الإيطاليين مصنعي الفيراري يتراجعوا عن قيادة السيارات
لدى الإيطاليين قصة حب طويلة مع المركبات ذات المحركات بدأت بالفيسبا وانتهت بسيارة الفيراري، غير أنه حدثت ثورة في وسائل الانتقال بسبب ازدحام المرور في ميلانو ثاني أكبر مدينة في بلادهم، وتسببت في تخلي الكثيرين منهم عن ركوب السيارات، مفضلين بدائل أخرى مثل المواصلات العامة أو مشاركة الآخرين في ركوب السيارات.
وبات الركاب عازفين عن القيادة إلى داخل وسط مدينة ميلانو بسبب مشروع فرض رسوم على الزحام، على غرار ما يحدث في لندن، يقضي بدفع خمسة يورو (5ر6 دولارات) من جانب قائدي السيارات الذين يدخلون منطقة أطلق عليها اسم "المنطقة سي".
وقال عمدة ميلانو جيوليانو بيسابيا /65 عاما/ في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن "امتلاك سيارة لم يعد رمزا للوجاهة الاجتماعية مثلما كان الحال في السابق، وقد اعتنق الشباب هذه الفكرة على الرغم من صعوبة قبولها من جانب الأجيال الأكبر سنا مثلي أو جيل والدي".
ومنذ إدخال "المنطقة سي" في كانون ثان/يناير 2012 تراجع عدد السيارات الذي يدخل منطقة وسط ميلانو يوميا من حوالي 130 ألف سيارة إلى 90 ألفا، وخلال الفترة نفسها زاد حجم برنامج المشاركة في السيارات بالمدينة إلى أكثر من 180 ألف مشترك.
وقال داميانو دي سيميني الرئيس المحلي لجماعة الضغط البيئية "ليجامبينتي" إنه يسمع مزيدا من الأشخاص يقولون له "إننا لا نحتاج إلى سيارة"، وأضاف أن "ميلانو تقوم بعملية نزع السيارات منها بنفسها، وهذا أمر يحدث بالفعل".
وأدلى ما نسبته 80 % من سكان ميلانو بأصواتهم لصالح رسوم الزحام في استفتاء غير ملزم أجري عام 2011، غير أن الخلافات البيروقراطية والاحتجاجات الشعبية والمعارضات القانونية ضد المشروع أخرت إقامة "المنطقة سي" وفقا لما قاله بيسابيا.
وأوضح العمدة الذي ينتمي إلى يسار الوسط وفاز منذ ثلاثة أعوام بشكل غير متوقع على منافسه المحافظ الذي كان يشغل المنصب ويسانده رئيس الوزراء السابق سيلفيو بيرلسكوني، أن المتشككين في رسوم الزحام غيروا رأيهم ووافقوا على فكرته حاليا، مشيرا إلى استطلاع للرأي أجري العام الماضي وأشار إلى أن 5ر58 % من سكان ميلانو يؤيدون "المنطقة سي".
وأضاف بيسابيا :"في البداية رغم أنني لم أوافق على مبدأ الرسوم إلا أن تقلص الازدحام المروري المخيف الذي كان موجودا في /المنطقة سي/ أقنع المتشككين بجدوى المشروع، وأنا متأكد تماما أن أي إدارة للمدينة ستأتي من بعدي لن تلغي هذه الرسوم".
ومن ناحية أخرى فإن الاتجاهات الاقتصادية على مستوى إيطاليا أثرت بدورها على استخدام السيارات، ففي ظل أكبر ركود تتعرض له البلاد منذ الحرب العالمية الثانية تراجع معدل مبيعات السيارات في إيطاليا بنسبة نصف ما كان عليه وقت ذروة المبيعات عام 2007، وحل محله مبيعات الدراجات لأول مرة خلال 50 عاما.
ومع ذلك فليست الأمور وردية في ميلانو، فيقول المنتقدون إن "المنطقة سي" تحتاج إلى التوسيع بشكل كبير لحل مشكلات التلوث المزمنة بميلانو، والتي دفعت الاتحاد الأوروبي إلى التهديد بفرض عقوبات اقتصادية على المدينة.
ويشير البعض إلى أن الطرق المزدحمة خارج "المنطقة سي" تتاخم الكثير من مدارس ميلانو، وتنتج عنها عوادم تعرض صحة الأطفال للخطر.
وفي هذا الصدد قالت آنا جيروميتا من منظمة "آباء ضد العوادم" لـ(د.ب.أ) إن إدارة مدينة ميلانو "غير مسئولة ومجرمة" بسبب رفضها اتخاذ مزيد من الإجراءات للحد من حركة مرور السيارات، على الرغم من وجود دليل على أن مستويات انبعاث عوادم السيارات ما زالت عالية بشكل غير مقبول.
وعلى الرغم من أن رسوم الزحام تعد مغنما لميلانو حيث تجلب نحو 30 مليون يورو لخزينة المدينة، إلا أن العمدة بيسابيا قال إن عدة تحديات لوجستية تجعل من عملية توسيع المنطقة غير ممكنة إلا على المدى البعيد.
وأضاف أنه من المتوقع أن تحقق بدائل أخرى للانتقال نتائج خلال هذه الفترة، مشيرا إلى إدخال مزيد من مناطق المشاة، والحد من سرعات السيارات وتزايد معدلات المشاركة في السيارات على أن تشمل الدراجات الكهربائية قريبا.
فيديو قد يعجبك: