القصبجي: الموسيقار العاشق الذي ظلمته "العصفورة" وتجاهله الإعلام
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
كتبت- منى الموجي وهدى الشيمي:
جسده نحيل، قصير القامة، ذو شارب غير مألوف، بمجرد ذكر اسمه يستدعي الجمهور صورته وهو جالس متقوقع على كرسي خشبي ممسكا بعوده ضمن الفرقة الموسيقية الواقفة خلف كوكب الشرق، ورغم أنه مجدد موسيقي عظيم لم يرفض محمد القصبجي أو يستنكر يوما أن يكون عازف فقط على آلة العود يعزف لحن أحد تلاميذه كالموسيقار محمد عبدالوهاب، أو الملحن بليغ حمدي وغيرهم، فهو العاشق المتيم بحب الموسيقى، وبصوت أم كلثوم..
"مصراوي" يحيي ذكرى ميلاد "قصب"، مستعرضا آراء المتخصصين في الموسيقار العاشق ورائد التجديد محمد القصبجي..
الكمال
أكد الموسيقار حلمي بكر أن الملحن محمد القصبجي لم يأخذ واحد من الألف في المئة، من القيمة التي يستحقها، ووصفه بأنه أبو العبقرية المصرية في الموسيقى وتطويرها، مستدلا بأغنية "قلبي دليلي" التي لحنها للفنانة ليلى مراد، وأغانيه الأخرى التي مازالت تُذاع حتى يومنا هذا، وهناك من لا يُصدق أن القصبجي هو من وضع ألحانها.
ويرى بكر أن ما ميز القصبجي عن ملحني جيله الحداثة والتطوير والنسب التي كانت مستقبلية، فعندما تُذاع في أي وقت يشعر المستمع أنها صُنعت اليوم، متابعا "القصبجي ظُلم ولا أحب أن أفسر أكثر من ذلك، فقد ساهم في نجاح ناس جدا بجوار أخرين، فمُنع من التلحين، وفضل أن يظل عوادا لأم كلثوم إلى أن مات، واللي منعته العصفورة".
ورفض بكر أن يكون القصبجي تأثر برفض أم كلثوم لألحانه لأكثر من 20 عام، أو أنه فقد ثقته في ألحانه، موضحا أن القصبجي كان يتميز بأنه لا يعنيه من هم خلف ظهره، ويركز في أن يقدم عملا يصل لمرحلة الكمال، "مكنش بيعمل حساب لحد، وإلا كان عمل حساب للعصفورة"، فكل ما كان يعنيه أنه القصبجي الذي يملك ما لا يملكه الغير.
موهبة لا مثيل لها
اعتبر الموسيقار منير الوسيمي، القصبجي فنان عظيم متميز ومتفرد، ليس له مثيل، احتفظ بشرقيته ولكنه متأثر بالغرب، فهو رجل يحمل ثقافة عالية وشرقي أصيل.
"كان من رواد الموسيقي الشرقيين المتميزين جدا" هكذا وصفه الوسيمي، مؤكدا أنه كان عازف عود بارع وملحن له أعمال عظيمة ومتميزة، رغم إنها شرقية إلا أنها كانت متطورة جدا، متأثرة بالغرب دون فقدانها لهويتها العربية.
وعن ارتباط اسمه بأم كلثوم على الرغم من تقديمه لألحان أخرى لكبار الفنانات والفنانين، يقول "هذا طبيعي فأم كلثوم تحجب من حولها، وهي مسألة تشبه القمر فإذا ظهر لن تهتم كثيرا بالنجوم"، مشيرا إلى أن القصبجي كان ركن من أركان أم كلثوم، وعملها أروع الألحان".
"لم يُظلم أبدا، ولكن يجب الاهتمام به إعلاميا"، قالها الوسيمي داعيا مؤسسات الدولة بزيادة الإهتمام به أكثر من ذلك، وقال "هناك تمثال للقصبجي في معهد الموسيقي العربية بتركيا، تركيا شعرت بقيمته أكثر منّا".
أسمهان تغني من الحان القصبجي "امتى هتعرف"..
عظيم ومخلص
رأى الملحن الموسيقي هاني شنودة، أن محمد القصبجي من أعظم الملحنين المصريين، إن لم يكن أعظمهم على الإطلاق، "كفاية لحن رق الحبيب".
موسيقى "رق الحبيب"..
وتابع شنودة قوله "لحن لأم كلثوم مجموعة من الأغاني القصيرة، ومجموعة من أعظم وأفضل الألحان، فهو موسيقي ليس له مثيل".
ووجد شنودة أن إخلاصه الشديد لأم كلثوم يجب الإشادة به، وهو شيء يستحق التقدير، فهو على حد ذكره أفضل الملحنين في مصر بعد سيد درويش.
"القصبجي كان واخد مصر سكة تانية" قالها شنودة الذي أوضح أن الملحن الراحل له مجموعة من الألحان التي كان باستطاعتها تغيير مسار الموسيقى في مصر، فكانت موسيقاه تتجه للشكل الأوبرالي، وظهر ذلك في لحن أغنية "أنا قلبي دليلي".
"اتظلم حكوميا أه، مطلبوش منه يعمل أغاني، ماعملش فوازير، ومقدرش يلحن أغاني لمطربين تانيين بجانب أم كلثوم"، بحسب شنودة، والذي يرى أن الفنان في مصر يُظلم ولا يحصل على حقه "تالت ومتلت"، قائلا "إذا نست الدولة الملحن، ولم تعطه جوائز فلن يكن ذلك مشكلة، لأنه إذا استطاع أن يصنع لحنا واحد، ويؤثر في الناس ويدخل قلوبهم، فهذا يكفي، فالجمهور هو من يمنح المبدع شهادة التقدير الحقيقية".
الموسيقار العاشق
وقال الباحث والناقد الموسيقي الدكتور أشرف عبد الرحمن "محمد القصبجي كان موسيقار عاشق ومجدد لم يأخذ حقه إلى اليوم، فهو من أشهر وأعظم عازفي العود في تاريخ الموسيقى العربية، وورث ذلك عن والده".
أشار أشرف إلى أن القصبجي بدأ حياته مع أم كلثوم، ويُعتبر أول من أرسى القواعد الأساسية لفن المونولوج في عام 1927 عندما قدم لأم كلثوم لحن "إن كنت أسامح" من كلمات أحمد رامي، فقد كان المونولوج آنذاك شكل غنائي متطور وجديد على الغناء العربي.
ويعتبر أشرف أن القصبجي رائد التجديد في الموسيقى العربية، حيث أدخل إيقاعات غربية في أغنية "أنا قلبي دليلي"، وعندما تعاون مع أسمهان في أغنية "يا طيور" في الثلاثينات، وخرجت على نظام الغناء الأوبرالي في شكل الموسيقى وأسلوب الغناء، فهو أول المجددين بعد الشيخ سيد درويش، في القرن الـ20.
ليلى مراد تغني من ألحان القصبجي "أنا قلبي دليلي"..
وعما إذا كان الربط بين أم كلثوم والقصبجي ظلمه، قال أشرف "لا يمكن حصر القصبجي في التعاون مع أم كلثوم، فالقصبجي متجدد مع أم كلثوم ومع غيرها، فمع الست كان متجدد بالنسبة للصياغة اللحنية العربية، ومع غيرها كان متجدد في الموسيقى من حيث الإيقاع والأسلوب الغنائي العربي والغربي، فقدم قمة ابتكاراته مع أسمهان وليلى مراد".
وتابع أشرف "أسمهان صوت يستطيع أن يغني غناءا أوبرالي، بالطبقات العالية، مكنش ينفع الأسلوب الغربي لأم كلثوم، لأن آداءها شرقي طربي، فكان يقدم لها جمل تظهر جماليات التطريب، والشجن"، مشيرا إلى ان أشهر أغاني ليلى مراد وأسمهان وضع ألحانها القصبجي، ومنها "إضحك كركر"، فاستخدم الضحكة من الناحية التعبيرية، داخل الإيقاع وهذا تجديد، فهو رائد المدرسة الحديثة، في المدرسة العربية التعبيرية.
ولفت أشرف إلى أن الموسيقار بليغ حمدي كان دائما يردد أنه متأثر برائد التجديد محمد القصبجي، كما كتب عنه الكثير من المؤرخين، ومنهم الدكتورة رتيبة الحفني في "الموسيقار العاشق"، وكتب عنه آخرون فالتأريخ للقصبجي، تم بصورة جيدة ، لكنه لم يأخذ حقه إعلاميا.
واختتم أشرف بأن القصبجي كان يأمل أن يستمر عطاءه لأم كلثوم خاصة بعد "رق الحبيب"، لما حققته من شهرة كبيرة، موضحا أن البعد لم يؤثر سلبا على القصبجي بل أثر بالسلب على أم كلثوم، "فكان من الممكن أن يقدم لها حاجات جديدة".
فيديو قد يعجبك: