مدير تصوير "أفراح القبة": المسلسل صعب.. وهذا ما يميزه (حوار)
حوار- هدى الشيمي:
منذ فترة عرض المخرج محمد ياسين على مدير التصوير عبدالسلام موسى سيناريو لأحدث مسلسلاته بعنوان "أفراح القُبة" المأخوذ عن رواية تحمل نفس الاسم للأديب العالمي نجيب محفوظ، وبعد قراءتها، وافق على الفور أن يشارك ياسين رائعته الجديد، ليصبح أحد عناصر أهم المسلسلات الدرامية، ليس في تاريخ الدراما المصرية فقط، ولكن العربية أيضا، فأشاد به الجمهور والمثقفون، والصحفيون من مختلف الدول.
بذل مدير التصوير الشاب مجهودا واضحا في المسلسل، واتضح ذلك من خلال "كادرات" المسلسل التي تتحدث قبل الممثلين، وتعبر عن احساسهم بدون كلام، وأجرى "مصراوي" معه الحوار التالي:
- بعد قراءتك لسيناريو المسلسل.. ما أول شيء خطر على بالك؟
أعجبني النص جدا، وشعرت بأن الموضوع أقرب للسينما، فهو مسرح ولكنه يجمع بين السينما والتليفزيون، ولاحظت إنها رواية مختلفة عن الروايات التي سبق وقرأتها لنجيب محفوظ، وفكرت كيف سأحول نص كهذا لمسلسل، لأنها رواية قصيرة وممتلئة بالأحداث، ثم اجتمعنا وتحدثنا كثيرا، وترجمت الموضوع وعرفت كيف سيُعرض على 30 حلقة.
- من الأشياء التي أشاد بها الجمهور ظهور تفاصيل في الديكور ترمز لكل فترة زمنية وقعت فيها الأحداث.. فكيف استطعتم جمعها؟
استطعنا جمع التفاصيل عن طريق النقاش لأكثر من مرة، ووضع كل منا كل ما فكر فيه، ثم جمعنا ما وصلنا له، وبدأنا نخطط لتنفيذه، بالاعتماد على الاكسسورات والديكور، والملابس، وساعدنا على ذلك العمل مع مجموعة من الممثلين المحترفين والموهوبين القادرين على التعبير عن احساسهم بأعينهم، والتعامل مع فنانين على هذا القدر من الاحترافية جعل الأمر أسهل على المخرج ومدير التصوير، فكل منهم يلتزم بعلامات معينة، ويؤدي المشاهد بطريقة لا تعطل غيره، أو يطغى على دوره.
-يمتلئ المسلسل بالعواطف والمشاعر الانسانية بالإضافة للتفاصيل البصرية.. كيف استطعت عرض ذلك دون أن يطغى أحدهما على الاخر؟
بدأ الأمر بالتحضير، والنقاش حول كل شخصية وكل مكان يظهر في المسلسل، فاساس العمل المسرح، لأنه عالم صغير موازي للعالم الذي نعيش فيه، وكان لمهندس الديكور محمد عطية الكثير من الأفكار الهامة، فاستعرضنا كل شيء، واستجمعنا كافة التفاصيل، وكان دوري الأساسي كيفية توصيل القصة من خلال أي شيء حتى لو ثابت، من معاناة الشخصيات، وشعورهم بالكره أو الحب، أو الفرح، من خلال الألوان والأضواء.
-يسيطر الظلام على بعض المشاهد في المسلسل كأغلب مشاهد فتنة "كندة علوش".. فما المغزى من ذلك؟
مبدئيا أكبر مشكلة في التليفزيون إن الصورة أو الاضاءة مختلفة تماما عن السينما، فلا استطيع التحكم في الصورة التي سيشاهدها الجمهور، كل قناة تعرض المسلسل بطريقة مختلفة، وكل تليفزيون يختلف عن الاخر، ومن الممكن أن يتحكم المشاهد في الاضاءة بنفسه، ولكن في جزء مقصود من الإظلام الموجود في المسلسل، لأن الضوء في عالم المسرح متشابه إلى حد كبير مع الضوء في العالم الحقيقي، والفكرة من الإضاءة في جميع مشاهد المسلسل هي التعبير عن نفسيات الممثلين بكل ما فيها من مشاعر.
-وما الصعوبات التي واجهتها خلال عملك في مسلسل ضخم كهذا؟
المسلسل كله صعب جدا.. منذ بدايته وحتى هذه اللحظة، ولكن أصعب شيء كان عامل الوقت، فمسلسل مثل "أفراح القبة" في الظروف العادية يمكن تصويره في سنة، بالإضافة إلى سنة أخرى لتحضيره، فعملنا في ظروف ضيقة جدا، الجميع بذل مجهود شاق في ساعات طويلة، كما أن مستلزمات التصوير والديكور التي احتجناها لكي يظهر بهذه الطريقة مكلفة، وفي الطبيعي الوقت الذي عملنا به على المسلسل حتى الآن سيكون كافيا للانتهاء من ربعه فقط، "ومع ذلك صعوبة الشغل حلوة".
- كان المسرح من الأماكن الرئيسية التي تدور فيها الأحداث.. فكيف كان العمل بداخله؟
المسرح ممتع لأنه مكان واسع ومختلف، تحدي جديد يتمثل في تحويل المسرحيات لصورة سينمائية، والممثلين أنفسهم أخذوا مساحة كبيرة جدا، فمعظمهم مثل في المسرح، وفي منهم من يشارك في مسرحيات حتى الآن، لذلك فإن عودتهم مرة أخرى للعمل المباشر أمام الجمهور كان له تأثير قوي علينا.
-أغلب مشاهد المسلسل صورت في المنازل والكباريه والمسرح.. فكيف كان التصوير الداخلي؟
سهل ولكنه مقلق، سهل لأنك تعرف كيف تتحكم في الزوايا والاضاءة، إلا أن تغيير درجة الإضاءة في نفس المكان، وإعادة تصوير نفس الشيء أكثر من مرة حتى يظهر مختلف للمشاهد جعل الأمر مقلق، ولكن جودة القصة والقدرة على التحرك بداخلها بسهولة أراحني، لأني ألعب على الظروف النفسية والاجتماعية للشخصية، أحيانا اضطر للتعبير عن احساس يشعر به المشاهد.
-وما أصعب المشاهد التي صورتها حتى الآن؟
ما اتذكره الآن، هو مشهد دخول فُتنة "كندة علوش" على دُرية "صبا مبارك" في الزنزانة، صورنا هذا المشهد منذ حوالي أربعة أشهر، وهناك مشهد يأتي بعده تماما في الحلقة لكابوس فُتنة بعد نومها في المسرح، ولكننا صورناه منذ فترة قريبة جدا، فكنت مضطر على الحفاظ على جميع "الراكورات"، والضوء حتى لا يختلف المشهدين عن بعض، فمن الصعب الحفاظ على نفس الخط الذي بدأت العمل فيه، كيف نقدر جميعا من مخرج ومدير تصوير ومهندس ديكور، وملابس وممثلين على الاتفاق على الرغم من اختلافنا.
-شاركت الممثل إياد نصار في أكثر من عمل سينمائي وتليفزيوني.. فما الاسهل تكرار العمل مع الفنان أم العمل مع فنانين جدد؟
"أكيد طبعا".. تكرار العمل مع أحد الممثلين يقوي علاقتنا فنصبح اصدقاء، ويكون التصوير أسهل، أعرف متى يكون في لحظات التركيز أو الغضب، ولكن هناك من اتعامل معهم لأول مرة ويكون العمل مريح جدا. أما بالنسبة لإياد نصار فهو فنان محترف جدا، وموهوب ومتمكن من الأدوار، وفي الحقيقة أحب العمل معه وتصويره.
-وفي رأيك ماذا يميز "أفراح القبة" عن غيره من المسلسلات الدرامية؟
لم أشاهد أي أعمال درامية هذا العام لانشغالنا بالتصوير حتى الآن، ولكن بصفة عامة أول ما يميز المسلسل محمد ياسين، مخرج عبقري جعلنا نشعر إننا سنعمل على فيلم سينمائي طويل، بالإضافة لطريقة كلامه معنا وتحفيزنا، وظهر ذلك معي بشكل شخصي، لأنه يحب الضوء جدا ولا يخشى الافكار الغريبة التي اعرضها عليه، لأنه يحب "بروزة" الشغل، فمن الممكن أن يكون ما فعلته في أفراح القبة لا يختلف عما نفذته في مسلسل "موجة حارة"، ولكنه لم يظهر مثل هذا العام، لأن محمد ياسين يساعد الجميع على اظهار أفضل شيء لديه، فلا نشعر بالقلق أبدا، لأنه يفهم تأثير الاضاءة وأهميتها ومكانها السليم، ودائما نتناقش حتى نصل لنقطة تفاهم. بالإضافة إلى أن العمل بالأصل مأخوذ من رواية للأديب نجيب محفوظ، وعرضها في هذا الوقت له رهبته، خاصة وأنه معروض بشكل مختلف، فـ"أفراح القبة" ليست رواية واحدة ولكنها تجميع لعدة روايات لأديب عالمي، في كل حلقة يظهر شيء منهم مثلا "كباريه القط الأسود" من "زقاق المدق"، ومشاهد من روايات مثل "حديث الصباح والمساء"، و"السمان والخريف"، وكل منهم تخدم الحكاية والبناء والشخصيات، وعلى الرغم من صعوبة الأمر ولكنه ممتع جدا.
فيديو قد يعجبك: