''حبيبي بيستناني عند البحر''.. حكاية فتاة عشقت رجل بعد رحيله بـ 4 سنوات
كتبت-رنا الجميعي:
كان حسن يُسافر في كل مكان، يغمض عينيه لا لينام بل ليرى، خيالاته تلك حوّلها لكتاب لقصص الأطفال، طبع بها رحلاته ورسوماته الحالمة، لم يمهل القدر ''حسن الحوراني'' لنشر الكتاب بل أخذه موج بحر يافا الذي قدم إليه هاربًا عام2003، لكن قصته لا تنتهي هُنا بل يلتقط طرف الحكاية ''ميس دروزة'' لتنسج بها رحلة جديدة تربط بينهما وتبدأ من البحر وإليه تعود.
لم تعلم ''دروزة'' عن ''حسن'' قبل عام 2007، ليأخذها إلى عالمه بكتابه الذي نشره أخيه ''خالد'' عن مؤسسة عبد المحسن القطان، خيالات ''حسن'' بكتابه الشعري أصابت قلب المخرجة الأردنية الفلسطينية ''سمعت وشوشاتك بين كل الأصوات قلتلي اسمك حسن، حبيت عيونك ياللي فيهم حلم وشعراتك حلوين ياللي بيكركروا الحياة''، لتعلم أن عليها القيام بالرحلة المؤجلة لفلسطين، هُناك رابط ما صار بين ''ميس'' و''حسن'' الذي لم تلتقيه أبدًا، قصص الشاب التي لا حدود لها جعلتها تصنع فيلمًا يُقاوم تلك الحدود ويصير له خياله الممتد.
''حبيبي بيستناني عند البحر'' هو ذاك الاسم الشعري الذي اختارته ''ميس'' ليصبح فيلم وثائقي، روائي طويل، يليق استحسان النقاد بالعديد من المهرجانات منها مهرجان الإسماعيلية الدولي ومهرجان البحر المتوسط، رحلة بدأتها المُخرجة من مخيم اليرموك بدمشق حتى بحر يافا، ويقوم مركز الإبداع الفني بدار الأوبرا المصرية بعرضه الجمعة الماضية، منهيًا برنامج أسبوع السنيما الفلسطينية.
''ميس'' ابنة فلسطين التي لم ترها سوى من حكايات الجدات، قررت أن تخوض رحلتها لتلمس وترى فلسطين بعينيها، تلتقي أهل البلد وهم يُحاربون الواقع كل يوم، أولًا مع ''ابن المخيم'' الذي يُشبه حسن بشعره الأسود وسُمرته، الشاب الذي يُقاوم حدود المُخيم ووصل إلى '' ما بعد بعد الإحباط''، ويقرر بعد ''آخر عرس'' وهو عُرسه أن يُسافر لأوروبا، ما حدث بعدها أن الثورة السورية قامت والمخيم لم يعد كما كان.
رسومات ''حسن'' تصنع أجواء شاعرية تختلط بواقعية الرحلة التي تقوم بها ''ميس''، متخللًا المسيرة تحكي المخرجة بصوتها المُنغم بعض من قصص الشاب، لا تصنع ''سيناريو'' خاص بالفيلم بل اللقاءات التي جمعتها مع أهل البلد تصير حكايات يُمكن سطرها بالكتب ''حلمنا إنه نزرع بيارة برتقان، دا مش حلم، هادا شي طبيعي، حلمنا نكون طبيعيين، حلمنا إنه يبقى لينا حرية زي باقي الناس''.
على الرغم من الاحتلال فإن فلسطين باقية، لكنها أشبه بُحلم في أذهان الشباب، لذا بخيال ''ميس'' ترددت في القيام بتلك الرحلة ''ما كان بدي أنغرم بشي ما أقدر أمسكه بإيدي'' كما قالت بإحدى الحوارات التليفزيونية، ذلك الخيال الشعري الذي حاولت التعبير عنه المخرجة ظهر جليًا بحديث أهل فلسطين، الشباب الذين التقتهم بالقدس وهم أكثر الناس الذين يتعاملون مع الاحتلال كل يوم، كانوا عليهم أن يخلقوا حدودهم التي تفصلهم عن الصهاينة ''في القدس فيه حياتين، حياتهم وحياتنا احنا الأصلية، وحياتهم ما بنعرف شو هي، والتنتين ماشيين بطريقة غريبة''.
تصحب ''ميس'' في رحلتها صوتها المُنغّم والبحر بـ''وشوشاته''، تتحدث مع السكان الأصليين فتسأل سيدة كيف التقت بزوجها مكوّنة تلك الأسرة الصغيرة بالناصرة، كانت إجابتها أنها التقته بعدما جاءت إلى فلسطين بجواز سفرها الكندي، وأثناء عبورهم نقطة تفتيش لرام الله حيث رغبوا في احتساء القهوة هُناك، رفض جندي الاحتلال مرور الرجل وسمح لها بالعبور ككندية، فوجهت توسلها لجندي النقطة وقالت له ''أرجوك'' بالإنجليزي، لم تعلم أن تلك الـ''بليز'' ستسمح لهما بالمرور معًا، هُنا وجدت نظرة صارمة من زوجها المستقبلي لأنه لم يكن عليها أن تقول للاحتلال ''أرجوك'' بأي حال.
الرحلة تنتهي بيافا لتلتقي بحبيبها ''حسن''. يافا التي لُقبت بـ''عروس البحر'' ولكن واحد من أهلها حينما سألته المُخرجة عن اللقب، قال ''زمان مسمعناش نكت زي هاي''، على البحر تذهب ''ميس'' هُناك تجعل الرابط بينها وبين ''حسن'' قويًا، حبيبها الذي أخفاه موج البحر، وينتهي الفيلم بشباب يقفزون للبحر مرحبين به.
فيديو قد يعجبك: