لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"مطرقة داعش" تدمر إرث الإنسانية

12:48 م الأربعاء 26 أغسطس 2015

"مطرقة داعش" تدمر إرث الإنسانية

كتبت – هدى الشيمي ونسمة فرج:
بعد ظهوره بفترة كان أكثر ما يخشاه الزعماء والساسة حول العالم، القضاء على القوانين وانتشار الإرهاب، وهذا ما حدث بالفعل، فمع ظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ارتفع معدل الجريمة في سوريا والعراق، وانتشرت الوحشية على نطاق واسع بشكل لم يحدث في التاريخ الحدث، بعد ذبح الصحفيين والرهائن الأجانب من بينهم بيتر كاسينج، وجيمس فولي، واستهدافهم للسوريين والعراقيين المواليين للأنظمة الحكومية لبلادهم، واسر الايزيديات من نساء وفتيات وبيعهن كسبايا، وغيرها من الأفعال التي وصفها المجتمع الدولي بغير الانسانية.

إلا أن العالم صٌدم مجددا من أفعال التنظيم المتطرف بتدميره إرث الحضارة الإنسانية في المناطق التي يسيطر عليها، ففي ديسمبر الماضي، كانت أول جريمة حضارية يرتكبها، بتدمير قلعة تلعفر وسور نينوى، لتتوالى الأعمال التدميرية للمعالم الاثرية التي ترجع لآلاف السنين في المناطق التي يسيطر عليها في سوريا والعراق، وخاصة حمص التي تضم أكثر من 1700 موقع أثري، وتدمر أحد المدن السورية الاثرية الكبرى، وفي مقابل ذلك، اكتف المجتمع الدولي بالإدانة والتنديد، ولم يقم بأي رد فعل عملي.

قلعة تلعفر وسور نينوي

قلعة تلعفر

نسف التنظيم أجزاء كبيرة من قلعة تلعفر، وتدميرها، حيث فخخ أجزاء كبيرة من القلعة الواقعة غرب الموصل، وتفجير عدد من المواقع الداخلية بداخلها، واستمر في هدمها ونسفها حتى النهاية.

تعد هذه القلعة من أقدم المعالم الأثرية الاشورية، حيث كانت مركز عبادة الاله عشتار، وجددها الرومان، ثم الخليفة مروان بن محمد الثاني اخر الخلفاء الأمويين.

وجاء تدمير القلعة بعد أيام، من تفجير الجهة الأمامية من سور نينوي، والذي بناه الاشوريين منذ الالاف السنين.

مدينة خورسيباد

خورسيباد

استطاع التنظيم نقل الاثار والتحف الاثرية الموجودة في مدينة خورسيباد الواقعة في برشيقة شمال الموصل، بعد تدميرها وسرقة تراثها.

مساجد الموصل

مساجد الموصل

تضم الموصل مجموعة ضخمة من المساجد الأثرية، التي لم تسلم من أذي داعش، حيث هدم مسجد السلطان ويس في حي الفاروق، والذي يعد أحد أقدم المساجد، بالإضافة إلى افراغه لعدد من المساجد الأخرى، استعدادا للقضاء عليها، وتحويلها لتراب.

مكتبة وجامعة الموصل:

مكتبة الموصل

حرق التنظيم الاف الكتب والمخطوطات النادرة في مكتبة الموصل، وأكثر من 100 ألف كتاب في محافظة الأنبار، أمام جموع من الأهالي في المدينة الذين حاولوا التصدي لما يفعله عناصر داعش، واقناعهم بالعدول عن قرارهم، إلا أن ذلك لم يثنيهم، بل حرقوا المكتبة، وفجروا قاعة الإعلام والمسرح في جامعة الموصل.

مدينة الحضر:

مدينة الحضر

تحولت مدينة الحضر ،والتي تعود إلى الحقبة الرومانية وضمت عددا من الاثار والتحف والمقتنيات التاريخية، إلى حطام، بعد هجوم داعش عليها، وسرقة اثارها.

متحف نينوى:

ظهر مقطع فيديو أربك العالم أجمع، حيث ظهر مجموعة من الرجال الملتحين في متحف نينوي يستخدمون مطارق وأدوات الحفر، لتدمير عدة تماثيل ضخمة، من بينها تمثال آشوري مجنح يعود تاريخه إلى القرن التاسع قبل الميلاد.

بالإضافة إلى ذلك، هدم التنظيم عددا من الأضرحة، والتي يعتبرها أماكن للكفر، وهناك من زعم أن عناصر التنظيم باعوا مجموعة من التحف الأثرية القديمة في السوق السوداء.

مدينة النمرود:

مدينة النمرود

كما دمر التنظيم مدينة النمرود (كالح) الآشورية، وهذا ما اعتبره اليونسكو، جريمة حرب، حيث أن المدينة تتمتع بمجموعة من الاثار والتحف النادرة، والتي تأسست في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، والواقعة على بعد مدينة الموصل بحوالي 30 ميل.

متحف تدمر:

معبد تدمر

حولت داعش مسرح تدمر من مكان للفن الراقي، ومزار سياحي عالمي، إلى ساحة قتال لتنفيذ الجرائم، بعد هدمهم لأسد اثينا، حيث اغتالوا حوالي 200 شخص داخله.

معبد بعل شمين:
أخر جرائم التنظيم الحضارية، حيث قام بتفجير المعبد الذي يبلغ عمره أكثر من الفين عام، بعد وضع المتفجرات في كل مكان حوله، مما تسبب في انهيار الأعمدة المحيطة به، ودمار الجزء المغلق.

حظر دراسة الاثار:
ولم يتوقف محاولات التنظيم على هدم الاثار فقط، بل منع دراسة الاثار في المناطق التي استولى عليها، بحجة تحريض تلك الدراسات على دراسة الاصنام.

اعدام المدير السابق للآثار:

اعدام مدير الاثارالسابق

قطع تنظيم داعش رأس المدير السابق للآثار في مدينة تدمر الاثرية وسط سوريا، خالد الأسعد، البالغ من العمر 82 عامًا، الذي شغل منصب مدير الاثار منذ عام 1963، وحتى 2003، بتهمة الارتداد، ودعم النظام السوري، وتمثيل بلاده في الكثير من المؤتمرات العالمية.

كان الأسعد أحد أبرز الاثريين في سوريا، حيث تمكن من التحدث وقراءة اللغة التدمرية، والمساعدة على اكتشاف حقيقة الاثار المزورة.

مطرقة داعش:
أكد الباحث الأثري سامح الزهار، المتخصص في الآثار الاسلامية والقبطية، أن العنوان الأنسب لما يحدث في التاريخ والآثار في دول التي تقع تحت سيطرة داعش هو "انهيار التراث بمطرقة داعش وصمت المجتمع الدولي".

وأضاف الزهار في تصريحات لمصراوي أن تنظيم القاعدة وجماعة التكفير والهجرة كانوا يهدمون الآثار أيضا لاعتقادهم أنها ميراث الكفار، وأكبر مثال على ذلك هو هدم تمثال "بوذا" في أفغانستان على يد القاعدة، ولكن الأمر مختلف عند داعش فهم يقومون بهدم الآثار الثابتة، أما الاثار المنقولة يقومون ببيعها.

وأوضح الباحث أن الآثار التي تبيعها تذهب إلى أوروبا وإسرائيل، ثم تنتقل لقطر، لكي تباع هناك، أو تعرض في متحف قطر الإسلامي، وسط صمت رهيب من المجتمع الدولي واليونسكو الذي يخرج بتصريحات الشجب والإدانة.

وأشار الزهار إلى أن تجاهل الإعلام الحديث عن مقتل عالم الآثار السوري، خالد الأسعد، يعد مؤشرًا خطيرًا، مطالبًا بتكريمه دوليا وعالميا بسبب ما فعله بعدم الإفصاح عن مكان الآثار الذهبية، بالإضافة لما قدمه من علم للآثريين.

وطالب الزهار بتدشين ميثاق دولي يجمع دول العالم وخاصة الدول التي تهتم بالآثار لوقف الاتجار بالآثار واسترجاع الآثار التي ثبت أنها مهربة أو تخص دولة من الدول، كما دعا إلى وقف العلاقات الثقافية بين مصر وقطر، لأنها تشتري الآثار، وهذا يؤذي الدول الأخرى وليس مصر فقط، كما حذر من دعوة إيران لاستضافة الآثار الدول التي تعاني من عدم الاستقرار الأمني فهذا الآثار لن ترجع مرة أخري لبلادها إذا ذهبت لإيران.

واقترح الزهار إنشاء لجنة استشارية عليا تضم عدد من خبراء الآثار في الشرق الأوسط وهدفها الحفاظ على الآثار في الدولة غير المستقرة أمنيا.

مطالب وحلول
ومن جانبه أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مقرر إعلام الاتحاد العام للآثاريين العرب، أن حماية الآثار مسؤولية جماعية ومن هذا المنطلق تعامل معها المسلمون وحافظوا عليها وتأثروا بعمارتها وأثروا فيها مما ساهم في ازدهار الحضارة الإسلامية القائمة على احترام الفكر، والحضارة الإنسانية، وقد دعا القرآن الكريم إلى السير في الأرض لزيارة هذه الآثار للعظة والاعتبار كما ذكرت كلمة آثار نصاُ في الآية 82 سورة غافر "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا".

وأضاف ريحان بأن الآثار بأنواعها ذٌكرت في القرآن الكريم ومنها الآثار الحربية من حصون وقلاع، فقد ذكرت البروج المشيدة وكذلك نحت أصحاب الحجر "ثمود" قوم نبي الله صالح للجبال بيوتاً، ومساكنهم مشهورة بين الحجاز والشام إلى وادى القرى وما حوله وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ديارهم ومساكنهم وهو ذاهب إلى تبوك كما ذكرت العمارة المدنية السكنية وكيف تتوارثها الحضارات في القرآن الكريم، الذي ذكر أيضا الآثار القائمة والآثار المندثرة.

وعن أما عن دور اتحاد الآثاريين العرب حول ما يحدث في الآثار التي تقع تحت قبضة تنظيم داعش، وما وقع مؤخرا في تدمر وقتل للعلماء الآثار، قال ريحان أن الآثاريين العرب منظمة علمية بحثية تعقد مؤتمرها السنوي وتصدر توصيات ترسلها لجامعة الدول العربية، وليس لها أي سلطة سياسية لتنفيذها والتنفيذ يقع على عاتق الوزارات المعنية بالآثار والتراث بالوطن العربي.

وقال أصدر الاتحاد توصيات حذرت من دمار آثار سوريا، وطالب بحمايتها، ووضع الاتحاد حلولا ذلك.

وطالب ريحان باجتماع عاجل على مستوى وزراء الآثار تحت رعاية جامعة الدول العربية بمشاركة الاتحاد العام للآثاريين العرب وممثلين عن اليونسكو والإليكسو، ووضع حلول جذرية واتخاذ قرارات واضحة المعالم لحماية الآثار بالدول العربية من التدمير والنهب المستمر.

كما طالب بالاتفاق بين وزرا ء الآثار على التقدم رسمياً عن طريق إدارة الملكية الفكرية والتنافسية بقطاع الشؤون الاقتصادية بجامعة الدول العربية، وللمنظمة العالمية للملكية الفكرية "الويبو" لوضع الآثار كبند رئيسي ضمن الاتفاقيات الدولية لحماية الملكية الفكرية والتي تتجاهل الآثار تماماً في تعريفها للملكية الفكرية.

وتعرف الاتفاقات الدولية الملكية الفكرية على أنها "خلاصة الإبداع الفكري من اختراعات ومصنفات أدبية وفنية ومن رموز وأسماء وصور وتصاميم مستخدمة في التجارة".

وقال ريحان إنه وفق هذا فلا ينطبق على الآثار هذا التعريف، إلا إذا اعترفت الدولة بأنه مصنف فني، وعلى اليونسكو أن تستحدث اتفاقيات جديدة لحماية التراث وكذلك تعديل قوانين الآثار بالدول العربية لتتضمن عقوبات رادعة لأعمال التدمير والسرقة والتهريب والتعدي والتشويه للآثار".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان