بالصور- أطول مائدة في العالم.. فوز بطعم الفشل

كتب- محمد مهدي:

قبل ساعات من موعد أذان المغرب، امتلأت أطول مائدة في العالم عن أخرها، جاءها الجوعى من كل حدب وصوب في مدينة الإسكندرية، نحو 10 آلاف أو يزيد يبغون إفطارا شهيا، لقمة هنية تسد أصوات بطونهم المتألمة، قوبلوا بالترحاب والابتسامات، منظموا الحدث يوجهونهم إلى المقاعد، البحر أمامهم، والأكل في طريقه إليهم، ومن حولهم يمر الأشخاص التابعين لموسوعة جينيس العالمية، لقياس طول المائدة والتأكد أن كل شيء على مايرام، قبل أن يغادروا المكان وعلى وجههم علامات السعادة "الناس بتوع جينيس كانوا موجودين حوالي الساعة 5 وأتاكدوا إن كل شيء مظبوط ومشيوا قبل الفطار" قالها "حسن محروس" أحد المسؤولين عن تنظيم الحدث.

اقتربت الساعة من موعد الإفطار والمائدة خالية، الوقت يمضي ولم يأتِ الطعام، أحلام الحضور في أنها ليلة لن تُنسي لأنها لا تتكرر تبددت، التوتر يعلو وجوه الجميع، لم يتبقَ سوى دقائق على أذان المغرب، زادت الأسئلة حول تأخر وصول الإفطار، نحو 800 شخص مكلفين بتنظيم الحدث لا يملكون أية إجابات "مفيش تنسيق بينا خالص والفريق الأساسي اللي منظم الحدث.. وفوجئنا بتأخر الطعام"، فجأة ظهرت السيارات الحاملة للأكل، قادمة من بعيد، يقف الجميع، ينظرون إليها كأنها تحمل لهم النعيم، وفور وصولها وفتح أبوابها لتوزيع الطعام، انقض المواطنين على السيارات، الصبر رفاهية لا يمكلونه، الجوع لا يرحم، والخروج من هذا المولد بلا شيء أمر قاسي لن يتحملوه، فبدأت المعركة "هرجلة وخناق وكراسي بتضرب في بعض والدنيا باظت.. مقدرناش نتصرف في الموقف دا".

ذُل من أجل الحصول على طعام في أطول مائدة إفطار في العالم، غلطة بألف، تأخر المطاعم يحمل بين طياته سوء تنظيم وعدم اكتراث بالجائعين، فصار الخوض وسط الزحام والوصول إلى وجبة دون أن يقتنصه منك أحد أو تُصاب بمكروه حَدث، غير أنك لن تعود إلى المائدة من جديد لأن جزء منها قد تحطم في المعركة "احنا كمان بعد اللي حصل اضطرينا ننسحب من الحدث"، انتهى اليوم في لحظته الأهم، وانفض الجَمع كلا إلا مكانه، التعاسة من نصيبهم، من حصل على الإفطار بـ "طلوع" الروح، وآخر قضى يومه غارقا في أحلام اليقظة منتظرا لأكل جيد دون جهد لكنه رحل خالي الوفاض.

بعد ساعات من الواقعة، أعلنت محافظة الإسكندرية نجاحها في تسجيل المائدة بموسوعة جينيس، وأُعتبر ما حدث مجرد تدافع للمواطنين لكثر عددهم عن الرقم المُخصص لهم، بحسب ما صرح به هاني المسيري، محافظ الإسكندرية، يرى الرجل أن الفاعلية تمت بنجاح رغم الأخطاء، فيما لا تفارق تفاصيل الحدث من كانوا أبطالها بالجوع والضرب والفشل.