عامان من "التعويم".. كيف تغير قطاع السيارات في مصر؟
كتب - أيمن صبري:
شهد قطاع السيارات المصري في العامين الماضيين عدة تغيرات، على إثر قرار مجلس الوزراء بتحرير أسعار النقد الأجنبي في مقابل الجنيه المصري، والذي جاء ضمن خطة شاملة للإصلاح الاقتصادي.
وكانت حكومة المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء السابق كشفت في 3 من نوفمبر لعام 2016 عن برنامج لإصلاح الاقتصاد المصري، اشتمل تحرير أسعار النقد الأجنبي وإعادة النظر في قيم فواتير الدعم الحكومي للمشتقات البترولية والكهرباء وغيرها.
وفي اليوم التالي لقرار تعويم الدولار؛ أصاب سوق السيارات حالة من التخبط، حيث ارتفعت الأسعار بين ليلة وضحاها إلى نحو 100%، ما أدى إلى إحجام العشرات من العملاء عن قرارات الشراء وتغيير المستثمرين لخططهم الاستثمارية المستقبلية.
بداية الركود
ومع ارتفاع قيمة العملة الأجنبية من 8.82 جنيه للدولار في 2 نوفمبر 2016 إلى نحو 17.50 جنيه في يوم 3 من نفس الشهر، فقدت الشركات قدرتها على ضبط الأسعار، وحيث أن القطاع قائم بشكل شبه كامل على الاستيراد فكان الركود هو النتيجة الحتمية.
وعلى الرغم من إحجام الكثيرين عن الشراء؛ إلا أن السوق أغلق عام 2016 على إجمالي مبيعات وصل إلى 199.600 سيارة بزيادة بنسبة ارتفاع قدرها 5 % عن عام 2015، مدفوعًا بمبيعات الأشهر العشر الأول التي سبقت قرار التعويم.
لكن الربع الأول من عام 2017؛ كان الأكثر تأثرًا بارتفاع معدلات التضخم، حيث فقد السوق خلال هذه الفترة أكثر من 35 % من قوته الشرائية، ما دفع عدد من الشركات ووكلاء العلامات التجارية إلى خفض الرسائل الاستيرادية والاكتفاء بالمعروض في السوق لتخفيف فاتورة الخسائر جراء الركود.
العودة لما قبل "التعويم"
خلال الأشهر الأولى لتطبيق قرار التعويم، زادت التكهنات التي تتحدث حول عودة الأسعار إلى سابق عهدها وانخفاض معدلات التضخم إلى ما قبل يوم الثالث من نوفمبر 2016.
وقال خالد حسني، المتحدث الرسمي باسم مجلس معلومات سوق السيارات "أميك"، إن ذلك لم يكن واردًا وكان الحديث عن ذلك عبث ومحض أمنيات، موضحًا أن الأسعار قبل التعويم كانت وهمية لأن القوة الشرائية للجنيه كانت دون مستواها الحقيقي.
وفي تصريح سابق لـ"مصراوي"؛ توقع حسني أن يشعر المستهلك بتوازن أسعار السيارات وليس انخفاضها مع استمرار التعافي الفعلي للاقتصاد المصري، متوقعًا أن ترتفع القيمة الشرائية للجنيه المصري في مقابل العملات الأجنية الأخرى.
خطة حكومية لتخفيف أعباء التضخم
وخلال عام 2017؛ حاول مجلس الوزراء ممثلا في وزارة المالية تخفيف أعباء التضخم على المستوردين، فقرر عمرو الجارحي، وزير المالية السابق، تثبيت سعر الدولار الجمركي لعدة أشهر ليستقر في 2018 عند 16 جنيهًا.
وبالرغم من ذلك إلا أن أشرف شرباص، نائب رئيس شعبة السيارات بالغرفة التجارية، أكد أن تثبيت سعر الدولار ليس له تأثير مباشر على الأسعار الشرائية للسيارات، مفسرًا أن غالبية الشركات المصدرة تطالب باعتمادات مالية باليورو، الأمر الذي يحد من تأثير تثبت سعر الدولار.
وفي تلك الفترة وجه علاء السبع، عضو شعبة السيارات بالغرفة التجارية، وعدد من العاملين بقطاع السيارات رسائل إلى البنك المركزي مطالبين فيها بضرورة تخفيف اشتراطات تمويل شراء السيارات، آملين في تحريك عجلة المبيعات التي توقفت بشكل شبه كامل.
عام الركود .. السوق يفقد 31.6%
بنهاية 2017 المسمى بعام الركود؛ كشفت إحصائية صادرة عن مجلس معلومات سوق السيارات "أميك" عن تراجع المبيعات الإجمالية لسوق السيارات بنسبة 31.6 بالمئة مقارنة بمبيعات عام 2016.
ووصل الإجمالي السنوي بعد إحصاء مبيعات شهر ديسمبر الماضي، بيع 136 ألفًا وستمئة سيارة مختلفة السعات والطرازات والاستخدامات، ليفقد بذلك السوق نحو 62.600 عملية بيع تم تسجيلها في 2016.
وكان قطاع سيارات الركوب "الملاكي" الأكثر تضررًا، حيث تراجعت مبيعاته بنسبة 29.8 % للسيارات محلية الصنع، وبنسبة 35.7 % للسيارات المستوردة. أما قطاع الشاحنات فكان تأثير الركود عليه أقل نسبيًا، حيث تم تسجيل 23 ألفًا و400 وحدة محلية الصنع وألفين و700 وحدة مستوردة، بنسبة تراجع قدرها 26.6 % مقارنة بمبيعات القطاع في 2016.
ولم يكن قطاع السيارات الجديدة الخاسر الوحيد، حيث تأثر كذلك سوق السيارات المستعملة بفعل موجة الارتفاعات القياسية وغير المسبوقة التي أصابت أسعار السيارات الجديدة ودفعت الآلاف إلى الهجرة نحو المستعمل، الأمر الذي تسبب في ارتفاع بعض الطرازات المستعملة إلى أكثر من 100 %.
عجلة المبيعات تعود للدوران
في الشهرين الأخيرين من 2017 والأشهر الأولى من 2018 الجاري سجل مؤشر التضخم العام أقل مستوى له منذ بدء خطة الإصلاح الاقتصادي، وهو مع انعكس بالإيجاب على مبيعات السيارات حيث سجلت ارتفاعًا في الربع الأول من العام الجاري بنسبة 32.3% على أساس سنوي، بواقع 35.1 ألف وحدة.
واستطاع السوق تحقيق هذه الطفرة مستفيدًا من القفزة الكبيرة في مبيعات قطاعي الشاحنات التجارية وحافلات نقل الركاب، حيث سجلت 7440 وحدة بنسبة ارتفاع قدرت بـ91% على أساس سنوي خلال الربع الأول، مقارنة بـ3900 وحدة خلال نفس الفترة من العام الماضي.
ويتوقع خبراء السيارات أن تستمر الانتعاشة حتى نهاية 2018 مدفوعة بانتعاش الاقتصاد المصري بشكل عام، كما تشير التوقعات إلى إقفال مبيعات السيارات عند ارتفاع يقدر بـ10% على أساس سنوي مقارنة بالعام الماضي.
السيارات المحلية تتفوق ثم تتراجع
مع ارتفاع فاتورة أسعار السيارات المستوردة، لجأ قطاع من المستهلكين إلى السيارات المجمعة محليًا والتي تقل أسعارها عن نظيرتها المستوردة بضعة آلاف وذلك كنوع من المناورة لتخفيف حدة التضخم.
وعلى مدار عام 2017 استطاعت مبيعات السيارات المجمعة محلياً أن تتفوق في معدل الانخفاض، حيث وصل تراجع السيارات المحلية 32% بينما بلغت نسبة التراجع في قطاع السيارات المستوردة 44% وذلك مقارنة بمبيعات 2016.
إلا أن عام 2018 الجاري شهد عودة قطاع السيارات المستوردة إلى التصدر مرة أخرى، الأمر الذي يراه خبراء بقطاع السيارات أمر طبيعي في ظل استقرار أسعار النقد الأجنبي وثبات أسعار الدولار الجمركي لأكثر من 8 أشهر على التوالي.
وفي هذا الإطار يقول المدير التنفيذي لمجموعة أبو غالي موتورز للسيارات، إن تفوق السيارات المحلية في عام 2017 هو الاستثناء وليس العكس وإن كان أمرًا محمودًا، ولكن في 2018 مع استقرار الاقتصاد وحركة الاستيراد ودخول عدد كبير من السيارات المستوردة لأول مرة إلى السوق المصري عادت الطرازات المستوردة للصدارة.
وأفادت إحصائية صادرة عن مصلحة الجمارك المصرية بزيادة الواردات من سيارات الركوب "الملاكي" عبر مرفأ الإسكندرية البحري بنسبة 94.8 % في الأشهر التسع الأول من 2018 لتصل إلى 74.115 وحدة مقابل 38.000 في نفس الفترة من 2017.
أسعار السيارات اليوم
خلال عام 2016 وحتى يوم الثاني من نوفمبر كانت خيارات الشراء المطروحة أمام المستهلك المصري الراغب في سيارة جديدة بأسعار اقتصادية تبدأ من 38 ألف جنيه، أما اليوم وبعد مرور نحو عامين على التعويم وتغير خريطة الأسعار، فإن سعر أرخص سيارة بالسوق يقدر بـ130 ألف جنيه.
نظرة إيجابية للسوق المصري
في الوقت الذي تحدث فيه مراقبون عن استمرار الركود بالسوق المصري لسنوات بفعل الإجراءات الإصلاحية، إلا أن الواقع في سوق السيارات المصري كان مغايرًا. حيث أعلنت بعض العلامات التجارية مؤخرًا دخول السوق لأول مرة رسميًا، فيم عادت علامات أخرى إلى السوق بعد انقطاع دام لسنوات وهي دلالات يراها خبراء مؤشر دامغ على تحسن السوق وثقة المستثمر الأجنبي في الاقتصاد المصري.
على الصعيد الرسمي تواصل الحكومة المصرية جهودها لدعم القطاع من خلال وضع قانون خاص بصناعة السيارات والمعروف باسم "استراتيجية صناعة السيارات"، فضلًا عن التواصل الدائم مع المستثمرين الأجانب لبحث فرص الاستثمار في المنطقة الاقتصادية "شرق بورسعيد" التي تمتاز بموقعها الاستراتيجي على المدخل الشمالى لقناة السويس والتى تعد فرصة للتصنيع والتصدير لدول العالم.
فيديو قد يعجبك: