طارق شرارة.. موسيقى متمردة وتجارب فنية خالدة (بروفايل)
كتب- محمد مهدي:
على مدار سنوات طويلة كان الفنان طارق شرارة صاحب مسيرة خاصة في العديد من الفنون أبرزها الموسيقى، حيث قدم خلال تجربته أعمال متمردة وغير تقليدية ظهرت منذ أعماله الأولى وحتى الأعوام الأخيرة قبل وفاته اليوم، فضلا عن تجارب فنية خالد مع كبار نجوم السينما المصرية مثل المخرج كمال الشيخ وسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة.
كان شرارة قد نشأ وسط أسرة محبة للفن والموسيقى تحديدا "أنا اتولدت في القاهرة كنت الأخ الخامس، وكان والدي يعشق الموسيقى العربية، ويجيد العزف على القانون والعود، أما والدتي فكانت تعزف على البيانو الغربي"، مما دفعه لحب الآلات الموسيقية وتعلمها في سن صغير وظهور ولعه الخاصة بالتأليف الموسيقى "في طفولتي كنت بقرأ في الأدب ومهتم بالرسم، جربت كل الوسائط الفنية لكن الموسيقى كانت هي الأساس".
جنبا إلى دراسته بشكل شخصي للموسيقى التحق شرارة بكلية حقوق جامعة القاهرة ونجح في التخرج عام 1964، وبعدها بسنوات قصيرة انضم إلى ركاب العمل في وزارة الثقافة المصرية في الكونسرفتوار ولم ينتظر كثيرا في العمل الحكومي حتى يعكف على إصدار ألبوماته الموسيقية البديعة "دايما يقولولي إن موسيقاك أقرب للتصويرية لكن أنا بقول إنها تخيلية وفيه فرق بين الاثنين" حيث ظهرت على يديه مقطوعات طويلة تتلاحم مع حكايات تاريخية وبعضها علمية.
"ممكن أقرأ موضوع علمي أو تاريخي ودا يوحي لي بمزيكا أعملها" من أعماله الأولى مثلا ألبوم البوابة "كنت في سينا، طريق جبل موسى، وكان كله بوابات، جاتلي فكرة إن البشرية مرت ببوابات كتيرة فيها خطر وكوارث وقدرنا نتغلب عليها بس يا ترى المستقبل هيساعدنا نخرج منها ولا لا" ليتحول العمل إلى مقطوعة تتحدث عن الفيضان والطاعون والقنبلة الذرية وثقب الأوزون.
طرح وجهة نظره كثيرا في موسيقاه وهو ما جرى في ألبوم فوضى "كنت بشرح اللي بيحصل في العالم من فوضى سياسية ومناخية وفي كل الاتجاهات والناس مش حاسة بالازمة"، يشعر أن أعماله تدق ناقوس الخطر أحيانا "وبحس إني بستوحى مزيكتي من الواقع" وكثيرا ما ترك العنان لخياله "وعشان كدا عملت موسيقى عن الحشرات، نوع بيعيش في أجسامنا وحوالينا في كل مكان، تخيلت لو كان كبير او احنا اللي صغرنا ممكن يعمل فينا ايه".
كان الراحل يعشق السماع لجميع أنواع الموسيقى "لازم الواحد يكون مُطلع على كل الأنماط، فاكر لما الموسيقى الإلكترونية طلعت كنت رافضها لكن مع الوقت حبيتها وبقيت متعمق فيها"، وقام بتحضير دراسة عنها، تلك الموهبة الخاصة دفعته من أجل تقديم برامج تحليل موسيقى في إذاعة البرنامج الأوروبي والذي امتد لسنوات عديدة وشهد إقبال كبير من قِبل المستمعين الذي أصبح نافذة لهم لتذوق الموسيقى بطريقة خاصة.
في السينما تربع شرارة على عرش الإعداد الموسيقي "كان زمان يعتمدوا على كام اسطوانة مزيكا يحطوها في كل الأفلام، وأوقات المونتير يحطها بدون ما يكون ليها أهمية لكن لملء الفراغات" وهو ما جعله متحفزا لدخول المجال من أجل وضع بصمته الخاصة "عملت أفلام كتيرة جدا، وتعاونت مع المخرج كمال الشيخ، وأفلام مميزة زي الخيط الرفيع وإمبراطورية ميم، السيدة فاتن حمامة قابلتني مرة قالتلي انت هايل" وذلك لأنه كان يراعي أن تكون الموسيقى معبرة عن الأحداث بدقة متناهية.
رحلة عظيمة صنعها شرارة في عالم الموسيقى بموهبته الكبيرة ودعمه للكثير من الفنانين كما يؤكد المخرج خالد جلال حيث قام بوضع موسيقى لأول أعماله المسرحية في مركز الإبداع الفني، وهما "هبوط إضطراري" و"أيامنا الحلوة"، وفقد الوسط الفني برحيله صباح اليوم قيمة كبيرة في دنيا "المزيكا" دفع وزيرة الثقافة إلى نعيه منوهة على أنه قدم إبداعات خالد وبصمات رائدة.
فيديو قد يعجبك: