نور الشريف.. أثر المبدع يبقى
كتبت- منى الموجي:
يعيش الإنسان سنوات عمره باحثا عن العناصر التي يحقق بها حلمه، ينتقل من مرحلة لمرحلة، يطرق أبواب بعضها يظل موصد لسنوات، فيصبح أمام خيارين إما أن يترك اليأس يتمكن منه ، أو يعود ليطرق مجددا بدافع من الأمل والمثابرة على بلوغ الحلم، هكذا يكون المبدع يخلق من الفشل والألم إبداع يصبغ عليه صفة الخلود، ومع انتهاء حياة البشر برحيلهم إلى العالم الآخر، يُفنى البعض وكأن أقدامهم لم تطأ هذه الأرض يوما، بينما المبدعون ومن يتركون أثرا في دنيانا يستحيل رحيلهم، بل تظل ذكراهم عطر دائم ، والفنان نور الشريف الذي تمر اليوم الخميس 11 أغسطس الذكرى الأولى على وفاته، من بين هؤلاء.
ما يقرب من نصف قرن ظل التمثيل هو الهواء الذي يستنشقه نور ، حتى في أحلك الظروف التي كان يمر بها، خاصة مع معاناته من المرض في الفترة الأخيرة من حياته، ظل يفكر ويخطط يقرأ ويبحث عما يجب أن يقدمه للجمهور الذي ينتظر إطلالات تليق باسم وتاريخ نجم بحجم نور الشريف .
وأكد الأديب نجيب محفوظ عندما سُئل عن نور بطل معظم الأعمال الفنية المأخوذة عن نصوصه الأدبية، أنه بارع في التخلص من ذاته وارتداء ثوب الشخصية التي يؤديها، "نور الشريف حينما يمثل لا يكون ذاته وإنما يكون الشخصية التى رسمتها، والحقيقة أنه مثل لي روايات عديدة ودخل فى نسيج العديد من رواياتي مثل قصر الشوق ، السكرية ، السراب ، الكرنك ، أهل القمة ، والشيطان يعظ ، وغيرها لكن إذا بحثت عن شخصيته الأصلية لا تجدينها".
ويحكي نجيب كيف كان رأى أول لقاء جمع بين نور وشخصية من شخصيات رواياته ، حيث تم اللقاء عن طريق مخرج الروائع حسن الإمام الذي أسند للشاب الجديد آنذاك دور "كمال عبدالجواد" في " قصر الشوق "، موضحا "كان أهم ما يعنيني أن يجسد الخيال كما صورته تماما وفعلا جسده أجمل تجسيد وأحسست بالتوحد، فهو يتجسد لي في كل شخصية بقدرة كبيرة، لكنني تعجبت جدا حينما رأيته يجسد شخصيات أبعد ما تكون عن شخصية كمال عبد الجواد مثل دور زعتر النوري فى أهل القمة و دور شطا في الشيطان يعظ ، وحينما أخبروني أنه سيمثل أهل القمة فرحت وقلقت، فرحت لكونه نجما وفنانا كبيرا، وقلقت لأن الدور بعيد عن مكوناته، لكنه نجح نجاحا دل على مرونة فنية، ولذلك أكون سعيدا جدا حينما أعلم أنه سيمثل رواية لي".
لن يستطع الغياب أن يُنسي الجمهور فنان بحجم نور الشريف ، ضم تاريخه أعمال ذات قيمة فنية حقيقية تجعلها صالحة للعرض في كل زمان ومكان ، لأن أثر المبدع يبقى.
فيديو قد يعجبك: