اطلع اتمشى في الميدان تكون هديت.. انت كدة هتبوظ أعصاب اللي هنا"، خرج على غير هدى، سار ناحية شارع باب اللوق في اتجاه الميدان، اصطدم بالضابط ماجد بولس الذي انهار كذلك مما يجري على مدد نظره، لكن الأوامر لم تأته بالضرب، يحكي عباس أن "بولس" أمسك سلاحه الميري وحاول قتل نفسه بالفعل "بس مجند صاحبه أخد الطبنجة من إيده".

زاغت عينا الضابط الذي لم يكن بيديه إلا البكاء، كان هناك معرفة بسيطة بين "عباس" و"بولس"، تقتصر على إعطاء المسكنات والأدوية للجنود، لم يفكر الشاب كثيرا، قفز صاعدا لأعلى الدبابة التي يقف عليها ماجد "بقيت أهديه على أد ما أقدر.. أحاول أبوس على راسه.. رغم القهر كنت فخور بيه"، بعد أن هدأ قليلا رفع الضابط سلاحه في الهواء، أطلق عدة أعيرة نارية لم تصب أحدا لكنها أفشت خوفا في صدور مهاجمي الميدان "كان لازم يعمل كدة عشان يعرفوا إن فيه رد من جوة".

ظلت الصداقة بين "بولس" وشاب التحرير حية، يسأل كل منهما على الآخر في الأعياد وبين حين وآخر، لم يتحدثا عن يوم الموقعة بتاتا، كأن شيئا لم يكن. في الأيام التي تلت التقاط الصورة، كان "عباس" محاصرا داخل التحرير لا يخرج كثيرا، لكنه وجد من يطلب منه أن يلتقط معه صورة "مبقتش فاهم فيه إيه"، حتى سأل إحدى طبيبات المستشفى لتخبره أن "الصورة بتاعتك بقت مشهورة عالميا"، لم يهتم بانتشارها، غير أن كذبته انكشفت أمام الوالدة؛ فقد أخبرها مرارا أنه في مقر عمله "كنت ببعد عن الدوشة على قد ما اقدر عشان أكلمها"، حتى رأت الصورة على القنوات التليفزيونية؛ فعلمت مكانه، آثر الشاب الابتعاد عن وسائل الإعلام، ليأمن افتتانه بحب الظهور، لكن بعض الشائعات انتشرت عن اللحظات التي جمعته بالضابط "اللي يقول انا بوست رجله واللي يقول هو وطى على رجلي باسها.. مفيش حاجة من دي حصلت خالص".

لم تسنح الظروف للشاب ذو الواحد وثلاثين عاما إكمال تعليمه في الصغر، أراد أن يستكمل المراحل التعليمية عقب الـ18 يوم لكن وقته انشغل بالعمل في مجال الملابس. لم تكن مشاهد موقعة الجمل الأسوأ بالنسبة له خلال الثورة؛ هناك ذلك اليوم عقب اختيار أحمد شفيق رئيسا جديدا للحكومة، وقدوم وزير الصحة وقتها إلى المستشفى الميداني في الحادية عشر مساءً "كلم الدكاترة وقالهم متخافوش.. الطريق لقصر العيني مفتوح للمصابين ومتأمن"، وقد كان؛ فأثناء الزيارة خرج أسامة في عربية إسعاف مع طبيب لينقل مصابا إلى القصر، كان الشارع المؤدي إلى المستشفى مُضاءً أثناء الذهاب "كأننا الصبح"، عقب إسعاف المصاب والاطمئنان عليه وتمضية بعض الوقت بالمستشفى، عاد مع نفس السيارة، ليجد الطريق مظلما تماما "كنت مرعوب يطلع علينا بلطجية.. لكن ربنا ستر".

غط أسامة في نوم عميق بإحدى المرات على الرصيف الأوسط لميدان التحرير، متكورا على نفسه كالجنين من فرط البرودة، استيقظ بعدها بساعات ليجد نفسه مرميا داخل خيمة قريبة من المتحف، أحدهم ساءه مشهد الجسد المرتعش فنقله إلى الدفء، لم يشعر بأيدي تنقله، ورغم وحشة الموقف إلا أنه يضع ذكراه في مصاف المواقف الساخرة.

الندم يساور صاحب الصورة أحيانا؛ تصدح داخله أسئلة عن أهمية تعريض حياته للخطر والآلاف الآخرين إذا كان مآل الثورة إلى زوال، بحث في جميع الأحداث التالية عن نفس روح الميدان فلم يجد إجابة شافية "يكفي إن الناس في التحرير كانت بتدي لبعضها الأكل لو جعانة.. مكانش بيبقى فيه أغلى على الواحد من البطانية ومع ذلك كان بيديها للتعبان عن طيب خاطر، الأيام دي مش هترجع تاني".

الضابط-وأسامة-(1)

 

تابع باقي موضوعات الملف:

"فلان الفلاني".. الثورة بنت المجهولين "ملف خاص"

2015_1_25_18_8_4_974

أحمد أمين.. واجه مبارك بـ''7 جنيه'' وصنع متحف الثورة بـ''مشمع''

2015_1_25_1_19_23_900

مصطفى.. ''اللي كان يومها واحد من الحراس الشعبيين للمتحف''

2015_1_25_2_26_51_805

سهام شوادة.. الثورة يعني ''عيش وملح''

2015_1_25_1_44_48_456

عم فولي.. ابن المطرية يتعلم الثورة على الطريقة الإنجليزية- فيديو

2015_1_25_2_49_47_80

''الششتاوي''.. الثورة تحت أقدام الأمهات

2015_1_25_2_8_55_528

محمد عمران.. أن تختار بين الثورة و''بنتك''

2015_1_25_1_22_19_540

نساء عائلة "سلام" بالإسكندرية.. الثورة تمد لسابع جد

2015_1_24_23_30_26_252

مها عفت.. أول من حَمل "علم الثورة" في الميدان

2015_1_25_0_44_55_519

يحكى أن ''عبدالله'' هتف.. وشبرا كلها ردت وراه

2015_1_25_16_27_39_559

''فنانة'' و''بتاعة سندويتشات'' و''مسؤول شواحن''.. أبناء ''أسماء'' في الميدان

2015_1_25_2_47_28_846

في بورسعيد.. من الأم إلى ابنتها ''الثورة أبقى وأهم''

2015_1_25_2_57_24_312

''فاتن حافظ''.. الثورة ''من طأطأ لـسلامو عليكو''

2015_1_25_2_4_34_14

قاسم المزاز.. ''دليفري'' المستشفى الميداني

2015_1_25_2_34_56_662

حكاية جمال العطار مع الثورة.. باع "البيزنس" واشترى البلد

2015_1_24_23_19_3_638

للتحرير تفاصيل يعرفها "محمود نصر"

2015_1_24_22_45_31_693

محمود جمال يكتب.. من دفتر مذكرات فلان الفلاني "اللي كان يومها ثائر"

2015_1_25_17_43_25_958

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان