الأم في السينما المصرية من ''أمينة رزق'' إلى ''خالتي فرنسا''
تقرير - منى الموجي:
ارتبطت صورة الأم في السينما المصرية بعذراء الفن الفنانة الكبيرة أمينة رزق، وكذلك بفردوس محمد وآمال زايد، ولحقت بركبهن الفنانة كريمة مختار والتي يراها كثيرون أخر أمهات السينما المصرية اللائي تميزن بالتعبير عن الأم البسيطة من خلال صورة ملائكية تعكس ملامح الطيبة والعطاء ودفء مشاعر تلك المرأة التي تضحي بحياتها في سبيل الحفاظ على ابناءها، وتظهر دائما امرأة منكسرة قد يقهرها المجتمع وزوجها ولكن تظل راضية دون أن تغضب، فشكّلن صورة للأم المثالية مازالت راسخة في أذهان الجمهور.
ومن بين الأفلام التي كرست للشكل الكلاسيكي للأم في السينما المصرية ''دعاء الكروان''، ''خان الخليلي''، ''حكاية حب''، ''التلميذة''، ''بين القصرين''، وهي الصورة التي تأتي على النقيض تماما من شكل الأم في وقتنا الحالي في الأعمال السينمائية مثل ''كلم ماما''، ''اللمبي''، ''المركب''، الريس عمر حرب''، و''صايع بحر''.
فبمرور الوقت بدأت التغيرات التي فرضت نفسها على المجتمع المصري، تفرض على مؤلفي ومخرجي السينما المصرية تغيير هذه الصورة النمطية التي اشتهرت بها الأم.
ورأى كثيرون أن السينما ليست مهمتها تجميل الأم المصرية وإنما دورها أن تعكس واقع واضح للعيان ولا يمكن غض الطرف عنه، فبدأت تظهر النماذج السلبية والتي كانت موجودة من قبل ولكن على استحياء، لكن في أفلام اليوم أصبحت أكثر وضوحا وأكثر تواجدا، ومرآة تعكس صرخة المجتمع للحال الذي وصل إليه البعض.
وظهرت في السينما المصرية العديد من النماذج السلبية، فهناك الأم التي لا يهمها سوى مزاجها حتى ولو دفعها ذلك إلى ترك أولادها يواجهون قسوة الحياة، وتصبح وصمة عار في جبينهم، وكذلك الأم التي تبحث عن المال أيا كان المقابل حتى ولو كان شرف ابنتها.
كما عكست كثير من الأفلام كيف أصبحت العلاقة بين الابناء والامهات مضطربة وسيئة، من خلال لغة الحوار التي باتت متدنية إلى أبعد الحدود، حيث غاب الحوار المهذب بين الابناء ووالديهم فبدأ الجمهور يرى تطاول سواء بالألفاظ بين الاثنين، أو بالأفعال.
ومؤخرا بات دور الأم في السينما المصرية تحديدا مهمشا، وأصبحت الأفلام تركز في مجملها على الشباب وقضاياهم دون أن تهتم بتوضيح صورة العلاقة بين الابناء وبين الأم والأب؛ لذلك ظهرت الكثير من الأفلام التي لا يعرف فيها الجمهور أب أو أم لأبطال العمل.
ويختلف الأمر بعض الشئ على شاشة التليفزيون حيث مازال هناك تواجد لدور الأم في الأعمال الدرامية ويغلب عليها صورة الأم التي أهملت في تربية ابناءها وانشغلت بعملها أو بحياتها الخاصة، حتى تفاجئ بضياع الابناء وأنها تركتهم وهم في أمس الحاجة إليها.
تشويه المجتمع
وأكد السيناريست الكبير فيصل ندا لـمصراوي ''أن الأم قديما كانت مهمتها رعاية أسرتها، وكانت بحق مدرسة كما قيل عنها في بيت للشعر الأم مدرسة إذا اعددتها، أعددت شعبا طيب الأعراق''، فكانت مدرسة تعرف أن مهامها الأولى في الحياة إعداد وتربية الأجيال.
ويرى ندا أن في هذا الزمن أصبحت الأم تركز على أنشطتها خارج المنزل، وبدأت تهتم بالشأن السياسي والمظاهرات والعمل الاجتماعي وتبحث عن مشاركة فعالة في المجتمع ونسيت أسرتها، وطالبت بحقوقها ونسيت أن أهم واجب عليها تربية الابناء، والدليل على نسيان الأم لدورها الحقيقي الانفلات الأخلاقي الذي نعاني منه الآن، وفقا لقوله، ولا يرفض ندا أن يكون للمرأة هذا الدور ولكن لابد ألا يأتي على دورها الأول، موضحا أن لهذا السبب اختلفت صورة الأم في الأعمال الفنية قديما وحديثا.
وتابع ندا أن صورة الأم في الأفلام السينمائية الآن كانت تتمثل في فردوس محمد وأمينة رزق وقدمتا شخصيات كانت مرآة عاكسة لشكل الأم في ذلك الوقت، ولكن مع نزول الأم إلى معترك الحياة لم يعد ممكنا أن تظهر الأم بهذه الصورة فلغة الحوار وكثير من الأشياء باتت مغايرة لما اعتاد الجمهور عليه قديما.
ويستطرد ندا قائلا ''رغم إن صورة الأم المصرية أصبحت مختلفة عن الصورة القديمة، وأن وضع وشكل الأم تغير الآن إلا أن الأعمال الفنية التي تُقدم لا تعبر عن المجتمع المصري، فهي أعمال مصنوعة لتشويه المجتمع المصري، من خلال التركيز على عرض النماذج السلبية، فالسينما أصبحت في معظمها تعبر عن خيال من صنع المؤلف''
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: