الشذوذ الجنسي في السينما المصرية - (تحقيق)
كتب- أحمد عبد المجيد:
دائما ما تكون الأدوار الجريئة محط أنظار الجمهور, ويكون تقديمها بالنسبة للممثل سلاحا ذو حدين، لذلك أتت بعضها على أصحابها بالنفع وأخرى بالضرر.
أهم هذه الأدوار التى كانت تثير جدلا واسعا فى السينما المصرية شخصية ''المثلي'', فهناك نجوم قدموا الشخصية ونالوا قدرا كبيرا من الاحترام والتقدير, وهناك آخرين لم يستطيعوا تجاوز هذا الدور, وأصبح محفورا في أذهان الجماهير, ما نتج عنه تعطل مسيرتهم الفنية.
ومن الفنانين الذين اشتهروا بهذه الأدوار الفنان عادل إمام فى فيلم ''سيد درويش'', ويوسف شعبان في ''حمام الملاطيلى'', ورءوف مصطفى في ''ديل السمكة'', خالد الصاوي ''عمارة يعقوبيان'', نور الشريف ''قطة على نار'', محسن محيى الدين ''إسكندرية ليه'' وأخير يأتى فيلم ''أسرار عائلية'' ليكمل مسيرة القضية الشائكة للشواذ جنسيا ''المثليين''.
قالت الناقدة ماجدة خير الله إن المجتمع لم يتخذ أي موقف تجاه الفنانين الذين قدموا دور ''المثلي'', وإنما كانت نظرتهم له من حيث إجادته للشخصية وإتقانها, ولو نظرنا إلى الفنان يوسف شعبان عندما قدم شخصية الشاذ فى فيلم ''حمام الملاطيلى'' , لم يتقبل المجتمع فى البداية هذه الشخصية, بسبب جرأة الفيلم فهو نوعية جديدة على المجتمع الذي لم يكن مستعدا لمشاهدة مثل هذه الأفلام, ولم ينل الفيلم الحظ الوافر من الاهتمام بسبب هزيمة 67 , ولم يطل الهجوم يوسف شعبان وحده بل كانت شمس البارودى ومحمد العربى أكثر الفنانين تعرضا للهجوم, ولكن بعد ذلك استطاعوا أن يتقبلوا الشخصية, وأصبح يوسف شعبان أحد نجوم السينما المصرية.
وأضافت خير الله ''نحن نعيش فى وسط فنى لم تكتمل فيه الثقافة المناسبة, بمعنى هناك بعض الممثلات ترفضن القيام بأداء أدوار الشر، اعتقادا منهن أن الجمهور سيقابل دورها بالكراهية, وهناك ممثلات يرفضن القيام بمشهد الضرب متعللين بكيف سيواجهن أسرهن, وللأسف لم يعى الممثل حتى الآن أنه من المفروض تقديم شخصية ليس لها علاقة به, وكلما كانت الشخصية بعيدة عن ذاته يصبح إتقانه لها أفضل, ولكن للأسف قياستنا مختلفة فى هذه التركيبة, والقضية هنا ليست فى تقديم دور شاذ, وإنما في فكر الفنان''.
وتابعت ''أصدق دليل على صدق كلامى عندما رفضت سعاد حسنى بعبقريتها أداء دور فيلم ''الصعود إلى الهاوية'', خوفا من مواجهة الجمهور ويصبح فى ذاكرته أنها جاسوسة, وبالرغم من ذلك نجحت الفنانة الراحلة مديحة كامل فى أداء الشخصية ولم يذكرها أحد بسوء, بل على العكس كان الفيلم بوابة عبورها للنجومية والشهرة, وأيضا الفنانة فاتن الحمامة ظلت سنوات طويلة تقوم بدور البنت الجميلة الحبوبة والحساسة , وبعد سنوات توقفت عن السينما, وبعد رجوعها أصبح لديها وعى ثقافى فقدمت فيلم ''الخيط الرفيع'', الذى كان بالنسبة لها نقلة كبيرة فى مشوارها الفنى, وأدركت مع جمهورها أن المسألة بمدى الإتقان للدور وليس فى اختيار الأدوار, وأيضا الفنانة الكبيرة شادية كسرت هذه القواعد وقدمت فى عز شبابها أفلاما بعيدة عن الحب والرومانسية, مثل فيلم ''المراة المجهولة''التى قتلت ودخلت السجن, وفيلم ''الطريق''رائعة نجيب محفوظ, التى قتلت فيه زوجها , ونفس الأمر أيضا كان مع الفنانة الراحلة هدى سلطان, بالرغم من أن المطربين يخافون مواجهة الجمهور بهذه الشخصيات ,لأنهم يقدمون لهم أغان رومانسية''.
ويختلف الناقد طارق الشناوى قائلا: ''المجتمع والجمهور لا يتقبلوا مثل هذه الأمور ببساطة, ورغم ذلك لا أعتبرها قاعدة مطلقة, بدليل عندما قدمت غادة عبد الرازق وسمية الخشاب علاقة سحاقية فى فيلم ''حين ميسرة'' لم يلتصق بأى منهما هذه الصفة, وأيضا الفنان خالد الصاوى قدم شخصية المثلى بعد ما رفض كل من حسين فهمى وهشام عبد الحميد ومحمود حميدة هذا الدور, ونجح نجاحا كبيرا ولم تلتصق به هذه الصفة, ولو رجعنا قديما إلى الوراء سنجد أن الفنان عادل امام قدم هذه الشخصية فى فيلم ''سيد درويش'' , وحتى هذه اللحظة يشعر إمام بالندم من أداءه لمثل هذه الأدوار, ولا يحب أن يذكره أحد به''.
وأكد الشناوى أن الأمر له علاقة بالممثل والجمهور وطبيعة المجتمع, لأن هذه الصفة فى مجتمعاتنا لا يتم فيها التسامح وتصبح وصمة عار على صاحبها, أما بالنسبة للفنان خالد الصاوى فقد تجاوز دوره فى يعقوبيان, وأصبح الفيلم لا يمثل له الذروة , وقدم بفضل موهبته العديد من الأدوار الناجحة التى جعلت الجمهور يتدارك شخصيتة فى يعقوبيان, على العكس نجد أن الفنان حمدى أحمد عندما قدم دور القواد فى فيلم ''القاهرة 30'' وبالرغم من أنه ممثل كبير , ولكن لم يتجاوزه لأسباب خارجة عن إرادته, ويبقى دائما الرهان على الفنان الذى يتجاوز الدور, ولا يعطى الفرصة أن تكون مثل هذه الأدوار , ملتصقة به طوال مشوارة الفنى.
وأكد الشناوى أن الأجهزة الرقابية دائما ما تعوق الأعمال الفنية الجريئة ,وذلك بسبب اتصالها المباشر بالسلطة الحاكمة, ولكن هذا لا يجعلنا ننتج أفلام بورنو أو إباحية , ولتبد من تقنين هذه الأفلام بوضع إشارة ''للكبار فقط''.
وتكمل الناقدة خيرية البشلاوى بأن الفنان الذى يتجه إلى إبراز الشخصية المثلية, فهو له اتجاه معين, ويرغب فى كشف الأوجاع المسكوت عنها بالرغم من وجودها فى مجتمعاتنا, وأعتقد أن الفنان الذى يتعرض لمثل هذه الشخصيات لا تعنيه المسيرة الفنية, بقدر اهتمامه بتقديم الشخصية عن اقتناع لإحداث صدمة وتوعية للمجتمع, وبالتالى يستطيع تحقيق المعادلة الصعبة, وهى تقديم أعمال من نوع خاص وبها جرأة ويكسب بها الجمهور.
وتضيف البشلاوى أن خالد الصاوى قدم فى ''عمارة يعقوبيان'' هذه النوعية من الشخصيات, وهنا لابد أن نتساءل كيف قدم الصاوى الدور وهل برع فى أداء الشخصية, وهنا يقاس الأمر بتقبل الجمهور لأدائه للشخصية.
وأشارت البشلاوي إلى أن الموضوع ليس فى قضية المثلية, بدليل أن فيلم ''بالألوان الطبيعية'' قدم كل شخصياته بها انحرافات سلوكية, وهذا التناول لابد أن ندافع عنه لأن هناك إحصائيات مخيفة تفيد أن 30 % من الرجال فى مصر مصابين بالمثلية, أو بالحالة الشاذة – بحسب تسمية العلماء.
بالرغم من أن هذه الموضوعات تحدث صدمة لمجتمعاتنا الشرقية, فإنه لابد هنا أن نحاسب القائمين على تنفيذها, وأن نتساءل هل يستغل العمل قضية المثليين ويقدمها من أجل الإثارة وجذب الجماهير لإنعاش شباك التذاكر, أم أن هناك رسالة وهدف لكشف بعض الحقائق الرئيسة فى القضية.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: