رامي عصام: إذا عارض الفنان النظام سيمنعوه.. والثورة لم تحقق أهدافها (حوار)
حوار- هدى الشيمي:
ثأر وتمرد بجانب المصريين في ميدان التحرير طوال الثمانية عشر يوم حتى سقط مبارك، ولم يكتفِ بذلك، بل شارك في الاحتجاجات والمسيرات والمظاهرات، فيما تلى الثورة من أحداث، ليعبر عن رفضه الشديد للظلم، وتنفسه للحرية، مثل باقي الشباب، وللتعبير عن الفكرة التي آمن بها، ولم يثنيه شئ عن فكرته، وإيمانه التعذيب، أو التهديد.
رامي عصام الذي ابتعد عن الهندسة من أجل الموسيقي، وحصل على لقب "مطرب الثورة"، لأن أغانيه ألهبت حماسهم، وأشعلت النار في نفوسهم، في ليالي التحرير الباردة، ولم يهرب ويترك بلاده التي يعشق ترابها، مثلما ردد البعض، وفي ذكرى الثورة الرابعة، كان لمصراوي معه هذا الحوار.
يعرفك الجميع بمطرب الثورة فهل ترى أن الثورة حققت بعض من أهدافها؟
إذا أمسك أحدهم بورقة وقلم، سيكتشف أن الثورة لم تحقق أهدافها، وهي "العيش، الحرية، العدالة الاجتماعية" نضف إلى ذلك تطهير الشرطة، ومع ذلك أنا معترض على الفكر التشاؤمي الذي يعتقد أن الثورة لم تحقق أي شيء، لأنها غيرت المصريين على أرض الواقع، وغيرت جيل كامل أنا واحد منهم، وخلقت بداخلهم وعي أكثر، لأننا جميعا نمر بمرحلة جديدة جدًا، ولم نكن مهتمين بأي شيء من قبل، ولكننا الآن بدأنا نهتم أكثر.
وما تقييمك للوضع خلال الخمس أعوام الماضية؟
ببساطة الثورة تمر بمرحلة من التشويش أو "التوهان"، فالكثير من الأشخاص تم اكتشاف حقيقتهم، وهناك من خان الثورة، وهناك من أثبت ولائه لها، ومر الثوار أو المؤمنين بالقضية بمرحلة صعبة جدًا خلال الفترة الماضية، إلا أني أعتقد أنه بداية من هذا العام، سيقل التشويش بالتدريج، ويبدأ كل واحد منّا في تحديد الجهة التي ينتمي إليها.
وهل ترى ذلك التشويش طبيعي؟
أعتقد أنه طبيعي، فبعد وصول كل قوة لذروتها، يحدث هبوط للنشاط الثوري، واتمنى ألا يصاب المصريين بالإحباط بسبب ما يحدث، وأن يأخذوا الموضوع بصدر رحب، فلا توجد ثورة تنجح وتحقق أهدافها في يوم وليلة، ويجب علينا في هذه الفترة تقبل هذه الفكرة، والتعامل معها بشكل به المزيد من الأمل والتفاؤل.
وما أبرز ذكرياتك خلال الـ 18 يوم من الثورة؟ وما الصفات التي اتسم بها الشعب المصري في تلك الفترة ولم تكن موجودة الآن؟
أبرز ذكرياتي بشكل عام، هو جو الاحترام السائد بين الناس، وتعاملهم مع بعض باحترام شديد، وخاصة احترام المرأة، وخوفهم على بعض، وعدم وجود تعصب ديني، كان هذا جديد علينا تمامًا، ولم يحدث في مصر قبل أو بعد أيام الثورة الثمانية عشر، ففي بعض الاعتصامات، كان هناك تعامل حسن بين الناس، ولكنه لم يكن مثل الموجود في أيام الثورة.. أما بالنسبة لي شخصيًا، فهو أني بدأت حياتي الفنية وأنا أغني في ميدان التحرير، أمام الملايين.
ما رأيك في إلقاء اللوم على الشباب في وصول جماعة الإخوان المسلمين للحكم؟
كلمة اللوم كبيرة جدًا وقاسية على شباب الثورة، ولكنهم مخطئين، ومع ذلك لديهم العذر، لأنها كانت أول ثورة لهم، وبكل بساطة مشكلة الشباب الثوريين هي غياب التنظيم منذ أيام الثورة، وحتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود قائد، ولا اقصد بكلمة قائد شخص، القائد ممكن ان يكون فكرة نؤمن بها، ونسير خلفها، وبالتالي كان التنظيم الوحيد المنظم أيام الثورة، هو الإخوان المسلمين، لذلك وصلوا للحكم، وساعدهم على ذلك الفوبيا التي أصابت الناس، من وصول أحمد شفيق للحكم، هذا كل ما في الأمر.
وكيف ترى براءة حسني مبارك وحبيب العادلي، وحصول نجليه على إخلاء سبيل؟
انا حزين بسبب هذه الأخبار، ففكرة حصولهم على البراءة وخروجهم بشكل نهائي من السجن، خلق احساسًا صعبًا جدًا بأن الجناة يحصلون على براءة، وكأنه لم يحدث شيء، ولم يُستشهد أحد.
وهل ترى أن الوضع السياسي الحالي يؤثر على الفن والموسيقي سلبًا؟
طبعا هناك تأثير سلبي كبير جدًا، أولا بسبب التخبطات الكثيرة الموجودة في المجتمع، والتشتت الذي أصاب الشعب، فكل منهم اختار جبهة، واختار فئة ويشعر أنها على الصواب، والباقي خطأ، وهذا انعكس بدوره على الفن والفنانين، هذا بالنسبة للشق الاجتماعي وتأثيره.
أما الشق السياسي، فهو مؤثر بشكل كبير، لأن الحكومة لا تعطي مجالا لحرية الرأي والتعبير، أو مساحة حرية كافية للفنانين للتعبير عن آرائهم، وإذا فتح فنان النار على الحكومة، فلن يجد من يسمح له بالظهور في الإعلام، وهذا حدث معي عامي 2013 و2014، فكنت شبه ممنوع رسميًا من الغناء في أي مكان أو الظهور في أي وسيلة إعلام، وأنا واثق من حدوث ذلك لكل للعديد من الفنانين.
ترددت أخبار حول تلقيك تهديدات ومضايقات بسبب نشاطك السياسي، فما صحة هذه التهديدات؟
هذ الموضوع ليس بجديد عليّ، فهو يحدث منذ بداية الثورة، من قبل ضباط شرطة أو جيش، وأحيانا تكون تهديدات وجهًا لوجه، وأحيانا على حساباتي الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعية "فيس بوك" و"تويتر"، وأحيانا تشن ضدي حملات شرسة وتهديدات بعد نشري لأغاني تهاجم النظام، وكان آخر تلك المضايقات، إلقاء القبض عليّ في كمين السويس، أثناء عودتي من سيناء برفقة أصدقائي، وعندما دخلت أمن الدولة هددوني بطريقة غير مباشرة، ونصحوني بالتوقف عن الغناء ضدهم.
ما حقيقة لجؤك السياسي للسويد؟
لم أسافر للسويد هربًا من مصر أو طلبًا للجوء السياسي، ولكنى أدرس هناك لمدة سنتين، وأعتبر تواجدي في السويد، فرصة جيدة جدًا بالنسبة لي، حيث أني أدرس موسيقي، وأزور بلاد العالم، وأتحدث باسم الثوار المستقلين، الذين لا يتحدث باسمهم أحد، فأنا أحاول أن أكون سفيرًا للثوار المستقلين، وأتمنى أن أكون على قدر هذه المسئولية.
اتهمت بأنك تعمل على التحريض ضد مصلحة الوطن، وأنك تسعى إلى نشر الفوضى، فما ردك على هذه الاتهامات؟
التهديدات تخرج من الصحافة التي تعمل مع الحكومة، وأي معارض للنظام سيتهموه بتلك الاتهامات، وسيحاولون تشويه صورته، المشكلة هو وجود فجوة كبيرة بيننا وبين ذلك النوع من الصحافة، وردي دومًا أنني سأظل متمسك بما أقوم به، لأننى مؤمن به.
قمت بنشر أكثر من 45 أغنية منذ ثورة يناير وحتى الآن، فهل تعتقد أن أغانيك أحدثت التأثير المطلوب؟
صعب جدًا الاجابة على هذا السؤال، فالجمهور هو الفيصل في ذلك، ولكن أعتقد أن الأغاني أحدثت التأثير المطلوب، ففي بعض الأحيان عند نشرى للأغاني على الانترنت، كانت تحقق تأثيرًا أكبر مما تخيلته، خاصة "ارحل" في الثمانية عشر يوم، وهناك أغاني نشرت على الانترنت ساعدت على توضيح الفكرة لآخرين.
وما الدور الذي يجب أن يلعبه الفنان من أجل إحداث تغيير في المجتمع، أو نشر قيم معينة من وجهتك نظرك؟
دور مهم جدًا، وأتمنى أن يدرك الفنانين الذين يقدمون أي نوع من الفن أهمية سلاحهم، وحجم تأثيره، وقدرته على التغيير، وتجربتي أثناء الثورة، جعلتني أؤمن بقوة ذلك السلاح، ويجب الحرص على اختيار الكلمة، ونوع الموسيقي، وعدم الاستهانة بقوتها.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: