إعلان

حوار- مدير المسرح القومي: تصرفي مع السفير الإسرائيلي يتسق والدولة.. وأرفض المزايدة على وطنيتي

05:20 م الإثنين 17 أكتوبر 2016

مدير المسرح القومي مع محررة مصراوي

حوار- منى الموجي:

تصوير- علاء القصاص:

ضجة كبيرة أثيرت فور قيام السفير الإسرائيلي ديفيد جوفرين بزيارة المسرح القومي ، لحضور عرض " ليلة من ألف ليلة " بطولة الفنان يحيي الفخراني ، خاصة وأنها الزيارة التي تزامنت مع احتفال المصريين بذكرى انتصارات أكتوبر، وبين مؤيد ومعارض خرجت الآراء لتتحدث عن تصرف مدير المسرح القومي الفنان يوسف إسماعيل .

"مصراوي" التقى يوسف إسماعيل ، ليتحدث عن كواليس الزيارة ، ويعلق على من رفضوا موقفه وتفاصيل أخرى، إلى الحوار..

في البداية.. حدثنا عن تفاصيل وكواليس زيارة السفير الإسرائيلي للمسرح القومي؟

قبل الحديث بشأن هذا الأمر، أود التأكيد على أن المسرح القومي مؤسسة مسرحية عريقة وأقدم مؤسسة مسرحية في الوطن العربي، نحن نمثل الدولة المصرية، بالتالي مواقفنا وتصرفاتنا لابد أن تنبع من الإحساس بهذه القيمة وهذه المسئولية، وألا تكون متسرعة. بالنسبة لزيارة السفير الإسرائيلي، قيل الكثير من الكلام في هذا الموضوع على لساني أو اجتهادات خاصة، الموضوع ببساطة شديدة، وصلني حوالي الساعة الخامسة او السادسة مساءا يوم الخميس الموافق 6 أكتوبر، أن السفير الإسرائيلي أرسل من يحجز تذاكر عرض " ليلة من ألف ليلة "، سألتهم كيف عرفوا أنه السفير الإسرائيلي، فأكدوا لي أنهم عرفوا من الحرس، وبالفعل حصل على التذاكر كأي شخص، لأننا في النهاية لا نستطيع منع أحد من حجز تذكرة، ببساطة سيذهب للجانب الأخر حيث قسم الشرطة ويشكونا، "فمبالك شخص بيمثل دولة بينا وبينها علاقة سلام باردة مش فعالة".

وكيف تصرفت بعد معرفتك بالأمر؟

اتصلت بالجهات الأعلى مني وتم الاتفاق على معاملته بشكل عادي كأي متفرج، وتم التنبيه على الممثلين وإدارة المسرح بمنع دخوله للكواليس وعدم السماح له بمقابلة الفنانين، والممثلون رافضين لوجوده في المسرح، وغير مرحبين بفكرة وجوده، وقررت ألا أذهب لمقابلته أو لاستضافته، ووعدت الجميع بمعالجة الموقف بحكمة وبهدوء بدون انفعال، وأثناء كل ذلك فكرت لماذا اختار يوم 6 أكتوبر تحديدا ولم يأت لمشاهدة العرض قبل أو بعد هذا اليوم، ودخلت كابينة الصوت قبل بدء العرض بثلاث دقائق تقريبا، وطلبت من مهندس الصوت أن يبدأ بالسلام الجمهوري، وبعدها أخذت الميكرفون ورحبت بالجمهور وليس كما قيل إنني رحبت بالسفير، كلمتي كانت مقصودة وعندا في السفير، وقولت فيها: "السيدات والسادة مساء الخير المسرح القومي يرحب بكم ويهنئكم والشعب المصري العظيم بذكرى انتصار أكتوبر المجيد -الناس قاطعتني وصقفوا-، وبهذه المناسبة نوجه تحية لشهداء 67 وشهداء أكتوبر وشهداء الوطن بشكل عام، ونرجو لحضراتكم الاستمتاع بعرض اليوم.. أكيد اتضايق"، والممثلون شعروا براحة أن الموضوع تم معالجته بشكل محترم.

هل هناك تعليمات أو لائحة تحدد كيف يمكن التعامل في حال وجود شخصية غير مرغوب في استضافتها؟

لا يوجد قانون أو لائحة تحدد كيف يتم التعامل في مثل هذه المواقف، الأمر لابد أن يُعالج بحكمة ممن يدير المكان بالإتفاق مع القيادات العليا، خاصة أنه متفرج العقد بيني وبينه هي التذكرة، وفيما يتعلق بهذا اليوم تحديدا كان المسرح "كومبليه" فوق الـ600 متفرج، سأفسد عليهم فرحتهم بمشاهدة عرض جميل، حجزوا تذاكره قبلها بأيام، هذا الجمهور كان هدفي الحقيقي، وبالتالي اخترت المعالجة بهذه الصورة.

يوسف إسماعيل

زيارة السفير كانت غير رسمية .. هل كان سيختلف التصرف إذا كانت رسمية؟

لو كانت زيارة رسمية سيتم إبلاغي قبلها، وبالطبع كنت سأقوم بإبلاغ الفنانين الموجوين في العرض، لأن في النهاية العمل المسرحي فن وإدارة متلاحمين مع بعض، لنخرج بقرار متناغم.

وهل كنتم سترفضون وقتها استضافته؟

ممكن، كل شيء وارد، الفكرة كانت المكسب الذي سيعود على المسرح القومي من الرفض أو القبول.

و كيف ستكون عواقب الرفض خاصة أن الدولة موافقة على وجوده على أرضها كممثل لدولته؟

اعتقد أن السفير الإسرائيلي كان يريد أن يحدث هذا، أن نرفض وجوده، فيستغل الموقف سياسيا ودعائيا وعالميا، ويقول "هذه مصر لا نستطيع التحرك فيها أو دخول مسرح"، سيستغل الموقف بشتى الطرق، التي لا يمكن أن نتخيلها بدليل أنه قصد الحضور في 6 أكتوبر.

اختلفت الآراء حول تقييم موقفك.. مثلا السيناريست كرم النجار وصفه بأنه تصرف ذكي بينما رأت الفنانة سميحة أيوب أن إلغاء العرض هو التصرف الأنسب وأن الجمهور كان سيتقبله من منطلق مصريته وقوميته.. أما الفنانة رغدة فوصفت زيارة السفير بأنها عار على المسرح القومي.. ما تعليقك؟

كل الآراء تُحترم، لكن أرفض المزايدة على وطنيتي وعلى وطنية المسرح القومي والعاملين فيه وفي عرض " ليلة من ألف ليلة "، هذه المزايدة عيب ولا تصح في تاريخي ولا في تاريخ المسرح القومي وهو أقوى –بالطبع- من تاريخي.

المواقف ليست بعلو الصوت أو بالسخونة، أنا فكرت في المكسب أو الخسارة التي ستعود على المسرح الذي يمثل الثقافة والدولة المصرية، وتصرفت -من وجهة نظري- التصرف المقنع والهادئ بصورة دلت على اعتراضنا على وجوده.

ألم تأتيك تليفونات من أي جهة غير وزارة الثقافة تشيد بتصرفك أو تعترض عليه؟

لا، لم تصلني أي اتصالات من أي جهة فقط الجهات المسئولة عن المسرح، قدروا موقفي ورأوا أن معالجتي للموضوع كانت جيدة، بالإضافة لتليفونات زملاء وأصدقاء وصحفيين ومعدين برامج، البعض زايد على وطنيتي، ومنهم من قال "أنا لو مدير المسرح كنت قفلته"، أما العقلاء فأيدوا تصرفي، لأن التصرف لابد أن يليق بالمسرح القومي ويتسق مع رأي الدولة، وفي الأساس مع تقاليد وعراقة المسرح القومي.

نعاني من إزدواجية بين موقف الدولة والشعب في التعامل مع إسرائيل .. في رأيك ما الحل؟

هذه قضية كبيرة، لا استطيع أن أدلي بدلوي فيها، قضية دولة وأمن قومي وقضايا كثيرة متشعبة داخل هذه القضية الكبرى، الكلام فيها ليس بهذه البساطة، خاصة أنكِ في صراع ما بين شعب رافض وحكومة لديها اتفاقية، وهذا الشعب لن يرضى إلا بشيء مقنع بالنسبة له وهو عودة فلسطين لأصحابها، ووجود معاهدة سلام حقيقية، إذا حدث ذلك سيقتنع الشعب.

ألم تكن هناك سابقة على هذا الموقف.. وكيف تم التصرف وقتها؟

موقف سبق حدوثه عام 1981 تقريبا في مسرح الطليعة، أثناء عرض مسرحية "المغنية الصلعاء"، وكان الفنان لطفي لبيب من أبطال العرض ومعه مجموعة من الفنانين كانوا قد خرجوا حديثا من الجيش، وكان الصراع العربي الإسرائيلي أو المصري الإسرائيلي، في قمة سخونته ولم نصل بالمفاوضات إلى نهايتها وكانت الأزمة طاحنة وفكرة العدو الأوحد موجودة، وفي هذا اليوم خرج الفنانون على خشبة المسرح ووقفوا صامتين ممتنعين عن التمثيل، حتى انسحب السفير الإسرائيلي، لكن عند النظر للموقفين لابد أن نضع في الاعتبار الفرق بين الزمنين، وبين طبيعة الصراع وقتها وفي الوقت الحالي، والظروف التي تمر بها الدولة.

دعنا نترك هذا الموضوع ونتحدث عن آليات اختيار العروض التي تُقدم على خشبة المسرح القومي ؟

المسرح القومي كما قولت في بداية الحوار أكبر مؤسسة مسرحية في العالم العربي، له هوية وطريقة في التعامل وطبيعة خاصة في العروض. نختار العرض الذي يتماشى مع القومية المصرية والعربية ويحافظ على الهوية المصرية، بمعنى لا يمكن أن نقدم عرض يدمر هويتنا المصرية، بل نسعى للحفاظ على القيم المصرية والروح المصرية، واختيار نصوص جيدة تتفق مع هذه المفاهيم، ونلجأ لنصوص عالمية وعربية ومصرية.

من المعروف أن المسرح غير مغري ماديا للنجوم.. كيف تتعامل إدارة المسرح القومي معهم؟

أجورنا ضعيفة لكن عروضنا تمثل قيمة، والممثلون الكبار يعرفون هذه القيمة، من يحب المسرح يوافق على الوقوف على خشبة المسرح القومي ، ولا يهتم بمسألة الأجر، فنان مثل يحيي الفخراني أجره خارج المسرح القومي كبير، لكن عندما ذهبت للاتفاق معه قال لي إنه يعرف السقف المُتاح، وكان مقدر وحابب المشاركة، وكذلك الفنان فاروق الفيشاوي ، والفخراني له جملة شهيرة، اعتبر فيها الوقوف على خشبة المسرح القومي واجب وطني مثل خدمة الجيش، مفروض عليه تأديته، ويؤديه بحب.

وماذا سيقدم المسرح القومي بعد انتهاء " ليلة من ألف ليلة "؟

العرض القادم هو " هولاكو "، اشتغلنا على الرواية منذ فترة، لكن لظروف الفنانين وظروف المسرح تأجل عرضه، وأتمنى عرضه أخر هذا العام أو مطلع العام المُقبل في يناير 2017، وهو بطولة فاروق الفيشاوي وأبطال المسرح القومي، إخراج جلال الشرقاوي ، ولم نختار حتى الآن باقي فريق العمل.

فيديو قد يعجبك: