محمود السعدني.. عندما تُصبح السخرية "جحيمًا"
كتبت – نسمة فرج:
كان أبرز رواد الاتجاه الساخر فى الصحافة المصرية، شارك فى تأسيس عدد من الصحف داخل مصر وخارجها، قضى حياته ما بين الهروب والاعتقال، أطلق على نفسه الولد الشقي، كما اختاره ليكون عنوانا لسيرته الذاتية، التي صدرت في 6 أجزاء، كان الأول والثاني تحت عنوان "الولد الشقي" والثالث بعنوان "الولد الشقي في السجن" أما الرابع فكان بعنوان "الولد الشقي في المنفي"، فيما كان الجزء الخامس بعنوان "الطريق إلى زمش"، وكان الجزء السادس بعنوان "ملاعيب الولد الشقي".
وبدأ السعدني مسيرته الصحفية بالكتابة في مجلة "الكشكول"، وفي "جريدة المصري" كما شارك في تحرير وتأسيس عدد كبير من الصحف والمجلات العربية في مصر وخارجها، وترأس تحرير مجلة "صباح الخير"، وأصدر هو ورسام الكاريكاتير طوغان مجلة هزلية أغلقتها الرقابة.
منذ بدايته وهو يثير موضوعات صحفية هامة وخاصة في الحرب، مثلما فعل فى رحلة الجزائر عام 1957، فى أثناء كفاح الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي، وكتاب مجموعته القصصية الأولى "السماء السوداء" الذي لفتت الأنظار إليه بسبب اسلوبه في السرد القصصي
وبعدها أصدر مجموعة "جنة رضوان"، وجاءت هذه المجموعة لترسخ اسم محمود السعدني ككاتب للقصة، بجوار يوسف إدريس ومصطفى محمود، وفي عقد الخمسينات، ولم تكن مجلة سياسية أو فنية أو اجتماعية يخلو عددها الأسبوعي من قصة قصيرة لأحد الكتاب الشباب، أو المخضرمين.
السعدني هو عميد ظرفاء العصر، كما انه برع في مجال الذكريات والتاريخ في كتابه ألحان السماء، الذي يعد أول وأدق تاريخ لنخبة من قارئي القرآن وأقطاب التواشيح الدينية، وكان في مطلع حياته في الخمسينيات شارك في الندوة الأسبوعية الشهيرة بمقهى عبدالله الشعبية بميدان الجيزة، وصلاح عبدالصبور، ونجيب سرور، ورجاء النقاش، خلد السعدني حوارات ذلك المقهى في كتابه مسافر على الرصيف.
شارك السعدنى في الحياة السياسية في عهد عبدالناصر وأيد الثورة، وعمل في جريدتها "الجمهورية"، وعقب وفاة عبدالناصر وخلال ما عرف بثورة التصحيح التي قام بها السادات.
لم يكن يعلم أن اتجاهه الساخر سيحول حياته جحيما، أراد أن يقدم فنًا جديدًا من الصحافة لم يكن معهودًا من قبل في ذلك الوقت، ساخرًا وموجهًا الانتقادات للحكومة والنظام، حيث تم اعتقاله لعامين وأُفرج عنه مع قرار بفصله من "صباح الخير" وتم منعه من الكتابة، وغادر مصر متنقلًا بين أكثر من دولة عربية، بدءًا من بيروت ثم ليبيا، ثم أبو ظبى، ثم استقر في لندن، وهناك أصدر ورأس تحرير مجلة "23 يوليو".
عاد إلى مصر في ١٩٨٢ بعد اغتيال السادات، واستقبله مبارك وكان قد كتب للإذاعة في السبعينيات مسلسل "الولد الشقي" في ثلاثة أجزاء، وقام ببطولته الممثل الشهير محمد رضاو شقيقه صلاح السعدني وصفاء أبو السعود، وفي ٢٠٠٦ ثقل عليه المرض فاعتزل العمل الصحفي، في مثل هذا اليوم.
فيديو قد يعجبك: