صباح.. "الشحرورة" التي سحب منها عبدالناصر الجنسية المصرية وقاطعتها الدول العربية
كتبت- منى الموجي:
لم تكن خطوات الزمن في حياتها مشرقة ووردية كما ظنها البعض، بل كانت تضم خطوات ثقيلة فكما منحتها ساعات من السعادة، منحتها ساعات من الحزن والوحدة، وأصبحت حياتها تشبه أكثر الأغاني التي حبتها على مدار مشوارها الفني "ساعات ساعات".
اسمها وحده قادر على أن يحيل ظلام الليل لصباح مشرق، هي الفنانة اللبنانية صباح التي رحلت عن عالمنا فجر اليوم الأربعاء بعد أن منحت الجميع درسا في حب الحياة، دون أن تلقي بالا لسخافات البعض، فكانت تحيا كما تريد أن تحيا، ربما آلمتها سخافة الشائعات التي كانت تخرج بين حين وآخر حول موتها، لكنها كانت دائما تؤكد على حبها للدنيا وعدم انتظارها للموت كما كانت تصرح دائما، " أنا دربت نفسي على السعادة والصبر، كل شيء بيمر عليا لا اتوقف عنده".
مولدها
ولدت جانيت فغالي "صباح" في 10 نوفمبر عام 1927، في وادي "شحرور" في لبنان، وهو الوادي الذي استمدت منه لقبها "الشحرورة"، واستطاعت أن تفتن العالم العربي بخفة ظلها وبجمالها الذي أخذ يزداد يوما بعد يوم لتصبح من أهم الفنانات الذين تسند لهم أدوار الحب والغرام في السينما المصرية.
رصيدها الفني
منحتها المنتجة آسيا داغر فرصة عمرها، وأهدت الفن العربي "جانيت" لتشرق شمس صباح في عالم الفن، بعد أن دربها على الغناء الملحن رياض السنباطي والذي وضع ألحان أول أفلامها "القلب له واحد"، وهو الفيلم الذي تقاضت عنه 150 جنيه، بالإضافة إلى توقيعها على عقد فيلمين آخرين يزيد أجرها فيهما عن فيلمها الأول.
قدمت صباح حوالي 85 فيلم، 27 مسرحية وما يزيد عن 3000 أغنية، وكانت أغنية "يا هويدا" أول أغانيها، وقدمت ثنائيات فنية مع عدد من الفنانين من بينهم الفنان فريد الأطرش والفنان محمد فوزي.
ورغم عذوبة صوت صباح وخفة ظلها في أغانيها المصرية التي مازال أهل الفن والجمهور يحفظونها ويرددونها حتى الآن، إلا أن هناك رأي دائما يؤكد أن صوت صباح الجبلي لم تظهر قوته غير في الأغاني والمواويل الي غنتها باللهجة اللبنانية.
من سحر عيونك
هي احد أشهر اغاني صباح، غنتها للفنان شكري سرحان في فيلم "إغراء"، وتردد كثيرا أن الأغنية كانت تتغزل بها صباح في عيون الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر، وجاء في المسلسل الذي تناول حياة صباح "الشحرورة" انها غنت الأغنية أمام الجيش وعبد الناصر في إحدى احتفالات الثورة، رغم تحذير عبد الحليم لها بعدم غناءها.
وهي الأغنية التي منعتها الإذاعة المصرية، وبحسب ما ذكر الناقد طارق الشناوي في أحد مقالاته أن الرقيب على المصنفات الفنية وقتها الأديب نجيب محفوظ اعترض على آداء صباح لكلمة "ياااه"، لافتا إلى أنها غنتها "بمبالغة أنثوية" حتى اضطر ملحن الأغنية الموسيقار محمد عبد الوهاب لإعادة تسجيلها مرة أخرى، مع تخفيف حدة مبالغة صباح في نطق الكلمة.
أزمات
منحها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الجنسية المصرية، ولكنه عاد وسحبها منها مرة أخرى، وهي الواقعة التي روتها صباح للمؤلف أيمن سلامة، وضمها مسلسل "الشحرورة"، مؤكدة أن الرئيس أنور السادات أعاد لها الجنسية مرة أخرى.
ومن بين الأحداث التي روتها صباح على سلامة وتحدث عنها في حوار صحفي، الأزمة التي تعرضت لها عندما صدر قرار بحظر إذاعة أغانيها في الدول العربية ومقاطعتها، مرجعة السبب إلى لقاءها مع مطرب يهودي كانت تعرفه منذ الطفولة لأنه عاش في لبنان قبل أن يغادرها لإسرائيل، فقابلته صدفة وتحدثا واستعادا ذكريات الطفولة، وعندما علمت الصحف العربية بالخبر هاجمتها فصدر القرار الذي عانت منه صباح، حتى نجحت في لقاء الرئيس انور السادات والرئيس حافظ الأسد فرفع عنها الحظر.
زيجاتها
اشتهرت صباح بتعدد زيجاتها، والتي وصلت إلى 9 زيجات، من بينهم نجيب شماس والد ابنها صباح، الفنان رشدي أباظة، والفنان أنور منسي والد ابنتها هويدا، وأمير عربي رفض أهله هذه الزيجة مشترطين لقبولهم أن تترك صباح الفن، وهو ما لم تقبل به صباح وقالت عن ذلك في حوار تليفزيوني مع فرانس 24 "لشو اوقف فن ما بيستاهلو".
وفاتها
توفيت صباح فجر اليوم 26 نوفمبر عن عمر ناهز 87 عام، بعد أن أوصت الجميع بألا يحزن على رحيلها، فقد عادت إلى ضيعتها والأرض التي حبتها، مثلما جاء في الرسالة التي نشرتها ابنة شقيقتها كلودا على صفحتها على "فيسبوك".
رحلت بعد أيام قليلة من احتفالها بيوم ميلادها، ليصبح شهر نوفمبر هو الشهر الذي شهد ميلادها وهو أيضا الشهر الذي انتقلت فيه روحها إلى السماء، تاركة لنا إرثا فني سيجعلها خالدة مادامت الحياة باقية.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: