إعلان

مُريد على الطريقة الحديثة.. رحلة شاب في حب الشيخ عمران

06:59 م الثلاثاء 14 يوليو 2015

مُريد على الطريقة الحديثة.. رحلة شاب في حب الشيخ ع

كتبت - دعاء الفولي:

طفل عمره ست سنوات يقطن بمدينة بلطيم، لا تنطفئ إذاعة القرءان الكريم في منزله، وقعت أذنه على ابتهال "قف على سنن المختار من نسب"، كاد صوت المؤدي أن يُذهب عقله، صار ينتظر ذلك الابتهال يوميا بنفس الميعاد، ولم يكن بيد الصغير حيلة سوى انتظار ما تجود به الإذاعة من تواشيح لنفس المبتهل. في قرارة نفسه كان محمد رشاد أبو النور يُحب الإنشاد وله صوت حسن، وعنده شيخ يُحفظه القرءان مشجعا إياه على التلاوة، وحين وجده الشيخ منجذبا لصاحب الصوت الرخيم أخبره أنه محمد عمران، من تلك اللحظة كرّس الفتى حياته لاقتفاء أثر عمران، يرافق السميعة الذين عايشوه، يرتحل إلى أكثر من محافظة كي يجمع تراثه وتسجيلاته، ثم يُنشئ صفحة على موقع فيسبوك ليتحدث عنه، أصبح رشاد مريدا لفن عمران كأنما عاش معه دائما.

"اتهبلت لما سمعت صوت الشيخ أول مرة"، هكذا يصف رشاد حالته. عشرون عاما هي عُمره، قضى آخر خمس سنوات منها يبحث عن تفاصيل حياة شيخه، يُلح على هاني مغازي –أحد شيوخه الذين علموه المقامات- كي يدله على طريق لمعرفة معلومات عن عمران "لما الشيخ لقاني مُهتم عرّفني على الشيخ سعيد الغنام  وكان أحد سميعة عمران وهو اللي وصلني بابنه".

مكالمة هاتفية غيّرت الكثير، حين اتصل رشاد بابن عمران كان طالبا في المرحلة الثانوية، يرتعش قلبه خوفا ألا يصدقه، حكى له الفتى مدى ولعه بصوت الأب؛ فنشأت صداقة بينهما رغم فارق السن "بقيت كل يوم أتصل بيه أسمعه حاجة بصوتي أو هو يسمعني ابتهال للشيخ".

في تلك الأثناء كان رشاد يتتبع أستاذه من سبل أخرى "قابلت وقتها الأستاذ مصطفى الأحمدي ودة معاه تسجيلات كتيرة للشيخ كان بيلف ورا المحافظات عشان يسجل له"، استطاع الحصول على جزء منها، واستخدم الإنترنت في البحث عن مُريدين الشيخ عله يستطيع التواصل معهم، حتى أسعده الحظ بالقدوم للقاهرة كي يدرس بكلية دار العلوم.

صورة 1

"أول حاجة عملتها إني روحت لأستاذ محمود عمران البيت"، حديث طويل دار بينهما عن حياة الشيخ الراحل، تسجيلات حصل عليها الباحث المجتهد، وتفاصيل لا يعرفها الكثيرون. لم يكتفِ رشاد بتلك المقابلة "تواصلت مع إخوات الشيخ وولاد أخوه الموجودين في سوهاج وسافرت لكذا سميع في كذا محافظة"، أصبح يعرف عنه الكثير، ما يُحب وما يكره، أصعب مواقف حياته، وحتى مواقفه الطريفة، زادت شجاعته بعد دخوله دائرة القرب من السمّيعة والشيوخ "اتعرفت بعد كدة على المبتهل سعيد حافظ وأعطاني بعض التسجيلات للشيخ برضو".

قريبا من مسجد عمرو بن العاص يقبع مدفن عمران، يذكر رشاد حين اصطحبه الابن للمرة الأولى كي يزوره في أحد أيام الجمعة "روحنا بعد الصلاة وبعدين محمود قال لي يلا بينا عشان الجو حر وبالفعل مشيت معاه لحد المترو عشان أروح" غير أنه لم يستطع أن يُنهي تلك الزيارة سريعا، عاد مدفوعا بأشواقه، جلس أمام الضريح، يُحدث الشيخ كأنه حي، كاد المحيطون به يعتقدون أنه مجنون "فضلت قاعد من الظهر للمغرب"، ومع استقراره في القاهرة أصبحت زيارة قبر عمران أمرا يواظب عليه رشاد.

استقرار الشاب العشريني بالقاهرة كان "فتحة خير"، حيث تعرف على كثيرين ممن ساعدوه في البحث، منهم سعيد أبو السعود، ابن المقرئ محمود أبو السعود أحد أهم أصدقاء عمران، كما تعرف على أحمد رمضان ابن المقرئ محمود رمضان، وهو أحد أساتذة عمران. خلال رحلته القصيرة قابل تساؤلات البعض وتعجبهم "بعضهم بيقولي اللي انت بتعمله مش شبه جيلك اللي معاصرش الشيوخ القدام"، ليكون الرد أن الأذن تعشق قبل العين، فإن لم يسعده حظ مقابلة الشيخ الذي مات قبل ولادته بعام، إلا أنه توحد معه منذ أن سمعه.

صفحة باسم الشيخ محمد عمران، كانت الوسيلة الوحيدة التي بوسع رشاد "كنت عايز أعرّف الناس بيه أكتر"، أنشأها منذ عامين لينشر فيها التلاوات الشهيرة والنادرة وبعض مما حصل عليه بمساعدة صديقه معاذ مقشط، بدأ روّاد فيسبوك يتواصلون معه بالفعل، يطلبون المزيد من التسجيلات أو ابتهالات بعينها "ومن خلالها اتعرفت على ناس تانية مهتمة بابتهالات الشيخ".

بين أصدقائه لاقى رشاد كلمات السخرية مما يفعل، يلمزه البعض قائلا أنه يضيع وقته بلا طائل، خاصة الذين يسكنون معه في المدينة الجامعية "لأن أوضتي مليانة صور الشيخ وكاتب على الحيطة كلمة عمران بكذا خط"، لذا في أغلب الوقت يجد ابن العشرين عاما نفسه بين أوساط السمّيعة والمهتمين، مصمما على استكمال ما بدأه منذ أعوام بل وانضم إلى مدرسة الإنشاد الديني العام الماضي، ليدرس المقامات ويدخل أغوار ذلك العلم الواسع.

صورة 2

بين حين وآخر يصطدم رشاد بحكاية جديدة عن عمران؛ فيجلس أمام المُتكلم ليسمع. التقى بمن حكى له قصة حياة الشيخ، آخرون تحدثوا عن موقف بعينه أو سردوا صفات اتسم بها عمران "الحمد لله الناس بتذكره بالخير، في أكتر من شخص حكالي إنه لما كان بيروح يقرأ في عزاء وصاحب العزاء معهوش فلوس كفاية كان يقبل وأحيانا كان بياخد الفلوس دي يعطيها لزوجة المتوفي لو على أد حالهم، من غير ما أهل المتوفي يعرفوا"، غير أن حظه كان كبيرا حين قابل حلمي البنداري، المصور بالتليفزيون المصري، والذي لديه مكتبة ضخمة من شرائط الفيديو للشيخ الراحل وغيره، سجلها في السبعينات والثمانينات، وكان ذلك نادرا وقتها، وحين سمعه البنداري اُعجب بصوته "بعدها روحت له مع الشيخ سعيد أبو السعود واتفقنا إنه هيدينا فيديوهات متصورة وهننزلها على الإنترنت".

مبلغ أحلام الشاب العشريني كان أن يسمع كثيرا لعمران، ويُحدث الناس عنه، لكنه لم يتوقع هدية محمود عمران المفاجأة، مكافأة له على صدقه في البحث "أعطاني ساعة يد الشيخ عمران"، ساعة مُصممة خصيصا للأكفاء، عقاربها بارزة كي يتحسسها الشخص، حصل عليها رشاد وهو غير مُصدق، أصبح يمتلك شيئا ملموسا من رائحة الشيخ عمران.

لازالت رحلة الشاب مستمرة، يتحسس طريق الوصول لأكبر قدر من المعلومات. يمتلك حاليا 270 ابتهال، وحوالي 10 تسجيلات للأذان بصوت الشيخ لكن بمقام مختلف "عمران مكنش بيقول الأذان كل مرة زي التانية وحتى السور المرة اللي يقرأ بيها ميكررهاش"، كما أن لديه تسجيلات نادرة لزيارة عمران للموسيقار محمد عبد الوهاب، وسهرة بين الشيخ نصر الدين طوبار وعمران، وبعض الفيديوهات من ابتهالات بمسجد السيدة زينب، وغيرها.

 

تابع باقى موضوعات الملف:

بالفيديو والصور- مصراوي يروي قصة محمد عمران.. سلطان "القوالة" من مصر القديمة إلى فلسطين

2015_7_13_20_8_57_870

"جدر" الشيخ طه الفشني.. "يمد لسابع أرض" (فيديو وصور)

2015_7_14_17_32_38_158

بالصور.. مصراوي مع أسرة "طوبار".. حكايات شيخ المبتهلين باقية (حوار)

2015_7_13_16_32_54_340

ابن "النقشنبدي": السادات كان يلف خلفه الموالد.. وفرقة أم كلثوم انتظرته على باب المسجد (حوار)

2015_7_14_17_3_1_813

بالصور: محمد الهلباوي.. أنشد فترك الغرب بلا هوية

2015_7_14_14_46_5_359

بالصور.. مصراوي داخل منزل الشيخ "طوبار".. وجاره القبطي: كان أبويا

2015_7_12_23_20_38_620

بالفيديو: محمود محمد رمضان.. سفير القرآن في دنيا المُنشدين

2015_7_14_16_26_46_889

بالصور: "طوبار" في "الخازندار".. أيامه الأولى والأخيرة في دنيا الابتهال

2015_7_13_17_52_18_798

محمد ثروت: النقشبندي "بافاروتي" مصر

2015_7_14_15_6_0_730

فيديو قد يعجبك: