البرامج الفنية.. "ضحك ولعب وجد وحب" ولا جديد
كتبت - سما جابر:
"ضحك ولعب وجد وحب".. ربما رفعت البرامج المصنفة بأنها فنية، هذا الشعار مؤخرًا، وهو الأمر الذي بات مسيطرًا بشكل كبير على أغلبها. وبالرغم من أن ما تتبعه تلك البرامج ليس بجديد وموجود منذ وقت طويل، لكن مع "الضحك واللعب والجد والحب" كان المشاهد يجد قبل ذلك في كل مرة معلومة جديدة عن نجمه المفضل، أما الآن فالمعلومات والبرامج عمومًا ما هي إلا إعادة تدوير للقاءات وحوارات أخرى لهؤلاء الضيوف، ومحاولة جذب المشاهدين من خلال استضافة النجوم الموجودين على الساحة.
قد يختلف البعض على فكرة وجود برامج فنية من الأساس في مصر، لكن الجمهور بات يرى أي برنامج يقدمه أي فنان هو فني في الأساس، حتى وإن كان المتفرج لا يخرج بأي جديد من الفنان عن السينما والدراما، وتتلخص الحلقات في أنها عبارة عن مجموعة ألعاب بين بعض الأصدقاء
النجم الأهم
يرى صناع هذه البرامج أنه كلما زادت نجومية مقدم البرنامج كلما كان النجاح رفيقه في تلك التجربة، بغض النظر عن المحتوى المقدم، لكن الواقع أصبح غير ذلك، فبات الجمهور أكثر وعيًا من قبل وأصبح لا شيء يرضيه بسهولة، فمن الممكن أن يجلس أمام التلفزيون ويشاهد البرنامج، لكن بعين الناقد، ومن الممكن أيضًا أن يتسبب في توقفها إذا لم تخرج بشكل يرضيه أو لم تكن على نفس المستوى الذي اعتاد عليه من مقدمه.
فعلى سبيل المثال كان الجمهور سببًا غير مباشر في الاكتفاء بموسم واحد من برنامج "شيري استوديو" لشيرين عبد الوهاب بعد انتقادهم لها عقب كل حلقة، أما النجوم الآخرين الذين كان من المتوقع أن تحقق برامجهم نجاحًا ساحقًا مع كل حلقة، لم يعطهم الجمهور اهتمامًا لعدم قدرتهم على جذب هؤلاء في الحلقات الأولى، وربما أصبحنا لم نعلم عن تلك البرامج شيئًا إلا من خلال تغطية بعض المواقع الإخبارية لما حدث في الحلقة، ومن أبرز الأمثلة كان الفنان بيومي فؤاد، الذي اعتقد في بداية الأمر أن تجربته الإعلامية الأولى سوف تلقى رواجًا مثل الأعمال الفنية التي يشارك فيها، لكن ما حدث كان عكس ذلك، وربما لم يعرف الجمهور من الأساس أن البرنامج لازال يُعرض حاليًا في موسمه الثاني.
كذلك الفنانة غادة عادل التي اتجهت لتقديم البرامج لأول مرة من خلال "تع اشرب شاي"، لم تحقق النجاح المتوقع حتى الآن، ولم يتم تسليط الضوء على البرنامج إلا عندما تعرض المسرح الذي يتم التصوير فيه، للحريق في بدايته.
اختلفت الألعاب والمحتوى واحد!
التقليد أصبح السمة السائدة في مثل هذه البرامج التي تفتقر للخيال، حيث أصبحت كل البرامج متشابهة في محتواها ومستوحاه من بعضها البعض، فالبرامج الكوميدية تعتمد على استضافة نجوم الفن، وتقديم بعض الألعاب كـ"بدون كلام" وغيرها، أو تقديم اسكتشات كوميدية أو فقرات غنائية واستعراضية مثل برامج "عيش الليلة وتع اشرب شاي وبيومي أفندي وsnl بالعربي"، ليصبح البرنامج منبر للضحك والهزار فقط بين عدد من الأصدقاء دون الخروج بتفاصيل فنية أو شخصية جديدة للضيوف، بينما البرامج الجادة فتعتمد على توجيه الأسئلة الجريئة للضيوف، ليخرج المذيع بإجابات يعتبرها حصرية لبرنامجه، لكنها في الحقيقة موجودة من قبل في العديد من الحوارات الصحفية والتلفزيونية أيضًا، ولا يخرج المشاهد إلا بإعادة مشاهدة نفس التصريحات على لسان نفس الضيف لكن عبر منبر إعلامي مختلف.
"النحت" وتكرار الضيوف
إذا قمت بمتابعة بعض البرامج الفنية على القنوات المختلفة، فستلاحظ تكرار الضيوف في كل البرامج، ولن تجد ظهور نادر لأي فنان إلا قليلاً، وعلى سبيل المثال، الفنان حسن الرداد الذي ظهر في كل البرامج الفنية التي تُعرض عبر شاشة dmc في نفس الفترة، وفي النهاية الحوار كان واحدًا والأسئلة تقريبًا واحدة والإجابات واحدة.
أما "النحت" في البرامج فبات سيد الموقف، حيث اعتاد صناع هذه البرامج على أخذ الفكرة الأساسية من البرامج العالمية، أو حتى من البرامج الأخرى على القنوات المنافسة، دون إحداث تغيير قوي، كذلك البرامج الحوارية فكلها أفكارها متشابهة، "أنا وأنا" لسمر يسري لا يختلف كثيرًا عن "100 سؤال" لراغدة شلهوب، "تع اشرب شاي" يشبه "بيومي أفندي" و"عيش الليلة"، "صالون أنوشكا" لا يختلف عن "شيري استوديو" أو منزل "صولا"، فكلها أفكار "منحوتة" لكن بمقدمي برامج مختلفين.
الإثارة هي الحل
كالعادة يبحث صناع البرامج عن نسبة المشاهدة، وبالرغم من أهميتها، إلا أنهم يختاروا الطريقة الأسهل للحصول على مشاهدات مرتفعة، عن طريق استخدام "الإثارة" سواء من خلال سخونة الأسئلة أو محاولة تعريض الضيف لهجوم حاد أو موقف محرج أو محاولة تذكيره بموقف صعب ليقوم بالبكاء مثلما كان يحدث في برامج أنا وأنا لسمر يسري وفحص شامل و100 سؤال لراغدة شلهوب.
وكلما كانت التصريحات جريئة، أو طريقة معاملة المذيع للضيف بها الكثير من الشد والجذب كأنه في "تحقيق" نيابة؛ كلما كانت الأخبار متداولة على صفحات المواقع أكثر وأكثر، وتحقق الهدف الأساسي من الإثارة وهو المشاهدة.
أحسن "الوحشين"
ربما اختلف كل من الناقدين الفنيين، طارق الشناوي وحنان شومان خلال تصريحهما لـ"مصراوي"، حول فكرة البرامج الفنية، حيث أوضح "الشناوي" أن فكرة تقديم الفنانين لبرامج فنية ليست بجديدة علينا، لكن المحتوى هو الذي أصبح مختلفًا، فحاليًا المحتوى لا جديد فيه، كما يرى أن من أفضل الفنانين الذين نجحوا في أن يكونوا محاورين هم أشرف عبد الباقي وحسين فهمي وشريف منير، واعتبرهم "الشناوي" أنهم الأكثر إنصاتًا لضيوفهم، أما من أفضل البرامج الحوارية الموجودة على الساحة -من وجهة نظره- بالمقارنة بالبرامج الضعيفة الأخرى، هو "أنا وأنا" الذي يُعرض عبر شاشة ON E، لكن ينقصه أن تراعي مقدمته سمر يسري أن تأخذ صف الناقد غير الموجود بالاستوديو والذي يظهر من خلال حوار مسجل لعرض وجهة نظره في ضيف الحلقة الرئيسي، وأنها يجب ألا تسمح للضيف بالتجاوز في حقه، وأنها من المفترض أن تركز في حديث الفنان حتى لا يسيء فهم الناقد، بحسب قوله.
وأشار "الشناوي" إلى أن الهدف الأساسي للفنانين مقدمي البرامج هو الحصول على مبالغ ضخمة، فإذا نجحت التجربة كرروها، وإذا فشلت فلن تتأثر نجوميتهم في مهن التمثيل.
فيما ترى "شومان" أنه لا يوجد ما يسمى بالبرامج الفنية أصلا على الساحة الآن، حيث إن تلك البرامج من الأفضل إطلاق عليها مسمى آخر غير الفنية، موضحة أن آخر برنامج فني حقيقي شاهدته كان برنامج "صولا" للمطربة أصالة.
وأضافت حنان شومان في تصريحها لـ"مصراوي": "لابد من تعريف البرنامج الفني أصلًا، فمثلا برنامج مع رايا ده برنامج فني، إنما الباقي سمك لبن تمر هندي، والبرامج التي تقم حاليًا بالنسبة لي هي أقرب ما تكون لحالة التفاهة، وأصبح المذيع اليوم، هو ضيف في برنامج آخر، والدويتوهات باتت معروفة ولم تعد هناك أي نوع من أنواع المفاجأة"، مختتمة: "يا إما بنجيب الضيوف نبهدلهم يا إما ندلعهم".
دبي الأمل
ربما التجربة الأكثر اختلافا حاليًا والتي بها قدر من الجنون ونتمنى أن تتبع خطاها من ناحية الاختلاف هو برنامج "حكايتي مع الزمان" للمذيعة منى أبو حمزة، والذي يُعرض عبر شاشة دبي حيث تستضيف خلاله فنانين يذهبون من الحاضر إلى المستقبل عن طريق "المكياج" ليروا كيف سيصبح شكلهم بعد سنوات طويلة وما يتمنون أن يكونوا عليه في هذا العمر، وكانت من أكثر الحلقات التي لاقت رواجًا هي الحلقة التي استضافت خلالها الفنان حسن الرداد وإيمي سمير غانم في أول ظهور لهما سويًا بعد الزواج.
فيديو قد يعجبك: