طارق عبد الجليل.. مؤلف "مخدش حقه"
كتبت- سما جابر:
هل تتذكر موقفا أضحكك في فيلم "عايز حقي" بطولة الفنان هاني رمزي؟ أنت إذا ضحكت على "إفية" صاغه السيناريست الكبير طارق عبد الجليل، الذي أبدع كثيرا في هذا الفيلم وغيره من الأفلام الكوميدية الشهيرة.
نكات سياسية تعكس موقفا واضحا، وحوارات ساخرة تقوم على التلميح ضد المسؤولين، تحليلات وأفكار خارج الإطار، قدمها طارق عبدالجليل الذي رحل أمس، عن عالمنا تاركًا 7 أفلام فقط، أراد من خلالها أن يوثق فترات سياسية مختلفة.
من تسنّى له أن يتعرّف إلى صاحب هذه النظرة سيُدهشه أن الرجل السياسي من الدرجة الأولى لم يكتب سوى مقالات تعد على أصابع اليد الواحدة.
كان "السيناريست" مشاغبا على الساحة الفنية، فلم يظهر أي فيلم من أفلامه للنور إلا وامتلأت كواليسه بالعديد من المشاكل السياسية، ومن أبرز هذه الأعمال "عايز حقي" الذي يعتبر من أهم الأفلام التي أنتجت في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وفيلم "أبو العربي" الذي تسبب في أزمة مع بعض أهالي بورسعيد.
النجاح الساحق الذي حققه فيلم "عايز حقي" والذي عُرض عام 2003، وأدى دور البطولة الفنان هاني رمزي، احتوى على جرأة سياسية غير مسبوقة في أفلام تلك الفترة، كانت كواليسه عبارة عن شد وجذب لمدة 6 سنوات كاملة، بين مؤلفه وبين جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، وأيضًا الجهات السيادية والأمنية من أجل الحصول على تراخيص رقابية لخروج الفيلم إلى النور بالشكل الذي يريده دون حذف أو تغيير، وظل "عبد الجليل" متمسكًا بالسيناريو الأساسي للفيلم إلى أن عُرض كاملًا.
قال السيناريست الراحل في أحد اللقاءات التلفزيونية إن فيلم "عايز حقي" وقت عرضه كان ضد سياسة الدولة، مضيفا: "الهدف الذي كنا نتمنى أن يصل للجميع من خلال الفيلم، هو إما أن الحكومة لا تستطيع فهم الدستور المصري أو أن الدستور به شيء خاطئ".
من ضمن المشكلات التي تعرض لها كانت أزمة فيلم "أبو العربي" الذي قدمه مع هاني رمزي أيضًا، حيث تسبب أحد المشاهد بالفيلم في اتهام "عبد الجليل" والمخرج محسن أحمد وبطل العمل، بازدراء القوات المسلحة، حيث قدم طلب إحاطة للفيلم، وخُصصت قاعة داخل مجلس الشعب لمناقشته.
أما فيلم "ظاظا" فكان من أوائل الأفلام في الفترة القليلة الماضية التي تناولت بشكل جريء الحديث عن الانتخابات الرئاسية، وكيف استطاع شاب بسيط أن يكون رئيسًا، حيث أكد مخرج الفيلم علي عبد الخالق، حذف عدد كبير من المشاهد لكي يعرض الفيلم.
مع اندلاع أحداث ثورة 25 يناير، كان من الطبيعي أن يوثق طارق عبد الجليل الحدث، من خلال فيلمه "صرخة نملة" الذي شارك في مهرجانات عالمية منها "كان"، وتعاون فيه مع شقيقه عمرو عبد الجليل، ودار في إطار كوميدي وتطرق للظروف الحياتية والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي أصبح الشعب المصري يعاني منها كقضية ارتفاع الأسعار، والتي أدت لاندلاع الثورة.
ويعتبر الفيلم هو "مسك الختام" لأعمال "عبد الجليل" للسينما، فلم يقدم الكاتب الراحل أي أعمال أخرى حتى وفاته، لكنه في عام 2014 تفرغ قليلًا لكتابة مقالات الرأي في إحدى الصحف المصرية والتي انتقد خلالها الأحوال السياسية سواء الخاصة بالسياسة الخارجية أو الأزهر الشريف وشيوخه، أو تعليقه على محاكمات الرئيس الأسبق مبارك.
فيديو قد يعجبك: