إعلان

"مصراوي" يحاور المخرج الفائز بأفضل وثائقي في "ساندانس" الأمريكي

01:00 م السبت 04 مارس 2017

الفيلم السوري آخر الرجال في حلب

حوار- رنا الجميعي:

في نهاية شهر يناير الماضي، حاز الفيلم السوري "آخر الرجال في حلب"، للمخرج فراس فياض، على جائزة الأفلام الوثائقية الأجنبية بمهرجان "ساندانس" الأمريكي للسينما المستقلة، وقد وصفته لجنة التحكيم بـ"فيلم استثنائي بلا أدنى شك، لا يُشبه فيلمًا آخر، رفعنا وحلّق بنا ثم أسقطنا في المكان، هو عمل فني مُتكامل مع صورة سينمائية قوية، يحكي قصة مقنعة لأبطال أظهروا الرحمة والإنسانية والشجاعة النادرة في ظل تزايد الظروف المستحيلة".

يرصد الفيلم قصة ثلاثة رجال من متطوعي الدفاع المدني السوري، أو ما يُسمى بـ"الخوذ البيضاء"، حاز الفيلم إعجاب العديدين، فكتبت الجارديان عنه أنه "عمل يقطع الأنفاس، وتحفة سينمائية"، كما أشادت به مجلة "فرايتي" التي وصفته بـ"عمل مختلف عما قُدم سابقًا عن سوريا، وغني بالحرفة".

تواصل "مصراوي" مع فراس فياض، مخرج الفيلم، وفي حوار معه يحكي عن تفاصيل العمل، يسرد بدايات الفكرة، وسبب قيامه بها، ونظرته للفن والوضع بسوريا.

-بالبداية.. عرفنا على نفسك.

أنا سوري، واحد من مئات الألوف الذين تشردوا بسبب رغبتهم بالتغيير، وحلمهم بحرية التعبير، ووطن عادل. درست صناعة الأفلام، ومعي بكالوريوس في الفنون السمع بصرية والإخراج السينمائي. نشأت تجربتي منذ 2006، وما زالت كل تجربة تُغنيني، اشتغلت عدد من الأفلام لعدة محطات وشركات إنتاج منها الجزيرة وشبكة بي بي سي وقناة التلفزيون الدنماركي.

-قدمت عددًا من الأفلام الوثائقية سابقًا، آخرها "خلف اللون الأبيض"ـ ما المختلف الذي تقدمه في فيلم "آخر الرجال في حلب"؟

"خلف اللون الأبيض" هو فيلم قصير يحكي عن بداية تأسيس الدفاع المدني، وهو الركيزة الأساسية التي بُنيت عليها تجربة "آخر الرجال في حلب"، ويعتبر الفيلم الأخير هو النسخة العالمية والتي أخذتُ وقتًا أطول في صناعته.

1

-أخبرنا عن كيفية التقديم لمهرجان ساندانس الأمريكي؟

التقديم لساندانس لا يختلف عن أي مهرجان آخر، كل ما هنالك أن هذا المهرجان يهتم بمواضيع وقصص مبذول جهد بها، وتكون احترافية وتمس الواقع، وتعبر عن السينما المستقلة بمعناها الحقيقي بدون تدخل ستوديوهات كبرى.

-صف لنا ردود الأفعال حول فيلمك قبل الفوز بالجائزة ؟

كان رد فعل الحضور كبير "كانت الصالة ممتلئة وفيه قايمة انتظار طويلة"، حتى أنهم طالبوا بانتشار عرضه بكافة الولايات الأمريكية، كما حصل الفيلم على عروض إضافية بعد فوزه.

-برأيك لماذا حاز "آخر الرجال في حلب" على إعجاب الجمهور والنقاد؟

لأنهم رأوا أن الموضوع الذي يتناوله الفيلم مهم وإنساني، وهو يشرح بعض من جوانب البيئة والثقافة التي يعيشها السوريون، كما يعبر عن طبيعة الحرب هناك ، ويناقش السبب الذي يجعل السوريون مستمرين بصراعهم في وجه كل ما يعادي الإنسانية.

-هل توقعت الفوز بالجائزة؟

بصراحة لم نكن نفكر بالجائزة نهائيًا، كان هدفنا بحالة الحصول عليها أنها ستدعم جهود الفيلم وقضيته والأفكار التي يحملها، من أجل دعم الخوذ البيضاء ومهامهم الإنسانية، حيث تعرضوا للتشويه بسبب نقص المعلومات عنهم.

-أخبرنا كيف بدأت بالتفكير في "آخر الرجال في حلب"؟

أنا اعتقلت من النظام السوري مرتين، وفي المرة الثانية كنت شاهد على عمليات التعذيب، وتعرضت أيضًا للتعذيب، وكنت أتساءل دائمًا لماذا يعتقل النظام العاملين بالشأن الإنساني "هم ما عندهم توجه سياسي ويقومون فقط بمعالجة الجرحى"، لذا بدأت أفكر في عمل فيلم في عام 2013، وقت تأسيس الدفاع المدني، وتطورت الفكرة مع قصف النظام بالبراميل لأحياء المدينة.

-احك لنا عن المصاعب التي واجهتها في تنفيذ هذا الفيلم؟

واجهتني بالبداية صعوبة إقناعهم للظهور بالفيلم "مو كتير بيحبوا يظهروا للإعلام"، حيث اعتبروا عملهم للخير لا للمظاهر، استغرقت وقتا طويلا لإقناعهم أن ما يقوموا به هو عمل مهم ويجب أن يعرفه الناس، ويُمكن من خلال الفيلم أن يدفع الدول والسياسيون لإيقاف الحرب الدائرة بسوريا، كما يُحتمل أن يدعمهم هم أنفسهم من أجل تحييدهم عن الاستهداف والملاحقة.

2

- وما القصص التي يتناولها الفيلم؟

باختصار يتناول الفيلم الصراع من أجل الحياة، حيث يعرض العمل لصراع الشخصيات من أجل الأمل والدفاع عن قيمهم الإنسانية، أحد أبطال الفيلم يعيش من أجل عائلته، وآخر من أجل شقيقه، هؤلاء الشخصيات تواجه القلق والخوف والعزلة، وتكافح من أجل البقاء والحب والعلاقات الاجتماعية، وحماية أنفسهم وعوائلهم من الحرب والموت.

- كيف تمكنتم من تصوير بعض المشاهد داخل سوريا وسط القصف العنيف؟

قُمنا بالتصوير داخل مدينة حلب، واجهتنا صعوبات كثيرة منها إلقاء القنابل والبراميل المتفجرة بجانب الطاقم، كان المصورون يتحولون أحيانًا إلى عمال إنقاذ، إضافة إلى صعوبة التعامل مع شخصيات الفيلم لأنهم دائمًا مشغولين بالعمل، وتظل الكاميرا تلاحقهم.

-يُشاركك بالفيلم مُخرج معاون، كيف كانت آلية التعاون بينكما؟

التقيت بستيف يوهانسون أثناء عملي بالدنمارك، هو واحد من أهم المونتيرات هناك، وعرض عليّ مساعدته بصناعة هذا الفيلم. فلكي أحصل على تمويل أوروبي "إنه يكون فيه شريك أوروبي معي"، لذا توصلنا لصيغة المخرج المشارك بـ"آخر الرجال في حلب"، وتمكنّا من الحصول على تمويل من الدنمارك "وكان فيه كيميا عالية كتير بينا".

3

- هل سيشارك "آخر الرجال في حلب" بمهرجانات أخرى؟

نعم، سيكون فيلم الافتتاح بـمهرجان كوبنهاجن الدولي، كما شارك أيضًا بمسابقة البافتا ببريطانيا، وعرض بالصالات هناك، وسيشارك أيضًا بمهرجان جنيف لحقوق الإنسان، ونفكر الآن في عرضه بأحد مهرجانات العالم العربي.

-ما هي رؤيتك للأفلام الوثائقية؟

أعتقد أن الأفلام الوثائقية ليست أقل من الدرامية، ورغم أن طريقة العمل وبناء القصة والمراحل العملية هي نفسها، إلا أن الصعوبة أكبر بالوثائقي "لأنه يحتاج لزمن أطول، وبترصد الواقع وتلاحق الأحداث"، كما يكمن الجهد أيضًا في إقناع الشخصيات "إنك تقدر تدخل حياتها وتصور كل شي بدك ياه حتى يساعدك بالقصة".

-اعتقلت سابقًا بسبب فيلم "على الضفة الأخرى"، ما هي كواليس الاعتقال؟

اعتقلت بسبب الفيلم عام 2012، أثناء المراحل الأخيرة للعمل، وصودرت أجزاء كبيرة من المواد، كانت خسارة كبيرة، كان الفيلم يُناقش قصة العاملين بالحقل الإعلامي والثقافي، الذين تهجروا من سوريا بسبب الضغوطات الأمنية، كنت أتحدى السلطة من خلال الفن والكلمة، ومازال عندي حتى الآن جزء من المواد "وراح ييجي يوم اشتغل الفيلم وراح نقول كلمتنا".

-ما هي المواقف التي تعلمت منها شيئًا خلال صناعة "آخر الرجال في حلب"؟

"احنا بنحكي عن 250 ساعة من التصوير على مدار سنتين"، كل موقف له تجربة خاصة نحتتني ذهنيًا وفكريًا، لكن أهم شئ هو الثقة التي بُنيت بيني وبين الشخصيات، اكتسبت أصدقاء جدد، وصارت المعرفة كبيرة بيننا، نتبادل الألم والأمل.

-أخبرنا عن فريق الفيلم، وكيف كان تنسيق العمل فيما بينهم؟

هم مجموعة من المصورين الشجعان، ضمن مؤسسة الإنتاج "مركز حلب الإعلامي"، هم أشخاص موهوبون جدًا، ولديهم أدوات احترافية في التصوير، جعلنا العمل أشبه بعائلة واحدة مع الخوف لتعرض أحدنا لأي شكل من أشكال الموت، كانت عملية التصوير بطولة حقيقية لفادي الحلبي وحسن قطان وثائر محمد وجاهد أبو جود وجمال وخالد الخطيب، ومنتج العمل كريم عبيد "ولولا مركز حلب ما كان هادا الفيلم".

4

-كيف ترى الفن حاليًا في سوريا؟ وكيف يُمكن تقديمه في ظل الأجواء الصعبة؟

أعتقد أن الفن بسوريا الآن يحمل مساحة كبيرة من التعبير لدى الفنانين والسينمائيين، حتى وسط الصحفيين هناك، وبالرغم أنها تجربة ليست سهلة، ولكنها تدفع صناع الأفلام بالعمل بكامل طاقتهم لإنجاز مشاريع مهمة تحكي عن قضاياهم الإنسانية والاجتماعية، عن نضالهم ومشاعرهم.

- وهل تعمل على مشاريع مستقبلية ؟

هناك مشاريع منتظرة من بينها فيلم قمت بنشر فيديو خاص به على قناتي باسم "ذاكرة جغرافية"، وهو تجربة بحثية حاولت تقديمه كفيديو من أجل صياغة أفكاري، حتى أصل إلى الشكل النهائي للمشروع، وحتى الآن مازلت أعمل على تجميع المواد والبحوث لأجله، وأعتقد أنه سيظهر قريبًا، ولكن ليس بالشكل الشاعري الذي نشرته.

- كيف ترى الوضع الآن بسوريا؟

أعتقد أن رغبة الناس ستستمر بالتغيير، وبالمطالبة بالعدالة والحرية، ذلك الموقف هو موقف إنساني لبشر يبحثون عن وطن مستقر وبعيد عن القتل والملاحقة والضغط على حياتنا الشخصية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان