إعلان

عمر خورشيد.. أشهر عازفي الجيتار الذي تحول لأسطورة موسيقية تداعب خيال المراهقات

09:26 ص الخميس 30 أبريل 2015

عمر خورشيد

كتبت- هدى الشيمي:

يقال إن الجيتار يحمل لعنة تصيب أصحابه فهو يعطي لصاحبه الكثير من الأشياء التي يرغب بها أي شخص في العالم، كحب الفتيات وتهافتهن عليه، الشهرة، والمال، ومع ذلك يسلبهم حياتهم، هذا ما حدث مع عازف الجيتار العالمي جيمي هيندريكس، الذي توفي في عامه السابع والعشرين، بعد تحقيقه لشهرة ونجاحا منقطعا النظير، وهذا أيضا ما حدث مع الموسيقار والممثل عمر خورشيد الذي توفي في عامه السادس والثلاثين، بعد تحوله لأشهر عازفي الجيتار، ومشاركته لكبار المطربين العزف في فرقهم الغنائية، مثل كوكب الشرق أم كلثوم، وعبد الحليم حافظ.

عمر خورشيد بألحانه وموسيقاه المميزة التي تشبهه، والتي عند استماعها ترى ذلك الوجه الوسيم المميز بتلك العينين الضاحكتين، والشعر الأسود، تحول لأسطورة موسيقية تداعب خيال المراهقات، وتحول إلى أحد أشهر الموسيقيين في مصر، والعالم العربي.

لعب خورشيد دورا مشابها لدور كوكب الشرق أم كلثوم، كلاهما استطاع الاستحواذ على قلوب الجميع، المثقفين والعامة، والحرفيين، فهي تغنت بروائع القصائد العربية الفصحى، وهو استحوذ بموسيقاه الغربية الأصل على قلوب الجميع، وحول جيتاره إلى أشهر الآلات الموسيقية في الألحان العربية، وهذا بشاهدة الكثير من الموسيقيين من بينهم صديقه وزميله الموسيقار هاني مهنى، والذي جمعت بينهما علاقة قوية استمرت لسنوات، عمل فيها معا في فرقة أم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، وعمل مع نجاة، وصباح، وغيرهم من كبار المغنيين.

"عمر من الناس الذين أسسوا ثقافة الجيتار في مصر وفي الموسيقي الشرقية، فمصريته فرضت عليه تطويعه للشرقية، وجعله أداة موسيقية شرقية" بحسب الموسيقار هاني مهنى.

عشق خورشيد الذي تربي في بيت يهتم بالفنون الموسيقي، فوالده أحمد خورشيد مدير تصوير سينمائي موهوب، كان سميعا أيضا، وكذلك والدته عواطف هاشم، فشجعوه على تحويل الهواية إلى عادة، يقول عنها في لقاء له ببرنامج تسجيلات من زمن فات "أنا الموسيقي بالنسبالي كل شيء، ماقدرش يعدي يوم عليا في البيت من غير ما اعزف، وبعدين الجيتار هو اللي عرفني للجمهور، فمقدرش أبعد عنه".

بعد فترة من تمرنه على الموسيقى، ولعبه على الجيتار الذي تحول إلى جزء لا يتجزأ من شخصيته، كوّن خورشيد فريق موسيقي لعزف اشهر الألحان الغربية في الملاهي الليلة، فالتف حوله الشباب والكبار، وحقق نجاحا كبيرا على الرغم من اختلاف نوع الموسيقي التي لعبها في ذلك الوقت عن المتداولة، والتي يفضلها الشباب، خاصة ولأنه ظهر في فترة سيطرة فيها الموسيقي الشرقية الخالصة على قلوب المستعمين، بعد الصحوة الموسيقية والنهضة التي أخرجت الموسيقي الشرقية من كبوتها، والتي قامت بها أم كلثوم، و محمد عبد الوهاب.

وبعد سنوات من التعب وبذل الجهد، انضم خورشيد لفريق بيتي شاه ليلفت انتباه العندليب عبد الحليم حافظ، وتنطلق مسيرته الفنية التي نتج عنها المزج بين الموسيقي الشرقية والغربية، وليتحول خورشيد إلى أول العازفين الذين عزفوا الموسيقي الغربية، في فرقة كوكب الشرق أم كلثوم.

من وجهة نظره فإن الجيتار أصبح ذو قيمة كبيرة في الموسيقي الشرقية، فقال عنه "الجيتار آلة غربية دخلت الموسيقي الشرقية قريبا، وبحكم إنها آلة غربية فالملحن ما ادهاش حقها في اللحن، ولكن من سنتين تقريبا وبعد ما عملنا لحن دارت الأيام، للست أم كلثوم تحول للعمود الفقري للأغنية العربية".

"ألف ليلة وليلة"، "من أجل عينيك"، "أنت عمري"، "دارت الأيام"، "على حسب وداد"، "قارئة الفنجان" كلها أعمال استطاع عمر خورشيد إضافة بصمة واضحة فيها سواء كان على مستوى الموسيقي، أو الجمهور الذين "يقطعون أيديهم" من التصفيق عندما يقدمه عبد الحليم حافظ على المسرح، أو عندما ينتهي من عزف الجزء الخاص به في إحدى أغنيات أم كلثوم.

لم يتسبب تميزه الموسيقي في علو مكانته وزيادة قيمته عن الجمهور فقط، بل ساعده على التقرب من "ثومة" والتي اعتبرته ابنا لها، اهتمت به ودعمته كما دعمت صديقه هاني مهنى، والذي قال "أم كلثوم كانت بالنسبة لنا أم وصديقة غالية، كانت تهتم بكل البراعم المصرية الصغيرة، وتعاملها كان فوق مستوى الشرف".

عند وقوع مشكلة بين عمر خورشيد وعائلته طلبت منه "ثومة" أن يمكث في منزلها حتى تنتهي المشكلة، وهذا ما حدث بالفعل، "علاقتهما كانت جميلة وقوية" على حد ذكر مهنى.

تعايش عمر خورشيد مع الموسيقي ومع اللحن الذي يشارك فيه بالجيتار، فيذهب برفقة مهنى لمنزل محمد عبد الوهاب ويبدأوا في معرفة اللحن ودراسته، وانتقاء النغمة التي تتوافق مع الجيتار الإلكتروني أو الأورج، ليتحول الأمر إلى مطبخ يتم في تسوية اللحن على نار هادئة، ليخرج في أبهى وألذ حالاته.

وفي التمثيل حقق عمر خورشيد نجاحا كبيرا، أرجعه بعض النقاد لوسامته، وهناك من قال إنه يمتلك كاريزما ووجه يحب الجميع مشاهداته تكسوه ملامح الطيبة، وعينان تشعان براءة.

لم يكن فيلم "ابنتي العزيزة" أول مشاريع عمر خورشيد في التمثيل، فكان من المقرر أن يمثل دور الطفل الصغير في فيلم "صراع في الوادي" مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة وكان والده مدير التصوير في هذا الفيلم، إلا أنه مرض قبل تصوير الفيلم، لتضيع منه أولى الفرص، ويحققها بعد أكثر من عشر سنوات.

"عمر طموح جدا وكان شايف إنه يقدر يمثل ويعزف موسيقي، وفعلا قدر ينفذ ده"، تلك شهادة صديقة مهنى، والذي عرض عليهم المنتج السينمائي رمسيس نجيب التمثيل في نفس الوقت، ولكن مهنى انسحب لأنه شعر برغبة في التركيز بالموسيقى، على عكس عمر الذي انطلق في عالم التمثيل، محققا أكثر من نجاح.

فتح مجال التمثيل لعمر خورشيد سكة جديدة وهي تأليف الموسيقى التصويرية للأفلام السينمائية، فلحن أكثر من 48 لحن وموسيقي تصويرية للأفلام السينمائية، من بينهم "الرصاصة لا تزال في جيبي"، "أين عقلي"، "الإخوة الأعداء"، "سونيا والمجنون"، "وسقطت في بحر من العسل"، "اذكريني"، "دموع في ليلة الزفاف"، والخبز المر".

وعن نفسه يقول عمر "أنا ممثل وعازف جيتار ومؤلف موسيقي، ولكن في حالة التمثيل بنسي إني عازف، أو مؤلف، وكذلك وأنا على المسرح، بعزف وبلحن، وأنا في أي جو من التلاتة باخد الفورمة بتاعته"، مؤكدا أنه استطاع تنسيق وقته والعمل على الجبهات المختلفة من عزف وتمثيل وتلحين.

عندما سألته المذيعة ناهد جبر "صوتك كويس، طيب ليه مش بتغني؟"، أجابها قائلا "صوتي كويس أه، ولكن انا مش مطرب اساسا، مقدرتش اشتغل في الغنا، لأني حسيت إني هاقدر اتحكم في الآلة إللي في إيدي أسهل من إني اتحكم في صوتي"، ولكنه بجانب التحكم في الجيتار وتأليف مقطوعات موسيقية في شرائط كاسيت تحمل اسم "عمر خورشيد وأغنياته الساحرة" والتي حققت نجاحا كبيرا في ذلك الوقت، استطاع التحكم في قلوب الجمهور، والذي وقع في غرامه قبل معرفة قدر وسامته عن طريق موسيقاه التي تدخل القلب بدون استئذان.

فيديو قد يعجبك: