"قلوب جائعة".. الأم بين الحب السامي والمرضي
كتبت- هدى الشيمي:
يقولون إن حب الأم لا يشيخ أبدا، ولا يوجد شيء ما أحن من قلبها، فتحت قدميها أبواب الجنة، ودورها في حياة ابنائها لا يُنسى، وكم كتّاب حاولوا سرد قصص وحكايات عن تضحية الأمهات من أجل مصلحة ابنها، وحولها فيما بعد صنّاع السينما إلى أفلام سينمائية، وكان من بينها فيلم "قلوب جائعة" أو "Hungry Hearts" الذي عُرض في الدورة السابعة والثلاثين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
حاول مخرج سافيرو كوستانزو، مخرج الفيلم عرض نموذجين للأمهات بعد معالجته لرواية "The Indigo Child" للكاتب الايطالي ماركو فرانزوسو، فالأولى قد تضحي بكل شيء من أجل ابنها، أم الثانية فتتشبث برأيها حتى إذا كان هناك احتمال في الحاق الضرر به.
يبدأ الفيلم بمشهد يلتقى فيه شاب وفتاة "جود"، و"مينا"في حمام صغير بأحد المطاعم المتواضعة في أمريكا، ويبدأ بينهما استلطاف سرعان ما يتحول لعلاقة حب، حتى تكتشف الفتاة إنها حامل، فيقرر هو الزواج منها في حفل عائلي صغير، حتى يربيان الطفل في عائلة مستقرة، ولا يمر بظروف والدته التي فقدت والدتها بعد بلوغها لعامها الثاني، وانقطاع علاقتها عن والدها منذ سنوات طويلة.
يسلط المخرج الضوء في الجزء الأول من الفيلم، والذي لا تزيد مدته عن الساعة ونصف الساعة، على العلاقة الرومانسية اللطيفة التي جمعت بين الثنائي "جود ومينا"، وغنائها له أغنية إيطالية في حفل زفافهما، اكتفت الكاميرا بعرض لقطات قريبة لهما معا، ثم ركزت على البطل أثناء غنائه للأغنية، وانتقلت إليها لتعكس مدى تأثرها بالموقف.
يجد المشاهد نفسه أمام النموذج الأول، وهو مينا، والتي تتعلق بابنها منذ وجوده جنين داخل احشائها، وترفض تناول أي أدوية، وتمتنع عن الذهاب للطبيب خوفا عليه من الأجهزة الطبيعة بما فيها من اشعاعات، وعندما يصل للدنيا تتعلق به بطريقة مرضية، وترفض تركه أو السماح له بتناول الأطعمة التي يأكلها من هم في مثل عمره، حتى الشمس لا تدعه يرى ضوئها، وتتوقف عن رؤية اصدقائها، أو حتى الذهاب لعملها، مما يؤثر على صحته، لا تتأثر بمحاولات الأب المستميتة لانقاذ الرضيع، بل بالعكس تستخدمها لقلب الموازين والحصول على حضانة الطفل.
أما النموذج الثاني، فهو للجدة العجوز، التي تلتقي بزوجة ابنها في حفل الزفاف لأول مرة، وترى فيها ملاكا، وتتمنى أن تكون هي همزة الوصل بينهما وأن تكون هي السبب الرئيسي في لم شمل العائلة، حيث تقترح عليها زيارتها دائما، حتى إذا رفض ابنها، وتقول لها إنها مستعدة لمعاونتها إذا رغبت في أي شيء أثناء فترة حملها، وفي النهاية تضحي بحياتها من أجل سعادة ابنها.
"قلوب جائعة" يتطرق لفكرة الحب الأسمى، وهو حب الأم، الذي لا يعادله أي أنواع الحب، وحاول المخرج معالجة الرواية في فيلمه، وسعى أن تكون طريقة عرضه مشوقة، إلا أن اختيار كادراته وزوايه لم تكن موفقة، حيث ألصق الكاميرا بطريقة غريبة بوجوه الممثلين، واستخدم زوايا غير متداولة في الأعمال السينمائية، مما جعل المشاهدين يتململون أثناء مشاهدتها في دور العرض، إلا أن أداء الممثلين كان جيدا، فكل منهما حصل على جائزة أفضل ممثل وممثلة بعد عرض الفيلم في الدورة الحادية والسبعين من مهرجان فينيسيا، فأدام درايفر ممثل هوليودي معروف وشارك في عدد من الأعمال السينمائية المعروفة، من بينهم "what If"، "this where I leave you"، "Inside Llewyn Davis "، والإيطالية ألبا رورواكر والتي استطاعت نقل شعورها للجمهورها بتعبيرات وجهها، وعينها، وأجبرتهم على كرهها.
فيديو قد يعجبك: