ما أهمية أنظمة التشغيل في السيارات؟
برلين - (د ب أ):
اقتحمت الحواسيب عالم السيارات منذ حقبة السبعينيات من القرن الماضي مع ظهور أجهزة التحكم الأولى في السيارات. ومنذ إدخال ما يعرف باسم أنظمة ناقل CAN مع بداية حقبة التسعينيات من القرن المنصرم تمكنت شركات السيارات من ربط أجهزة التحكم مع بعضها البعض، ويشير الاختصار CAN إلى مصطلح شبكة منطقة المتحكم (Controller Area Network).
وفي تلك الفترة ظهرت سيارة مرسيدس W140 من الفئة S باعتبارها أول سيارة مزودة بنظام ناقل CAN، أما اليوم فإن السيارات المدمجة تتضمن بين 30 و50 حاسوبا متصلا بالشبكة اعتمادا على حجم التجهيزات، ويرتفع العدد مع السيارات الفارهة إلى 70 أو أكثر من 100 حاسوب في السيارة.
وظائف إضافية
وأوضح البروفيسور تورالف تراوتمان، أستاذ ميكاترونيك السيارات بجامعة العلوم التطبيقية في دريسدن، مزايا الأنظمة المتشابكة بقوله: "يمكن دمج الوظائف الإضافية بسهولة، مما يتيح مجموعة متنوعة من المتغيرات وإمكانيات التجميع".
وعلى الرغم من توافر جميع المكونات في السيارة من المصنع، إلا أنه لا يتم إتاحتها على الفور؛ حيث دائما ما تقوم شركات السيارات ببيع الوظائف الإضافية فيما بعد وبشكل فردي لأصحاب السيارات، وينطبق ذلك على السيارات الكهربائية بصفة خاصة.
ويتزايد اعتماد شركات السيارات على الأنظمة الرقمية في الوظائف الإضافية المدفوعة مثل الوصول بدون مفتاح والتشخيص عن بُعد والتسخين المسبق لبطارية السيارات الكهربائية، وتتعاون الشركات العالمية فيما بينها لتوفير هذه الوظائف، فمن خلال تعاون شركتي فولفو وبوليستار تم طرح الإصدار المخصص للسيارات من نظام تشغيل جوجل أندرويد والمعروف باسم "Android Automotive" في أنظمة المعلومات والترفيه بسياراتهما.
وتعتمد سيارات مرسيدس على خرائط جوجل للتوجه الملاحي في أوروبا وأمريكا الشمالية. وأوضح ماجنوس أوستبيرج، رئيس قسم تطوير البرامج بشركة مرسيدس، أنه من خلال الاعتماد على بيانات القيادة الخاصة بالسيارة فإنه يمكن إدارة مدى السير للسيارات الكهربائية بدقة، بالإضافة إلى إمكانية عرض مؤتمرات الفيديو ومقاطع يوتيوب على شاشة السيارة.
وأوضح بيتر فينتل، رئيس قسم التكنولوجيا والابتكار بشركة الاستشارات التكنولوجية Capgemini Engineering، أن التكلفة الباهظة هي سبب تعاون شركات السيارات مع بعضها البعض لتطوير أنظمة معلومات وترفيه كاملة، وأضاف قائلا: "قد تصل التكلفة في المتوسط إلى عشرات الملايين من الدولارات، ويمكن أن تبلغ التكلفة مئات الملايين من الدولارات بسهولة". ولذلك تعلمت شركة السيارات أن شراء الوظائف المختلفة يعتبر أفضل من تطويرها بأنفسها.
ويهدف التحول إلى أنظمة التشغيل إلى تبسيط هندسة الإلكترونيات الخاصة بالسيارات وتسريع وتيرة دورات التطوير؛ حيث تعمل التطبيقات الرقمية بصورة أسرع وتستهلك طاقة أقل، وتمتاز بأنها أكثر أمانا ويمكن تحديثها بصورة أسهل، وتظهر أهمية هذه المزايا مع الأنظمة المساعدة للقيادة الآلية؛ حيث تسهل لغة البرمجة الموحدة للمعالجات الجديدة عملية التحديثات عن طريق اتصالات الإنترنت في السيارة، أو ما يعرف باسم التحديثات عبر الأثير (OTA).
مرسيدس "MB.OS"
ومع نظام تشغيل مرسيدس "MB.OS" تحل 4 أجهزة كمبيوتر مركزية، متصلة بالإنترنت ويمكن تحديثها عبر الأثير، محل ما يصل إلى 100 جهاز تحكم أو أكثر من الأجهزة، التي كانت مستعملة في السابق.
ويهدف نظام تشغيل مرسيدس "MB.OS" إلى خفض التكاليف أثناء التطوير والإنتاج وإتاحة أنظمة مساعدة متشابكة جديدة، وعلى غرار أنظمة التشغيل من تسلا وبي إم دبليو يعتمد نظام تشغيل مرسيدس " MB.OS" على قاعدة نظام تشغيل لينوكس، ومن المتوقع دمجه في منصة السيارات الجديدة خلال عامين.
وأوضح البروفيسور تراوتمان قائلا: "على الرغم من أن أنظمة التشغيل لا تؤدي إلى تراجع التعقيد، إلا أنها تساعد في الحد من المجهود والتكاليف؛ حيث يقل وزن أجهزة التحكم والكابلات المستخدمة، ويسري ذلك أيضا على تكاليف التجميع في مراحل الإنتاج، علاوة على تقليل زمن الانتقال وإزالة فترة التباطؤ بين أجهزة التحكم، وتظهر أهمية ذلك في القيادة الآلية؛ حيث يتم احتساب الاستجابة بوحدة مللي ثانية".
ويقوم نظام ناقل CAN القديم بنقل المعلومات بسرعة تصل إلى 8 ميجابت/الثانية، بينما يقوم المعيار الحالي Automotive Ethernet بنقل البيانات بسرعة 100 ميجابت/الثانية. وأضاف البروفيسور تراوتمان قائلا: "يسود الاتجاه حاليا نحو الاعتماد على عدد أقل من أجهزة التحكم مع معالجات مدمجة أكثر لكي تكون أكثر كفاءة وقوة".
وتحتل وظائف السلامة والأمان الأهمية القصوى بين الوظائف الجديدة لدى شركات السيارات الأوروبية، ولذلك فإن تطوير هذه الوظائف يستغرق وقتا طويلا، إلا أن التعاون بين شركات السيارات العالمية من شأنه أن يسرع من وتيرة عملية التطوير.
وأوضح أوستبيرج أن شركات السيارات تفكر بشكل جديد مع تطوير أنظمة التشغيل؛ حيث أصبحت الوظائف الرقمية بنفس أهمية أنظمة الدفع وبيانات القيادة. وأضاف قائلا: "أصبح العملاء يطلبون سيارات مزودة بوظائف رقمية مماثلة للهواتف الذكية".
ويعتقد بيتر فينتل أن الترابط القوي بين أجهزة التحكم يعد أحد الدوافع لهذا التحول في عالم السيارات، وهو ما يزيد من سرعة التطوير ويتيح مجموعة متنوعة من الوظائف.
وأضاف فينتل قائلا: "سوف يسمح ذلك مستقبلا بتنزيل وظائف راحة جديدة أو تحديث البرامج الخاصة بأنظمة القيادة على غرار ما يحدث مع التطبيقات في الهواتف الذكية، ولم يكن من المتخيل قبل بضع سنوات إمكانية تجهيز السيارات بوظائف جديدة بشكل غير معقد نسبيا".
مخاوف غير مبررة
ويرى ماتياس كيمبف، من شركة الاستشارات Berylls Strategy Advisors، أن المخاوف المحتملة من قيام شركات الإنترنت العملاقة مثل جوجل وأبل بالتحكم في السيارات بدرجة كبيرة ليست مبررة، وعلل ذلك بأن شركات الإنترنت العالمية لا تسعى لتصنيع سيارات، ولكن تهدف إلى بيع خدماتها لشركات السيارات العالمية.
وتشمل هذه الخدمات أنظمة المعلومات والترفيه وأنظمة الملاحة والحلول السحابية، وتسعى شركات التكنولوجيا العالمية إلى وضع تطبيقاتها الخاصة على شاشات السيارات الحديثة لتكون على اتصال مباشر بقائدي السيارات.
فيديو قد يعجبك: