إعلان

عاطف الطيب.. ''نجيب محفوظ السينما'' الذي صنع من معاناته إبداعاً لا يتكرر

06:59 م الثلاثاء 24 يونيو 2014

كتبت- منى الموجي:

حمل الكثير من الألقاب فهو عميد السينما الواقعية، فارس الواقعية الجديدة، نجيب محفوظ السينما المصرية، لكن كان أول الألقاب التي حصل عليها لقب ''ابن موت''، فمنذ مولده وتعتقد والدته أن وليدها لن يعيش طويلا شأنه في ذلك شأن أشقاءه الذين ولدوا قبله ولم يكتب لهم الله الحياة، فكانت تخشى على وليدها بصورة مرضية، حتى توفي عاطف الطيب في 23 يونيو منتصف التسعينيات عن عمر يناهز 48 عام.

ابن موت

اعتقاده أنه ابن موت كما كانت والدته تكرر دائما، وإصابته بمرض القلب دفعانه للعمل ليل نهار بشكل جعل كثيرون يتهمونه بأنه ينتحر، ولكن إصراره على ترك رصيدا فنيا لم يستطع أن يقدمه آخرون قضوا سنوات طويلة في العمل الفني، جعله يزيد من ساعات عمله ليقدم أكبر قدر ممكن من الأفلام السينمائية، ذات القضايا الجادة، فصنع من معاناته وآلامه إبداعا نادرا ما يتكرر.

لم يتجاوز عمر الطيب الفني الخمسة عشر عاما استطاع خلالهم أن يُخرج 21 فيلم من أجمل ما أخرجت السينما المصرية، فكل فيلم للطيب قطعة فنية تستحق العديد من الدراسات، غاص خلالهم في الواقع المصري.

الغيرة القاتلة

تخرج الطيب من المعهد العالي للسينما قسم الإخراج، ليعمل كمساعد مخرج في عدد من الأفلام السينمائية منها ''ثلاثة وجوه للحب''، ''دعوة للحياة''، ليلتحق بالجيش في الفترة من 1971 وحتى 1975، وهي الفترة التي قدم خلالها فيلمه القصير ''جريدة الصباح''، كما عمل مساعدا للمخرج شادي عبد السلام في فيلمه ''جيوش الشمس''، وعمل مساعدا للمخرج يوسف شاهين في فيلم ''إسكندرية ليه''، ليبدأ مشواره مع السينما الروائية الطويلة عام 1982 مقدما أول أفلامه تحت عنوان ''الغيرة القاتلة''، بطولة نور الشريف أكثر الفنانين إرتباطا باسم المخرج عاطف الطيب حيث كونا معا ثنائي فني ليقدما أفلام ذات سمة خاصة لا تخشى إنتقاد الفساد ومحاربة الظلم عبر صورة المواطن المصري البسيط.

ثنائي فني

فاز الشريف بنصيب الأسد في التعاون مع الطيب في أفلامه فقدما بعد ''الغيرة القاتلة''، فيلم ''سواق الأتوبيس''، ''الزمار''، ''ضربة معلم''، ''كتيبة الإعدام'' ،''قلب الليل''، ''ناجي العلي''، ''دماء على الأسفلت'' و''ليلة ساخنة''.

قلب الليل

لم يكن ''قلب الليل'' هو الفيلم الأول الذي يجمع نور بالطيب، ورغم علاقة الصداقة بينهما كاد أن يضيع الفيلم من نور بعدما تأخر على التصوير نصف ساعة كاملة ليسرع نور إلى غرفته ويرتدي ملابسه ويبدأ محاولاته للإعتذار للمخرج، الذي قال له دون أن ينظر لوجهه: جاهز يا نور، فأجاب نور: جاهز يا مخرج، فأشار له الطيب بالمكان الذي يجب أن يقف فيه، وبعدما تم له ذلك وقف الطيب رافعا صوته: فررررركش، عازما استبدال نور بممثل آخر، وبذل نور كل جهده ليقبل الطيب إعتذاره، حتى قبله وعادا للتصوير مع وعد بألا يتكرر التأخير مرة أخرى.

ويليه نور الفنان احمد زكي الذي تعاون هو الآخر مع عاطف الطيب في أروع أفلامه وهي ''البريء''، ''ضد الحكومة''، ''الهروب''، ''الحب فوق هضبة الهرم''، ''والتخشيبة''.

ملف في الآداب

للطيب بصمة لا يمكن أن يخطأها المشاهد فبمجرد أن يرى الفيلم، يستطيع أن يحدد أن مخرجه هو عاطف الطيب الذي قرر أن تكون أفلامه نابعة من المدرسة الواقعية التي تجعل المواطن المصري ومشاكله وآلامه وطموحاته بطل أول لها، وتنتقد المجتمع وسلبياته بكل حسم، وهي الانتقادات نفسها التي تصلح أن توجه للمجتمع في وقتنا الحالي رغم مرور سنوات طويلة على تقديم هذه الأعمال، وخير مثال على ذلك فيلمه ''ملف في الآداب''.

ملف في الآداب

هو واحد من الأفلام السينمائية الهامة، حيث استعرض خلاله نموذج لضابط شرطة فاسد لا يهمه سمعة وحياة الآخرين، وأنما كل ما يهمه أن يقدم قضايا إلى المحكمة فيحصل على مكافأة أو رتبة، حتى وأن كان يعلم جيدا أن هذه القضايا مُلفقة وستقضي على سمعة أبرياء لا ذنب لهم سوى حظهم التعس الذي أوقعهم في طريق من انعدمت ضمائرهم.

وفي نفس الفيلم يتعرض الطيب لواحدة من القضايا الهامة وهو دور الصحافة في تشويه سمعة المتهمين والذين بحكم القانون أبرياء حتى تثبت إدانتهم، لكن الصحف تبدأ النشر وفرد صفحات لعرض القضية فيصبح المتهم مُدان في عيون المجتمع حتى ولو نطق القاضي ببراءتهم.

''ملف في الآداب'' بطولة صلاح السعدني، فريد شوقي، مديحة كامل، وأحمد بدير.

جبر الخواطر

لم يتعاون الطيب خلال مشواره الفني مع النجمة الاستعراضية شريهان سوى في فيلم واحد هو ''جبر الخواطر''، و الذي توفي قبل الانتهاء من كافة مراحله، ليُعرض دون أن يشاهده صانعه.

كما كان للطيب تجربتين في إخراج الفيديو كليب هما كليب ''كتبتلك'' للفنانة لطيفة، ورائعة أنغام ''شنطة سفر''.

تجارب عالمية

لعاطف الطيب مشاركات في السينما العالمية كمساعد مخرج، فقدم مع المخرج العالمي لويس جيلبرت فيلم ''الجاسوس الذي أحبني''، ومع المخرج جيلر فيلم ''جريمة على النيل''، ومع المخرج مايكل بنويل فيلم ''الصحوة''، ومع المخرج فيليب ليلوك فيلم ''توت عنخ أمون''، ومع المخرج فرانكلين شافنر فيلم ''أبو الهول''.
صدمة الرحيل

ورغم الرحيل الذي كُتب عليه في 23 يونيو في منتصف التسعينيات، إثر إصابته بأزمة قلبية عقب خروجه من عملية جراحية في القلب، إلا أن عاطف الطيب سيظل باقيا عبر أفلامه التي صنعها بإخلاص وحب، دافعا الثمن من صحته، ليشكل رحيله صدمة كبيرة للوسط الفني.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان