لماذا اعتبر جلال الشرقاوي "مدرسة المشاغبين" مسرحية سياسية؟
كتب- محمد مهدي:
في السبعينيات أراد المنتج الفني الشهير سمير خفاجي تقديم عرض مسرحي غير مسبوق حشد من أجله جميع العناصر الفنية المميزة، استعان بالمخرج الكبير جلال الشرقاوي والمؤلف علي سالم لتحويل تجربة من تأليف الفرنسي "روجيه فريدمان" إلى نص بديع فضلا عن مشاركة نجوم كبار بحجم عبدالمنعم مدبولي وسهير البابلي ومجموعة من الشباب حينذاك مثل عادل إمام وسعيد صالح وأحمد زكي ليتحول العمل إلى أيقونة في الفن المصري والعربي.
منذ الوهلة الأولى كان للشرقاوي نظرة خاصة ورؤية مختلفة عن "مدرسة المشاغبين" ربما لم يقدر على استيعابها باقي أفراد العمل، يتذكر في إحدى لقاءاته التليفزيونية كيف اعترض عادل إمام على دوره بعد البروفة الأولى "قالي الدور دا لايق على شكري سرحان، لأنه دراما مش كوميديا" وبعد نقاش سريع اتفقا على الانتظار حتى مرور أسبوع من الجلسات التحضيرية للمسرحية "بعدها جيه اعتذرلي وقالي أنا كنت فاهم غلط" حيث اتضحت أكثر طبيعة الشخصيات والاحتفاظ بمساحة من الضحك المناسبة بجانب رسالة المسرحية الجادة.
نجاح ساحق للمسرحية ارتفع إلى عنان السماء، العمل تحول إلى حديث الشارع المصري، تكالب يومي على الذهاب إلى المسرح، طوابير ضخمة أمام شباك التذاكر، الجميع يحفظ "الإفيهات" ورغم ذلك يأتي الناس من كل مكان لرؤيتها، حتى أن مسرحية المشاغبين جرى عرضها في التليفزيون ثم إعادة إنتاجها مرة ثانية في الثمانينيات بنفس الأبطال، فيما كان يرى الشرقاوي أن الفضل الأكبر في هذا الإنجاز إلى مضمون النص المسرحي وما يحتويه من أفكار هامة لم يصل بعضها إلى الجمهور بسبب الأبطال.
كان الاتفاق واضحا، لا خروج عن النص، الالتزام بالمتفق عليه في البروفات، لكن الشرقاوي فوجيء بنجومه يميلون إلى الارتجال في العروض أمام الجمهور، حاول كثيرا منعهم لكن محاولته باءت بالفشل "كانوا بيحطوا نادورجي على أول الشارع في المسرح، لما يعرفوا إني جاي ميقولوش الإيفهات، ولما أغيب يقولوها" من بينها الافيه الشهير الخاص بـ"لغاليغه، أنا رفضته طبعا" يعتقد المخرج الراحل أن أبطاله "أساءوا إلى مضمون ومفهوم المسرحية السياسي والاجتماعي، زودوا حجم المشاغبة من خلال القفشات ودا خلاهم مغرورين شوية".
فكرة المسرحية في الأساس، وفقا للشرقاوي، تعتمد على "الصراع بين السلطة والشعب، الشباب بيمثلوا الناس، والأبهات وناظر المدرسة بيمثلوا السلطة، وإزاي العلم والحب من خلال أبلة عفت (سهير البابلي) اللي حاصلة على الدكتوراه في التربية وعلم النفس يفض الاشتباك ما بينهم" يُدلل على ذلك مشهد النهاية في وداع المعلمة وكيف يدرك الجميع أن هؤلاء الشباب يحاولون التغير والعودة إلى نقطة الصواب بسبب وجودها وحضورها بالغ الأهمية.
سعى الشرقاوي على مدار فترة تواجده على رأس المنظومة في مدرسة المشاغبين على عدم ابتعاد العمل عن الرؤية الأساسية لكن أبطال العمل تحدثوا في لقاءات تليفزيونية عديدة عن الارتجال أثناء التواجد أمام الجمهور، من بينهم سعيد صالح "كان فيه تواصل إنساني على المسرح بينا كممثلين ودا بيطلع مننا الضحك" فضلا عن يونس شلبي الذي أوضح أن المسرحية تغيرت عدة مرات على مدار سنوات "كل الممثلين كانوا بيغيروا في النص" خاصة بعد عرضها في التليفزيون فيما يؤكد المخرج الراحل عدم إشرافه على النسخة التي خرجت للناس عبر الشاشات "أنا مصورتهاش".
فيديو قد يعجبك: