"يعني إيه سعادة".. كيف قدم فيلمان أمريكيان ما يبحث عنه الجميع؟
كتبت-هبة خميس:
ماذا لو لم تستطع الإحساس بالفرح و السعادة؟ لا يستوعب عقلك المشاعر القوية المرتبطة بالبهجة الشديدة والغضب والإثارة، وإذا أحاطتك البهجة تخور عضلاتك لتسقط في إغماءة سريعة؟
"تشارلي" الشاب المشخص باضطراب عصبي يجعله يصاب بنوبة مفاجئة من ضعف العضلات ويصبح أكثر عرضة للإغماء حينما يتعرض للمشاعر القوية مثل الفرح، فيبدأ الفيلم بمشهد له يتداعى ويسقط في زفاف شقيقته لأنه لم يستطع تغييب شعوره العارم بالسعادة من أجلها.
في فيلم "ode to joy" إنتاج عام 2019، ومن إخراج "جيسون وينر" وبطولة الممثل "مارتن فريمان"، يعيش تشارلي حياة مملة حيث يعمل كأمين مكتبة يغزو حياته النمط الهاديء فيجنبه الانفعالات، يقيم مع أخوه الأصغر منه ليعتني به، ينزل من بيته بحقيبة ظهر وسماعات في أذنه ثم يتخذ طريقه متجنباً التورط في مشاهد السعادة المتعلقة بالأطفال و الحب.
تعمل السماعات و الحقيبة كدرع واقي لمشاعره، فما إن تنتابه مشاعر الفرح يعلي صوت الموسيقى الجنائزية المنبعثة من السماعات لتعيد إليه الحالة الثابتة من الشعور بالحزن والملل، فيعود لفقاعته سريعاً ليكمل طريقه ويدخل عمله في المكتبة، وفي نهاية اليوم يذهب تشارلي للعبة الخيول الدوارة الموضوعة في قفص زجاجي وسط حديقة مزدحمة ،يربط جسده في العمود الحديدي المحرك للحصان و يهدأ ليشعر بالسعادة دون القلق من إغماءاته المتكررة . لكن تلك الفقاعة تنفجر في لحظة دخول "فرانشيسكا" المكتبة.
"فرانشيسكا" شابة جميلة منفعلة تترك صديقها في المكتبة وتخلف ورائها الكثير من المشاعر المتناقضة، فيهدد وجودها مشاعر "تشارلي" الحيادية. تعود ثانية لتشكره وتطلب منه موعد، يذهب للموعد المتفق عليه في عرض مسرحي درامي ودبوس في حذائه يضغط عليه حينما يشعر بالبهجة باقترابها، لكن بعد أول إغماءة يقرر أن يبتعد كلياً عن ذلك النمط المثير للحياة ويعود لتفاصيل يومه البسيط دون أدنى شعور بالندم على تركه الحب.
بعد لحظات يدرك "تشارلي" أنه يستحق السعادة حتى لو قضي معظم عمره مغمى عليه ويعود لـ"فرانشيسكا" التي يستبدل حقيبته بأكتافها فيركب معها الخيول الدوارة ثم يستسلم للإغماءة بعذوبة على أكتافها تاركاً نفسه للبهجة.
وجد تشارلي السعادة في التفاصيل المفاجئة والحب غير المتوقع، لكن هكتور الطبيب النفسي الذي يعيش حياته وفقاً لنمط ممل ظن أنه بابتعاده عن ذلك النمط سيجد السعادة، ففي فيلم "hector and search for happiness". "هكتور" طبيب نفسي ناجح لديه حياة مرضية جداً وعالمه مرتب وبسيط ويحبه بذلك الشكل حتى أنه أصبح مرتاحاً لأنماط عالمه المتوقعة وحبيبته التي تحافظ على ذلك الإيقاع .
الفيلم إنتاج بريطاني ألماني وكندي عام 2014، إخراج "بيتر تشيلسوم" ومأخوذ من رواية لفرانسوا ليورد تحمل الاسم نفسه، وبطولة الممثل "سايمون بيج" وحصد الفيلم العديد من الجوائز.
"هكتور" كان صبوراً جداً على مرضاه وأحبوه بسبب ذلك فكان يعمل مثل الأطباء العظام حيث يجيبون على سؤال بسؤال آخر، في إحدى الأيام سألته مريضة سؤالاً بسيطاً "هل أنت سعيد؟" السؤال الذي يبدو في ظاهره البساطة جعل "هكتور" ينظر قليلاً فينهار مع مريضة لأنه لا يعرف كيف يرشد الناس للسعادة بينما هو لا يعرف طريقها، فيقرر أخذ إجازة من تلك الحياة لينطلق في رحلة طويلة في البحث عن السعادة مصطحباً كراس صغير لتدوين ملاحظاته عن السعادة والطريق إليها.
تنطلق رحلة "هكتور" بداية من الصين حيث يعرفه رجل ثري على المال كمرادف للسعادة، ثم يزور كهنة التبت ليسأل نفس السؤال الذي يطرحه لكل من يقابله، ومن التبت لأفريقيا حيث يزور صديقه المتطوع كطبيب في أفريقيا وهناك يتعرض للخطف، ثم ينجو "هكتور" وقد تغيرت بداخله عدة مفاهيم مرتبطة بالسعادة، ليقرر السفر لأمريكا حيث يزور حبه الأول، لكنه هناك يلتقي عن طريقها بباحث اخترع جهازاً يمكنه من رؤية السعادة التي تتلألأ داخل خلايا المخ فيجربه عليه ليكتشف الحقيقة التي استغرقته تلك الرحلة لمعرفتها، فالسعادة التي بحث عنها كانت بجواره في حبيبته وتفاصيل عالمه الصغير والتعاسة في نظره هو بعده عنها فلحق هكتور بأول طائرة للندن حيث حياته المملة و حبيبته التي يضيء عقله حينما يفكر في تفاصيلها و حبه لها .
فيديو قد يعجبك: