حوار- مخرج "تونس الليل": وجودي في مهرجان القاهرة جائزة ولم أستطع تصوير الفيلم قبل الثورة
حوار - رنا الجميعي:
"تونس الليل" هو اسم الفيلم العربي الوحيد المشارك ضمن المسابقة الرسمية، في الدورة الـ39 لمهرجان القاهرة السينمائي، وعن الفيلم حاز رؤوف بن عمر على جائزة أفضل ممثل في حفل ختام المهرجان.
يحكي الفيلم التونسي عن الليلة التي اندلعت فيها شرارة الثورة مع حرق محمد البو عزيزي نفسه، وقتها كان يعيش الإذاعي يوسف بن يونس بتونس العاصمة، تعترضه السلطات لمنعه من إذاعة الحلقة الأخيرة ببرنامج "تونس الليل"، وتعتري حياته الأسرية تفككًا.
"مصراوي" التقى مخرج الفيلم "الياس بكار" للحديث عن الفيلم، والصعوبات التي واجهها أثناء التصوير، كذلك تعليقه على صناعة فيلم عن تونس قبل الثورة، وعن مشاركته، باعتباره العمل العربي الوحيد بالمسابقة.
- هذا ثاني فيلم روائي لك بعد 10 سنوات من فيلمك الأول، لماذا قررت أن تحكي عن تونس قبل الثورة؟
لديّ فيلم وثائقي عن تونس قبل الثورة هو "كلمة حمراء"، والثاني فيلم "أنا فين" يحكي عن تونس بعد 5 أعوام من الثورة، أردت إغلاق ذلك الملف بتونس الليل، لم يكن من الممكن تأخيره أكثر من ذلك، لأن لديّ مشاريع أخرى.
- ماذا عن فيلمك الروائي الأول "هو وهي"، هل كانت السياسة أيضًا جزءًا منه؟
أنا لا أحكي السياسة مباشرة، بل من خلال المجتمع والفرد، كذلك النفس التي انشغل بها بشدّة، عملي الأول كان يحكي عن شخص فرض حظر التجول على نفسه، امتنع عن الخروج والتعامل مع العالم الخارجي، ومن خلال ذلك نشعر بتأثير السياسة على هذا الشخص "السياسة مالية حياتنا".
- ماذا تقول عن مشاركة "تونس الليل" باعتباره الفيلم العربي الوحيد بالمسابقة الرسمية؟
هذا شرف لنا، كما أنه مسئولية كبيرة، وأعتبر وجود الفيلم بالمسابقة فحسب هو جائزة بالنسبة لي.
- بطلك الرئيسي بفيلم "تونس الليل" هو رجل مثقف وإذاعي.. لماذا اخترت تلك الشخصية؟
اخترت الشخصية في عُمر السبعين، وهو جيل مولود بالأربعينيات، مرّ بتقلبات كثيرة، فقد عاش هذا الجيل فترة الاستعمار الفرنسي والاستقلال، ثم فترة الرئيس بورقيبة و بن علي، لديهم شعور يُشبه النكبة، خاصة المثقفين منهم.
- هل مازال حال المثقفين كما رأينا بشخصية "يوسف بن يونس" المثقلة بالإحباطات؟
صار هناك نوع من المتنفس بعد الثورة، حيث انتعشت الحالة الاجتماعية والسياسية مع الانتخابات، إلا أن الفترة الأخيرة شابها بعض الإحباط "الناس تاهت شوية بالتغيرات السياسية والاجتماعية الموجودة، والمفاهيم اتلخبطت".
-في الحلقة الأخيرة للإذاعي قال فيها خطبة طويلة عبر الأثير.. هناك بعض الانتقادات المُوجهة للفيلم منها الأداء المسرحي، فما قولك؟
من حق الجميع الانتقاد، لكن برأيي أن هناك مساحة للإذاعي يوسف يقول فيها ما لديه، يُساعده على ذلك صوته الجهوري، فالإطار هو آخر حلقة لبرنامجه الإذاعي الذي استمر لسنوات، وكانت لديه الرغبة في قول خطابه هو كما قال بن علي خطابه.
- بجانب الإخراج كتبت السيناريو والحوار الذي تضمن خطبة يوسف، منها جملة "يونس في بطن الحوت"، ماذا قصدت؟
أنا مهووس ببعض الشعراء والكتاب الروحانيين من بينهم جلال الدين الرومي وفريد الدين العطار، من هنا جاء ذلك التشبيه، واسم الإذاعي هو يوسف بن يونس، حاولت المزج بين قصة النبيين عبر خطبته، أما بطن الحوت فهي تونس، التي يشعر فيها بوحشة وأمان بنفس الوقت.
- وما دلالة ظهور السيدة ذات الشعر الأبيض التي تتنبأ باشتعال الثورة؟
هي شخصية يقال عنها بلغة السينما الفراشة، رغبت في وجودها بما فيها من غرابة تجعلها تتكشف على المستقبل من خلال خطابها التي تعطيه ليوسف، كما أنها ترمز للماضي، حيث تحتفظ بجميع حلقات برنامج تونس الليل.
-في الندوة التي أعقبت الفيلم تحدّث المنتج عن نجاحه تجاريًا بتونس، كيف رأيت ذلك؟
يهمني نجاح الفيلم على المستوى التجاري وبالمهرجانات أيضًا، وانفعالات الجمهور بتونس كانت تلقائية "لأن الجمهور يا يحب الفيلم يا ميحبوش".
-بنهاية الفيلم تجمّعت الأسرة داخل البار التي تُغني فيه الابنة، لماذا اخترت تلك النهاية؟
هو رمز يعني "إذا انتي مش هتيجي العالم بتاعنا، احنا هنيجي العالم بتاعك"، ولم يهمّ الأم المُحجبة أو الأخ المتدين الذهاب لذلك المكان، المهم مصلحة الابنة عزيزة.
- ظهر في الفيلم حانات وأحياء قديمة ومبنى الإذاعة الوطنية.. حدّثنا عن اختيار تلك الأماكن؟
كل الأماكن حقيقية، تعلّمت من صناعتي للأفلام الوثائقية الواقعية، ما يهمني هو روح سينما الواقع، ورغم ما قابلنا من صعوبات مثل التصوير داخل البار الضيق والحي القديم بشارع الباشا، إلا أن النتيجة جاءت جيدة.
- هل قابلتك صعوبات أخرى؟
نعم، الفيلم تم تصويره في ظروف صعبة بعام 2015، حينها أدّى انفجار بحياة 15 شخص، وتم فرض حظر التجول، تأثرنا جميعًا بما حدث، كما أن التصوير في ليل تونس لم يكن سهلًا.
- اعتمدت أغاني الفيلم على صوت الممثلة أميرة الشبلي، وهي المرة الأولى لها، ما سبب ذلك؟
لم أحب تسجيل صوت مستعار فوق صوت أميرة، أردت أن يكون مشاهد الغناء واقعية، كذلك كانت البحّة والبكاء النابع من صوتها صادق وحقيقي، كذلك كان مشهد غنائها أغنية "night in white satin” مباشر ودون تسجيل، وجاء اختيار تلك الأغنية لأنه قريب من عالم الفيلم.
- تحدثت عن تونس في أيامها الأخيرة قبل ثورة الياسمين، هل كان بالإمكان عمل هذا الفيلم قبل قيامها؟
لا، كان صعب جدًا، هناك أماكن صعب دخولها مثل الإذاعة الوطنية، كما أن ذكر اسم بن علي بالفيلم خطر، لم يكن ذلك ممكنًا من قبل.
-وهل بالإمكان اليوم صناعة فيلمًا عن تونس ما بعد الثورة؟
نعم، اليوم هناك مساحة كبيرة من الحرية، و"نحنا عارفين الثوابت والخطوط الحمرا اللي هي مش خطوط لكن مبادئ".
-في الندوة التي أعقبت الفيلم تحدّث المنتج عن نجاحه تجاريًا بتونس، كيف رأيت ذلك؟
يهمني نجاح الفيلم على المستوى التجاري وبالمهرجانات أيضًا، وانفعالات الجمهور بتونس كانت تلقائية "لأن الجمهور يا يحب الفيلم يا ميحبوش".
-وماذا عن ردود الفعل بمهرجان القاهرة السينمائي؟
شعرت بتفاعل الناس مع الفيلم، كانت ردود الفعل إيجابية، وأعجبني كثيرًا تعليق قيل "إن الفيلم ممكن يبقى القاهرة الليل أو الجزائر الليل أو بأي بلد عربي".
-ماذا عن مشاريعك القادمة، هل ترتبط بالثورة أيضًا؟
انتهينا من الثورة، أرغب في صنع حكايات اجتماعية والاستغراق بالنفس البشرية، مشروعي القادم سيكون بممثلين مصريين، داخل حارة شعبية.
فيديو قد يعجبك: