لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"جسور" شاب سوري يقدم حلا لمشاكل اندماج اللاجئين في أوروبا (حوار)

06:16 م الثلاثاء 29 نوفمبر 2016

اللاجئين في أوروبا

كتبت- إشراق أحمد:

بين نحو 39 ألف سوري لجأوا إلى ألمانيا عام 2014 كان قتيبة زرزور. بخلاف رحلة الوصول، تزيد هموم اللاجئ بالإقامة في البلد الجديد. ذاق الشاب من كأس معاناة اللاجئين إلى أوروبا، وجد أنه لا بديل عن الانخراط، بحث سبيل ذلك مع صعوبة الفهم المتبادل بين الوافدين الجدد وأهل بلد اللجوء، إلى أن توصل ابن مدينة أدب لحل، فعمل على إنشاء موقع الكتروني يتيح التواصل بين اللاجئين والسكان المحليين والمنظمات الأوروبية المهتمة.

"جسور" الاسم الذي اتخذه قتيبة وناتالي، فتاة نمساوية تعمل في مجال دعم اللاجئين في فينيا، ويُعرف الشاب العشريني المشروع بأنه أول منصة إلكترونية، سيتم إطلاقها أول العام القادم بعدة لغات في النمسا وألمانيا أولا، ثم بقية الدول الأوروبية، وتعمل على توفير أدوات مساعدة لمن يتواجد في دائرة مجتمع اللاجئين "بحيث في مكان واحد يستطيع الجميع الوصول إلى تقديم حلول ومواجهة التحديات" كما قال "قتيبة".


في بلد اللجوء كل شيء تغلفه المشقة، اللغة عائق الوافد الجديد، والانعزال أقسى ما يلاقي، الأيام تمر ولا بديل عن المكوث بين جدران غرفة صماء. النفس تتوق لعودة الحياة لكن الأيدي يقيدها الجهل بقوانين المجتمع الجديد، وتعاملات أهله ومعرفة أبواب العمل به. اكتئاب وشعور بالضياع تملك من قتيبة لشهور، قبل أن يكسر تلك الحالة بالتطوع في منظمة غير حكومية، بالتزامن مع تعلم اللغة الألمانية، حينها لمس مشاركته لمعاناة جميع اللاجئين وليس فقط السوريين.

أشياء بسيطة تتحول إلى أزمة للسكان الجدد كما أوضح "قتيبة"؛ في ألمانيا أو النمسا، على سبيل المثال، عند الانتقال إلى مسكن خاص، يتم تسجيل الشخص أو المنزل تلقائيا في خدمة الإذاعة والتليفزيون، ثم إرسال خطاب بأنه يتعين تسديد الفاتورة الشهرية عبر حساب بنك الشركة، وطالما لم يلغِ الشخص الخدمة تظل سارية، وتتراكم الأموال المطلوب تسديدها كما حدث مع قتيبة "لم أكترث للرسائل الكثيرة لأني لم أتوقع أن يتم تسجيلي في خدمة لم أطلبها.. وكنت فقط أقوم بطلب المساعدة في الترجمة عند استلامي رسالة من المحكمة أو دائرة حكومية".

1

ولأن اللغة عقبة اللاجئ الأولى، وقد يستغرق إتقانها سنوات، في ظل الأوضاع العصيبة التي يمر بها، لهذا وضع "قتيبة" الخطة مع فريق جسور على أن تستهدف البداية جميع اللاجئين المتحدثين للغة العربية، الفارسية والانجليزية، فضلا عن الألمانية، ويتيح ذلك انتماء أعضاء الفريق لـ12 دولة مختلفة.

أربعة أقسام يتضمنها موقع جسور. أحدها للمعلومات: يوفر ما يحتاج اللاجئ معرفته بلغته عن البلد المقيم به، من مدارس ومستشفيات، وسكن ومنافذ غذاء، ويتيح خاصية طرح الأسئلة، وإجابة الأعضاء الأخرون عليها والتصويت على الاقتراح الأكثر دقة "وهذا يساعد على بناء مخزون كبير من المعلومات التي يحتاجها الجدد" حسبما قال "قتيبة".

هناك أيضا قسم الفاعليات، الذي يحتوي ما يقوم به الفريق من أنشطة بكل مدينة، لكي يستطيع اللاجئون الالتقاء بسكان البلد المحليين. وكذلك قسم التطوع، ما يتوفر فيه إمكانية إعلان المنظمات عن طلب المساعدة من الأعضاء بالشبكة، وأخيرا قسم العمل، القائم على ربط المنظمات والشركات بمجتمع "جسور" وبالتالي تسهيل البحث عن مصدر رزق للاجئين.

2

أعداد اللاجئين تزداد، في سبتمبر من العام 2015 توافدت أفواج من اليونان لبقية دول أوروبا، تكدست الحدود، مقابل عجز الحكومات عن إيجاد حل، فيما اندفع المتطوعون بالمنظمات الأوروبية إلى المناطق الحدودية لمساعدة العالقين.

كان قد مضى عام على إقامة قتيبة بألمانيا، في الوقت الذي أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن مليون لاجئ عبروا إلى أوروبا عام 2015، 49% منهم سوريين. هرول الشاب العشريني إلى الحدود الكراوتية-الصربية لمد يد المعاونة لأبناء بلده ولو بالمساعدة في الترجمة، وهناك كون صداقات مع العديد من المتطوعين في مجال الاهتمام باللاجئين، ومنهم "ناتالي" التي شاركته تأسيس جسور.

مع مطلع العام الحالي، بدأ التواصل اليومي بين أعضاء الفريق، البالغ عددهم 28 شخص. قال "قتيبة" إنهم أطلقوا الفكرة على شبكات التواصل والموقع الخاص بـ"جسور". تتبعوا لمس التفاعل، وتواصلوا مع الأطراف المعنية، فمن خلال شبكة المعارف الشخصية تواصلوا مع العديد من المنظمات، للوقوف على المشاكل التي تواجههم أثناء مساعدة اللاجئين وحلولهم المقترحة، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي وصلوا إلى اللاجئين والسكان المحليين للتعرف إن كانت جسور تستطيع تقديم الحلول التي يحتاجونها.

"هدفي الأساسي أن أقوم بمساعدة الأخرين ليس فقط لأنني لاجئ لكن لأن طموحي يتخطى إنجاز شخصي" كذلك أوضح مؤسس جسور سبب سعيه لإطلاق الموقع الإلكتروني، مضيفا أن المشاكل لا تواجه اللاجئين فقط، فسكان دول أوروبا والمنظمات مكبلون بالتحديات، سواء بخوف البعض من اللاجئين، أو أثناء محاولة دعمهم من صعوبة الوصول إليهم ومعرفة احتياجاتهم.

3

عمل قتيبة في مجال إدارة المشروعات سهل مهمته. قبل أن يبدأ رحلته كلاجئ عام 2012 اعتاد ابن مدينة أدلب تقديم المساعدة، فبالسابق ترك عمله في أبو ظبي وعاد لسوريا، قبل أن يغادرها بعد 6 أشهر، قاصدا تركيا، ليقيم مدة عام ونصف، لم ينقطع فيها عن زيارة موطنه كلما أمكن لتقديم العون، لكن صعوبة الحياة "لأن أصحاب العمل يحاولون استغلال السوريين"، جعله يمضي في رحلة شاقة استمرت 6 أشهر حتى الوصول إلى ألمانيا، تعرض فيها للسجن بطريقة غير قانونية هو وشقيقه وبعض أصدقائه، لمدة 3 أشهر في مقدونيا، قبل أن يُكمل الطريق إلى صربيا ثم هنغاريا وأخيرا مستقره الآن.

يؤمن قتيبة أن جسور ستساهم بشكل كبير في مساعدة اللاجئين بمختلف المدة الأوروبية، لا سيما مع علو نبرة التطرف والتوتر ضد اللاجئين، بعد العمليات الإرهابية التي شهدتها مدن أوروبا بالفترة الأخيرة، معتبرا أن الحاجة "لبناء جسور تواصل" باتت أكثر من أي وقت مضى، ولهذا يواصل الحديث عن الفكرة، يرهقه محاولة إقناع الجهات الحكومية والصحافة، لكنه يجد العزاء بسهولة وصول الأمر إلى اللاجئين والسكان المحليين والمنظمات خاصة محدودة الدعم أو الصغيرة "فهي الأكثر فاعلية وتأثيرا" حسب وصفه.

ينطلق موقع جسور بشكل فعلي بعد شهور قليلة، يتمنى قتيبة أن يصبح "الشبكة الأولى" التي يستخدمها اللاجئ لإيجاد كل ما يحتاجه، وأن يكون المكان الأول للسكان المحليين والمهتمين بالتواصل مع اللاجئين، في الوقت الذي تتزايد فيه أعداد العابرين إلى أوروبا ويتوقع معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أن يبلغ العدد عام 2016 نحو مليوني لاجئ.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان