فيليم ألكسندر... من "عاشق للحفلات والسهرات" إلى ملك جاد لهولندا
أمستردام (د ب أ)
تعتبر الصورة راسخة في أذهان الشعب الهولندي: وهي صورة الملك فيليم ألكسندر في عباءة ملكية حمراء مخملية، ومبطنة بفراء الحيوان، وهو يرفع يده لأداء اليمين. وتقف إلى جواره زوجته ماكسيما، في رداء ملكيّ باللون الازرق، مع إكليل من الماس.
ويبدو الزوجان الملكيان متفائلين و متوترين أيضاً. وكانت الملكة بياتريكس تنازلت عن العرش في سن الخامسة والسبعين، لتمرره لابنها الاكبر، حيث كان ذلك في 30 من نيسان/إبريل من عام 2013.
وبعد مرور خمس سنوات، يبدو فيليم ألكسندر أكثر ارتياحا إلى حد كبير. وبالنظر إلى أن أفراد عائلة "أورانج" الملكية يميلون إلى البقاء على العرش لمدة 30 عاما وأكثر، قبل تمريره إلى الجيل التالي، فإنه لديه من الوقت ما هو كاف لتأمين إرثه.
إلا أن الملك – ذو الوجه الذي يتمتع بالنضارة – قد ترك بصمته على البلاد.
فقد ظل الهولنديون لسنوات ينظرون إلى ولي عهدهم على أنه "عاشق للحفلات والسهرات"، وأنه دائماً ما يحتسي الجعة ويحب الضحك. أما الآن، فإنهم ينظرون بدهشة أثناء متابعته وهو يقوم بمهامه بنفسه بثقة، إلى جانب قادة الدول الاخرى.
ومما لا شك فيه، أنه مازال يحتفل بالإنجازات الرياضية الهولندية، بحماس، ويتمتع بالاحتفال، ولكنه يتواجد أيضاً في المناسبات الحزينة.
ففي 17 من تموز/يوليو من عام 2014، تم اسقاط الطائرة " MH17" التابعة للخطوط الجوية الماليزية، فوق شرق أوكرانيا. وكان أغلب الضحايا، البالغ عددهم 298 شخصا، من الهولنديين. وفي خلال الأسابيع التي تلت تلك الواقعة، شهد الهولنديون ملكا مواسيا وحزينا.
ويقول المؤرخ هان فان بري، الذي ألّف كتابا حول السنوات الخمس الأولى من حكم الملك: "يقوم فيليم ألكسندر بدوره بصورة جيدة للغاية... لقد برز كملك رصين وذكي وطيب. لقد تم الاستخفاف به".
ويصف فان بري الملك بأنه أكثر عاطفية ولطفا من والدته بياتريكس. ويرى الكثير من الهولنديين الأمور بنفس الطريقة، ويندهشون من التغيير الذي لاحظوه في الرجل الذي ظلوا يصفوه لسنوات بـ"أمير الجعة".
وفي الواقع، فإن الملك - الذي بلغ عامه الـ 51 في 27 من نيسان/أبريل الماضي - هو أقل انخراطا في الحياة السياسية عن بياتريكس. ولكنه وجد دورا جديدا في خلق فرص للتجارة الهولندية، حيث يتم توجيه الدعوة لرجال الأعمال للانضمام إليه في رحلاته إلى الخارج، لفتح الأبواب للصفقات المربحة.
ويقوم فيليم الكسندر بدوره كملك للمواطنين العاديين، بعناية. وقد شوهد مؤخراً في مركز لإيواء اللاجئين، حيث كان يقوم بإظهار مهاراته في خَبز الكعك.
وتُظهر السجلات الرسمية الزوجين الملكيين في رحلاتهما الكثيرة إلى أقاصي أركان هولندا، وهما يتصافحان ويجريان محادثات مع رعاياهما، وذلك في الاسواق وفي المكاتب، وحتى في اسطبلات الخيول.
وتعتبر عبارة "إنه حقا طبيعي للغاية"، تعليق دائم يقوله الناس بعد أن يلتقوا بالملك. يعتبر ذلك موضع للتقدير الحقيقي في دولة تتردد بها مقولة: "تصرف بشكل طبيعي، فإن ذلك به قدر كاف من الجنون".
وفي عيد ميلاده الخمسين، دعا فيليم ألكساندر 150 شخصا من جميع مناحي الحياة، إلى حفل في القصر الملكي بأمستردام، من بينهم مصفف شعر وساعي بريد ومستشار ضريبي.
كما تفرغ الملك لاجراء مقابلة تلفزيونية مطولة، وذلك على الرغم من أنه لا يعتبر نفسه صديقا لوسائل الإعلام. وقد تم إعطاء الهولنديين صورة عن ملك مسترخٍ ولكن عاطفي وواثق بنفسه.
وأقر الملك بأن الوظيفة صعبة، ولكنه أضاف: "ليس عليك أن تشعر بأي تعاطف تجاهي. فأنا أعيش حياة شيقة جدا".
ويشار إلى أن الملك لا يتحمل العبء وحده، حيث أن زوجته ماكسيما /46 عاما/ المولودة في الأرجنتين، تتحمل الكثير من المهام. وقد ظلت لسنوات الأكثر شعبية بين أفراد العائلة المالكة، حيث أنها قد أضفت لمسة من السحر على عائلة أورانج الواقعية.
وإلى جانب كونها أما لثلاثة أميرات – وهن أماليا /14 عاما/ وأليكسيا /12 عاما/ وأريان /11 عاما/ - فهي تعمل مع الأمين العام للأمم المتحدة، كمروجة خاصة للتمويل الشامل من أجل التنمية، حيث تسافر إلى جميع أنحاء العالم للقاء المزيد من رؤساء الدول، بصورة أكبر مما يقوم به زوجها.
وفي بلدها، كثيرا ما تُشاهد وهي تغني مع تلاميذ المدارس، أو تفتتح دارا للمسنين، بحماس يشير إلى أنها تستمتع بدورها إلى درجة كبيرة.
وتعتبر ماكسيما ملكة الموضة بلا منازع في هولندا، حيث أنها تنفق 200 ألف يورو (150 ألف دولار) سنويا على شراء الملابس. ويبدو الهولنديون - المقتصدون بشكل عام - أكثر استعدادا لتحمل مثل هذا الإسراف.
فيديو قد يعجبك: