نعيمة عاكف..''لهاليبو'' السينما المصرية التي أطفأ السرطان توهجها
كتبت- منى الموجي:
''لهاليبو يا ولا أهي جت لك يا ولا.. لعبية يا ولا وشقية يا ولا.. هاجنن حتتي لو أميل ويا الهوا.. وأداوي برقصتي مجاريح ملهاش دوا.. وأجيبك يا ولا لغرام بنت البلد''، هي أشقى فتاة استعراض عرفتها السينما المصرية، فرغم عمرها الفني الذي لم يتجاوز 15 عام، قدمت خلالهم حوالي 25 فيلم فقط، لا يزال الجمهور العربي يتذكرها ويشاهدها في كل مرة بنفس الشغف والشوق لمشاهدة هذا الوهج الذي لا ينطفأ في شقاوة ورقصات الفنانة الشاملة نعيمة عاكف.
علقة ساخنة
نعيمة عاكف هي نجمة في سماء الفن، والنجوم لا ينطفئ بريقها ربما تأتي عليها سحب وغيوم تحجب عنا رؤيتها لكنها تظل متوهجة لامعة تحمل بريق لا تخطأه العين، ولدت نعيمة في طنطا عام 1929 لأسرة لم تكن بعيدة يوما عن عالم الفن، حيث امتلك والدها سيرك جاب به القرى، فعاشت بين الحركات البهلوانية وفن الأكروبات الذي اتقنته نعيمة في بضعة أيام على يد والدها.
وبات لنعيمة دور هام في فقرات السيرك، وبدأت تشعر هي بذلك فهددت والدها وعمرها وقتها لم يتجاوز السادسة بالهروب من السيرك، والبحث عن سيرك آخر يدفع لها راتب يومي إذا لم يفعل هو ذلك، فما كان من والدها إلا أنه أعطاها ''علقة ساخنة'' لم تزد الطفلة الشقية إلا عنادا فجمعت ملابسها وفرت من السيرك، إلا أن أهالي القرية أعادوها مرة أخرى ليرضخ لطلبها والدها ويمنحها راتبا يوميا يصل لقرشين في أيام العمل، وقرش واحد في الإجازات.
عروسة ''شيكابوم''
حرصت والدتها على مكافأتها من وقت لآخر بمنحها الهدايا التي كانت دائما عرائس، التي عشقتها نعيمة فكانت تدخر راتبها لتشتري لنفسها العرائس، أما عروستها ''الشيكابوم'' فحصلت عليها من أحد متفرجي السيرك، وهو شخص من ذوي الأملاك في الأرياف، كان متابعا للفتاة الصغيرة ومعجبا بفقرتها فيأتي كل يوم لمشاهدتها، وأراد أن يكافئها فأرسل خادمته تحمل لها هدية لم تستطع نعيمة أن ترفضها، حيث كانت عبارة عن عروسة لها خمسة مفاتيح كل مفتاح يحمل موسيقى شرقية ترقص عليها العروسة رقصة متختلفة، ومن هنا بدأت نعيمة تعشق الرقص الشرقي، وتتدرب كل يوم على الحركات التي تؤديها هذه العروسة، واختارت أن تطلق على عروستها اسم ''شيكابوم'' وهو الجزء الثاني من اسم راقصة شهيرة في ذلك الوقت اسمها ''سنية شيكابوم''.
''لهاليبو''
وبعد انفصال والديها اصطحبتها والدتها ومعها شقيقاتها إلى القاهرة، ليسكن شارع محمد علي، وينتقلن من عالم السيرك إلى عالم الملاهي الليلية، عملت نعيمة في فرقة علي الكسار، وسرعان ما اختفطتها الراقصة ذائعة الصيت بديعة مصابني لتضمها إلى صالتها، وتتعرف نعيمة هناك على ''الكلاكيت'' الذي أجادته دون معلم، ثم انتقلت لملهى ''الكيت كات''.
وفي عام 1945عرفت نعيمة طريقها إلى السينما، فقدمها المخرج أحمد كامل مرسي في فيلم ''ست البيت''؛ لتشارك برقصة ضمن أحداث الفيلم، لتبدأ مرحلة جديدة في حياتها الفنية، ويظهر في حياتها مكتشفها والذي تزوجها فيما بعد المخرج حسين فوزي، فاستطاع أن يوظف مواهبها وقدرتها على الغناء والرقص والتمثيل، وتمتعها بخفة ظل غير عادية فمنحها دور البطولة في فيلم ''لهاليبو'' وفيلم ''العيش والملح'' وذلك عام 1949؛ ليكونا سويا ثنائي فني وتزوجا عام 1953 وانفصلا بعد عدة سنوات قدما خلالها أشهر وأجمل أفلام نعيمة عاكف، كان أخرها فيلم ''أحبك يا حسن''، ويرى كثيرون أن الإثنين خسرا بطلاقهما على المستوى الفني، حيث انفصلا فنيا فخسرت نعيمة أفضل من استطاع توظيف مواهبها وخسر حسين فنانة شاملة تتمتع بخفة ظل ورشاقة وقدرة على الغناء والتمثيل وتقديم الرقصات الشعبية وحركات الكلاكيت والأكروبات، أدءا وتصميما.
حصلت نعيمة عاكف علي لقب أحسن راقصة في العالم من مهرجان الشباب العالمي بموسكو عام 1958.
صراع مع المرض
لم تنجب نعيمة سوى طفل واحد من زيجتها الثانية من المحاسب القانوني صلاح الدين عبد العليم، وشهدت الفترة الأخيرة في حياتها الفنية منذ عام 1985 وحتى 1964 تراجعا في عدد الأفلام التي قدمتها، وفي طبيعة الأدوار التي تقدمها، فشاركت في أكثر من فيلم بأدوار هامشية من بينها فيلم ''أمير الدهاء''، أما أخر أفلامها فكان فيلم ''من أجل حنفي'' وفيلم ''الحقيبة السوداء''، وتوفيت نعيمة في 23 أبريل عام 1966 لترحل عن عالمنا عن عمر يناهز 36 عاما، بعد صراع مع مرض السرطان.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: