كيف تأثرت السيارات المحلية بـ"زيرو جمارك" وحملة "خليها تصدي"؟
كتب - أيمن صبري:
يعيش قطاع السيارات المصري حالة من التخبط والارتباك، ويواجه العاملين به تحديات بسبب التوقف شبه الكامل للمبيعات لعزوف شريحة من المستهلكين عن الشراء وتأجيل شريحة أخرى قرار الشراء لحين استقرار الأوضاع بالسوق.
ويعزز حالة الركود، حملات مقاطعة الشراء المعروفة بـ"خليها تصدي"، والتي يطالب الداعمين لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بمقاطعة شراء السيارات لحين تعديل وكلاء العلامات التجارية للأسعار وتخفيض هوامش أرباحهم بزعم أنها خيالية.
وبرزت حملات المقاطعة بشكل أكبر بعدما فشلت التخفيضات التي أعلن عنها وكلاء عدد من العلامات التجارية في أعقاب تطبيق الشريحة الأخيرة من التخفيضات الجمركية على الواردات الأوروبية في إرضاء زبائن السوق. وبحسب علاء السبع، عضو الشعبة العامة للسيارات باتحاد الغرف التجارية، فإن سقف توقعات العملاء للانخفاضات كانت أعلى من قدرة الوكلاء على التخفيض.
وفي الوقت الذي تخاطب فيه الإعفاءات الجمركية السيارات المستوردة من دول الاتحاد الأوروبي والتي خيبت آمال الكثير من زبائن السوق لعدم تأثيرها على أسعار الشريحة الأكبر من السيارات بالسوق، نالت السيارات المستوردة ذات المنشأ الآسيوي والأمريكي نصيبًا من المقاطعة وانحسرت مبيعاتها؛ ولكن ماذا عن السيارات المحلية؟
قال المهندس رأفت مسروجة، الرئيس الشرفي لمجلس معلومات سوق السيارات (أميك) في حوار لـ"مصراوي"، إن قطاع صناعة وتجميع السيارات المحلية هو أكثر المتضررين من الركود الذي يعاني منه السوق في الوقت الحالي.
وأكد مسروجة، أن غالبية إنتاج مصانع السيارات المصرية يستهدف السوق المحلي، ولذلك فإن عزوف المستهلكين والدعوة لمقاطعة الشراء، يتسببان في حالة من الارتباك للعاملين بالقطاع.
ويبلغ عدد مصانع تجميع السيارات في مصر نحو 19 مصنعًا بالإضافة إلى 150 مصنعًا آخر متخصص في مكونات التصنيع وقطع الغيار، وذلك بإجمالي استثمارات تصل إلى ثلاثة مليارات دولار (52.9 مليار جنيه مصري).
وكشفت أحدث بيانات "أميك" عن نمو مبيعات قطاع السيارات المستوردة خلال 11 شهرًا من 2018 بنسبة 61.3% على أساس سنوي، بينما بلغ معدل نمو مبيعات السيارات المحلية خلال نفس الفترة 18.6%، ما يعكس صعوبة مهمة المحلي في منافسة المستورد.
يقول المهندس عبد المنعم القاضي، نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إن الشركات العاملة بالسوق المحلي تضع خططًا شهرية للإنتاج، وفي الوقت الحالي تدرس هذه الشركات تخفيض إنتاجها بسبب حالة الركود، لافتًا إلى أن حملات المقاطعة تضر في المقام الأول بالاقتصاد القومي وليس التجار.
وأكد القاضي أن صناعة السيارات المحلية تواجه تحدٍ قوي في ظل إعفاء السيارات ذات المنشأ الأوروربي من الجمارك، مشيرًا إلى أن "زيرو جمارك" أوروبي زاد من صعوبة المنافسة بالسوق المحلي، إلا أنه شدد على قدرة الصناعة المحلية على المنافسة رغم عدم استقرارها في الوقت الحالي.
وشدد على أن المتضرر الأول من اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية هم العاملين في قطاع صناعة وتجميع السيارات في مصر، موضحًا أن المكونات المغذية للصناعة التي يتم استيرادها من الخارج لا تزال تخضع لرسوم ضريبية وجمركية، الأمر الذي يصعب معه منافسة السيارات المحلية للمعفاة بالكامل من الجمارك.
ما الحل؟
يرى المستشار أسامة أبو المجد، رئيس رابطة تجار السيارات المصرية، أن الحل الأمثل للنهوض بقطاع السيارات المحلي يكمن في إنشاء مدينة صناعية كبرى لصناعة وتجميع وتجارة السيارات.
وأكد أبو المجد، في تصريحات تلفزيونية، أن مدينة السيارات الصناعية ستكون نقلة نوعية في تاريخ مصر الحديث. مطالبًا الدولة المصرية بعقد مؤتمر دولي وتوجه فيه الدعوة لكبرى شركات السيارات العالمية التي وقعت على اتفاقية صناعة السيارات في الاتحاد الأوروبي، ويتم خلاله تقديم سبل الدعم الحكومي للحث على الاستثمار.
بدوره طالب عمرو سليمان، سكرتير شعبة السيارات بالغرفة التجارية، الحكومة المصرية بدعم صناعة السيارات المحلية، وذلك من خلال إعفاء مستلزمات الإنتاج المستوردة من الرسوم الجمركية أسوة بالسيارات المستوردة من أوروبا والمغرب وتركيا.
وتخضع مكونات الإنتاج المستوردة لتصنيع السيارات المحلية لرسوم جمركية تصل إلى 6.25% بالإضافة إلى رسم تنمية يصل إلى 3%.
وأكد سليمان أن إعفاء صناعة السيارات المحلية من الرسوم الجمركية ورسم التنمية من شأنه أن يقلص أسعار السيارات المزودة بمحركات حتى 1600 سي سي بقيمة 10 آلاف جنيه تقريبًا، ما يعزز من فرص السيارات المحلية على المنافسة.
واتفق أشرف شرباص، نائب رئيس شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، في الرأي حيث أكد أن أولى الإجراءات التي يجب اتخاذها لدعم صناعة السيارات المحلية يكون من خلال تخفيض الرسوم المفروضة على السيارات المحلية لتشجيع الصناعة ومنحها القدرة على المنافسة في سوق السيارات.
وقال شرباص لـ"مصراوي" إن الخطوة الثانية في طريق دعم الصناعات المحلية والتي تعود بالنفع على قطاعات أخرى مثل الصناعات المغذية والتكميلية يكمن في تمييز السيارات المجمعة محليًا بتخفيض رسوم الترخيص المقررة التي تصل إلى 2.5 % تقريبًا.
وأشار نائب رئيس شعبة السيارات إلى أن رسم التنمية وضريبة القيمة المضافة الذين يتم تحصيلهما عن السيارات المصنعة محليًا أيضًا، يزيد من صعوبة منافستها للمستورد في السوق المصري.
اللواء حسين مصطفى، الخبير والمدير التنفيذي السابق لرابطة مصنعى السيارات والمتحدث الرسمى باسمها، من جانبه
أكد أن إعادة حساب نسبة المكون المحلي في السيارات المجمعة بمصر ومطابقتها للمواصفات الدولية سيسهم في حصول المصنعون على حوافر وتخفيضات على باقي الأجزاء المستوردة والمكملة لعملية التصنيع.
وأضاف مصطفى أن النسب المعمول بها حاليًا والتي ينظمها قانون رقم 216 لسنة 58 تم وضعها بشكل عشوائي وتلزم المصنِّع حتى يصنف منتجه مصري ألا تقل نسبة القيمة المضافة إليه عن 25% بم في ذلك العمالة والخامات أو التصنيع وهو أمر غير واقعي.
وأشار إلى قرار وزير التجارة والصناعة السابق الصادر في أبريل الماضي باعتماد نسبة المكون المحلي ليكون المنتج مصريا 46%، ويشمل ذلك رفع مساهمة خط التجميع من 13% إلى 28% والدهان بين 3.5% و4%، على أن يتم احتساب النسبة بدءًا من 14% تزيد 1% كل عام حتى نصل للنسبة العالمية.
وأوضح أن القرار الوزاري أمهل المصنعين حتى مايو 2019 لتوفيق أوضاعهم، ومن بعد انتهاء المدة سيتم احتساب المنتج محليًا وفقًا للنسب الجديدة، لافتًا إلى أن النسب الجديدة ستمكن المنتج المحلي على المنافسة داخليًا والتصدير للخارج، حيث ستتحقق نسبة الـ 40% مكون محلي شرط التصدير.
فيديو قد يعجبك: