إعلان

محركات التربو في عالم الدراجات النارية .. بين الآمال والتحديات

04:21 م الخميس 08 مايو 2014

نجحت محركات التربو في تثبيت أقدامها في عالم صناعة السيارات منذ وقت طويل. وتتمثل الميزة الأكبر لهذا النوع من المحركات في زيادة قوة المحرك وعزم دورانه رغم تقليص عدد أسطوانات المحرك وسعته الحجمية بغرض خفض معدلات استهلاك الوقود. وفي السابق اقتحمت محركات التربو عالم الدراجات النارية، إلا أنه لم يُكتب لها نفس النجاح.  وفي الوقت الحالي لا توجد دراجات نارية تعمل بمحركات التربو، كما أن مستقبلها لا يبدو واعداً ومشرقاً .

      والحقيقة أن قصة دخول محركات التربو إلى عالم الدراجات النارية هي قصة تصاعدت أحداث البداية والنهاية فيها بسرعة كبيرة؛ ففي الثمانينيات من القرن الماضي حاولت شركات يابانية مثل هوندا وكاوازاكي وسوزوكي وياماها إنتاج  بعض الموديلات التي تعتمد على تقنية التربو، ولكن أسفرت هذه المحاولة عن واحدة من أكثر التجارب تخبطاً في تاريخ إنتاج الدراجات النارية، فقد تم إنتاج نحو 3500 نسخة من هذه الموديلات، وبالفعل قد تم بيعها في جميع أنحاء العالم. ولكن سرعان ما اختفت هذه التقنية من برامج هذه الشركات تماما كما بدأت.

      ويرى هانز يورغن بيرنر، الخبير بمعهد أبحاث هندسة السيارات ومحركات المركبات بمدينة شتوتغارت الألمانية، أن محركات التربو لديها فرص جيدة للنجاح في عالم الدراجات النارية أيضاً، موضحاً أن هذا الأمر يتطلب خفض مستوى عدد لفات المحرك، مع زيادة الضغط في غرف الاحتراق. ويؤدي خفض عدد لفات المحرك إلى انخفاض فاقد عملية الاحتكاك بين أجزاء المحرك، ما يعمل بشكل ملحوظ على تحسين معدلات استهلاك الوقود.

عدم تفاؤل

      ومع ذلك فإن الخبير الألماني بيرنر ليس متفائلاً بأن تلعب تقنية التربو أي دور في الوقت الراهن في عالم الدراجات النارية، وذلك لتراجع مؤشرات السوق لدفع عمليات التطوير في هذا المجال.

     ويصل عدم التفاؤل ذروته مع نوربرت كلاور، مدير قسم التطوير التقني للدراجات النارية بشركة بي إم دبليو الألمانية، والذي يرى صعوبة الاعتماد على تقنية التربو في صناعة الدراجات النارية، حيث أن إمكانيات تقليل الوزن وخفض استهلاك الوقود عن طريق تقليص السعة الحجمية للمحركات في الدراجات النارية أقل بكثير عنها في عالم بالسيارات.

     وعلل كلاور ذلك بقوله: "تقليل السعة الحجمية يقابله إعادة تصميم ميكانيكا المحرك وناقل الحركة بالكامل، مع زيادة في الوزن". ويتفق مانفريد كولب، الخبير التقني لدى شركة هوندا اليابانية، مع هذا الرأي قائلاً: "طبقاً للمعطيات التقنية الراهنة فإنه لن يتسنى لتقنية التربو لعب أي دور في صناعة محركات الدراجات النارية في المستقبل القريب".

وعندما قامت الشركات اليابانية مع بداية عقد الثمانينيات من القرن الماضي في إنتاج بعض موديلات الدراجات النارية العاملة بتقنية التربو كان الهدف المنشود هو رفع أداء الدراجات التي تنتمي للفئة المتوسطة لتصل إلى قوة الدراجات التي تعتمد على محركات ذات سعات حجمية كبيرة.

ولكن في حقيقة الأمر أظهرت هذه المحركات تعطشاً كبيراً للوقود، وذلك لارتفاع عدد لفات المحرك بشكل كبير، وهو ما دفع شركة بي إم دبليو الألمانية إلى إجهاض مشروعها الذي بدأته عام 1981، حيث لم تتعدى الدراجة النارية Futuro المزودة بتقنية التربو كونها مجرد تجربة لم تخرج إلى النور.

وأوضح الخبير الألماني ميشائيل لينتسين من الرابطة الألمانية لقائدي الدراجات النارية أن فشل هذا النوع من الدراجات النارية يرجع إلى عدة أسباب، منها  صعوبة السيطرة على القوة الجامحة التي تتولد بمجرد دخول شاحن التربو إلى منظومة العمل، بالإضافة إلى التكاليف الباهظة لهذه التكنولوجيا المعقدة.

بعث جديد

ومنذ هذا الفشل الذي منيت به هذه التقنية سكنت العاصفة، إلى أن ظهرت شركة سوزوكي مؤخراً لتعلن من جديد عن بعثها لهذه التقنية في دراجتها Recursion الاختبارية. ويتولى مهمة دفع دراجة سوزوكي الجديدة محرك مستقيم ثنائي الأسطوانات بسعة حجمية تبلغ 588 سنتيمتر مكعب، ويولد هذا المحرك مدعوماً بشاحن تربو قوة مقدارها 74 كيلووات/100 حصان، ويدور بعزم دوران أقصى يبلغ 100 نيوتن متر.

وفي الحقيقة لم تكشف شركة سوزوكي عن أسباب استدعائها لهذه التقنية من جديد والغرض من وراء ذلك، إلا أن كل ما كشفت عنه هو أن التزود بمثل هذا المحرك ثنائي الأسطوانات مع شاحن التربو يجمع بين مغامرة التعامل مع عزم دوران كبير كهذا وقدرات محرك جامح بحق. كما أشارت سوزوكي إلى أن انخفاض استهلاك الوقود لهذه التقنية لعبت دوراً كبيراً في العودة لها؛ حيث يقل معدل استهلاكها من الوقود بنحو 50% مقارنة بالمحركات غير المدعومة بشاحن التربو.

ومع ذلك فإن أكثر الخبراء يشككون في حصول تقنية التربو على الفرصة الثانية في عالم الدراجات النارية، فأكثر الموديلات التي تم إنتاجها بهذه التقنية لم تكن إلا لاستعراض العضلات، وأما عن مدى جدية سوزوكي في طرح هذه التقنية بشكل قياسي، فهو أمر لا يزال محل نظر.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان