صوفيا لورين..ملكة متوجة بالآلام "بروفايل"
كتبت- هدى الشيمي:
اختارتها مجلة بيبول عام 1991 واحدة من بين أجمل خمسين امرأة في العالم، ثم كانت في المراكز الأولى بقائمة مجلة "ذا امباير" للنجمات الأكثر إثارة في العالم، وحصلت على لقب "مارلين مونرو" إيطاليا، ولكن خلف هذا الجمال كمن نوعا من الحزن والمعاناة.
ولدت صوفيا عام 1934 فلم تجد الأب الذي هجر الأسرة ورحل ولم تعلم عنه والدتها شيئا، فتزوجت من شخص أخر، تبناها وأنفق عليها وعلى باقي أخواتها، حتى عصفت ظروف الحرب بحياته المادية، فانتقلت برفقة أختها إلى منزل جدتها، بحثا عن مأوى آمن ومريح.
اندلعت الحرب العالمية الثانية، وقضت على الأخضر واليابس، وبعد انتهائها حاولت الأسرة مواصلة حياتها مرة أخرى، فعملت صوفيا بتقديم الطلبات وغسل الصحون، بجانب دراستها.
لم تحظ جميلة جميلات إيطاليا بكل هذا الاهتمام منذ الصغر، فكانت طفلة بشعة على حد قولها، لم ترغب أبدا في النظر بالمرآة، "تجنبت هذا الأمر تماما"، سخر زملائها منها في صغرها وخاصة في عاميها الثالث والرابع عشر لنحافتها الشديدة، "أول شاب قبلني كان سكران، فعيناه كانتا حمراء، وذلك لأني لم أكن جميلة" تقول صوفيا في إحدى اللقاءات التليفزيونية.
حلم التمثيل الذي راود الكثير من الفتيات الصغيرات، لم يخطر على بال ممثلة سبقت بنات جيلها في الحصول على جائزة الأوسكار، فتقول "لم أفكر أبدا في التمثيل، لم أعرف نفسي، ولم أعرف ماذا أريد، حتى أبي لم أعرف من هو في ذلك الوقت"، إلا أنها عندما ذهبت برفقة عمتها إلى السينما لأول مرة، شاهدت عوالم كثيرة وحياة مختلفة، فقالت لنفسها "الحياة التي أعيشها ليست الوحيدة، بل هناك أكثر"، وكان هذا أكثر ما يجذبها للسينما، والتمثيل بصفة عامة، فتعيش أكثر من حياة، وتنتقل من مكان إلى آخر، مثل حركات الفراشات بين الزهور.
عندما بلغت صوفيا الخامسة عشر من عمرها، قالت لها والدتها "غدا ستتركي المدرسة وسنذهب إلى روما، أريدك أن تكوني ممثلة"، ولكنها علمت فيما بعد أن والدتها ستذهب إلى العاصمة الإيطالية للعثور على الأب الذي تركهم صغارا، وأن حياة المشقة بدأت، وأنها ستضطر للعمل، فعملت لفترة في المطاعم، وأدخلتها ابتسامتها وجسدها الذي انتقل من طور الطفولة إلى الأنوثة، عالم التمثيل، فلعبت أول أدوارها في فيلم "Quo Vadis".
فازت صوفيا بجائزة الأوسكار عن دورها في فيلم "Two women" أقرب الأفلام إلى قلبها، لتصبح بذلك أول ممثلة تحصل على جائزة الأوسكار عن دورها في أفلام أجنبية، إلا أن فرحتها بالجائزة لم تستمر طويلا، حيث سرقت من منزلها في إيطاليا، وبعد فترة منحتها أكاديمية العلوم والفنون والرسوم المتحركة المسئولة عن الجائزة جائزة نقدية بسيطة.
تُرجع صوفيا الفضل في شهرتها إلى شخصين الأول زوجها وحب حياتها المنتج كارلو بونتي الذي التقت به وهي في السادسة عشر من عمرها، وبدأت بينهم علاقة صداقة امتدت لسنوات حتى ارتبطا عاطفيا ثم تزوجا، أما الثاني المخرج الإيطالي فيتوريو دي سيكا وتقول عنه "جاء إلى روما من أجلي، وعندما بدأنا العمل معا فهمت كل ما رغب فيه، فكانت علاقة مريحة جدا، وأكثر من ممتعة"، أخرج دي سيكا لها الكثير من الأفلام، من بينهم "Two Women" وهو أقرب الأفلام إلى قلبها.
بتعاونها مع دي سيكا، دخلت لورين السينما الإيطالية من أوسع أبوابها، فقدما معا مجموعة من الأفلام مثل "الزواج على الطريقة الإيطالية"، "عباد الشمس"، "الرحلة"، "علامة الزهرة"، وعلى الرغم من تفاني كل النجمات وسعيهن للوصول إلى سينما هوليود بأسرع وقت ممكن، إلا أنها ترى نجاحها في السينما الإيطالية، والأفلام الناطقة بلغتها الأم، النجاح الأهم في مشوارها الفني، بالإضافة إلى ذلك، فأنها جمالها الآخذ، وعيناها الزرقاء وموهبتها الواضحة، ساعدوا على رواج السينما الإيطالية.
انتقلت صوفيا إلى هوليود بعد فترة حققت فيها نجاحا كبيرا، فدخلت شركات الإنتاج كنجمة كبيرة واثقة في نفسها، وعندما سئلت عن شعورها بالغربة في أي لحظة داخل استديوهات هوليوود أجابت بالنفي، وأرجعت ذلك إلى أنها إذا ذهبت إلى أي مكان تشعر أنه الوطن، وذلك بالعمل الجاد، وتكوين صداقات، لتخفي عيوب لغتها الانجليزية التي لم ترضَ عنها حتى الآن.
سألها الإعلامي لاري كينج في لقاء جمعهما ماذا تشعرين عندما تنظري إلى المرآة، قالت "لم أشعر أبدا إني جميلة، بل أجد نفسي عادية"، وعن مشاهدتها لأفلامها في دور العرض، أجابته "لا.. فشكل أنفي على الشاشة يضايقني".
فيديو قد يعجبك: