الزاحف الليلي.. كيف تفضح الإعلام بفيلم؟
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
كتبت – يسرا سلامة:
فيلم الزاحف الليلي أو Nightcrawler، واحد من أفلام هوليود المرشحة إلى جوائز الأوسكار في فئة السيناريو، ربما لم يرشح للعديد من الجوائز، لكنه وفقا لأحد الكتاب السينمائي "من الجريمة ألا يحصل بطله "جاك جلينهال" على أوسكار أفضل ممثل"، الذي يجسد شخصية بطل عادي، بخلاف معظم ما تنتجه هوليود من أبطال خارقين، لشدة إتقان للدور لا تتخيل معها كم هو صادقا في الأداء إلى هذا الحد.
"لويس" الشخصية التي قام بها "جلنجال" هو لص، يسرق الحديد من الشوارع العامة ويبيعه لأحد المصانع، ويسرق شرطي يسأله عن هويته، يقرر أن يكون شخصا محترما ويكسب دون خشية رجال الشرطة في الظلام، لكن الزاحف في الظلام يواجه بالرفض من صاحب المصنع الذي يشتري منه الحديد قائلا له "لن أوظف لصا"، ليبدأ بالمصادفة أن يكون إعلاميا حرا، يرى في أحد الوقائع عربة تلفاز متنقلة تلهث لتصوير أحد الحوادث على الطريق، دون أي مساعدة للضحية، فقط يصورون الحادثة لبثها وبيع الشرائط للقنوات بحسب العروض، ليشتري كاميرته ويبدأ في التصوير.
يقرر "لويس" أن يبدأ بنفسه، يسرق عجلة ليشتري كاميرا، تتوالى الأحداث، يتعاقد مع إحدى القنوات لتصويره سبقا إعلاميا، يستأجر أحد الشبان، يعملان معا، يعرفون الحوادث من جهاز تسجيل متواجد في أمريكا يبث النداءات اللاسلكية لرجال الشرطة، يصبح "لويس" في تحدي مع رجال المهنة المتمرسين في البحث عن قضايا الجرائم والقتل.
الفيلم الذي كتبه وأخرجه "دان جيلوري" لم يخرج فيلما مبدعا فحسب، وإنما كاشفا عن ذلك الوجه الخفي من صناعة الإعلام، ليس في أمريكا وحدها، لكنه في الكرة الأرضية، الصراع على السبق، الدماء التي تباع بالدولارات في أشرطة تلفزيونية، اللهاث وراء الجرائم لتصويرها وأن تصبح قصص رئيسية في نشرات الصباح، يصفق لها منتجو الأخبار، فقط لإنها ستضخ لهم مزيدا من الإعلانات، حتى وإن كانت المشاهد دموية مفرطة، فهذا لا يهم مادام بـ"تحذير" على الشاشة، لا خصوصية، لا حرمة للجثث، مادام يجلب مزيدا من المشاهدة، وكما قال أحدهم له "طالما تنزف، فذلك يصنع الخبر".
يصبح "لويس" البطل في كل حادثة أجرأ، كالفأر يجري وراء الحوادث، ومتحولا لقبول تصوير العنف والدم، يزيد نجاحه، مما يعطينا كمشاهدين حيرة من أمرنا، هل نفرح لتطور البطل وكونه شخصا ناجحا يربح بدلا من السرقة وبتعلم وحده كيف يصبح إعلاميا دون الطريق التقليدي لذلك، أم نحزن لأنه أصبح أقل إنسانية أمام الجثث، هذا ما ستكشفه الحادثة الأخيرة، الذي وصل فيها "لويس" إلى موقع الحادث ولا يزال الجناة يقتلون الضحايا، صورهم دون معرفتهم، لكنه رفض الافصاح عن هويتهم للشرطة، ليس من أجل ابتزازهم، لكن من أجل صناعة جريمة بهم، يتحكم هو في الجناة ويصور القبض عليهم كسبق صحفي، بغض النظر عن سقوط ضحايا.
تسطر نهاية العمل بوصول البطل إلى ذروته من تبلده من الإحساس، والتضحية بزميله من أجل سبق، لم يتوقف حتى عن تصويره ضمن تغطيته للواقعة، يتنقل "جلنهال" ببراعة ممثل لا تكفيه أوسكار واحدة من مشهد لمشهد، ربما يستحقها فقط من أجل نظرة عينيه في الفيلم، التي تكشف كيف تحول من شخص إنسان لص إلى محترف تصوير وصناعة أخبار فقد كل إنسانيته.
تظل فرص العمل المبدع قليلة في الفوز، ليس فقط لوجود منافسين أقوياء للعمل، لكن لإنه يكشف الوجه القبيح للإعلام الأمريكي الزاحف وراء الجرائم لصناعة الخبر، ربما بدا ذلك في ترشح الفيلم لفئة الكتابة عن سيناريو أصلي فقط، دون الترشح في فئات يستحقها العمل مثل أفضل فيلم وأفضل ممثل.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: