لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الخديوي إسماعيل.. حاكم عظيم شوه الفن حقيقته - (بروفايل)

03:52 م الإثنين 02 مارس 2015

كتبت- منى الموجي:

هو أحد الشخصيات الثرية في التاريخ، ابن الأسرة العلوية سعى لأن يجعل مصر أعظم دولة في العالم، من خلال استكمال مشوار جده محمد علي باشا في بناء مصر الحديثة، ورغم ذلك فعندما التفتت السينما والدراما التليفزيونية لشخصيته قدمتها بصورة مشوهة غير منصفة في كثير من الأعمال، التي رسخت في ذهن المشاهد صورة خاطئة عن هذا العصر، دون أن تلقي الضوء على انجازات الخديوي إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي، الذي نجح في تحقيق حلمه وأعلن أن مصر لم تعد في إفريقيا.. بل أصبحت وكأنها جزءا من أوروبا.

الأعمال التي تناولت الخديوي إسماعيل كانت في معظمها تقدم عنه صورة سلبية تجافي حقائق التاريخ، مثلها مثل الأعمال التي تنالت حياة الأسرة العلوية من سلبيات فلم تخل من محاولات تشويه واضحة لهذه الشخصيات، ولا يُعرف هل كانت عن قصد لتشويه فترة من أهم الفترات التاريخية التي مرت بها مصر، أم أنها نتجت عن جهل صناعها بما تتناوله أعمالهم، فتم تصوير إسماعيل في معظمها على أنه فقط المتسبب في ديون مصر والمغرم بالنساء، دون التطرق لانجازاته الكبيرة.

سرايا عابدين

كان مسلسل ''سرايا عابدين'' أخر الأعمال التي تحدثت عن الخديوي إسماعيل وجسد الدور الفنان قصي خولي.، كما أنه العمل الوحيد حتى الآن الذي يركز في المقام الأول على إسماعيل، في حين كان ظهور شخصية الخديوي في أعمال أخرى ظهور فرعي وليس رئيسي، ولكنه الظهور الذي شوه التاريخ، بحسب النقاد والمؤرخين.

ظهر إسماعيل في المسلسل على أنه حاكم مغرم بالنساء يحيط نفسه بهن، من جواري ومحظيات، إلى جانب الزوجات، الأمر الذي يجعله مشغول طوال الوقت بهذا الجانب، وبما يُحاك في الحرملك من مكائد تدبرها النساء لتحاول كل منهن الفوز بقلب الخديوي منفردة.

وفي بيان إعلامي أصدره أخر حكام الأسرة العلوية الملك أحمد فؤاد الثاني، أكد أن مسلسل ''سرايا عابدين'' يروج لمعلومات عارية تماما من الصحة، ويُظهر الخديوي إسماعيل على أنه رجل فاسد، موضحا أن وضع جملة ''دراما مستوحاة من قصة حقيقية'' أمر غير كافي لينفي عن صُناع المسلسل تهمة تزييف التاريخ، مطالبا بإيقاف عرض المسلسل حتى لا تترسخ مشاهده في أذهان الأجيال الحالية التي قد تنخدع بما تراه وتعتبره حقائق دامغة لا تقبل الشك.

بالإضافة إلى كل ما سبق تم اتهام العمل بأنه تعريب للمسلسل التركي ''حريم السلطان''، ولكن من شاهد العمل التركي سيجده اهتم إلى جانب الحديث عن حرملك السلطان سليمان بالحديث أيضا عن فتوحاته ومعاركه واهتمامه ببلاده، عكس مسلسل ''سرايا عابدين''.

علي مبارك

سبق عرض ''سرايا عابدين'' بست سنوات مسلسل ''علي مبارك''، ولكنه كعادة الأعمال التاريخية التي لا تجد إنفاق جيد يقدمها للمشاهد في صورة تبهره، وتدفعه لمشاهدتها، لم يحظ بإقبال ومشاهدة عالية من الجمهور، رغم تناوله أحد الشخصيات البارزة في تاريخ التعليم وهو علي باشا مبارك، ووكان من الطبيعي أن يتناول ملامح من حياة الخديوي إسماعيل حاكم هذه الفترة.

وجسد دور الخديوي إسماعيل الفنان أحمد وفيق، والذي اجتهد في تجسيد الدور، وغابت فكرة الخديوي المشغول بنساءه عن بلاده، وحاول إبراز عظمة الشخصية وتنقيتها من الشوائب والمغالطات العالقة بها.

بوابة الحلواني

''بوابة الحلواني'' هو ثاني أشهر الأعمال التي ظهرت خلالها شخصية الخديوي إسماعيل، حيث كان يركز العمل بأجزاءه على حفر قناة السويس في الأساس، وملامح الحياة المصرية في هذه الفترة، ولم يكن التركيز على الخديوي إسماعيل الملمح الرئيسي بالعمل.

وإلى حد كبير نجح الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن في أن يكون هو الأقرب لإنصاف هذا الرجل، واتسم آداء الفنان محمد وفيق بالهدوء والرصانة بالصورة التي تتلاءم وشخصية حاكم عُرف عنه اهتمامه بالنهوض بمصر في نواحيها المختلفة سياسيا واقتصايا وثقافيا.

ألمظ وعبده الحامولي

لم يبتعد فيلم ''ألمظ وعبده الحامولي'' كثيرا عن الصورة التي يرسمها مسلسل ''سرايا عابدين'' عن الخديوي إسماعيل، حيث صور الخديوي من خلال تجسيد الفنان الكبير حسين رياض كشخص لا يهمه أيضا سوى ملاذاته، يلهث وراء ألمظ المطربة الناشئة، والتي تستطيع الفرار منه والزواج من المطرب عبده الحامولي.

وينفي كثيرون هذه الواقعة جملة وتفصيلا، مؤكدين أن عبده الحامولي كان من حاشية الخديوي إسماعيل، ومن الأشخاص المقربين له، للدرجة التي جعلته ينسحب من حاشية القصر بعد عزل إسماعيل، وتولي ابنه توفيق الحكم.

التاريخ

التاريخ لا ينكر أن لإسماعيل نقائص، من بينها كثرة الإسراف، واستعجاله تحقيق حلم النهوض بمصر، الأمر الذي دفعه للاستدانة من البنوك الأوروبية لمبالغ وصلت لملايين الجنيهات، بدافع أن تصبح مصر في مصاف الدول المتقدمة والمتحضرة في أقصر وقت ممكن، وهو ما نجح في تحقيق جزء كبير منه، بتخطيط الشوارع والميادين على الطراز الأوروبي، وتحويل مجرى النيل ليجري في وسط القاهرة، وبناء دار الأوبرا المصرية، إنارة الشوارع وافتتاح قناة السويس الذي تم في عهده، بعد أن قضى على فكرة العمل بالسخرة، بعد فترة طويلة كان يُجبر فيها المصريون على العمل في الحفر ودون مقابل، وأصبحت القاهرة في عهده مدينة تنافس مدن العالم في الجمال والرقي، وذلك خلال حوالي 16 عام فقط هي فترة توليه لحكم مصر من عام 1863 وحتى 1879.

كما اهتم إسماعيل بحفر الترع، وبناء الكباري، مد خطوط السكك الحديدية، الاهتمام بخدمة التلغراف، بناء مصلحة البريد، بالإضافة لتشييده الكثير من القصور، والمراكز الثقافية والحدائق والتي مازالت موجودة بيننا حتى اليوم.

فبدلا من أن يصبح الفن عبر أدواته وعناصره المختلفة نبراسا يضيء جوانب مُظلمة أو مجهولة في التاريخ، خاصة عندما يقرر صُناعه تناول سير حكام وشخصيات حقيقية، أصبح في كثير من أعماله يرسخ معلومات مزيفة يأخذها الجمهور على أنها حقائق مسلم بها دون بحث أو تأكد من صحتها، فهل يأتي اليوم الذي يقدم فيه الفن الخديوي إسماعيل وغيره من الشخصيات التاريخية بصورة مُنصفة، تستعرض ما لهم وما عليهم؟!

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان