مصمم الديكور "أحمد شاكر": جراند أوتيل أقرب تجربة لقلبي.. ولم أشاهد نسخة المسلسل الإسباني - (حوار)
حوار- رنا الجميعي:
في صيف العام الماضي جلس المُخرج "محمد شاكر خضير" مع أخيه "أحمد"، يحكي قصة أحدث عمل درامي له، يُخبره بالحكاية القادمة من خمسينيات القرن الماضي، دراما من النوع التشويقي، مغزول بها علاقات حب ملتبسة، لم يكن يخبره كشقيق بل كمصمم ديكور، منذ الوهلة الأولى أخذ "أحمد" في تخيُّل القصة، ووافق على الفور، ليبدأ بعدها في البحث وبناء ديكور مصنوع خصيصًا لعالم الـ"جراند أوتيل".
مع بداية العام الحالي، كان أحمد يقف في بهو الفندق الذي أنهى بنائه لتوه، يدور بعينيه في أرجاء المكان الصامت، يُراجع كل ما خطط لعمله، يخطر له أن الموسيقى ستُعطي "اللوبي" نكهة ممتعة، يُشغّل أغنية فالس، ثُم يعيد النظر إلى أركان البهو الذي لم تلمسه أقدام الممثلين بعد، يجد أن كل ما دار بخياله ها هو قائم أمامه، حينها تيّقن أن تلك اللحظة سيتذكرها، ليصفها بأنها كانت أسعد لحظاته خلال العمل بالمسلسل.
مصراوي حاور "أحمد شاكر خضير"، مصمم ديكور "جراند أوتيل"، ليقف حول كواليس صناعة هذا العمل، ممن عملوا وراء الشاشة وكان لهم أكبر الأثر في نجاحه، يسأله عن تفاصيل اشتراكه، وتمكّنه من تصميم ديكور مكتمل للأوتيل، وكيف وقع الاختيار على فندق "كتاراكت" الذي ظهر، وما هي الصعوبات التي واجهته أثناء العمل، وإلى نص الحوار:
- ما الذي جذب انتباهك في تلك الفرصة؟
رغم قراري بعدم الاشتراك في تصميم ديكور مسلسل لأنه أمر مرهق، لكن جذبني أنها حكاية تاريخية، ورغم صعوبتها "مصر مش جاهزة لسه للأعمال التاريخية"، لكن شيقة، كما أن تركيبة طاقم العمل متكاملة، أعني التوليفة من سيناريو وممثلين جيدين ومنتج متحمس "فَرَضْنا إن الديكور كويس، مهم كمان إنه يكون فيه السكريبت كويس، والمزيكا، عشان ميبقاش كل عنصر بيلعب لوحده".
- هل هو التعامل الأول مع أخيك ؟
لا لم تكن المرة الأولى، فقد تعاملنا في أكثر من عمل، منها اعلان إحدى شركات المياه الغازية، عام 2014، وبرنامج "خطوات الشيطان-الجزء الثاني"، وفيلم "هاتولي راجل"، أنا أفضل التعاون معه، ورغم أننا "بنكون عصبيين مع بعض عشان الشغل"، لكننا نتمكن من التواصل بسهولة، كما أن الأهم ألا يوجه لي المخرج ما يريده تحديدًا، أوّد أن يخبرني بـ"المود اللي عاوز يحسه من الديكور"، وهو ما أجده في العمل مع محمد.
- كيف قمت بالتحضير لتصميم الديكور ؟
أولًا كانت هناك جلسات عمل مع المخرج، لست ممن يفضل العمل بصور "شبه حاجة"، لو بحث شخص وراء ديكور المسلسل لن يجد له مثيل في أعمال سابقة "أنا مع فكرة إننا نطلع المكان من السكريبت والاحساس وشكل الممثلين"، حتى أنني لم أشاهد نسخة المسلسل الإسباني أو الألماني، كما قمت ببحث كبير خاص بكيفية عمل المهندسين الألمان والفرنسيين في معمار تلك الفترة "وبيكونوا متأثرين بإيه في الوقت دا"، كما بحثت وراء الفنادق الملكية في تلك الفترة "وامتى كانت بتتبني"، وزرت عدد منهم، وهناك جزء آخر خاص بأسوان نفسها؛ والتي تعتبر المشاهد الخارجية من المسلسل "قعدنا مع ناس كتير هناك لأنه عالم مقفول على نفسه".
- ومن اختار فندق كتاراكت للتصوير فيه، ولماذا تحديدًا؟
الخيارات كانت محدودة للغاية، أردنا فندق قديم على النيل في أسوان، وهو ما وضعنا أمام اختيارين فقط، وكتراكت كان مناسب لاحتياجاتنا "وكان فيه شبه اجماع عليه، مني ومن المخرج والمنتج".
- وهل رجعت لمشاهدة أفلام قديمة خلال البحث؟
نعم شاهدت، لكن ليس لرؤية المعمار في ذلك الوقت، وإنما للنظر إلى التفاصيل الصغيرة جدًا أثناء تلك الحقبة الزمنية.
- وكيف حوّلت هذا البحث داخل ديكور المسلسل ؟
دوّنت تاريخ خاص بالأوتيل، يبدأ منذ عام 1900 لـ1905 "كأنه تاريخ بناؤه"، وحتى أحداث المسلسل في 1950، وبين تلك الطبقات من الزمن تحديدًا كل عشر سنين "لازم المُشاهد يشوف اختلاف الزمن دا في الديكور".
- من أين بدأت البناء وما أكثر جزء وجدت فيه صعوبة ؟
تمّ البناء على مراحل، أولها البدء في تصميم "اللوبي" بشهر نوفمبر الماضي، ثُم على أجزاء تأسست غرف الخدم والنزلاء، مع بداية التصوير صممنا المطبخ، وبعد ذلك المغسلة، استمر العمل بالتوازي مع تصوير المسلسل "لازم المكان يكون شبه الشخصية"، كما وجدت صعوبة تحديدًا في بناء المطبخ والجزء الخاص بالخدم لأنه حاليًا لا يوجد هذا الشكل حتى بالفنادق القديمة "عشان فيها تجديد".
- ما أكثر شيء حرصت عليه في تصميم الديكور؟
رغبت في أن يصدق الناس عالم "جراند أوتيل"، لذا تم تصنيع 95 % من الديكور، خاصة أن معظم المشاهد داخلية، لم أهتم أن يُصبح العمل كأنه "فيلم وثائقي" أو تاريخي، كان الأهم بالنسبة لي هو الاحساس بالشيء "أنا كنت ماشي بحتة منطق وحتة احساس"، حينها واجهتني مشكلة الوصول لتلك التحف القديمة "أغلب الحاجات اللي بنلاقيها بتكون حالتها سيئة"، لذا فضلنا تصميمهم في الورش والمصانع، كان الأسهل بالطبع أن اشتغل بمنطق "هو دا اللي موجود"، لكن رغبت في صنع ديكور حقيقي، ساعدني في ذلك وجود فريق عمل بجواري.
-هناك تفاصيل كثيرة تمت مراعاتها خلال المسلسل، فكيف ساعدك فريق العمل، وكم كان عددهم؟
الفريق كبير، لأن الموضوع متشعب جدًا، حيث كان هناك اختيار لكل تفصيلة صغيرة "زي اختيار لمض معينة جوة الأباجورات"، كذلك اختيار الورد في الفازات "كنا بنشوف الورد اللي موجود في الوقت دا كان ايه"، لذا كان لابد من فريق يتمكن من تنفيذ تلك التفاصيل، وعدد الفريق بالإضافة إلى العمال كان 110.
- وهل تابعت ردود فعل الجمهور على الديكور؟ هل صدّقوا ذلك أم لا؟
فضّلت أن انتهي من العمل أولًا ثُم متابعة ردود الأفعال، ولكن مما وصلني عبر الهاتف إن "الناس صدقت إن دا فندق كتاراكت من جوة"، وهو ما أسعدني.
- ما أكثر الصعوبات التي واجهتك في هذا العمل؟
كانت هناك صعوبات فنية وإدارية، المشكلات الفنية تمحورت في صناعة ديكور "لما يشوفه الناس يبان حقيقي"، أما الإدارية فكانت الوقت، لأنه يجب صناعة المسلسل على أكمل وجه "زي شكل الغرف مينفعش آجي في النص والناس تلاقي شكل تاني"، فكان لابد من الاستمرار حتى نهاية التصوير.
- احكِ لنا عن أكثر لحظة سعيدة بالنسبة لك في المسلسل؟
عندما انتهيت من تصميم "اللوبي"، وكتجربة قبل التصوير، قمنا بإضاءة المكان، وشغلت أغنية فالس قديمة تليق بزمن الحكاية "لأن المزيكا هي عنصر بيدي روح للمكان"، أستطيع القول أن المرجع الحقيقي لتصميم الديكور هو الموسيقى.
- عملت بعدة أفلام من قبل مثل "حفل زفاف" و"بتوقيت القاهرة"، وخلال العام الماضي صممت ديكور مسلسل "تحت السيطرة".. فأيهم أفضل لك عمل ديكور فيلم أم مسلسل؟
أُفضّل ديكور الفيلم أكثر، شاشة السينما لها رونق خاص، جراند أوتيل بالنسبة لي هو "سينما"، لأن له طبيعة معينة "فكرة خلق عالم كامل دي لوحدها شيقة".
- عرفنا أكثر عن دراستك للديكور، وماذا يُمثل لك ذلك المجال؟
حصلت على دبلومة في الديكور السينمائي من الخارج، ويُمثل لي سحر لا يوصف "الديكور هو إني أعمل حدوتة بالمكان، قبل ما الممثلين يدخلوا".
- ومن هم مهندسي الديكور الذين تُحب أعمالهم ؟
أنسي أبو سيف؛ ومن أشهر أعماله فيلم "الكيت كات"، و"رسائل البحر"، فوزي العوامري في تصميمه لديكور أفلام مثل "الجزيرة" و"عمارة يعقوبيان"، والمهندس "صلاح مرعي" الذي صنع ديكور لأفلام عديدة منها "الساحر" وبحب السيما".
- ما هي أصعب تجربة خضتها حتى الآن في تصميم الديكور؟
جراند أوتيل هي أصعب تجربة وأقربها لقلبي، لأنه من النادر إيجاد مشروع بهذه التركيبة "وبكون مش عاوز أقدم فيها أي نوع من أنواع التنازلات".
فيديو قد يعجبك: