هدى المراغي.. مصرية استعانت بها كبرى شركات السيارات العالمية
كتب - أيمن صبري:
يحتفل العالم يوم الثامن من شهر مارس في كل عام، باليوم العالمي للمرأة الذي يقام احتفاءًا وتقديرًا لدور سيدات العالم على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والمهني والسياسي.
ترجع نشأة اليوم العالمي للمرأة بحسب مؤرخين إلى عام 1945 تزامنا مع انعقاد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس، فيم أشير إلى أن فكرة تخصيص يوم للاحتفال بالمرأة جاء في أعقاب إضرابات نسائية شهدتها الولايات المتحدة في خمسينيات القرن التاسع عشر؛ وأطلقت الأمم المتحدة يوم المرأة مناسبة عالمية رسمية في عام 1977.
في مصر تتعدد النماذج النسائية التي سجلت حضورها ونجاحاتها بالكثير من المجالات سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا ومهنيًا على مدار التاريخ، حتى أن تأثير المرأة المصرية امتد إلى مجالات كانت لسنوات طويلة حكرًا على الرجال ومنها قطاع صناعة وتطوير السيارات.
ومن أبرز المصريات اللاتي اقتحمن مجال صناعة السيارات، الدكتورة هدى عبد القادر الجمال (77 عامًا)، والمعروفة بهدى المراغي نسبة إلى زوجها العالم المصري الدكتور وجيه المراغي.
تخرجت المراغي في كلية الهندسة بجامعة القاهرة، ثم سافرت لاستكمال دراستها البحثية ونيل درجتا الماجستير والدكتوراه من جامعة ماكماستر في كندا.
استطاعت بدأبها في مجال الهندسة الميكانيكية الحصول على درجة الأستاذية، وأصبحت في عام 1994 أول امرأة على الإطلاق تجلس على مقعد عمادة كلية الهندسة في جامعة ويندسور الكندية، وأيضًا كانت أول امرأة في كندا تحصل على درجة الدكتوراه في مجال الهندسة الميكانيكية.
على مدار أكثر من 30 عامًا سعت العديد من الشركات والمؤسسات الرسمية للاستفادة من خبراتها التي تراكمت وتم توثيقها في 350 ورقة بحثية منشورة في العديد من المؤتمرات والمجلات العلمية، بالإضافة إلى 3 كتب مؤلفة في مجال تخصصها، والمساهمة في 13 كتاب آخر، ذلك فضلًا عن الإشراف على عشرات الأبحاث.
المراغي، التي مُنحت جائزة أفضل مشرف على الطلبة بجامعة ويندسور، لتوفيرها مناخ أفضل للطلبة للدراسة،عانت الرفض خلال مسيرتها الأكاديمية مرتين، الأولى من الجانب الكندي عندما سافرت لاستكمال دراستها ولم تكن الجامعات الكندية تعترف بشهادتها التي حصلت عليها في القاهرة، ولكنها ظلت تثابر حتى أصبحت من أفضل علماء كندا في مجالها.
المرة الثانية كانت في مصر عندما قررت منذ سنوات العودة لتستفيد منها بلدها الأم، هكذا قالت في حوار تلفزيوني سابق، ولكن المسئولين في جامعة القاهرة أبلغوها أن القوانين تحتم عليها إذا ما أرادت العودة للعمل بالجامعة أن تعود بدرجة "مُعيد" وحينها قررت أن تعود إلى كندا.
تعتبر المراغي من الرواد في مجال الهندسة الإنتاجية، ما دفع شركات عملاقة مثل "فورد" الأمريكية المتخصصة في صناعة وتطوير السيارات ومواطنتها شركة "كرايسلر" في التعاون معها، حيث جعلتها فورد مستشارة لها، فيما تعاونت معها كرايسلر في تطوير خطوط الإنتاجية بأنظمة التصنيع المرن الحديث.
وفي شأن صناعة السيارات بمصر، قالت المراغي إنها عند زيارتها لمصنع "النصر للسيارات" قبيل إغلاقه حاولت تقديم يد العون من خلال تطوير عمليات التصنيع، إلا أن مشكلة المصنع الأساسية كانت تكمن في نقص قطع الغيار المستوردة، فاقترحت حينها وفقًا لتصريحاتها أن تقوم مصر بتصنيع قطع الغيار تلك محليًا شريطة أن يكون ذلك بجودة عالمية.
وعن مدى إمكانية مصر لاقتحام صناعة السيارات وليس الاكتفاء بالصناعات التجميعية، أكدت الدكتورة مراغي إننا بحاجة لتوطين التكنولوجيا والصناعة فى مصر، مضيفة أن ذلك لن ينجح إلا عند الاهتمام في التعليم الهندسى بفكرة تصميم المنتج.
وأكدت أن مصر إذا امتلكت براءة لتصميمات سيارات وأنشأت مصانع لإنتاج تلك السيارات، لن يستطيع أى شخص أو بلد أن تتحكم بنا، لأن الصناعة والإنتاج يخلقان فرص عمل كثيرة جدا ولطبقات من المجتمع وتوزع الثروة على قطاع كبير من المجتمع معظمهم شباب وكثير منهم بحاجة للعمل.
لم يقتصر الاعتماد على المراغي في مجال صناعة وتطوير صناعة السيارات، بل إن العديد من شركات الأغذية وغيرها لجأت إليها للعمل على تطوير خطوطها الإنتاجية، وكذا إدخال مفهوم أنظمة التصنيع المرن إلى تلك الصناعات.
إلى جانب العمل الأكاديمي والاستشاري لعدد من الشركات والمصانع العالمية، ظلت هدى المراغي المصرية الكندية على مدار خمس سنوات مستشارًا لوزير الدفاع الكندي، وهي أيضًا زميل الجمعية الكندية للمهندسين الميكانيكيين، وزميل جمعية مهندسي التصنيع، وزميل الأكاديمية الدولية لهندسة الإنتاج، وعضو الجمعية الأمريكية للمهندسين الميكانيكيين. وتقديرًا لجهودها حصلت على وسام الشرف بمقاطعة "أونتاريو" الكندى لتصبح أول امرأة عربية تحصل على هذا التقدير.
ولمزيد من إفساح المجال في أبحاث أتمتة الصناعات وتقليل الاعتماد على الطاقات البشرية لصالح التكنولوجيات الحديثة والرقمية، أسست المراغي ما يعرف بـ(المركز الهندسي لأنظمة التصنيع الذكي)، الذي يعمل على تطوير وإيجاد حلول مبتكرة للعديد من المصانع العملاقة والمتوسطة والصغيرة، كما وتستعين الحكومة الكندية به لتطوير بعض المشروعات المتوسطة والصغيرة التي يقل تمويلها عن 25 إلى 50 ألف دولار كندي.
فيديو قد يعجبك: