لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مصور مقتل "شيماء الصباغ".. مشوار أوله "ثورة" وأخره "انسحاب إجباري"

07:03 م الثلاثاء 24 يناير 2017

مقتل شيماء الصباغ

كتب- محمد مهدي ومحمد زكريا:

حينما كان "إسلام أسامة" يندفع بين الجموع في ميدان التحرير منذ 6 سنوات، هاتفًا ضمن الآلاف "يسقط النظام"، موثقًا ما يدور بكاميرا هاتفه المحمول، لم يكن يعلم أن القدر سيدفعه إلى مسارات لم يُخطط لها، بانضمامه لعالم التصوير الصحفي، إذ عايشّ سنوات ما بعد الثورة من خلال كاميرته، يحفظ التاريخ عبر عدسته، لكنه رغم إنجازاته في سنوات قليلة ترَجّل عن الرَكب دون رجعة بعد عام ونصف من التقاط صورته الأشهر لمقتل شيماء الصباغ "مفيش أمل ولا مستقبل في الشغلانة، الوضع مختلف عن اللي اتصورته وقت الثورة" يقولها أسامة بأسى.

منذ نحو 6 أشهر، كان على "أسامة" التواجد بمقر عمله بإحدى الصُحف الخاصة، لكنه لم يتحرك من غرفته لساعات، فكرة ترك المهنة تدور في عقله خلال الأشهر الماضية تضغط على أعصابه، رغم حصوله على 9 جوائز صحفية خلال العامين الماضيين "منهم 3 من نقابة الصحفيين، وخدت أكتر من جايزة على صورة شيماء" قبل أن يتحرك إلى جريدته عازمًا النية على إبلاغهم بقرار استقالته "بقى نزولي للشارع بالكاميرا كابوس، مبقتش قادر أكمل تصوير".

0

في الطريق إلى جريدته، مرّ مشواره القصير أمام عينيه، بدايته من ميدان التحرير في ثورة يناير "كنت قبلها بشتغل مندوب مبيعات ومرة كاشير"، لكن الثورة "بَدلت حياتي 180 درجة، عرفت يعني إيه بلد وسياسية وقيمة حاجة اسمها التصوير". نصحه صديق حينذاك بشراء كاميرا "أول واحدة كانت بـ 4 تلاف جنيه" بعدها احترف التصوير الصحفي.

وضع بصمته الأولى في طريقه -بحسب تعبيره- خلال المناوشات التي وقعت بين أنصار جماعة الإخوان المسلمين ونشطاء في اعتصام وزارة الثقافة 2013 "طلعت بصورة رشا عزب وهي بتضرب أحمد المُغير". انتشرت الصورة ليلتها ومهدّت لخطوته الجديدة بالانضمام إلى إحدى الصحف الكبرى بمصر.

____-1

الحياة لم تكن مثالية في طريق "أسامة"، كثيرًا ما تعرض لمضايقات من الأمن، لكن الاستقطاب السياسي عقب الثالث من يوليو دفع الجميع إلى الجنون -وفق تعبيره- زادت وطأته بعد فض "رابعة والنهضة"، إذ تعرض للاعتداء من قِبل أنصار الإخوان المسلمين خلال تغطية إحدى مظاهراتهم "أتعورت وأتبهدلت، بقوا الناس في المسيرة يقولولي صور الأمن متصورناش إحنا" يذكرها بينما يتحسس موضع الإصابة في يديه وقدمه.

مع الوقت زادت الضغوط، مصر تموج بالأحداث، صارت قوات الشرطة أكثر شراسة من ذي قَبل "بقيت المعاملة وحشة طول الوقت"، بات القلق رفيقه كلما همّ باتمام عمله في التغطيات الميدانية "فيه ناس تفتكر إن الأمن لما يعاملني بأسلوب مُهين مش أزمة.. بس كان بيفرق معايا طبعًا"، حتى جرى الحادث الأبرز في مسيرته.

____-2

في 23 يناير 2015 وثق "أسامة" اعتداء الأمن على مسيرة حزب التحالف الاشتراكي، غير أن تلك الواقعة لم تمر بسرعة التقاط العدسة للحظة مقتل "شيماء الصباغ" أمينة الحزب، إذ يعاني الشاب العشريني من تبعاتِها حتى اللحظة "ليها عامل كبير إني أسيب الصحافة".

انتشرت صورته للحادث، بات شاهد رئيسي على الجريمة، لتطلّ المخاوف حول أمانه الشخصي "خالد علي قالي متبتش في البيت، عشان ممكن الشرطة تقتحمه وتاخدك في أي وقت"، هو ما أجبره على قضاء 48 ساعة خارج منزله، وبعد نحو شهر فوجيء بوصول استدعاء من النيابة للمثول أمام المحكمة.

____-3

مدة عامين، حاوطت قضية الصباغ ابن محافظة المنصورة "جالي استدعا 4 مرات للشهادة في المحكمة، ولسة القضية شغالة"، أثر ذلك في عزيمته تجاه مهنته، تعامل مع الأمر بالتجاهل أحيانًا والإجازات في أوقات أخرى "قولت يمكن محتاج راحة.. بس كنت كل ما ببعد بحس إني فعلًا لازم أسيب الصحافة".

المعركة الدائرة داخله ألقت بظلالها على أدائه في العمل "المصور اللي مفروض يطلع صورة فنية لما يكون قرفان مش هيطلع حاجة حلوة"، حاول القفز على تلك الحالة بالعقل والحسابات المنطقية، لكن واقعة جديدة زادت من غضبه تجاه عمله في 15 إبريل الماضي بعد توقيع اتفاقية "تيران وصنافير" مع السعودية.

أمام نقابة الصحفيين نظّم عدد من الشباب وقفة "جمعة الأرض"، كُلف "أسامة" بتغطيتها لكن سرعان ما تدخلت الشرطة لفضها "كان فيه ظابط بيجري المتظاهرين قداموا زي الخرفان"، بينما استكمل سيره في ثقة "الظابط اضايق، إزاي أنا مجرتش منه" من أجل ذلك ناله قسط من "الضرب والشلاليط من الظباط والعساكر" كما يروي، قبل أن يتخلص من قبضتهم بعد تدخل عدد من أعضاء مجلس النقابة "النقابة بتبذل كل طاقتها بس الظروف في البلد عليا وعليهم.. هما مش أصحاب قرار".

بعدها بساعة واحدة، توجه "أسامة" إلى الضباط المسؤولين عن تأمين محيط النقابة، طالبهم بالإفراج عن زميل صحفي تم اقتياده إلى إحدى عربات الشرطة "بالغلط"، صدمه أحدهم بضربة بـ"عصاية على دماغي، فضلت وارمة فترة طويلة"، لكنه صمم على اصطحاب صديقه المُحتجز "كنت خايف يبقى مصيره زي شوكان ولا عمر عبد المقصود"، لكن في النهاية نجح إصرار الشاب العشريني على دفع قوات الأمن بإطلاق سراح رفيق المهنة.

____-4

في الأول من مايو الماضي، وصله خبر اقتحام قوات الأمن لمقر نقابة الصحفيين "حسيت إن حتى بيتي اللي هو النقابة مبقاش أمان"، وقتها غلبه التفكير بهجر الحياة الصحفية.

انقطع سيل الذكريات بينما يدلف إلى جريدته، أعلن استقالته، حاول أصدقائه إثنائه عن ذلك، لكنه تمسك بقراره "مبقاش فيه أمل بسبب قفل المجال العام ومضايقات الشارع، مفيش قيمة للمصور الصحفي"، وفق تعبيره.

للابتعاد عن الضغوط سافر الشاب إلى المنصورة فور ترك مهنته "قررت أشتغل في تصوير الأطعمة" اندمج في تلك التجربة، ومن حين لآخر يُعلن عن أعماله الجديدة، وكلما لوح له الأصدقاء بالعودة يؤكد أنه ولى ظهره نحو الماضي إلى الأبد.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان