بين ١٩٥٦ و ١٩٧٣.. سنوات حرب لم تهدأ على أرض مصر، منذ العدوان الثلاثي وحتى نصر أكتوبر المجيد، لم تكن صناعة السينما - والتي كانت في ذروتها وقتها - بمنأى عن تلك الأحداث.
فالأعوام السبعة عشر التي شهدت تواجد ٨٦ شركة إنتاج/منتج، وتناوب على الإخراج نحو ٣٨ مخرجًا، و ٩٧ مؤلفًا، شهدت إنتاج ٢٤٢ فيلمًا، تناوب على بطولتها ٤٣ ممثلًا، و٤٩ ممثلة.
في المقابل، كشف تحليل بيانات السينما المصرية بين الأعوام ١٩٥٦ و ١٩٧٣ عن تأثر صناعة السينما بسنوات الحرب، ففي عام ١٩٥٦ - عام العدوان الثلاثي - أنتجت السينما المصرية ١٣ فيلمًا فقط، وهو أقل من متوسط الإنتاج السنوي خلال الأعوام السبعة عشر.
ثم عاد الإنتاج إلى ذروته منذ عام ١٩٥٩، قبل أن يبدأ المنحنى في الانخفاض منذ نكسة ١٩٦٧، وحتى عام النصر.
وعلى الرغم من تربع الأفلام الدرامية والكوميدية والرومانسية على عرش الإنتاج السينمائي خلال تلك الفترة بنسبة تخطت ٨٥٪ من الأفلام، إلا أن ١٠٪ من الإنتاج السينمائي كان له بُعد عسكري أو تاريخي، حتى إن كانت أفلامًا كوميدية.
وهو الأمر الذي يفسر تربع فريد شوقي وأحمد مظهر وإسماعيل ياسين على عرش بطولة الأفلام ذات البُعدين التاريخي والعسكري خلال تلك الفترة، في المقابل شاركت كل من سعاد حسني، فاتن حمامة، لبنى عبد العزيز، هدى سلطان، وهند رستم، كبطولة نسائية في فيلمين ذوي بعدين عسكري وتاريخي خلال تلك الفترة.
بينما تربع المنتج حلمي رفلة على عرش الإنتاج السينمائي ذي البعدين التاريخي والعسكري، تليه شركة المنتجة آسيا، وأفلام بركات - والتي أسسها المخرج هنري بركات - والمنتج رمسيس نجيب والإنتاج الفردي للفنان فريد شوقي، الذي كان له ذراع إنتاجية أخرى هي شركة العهد الجديد.
تربع المخرج نيازي مصطفى على عرش الإخراج السينمائي خلال الفترة بين الأعوام ١٩٥٦ إلى ١٩٧٣ بشكل عام، وإخراج الأفلام ذات البعدين التاريخي والعسكري بشكل خاص، بنحو ٦ أفلام من أصل ٢٥ فيلمًا من هذا النوع، و٣٣ فيلمًا متنوعًا أخرجها نيازي مصطفى خلال مسيرته طيلة السبعة عشر عامًا.
وعلى الزعم من أن أكثر من ألّف الأفلام بشكل عام خلال تلك الفترة هو الأديب إحسان عبدالقدوس، بنحو ١٩ فيلمًا من بينها فيلم واحد ذي بُعد تاريخي أو عسكري وهو فيلم "في بيتنا رجل"، بطولة رشدي أباظة، وزبيدة ثروت، وإخراج وإنتاج هنري بركات، إنتاج عام ١٩٦١.
إلا أن عبدالقدوس لم يكن الأكثر تأليفًا للأفلام ذات البُعدين التاريخي والعسكري، حيث أّلف الأديب يوسف السباعي ٤ أفلام هي؛ رد قلبي، جميلة، واإسلاماه، والناصر صلاح الدين.
وهو ما يلقي الضوء على أن أغلب الإنتاج السينمائي خلال تلك الفترة كان إما مأخوذًا عن روايات، أو من تأليف أحد كبار الأدباء؛ حيث تربع على عرش التأليف السينمائي الأدباء إحسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ ويوسف السباعي، بنحو ٢٠٪ من الإنتاج السينمائي.. تلاهم أبو السعود الإبياري بنحو ٥٪ من الأفلام.
بينما تربع على عرش الإنتاج السينمائي رمسيس نجيب، بنحو ١٥٪ من الأفلام، حيث أنتج ٣٣ فيلمًا، والجدير بالذكر أنه أخرج فيلمًا واحدًا، على مدارس السنوات السبع عشرة، وهو ما يلقي الظلال على أصحاب المهام المشتركة، تحديدًا الإنتاج، مثل المنتج حلمي رفلة، الذي يقع في المركز الثاني في قائمة المنتجين، والذي ألّف فيلمًا واحدًا، وأخرج ٥ أفلام.
وشركة أفلام العهد الجديد، المملوكة للفنان الراحل فريد شوقي، والتي حلّت في المركز السادس في الإنتاج السينمائي خلال تلك الفترة، هذا بخلاف التي أنتجها فريد شوقي بشخصه بعيدًا عن الشركة.
وهو الأمر الذي جعل فريد شوقي يتربع على عرش بطولة الأفلام السينمائية خلال تلك الفترة، يليه أحمد مظهر، ورشدي أباظة وإسماعيل ياسين.
لم يكن فريد شوقي هو الفنان الوحيد الذي أسس شركة للإنتاج السينمائي خلال تلك الفترة، بل أيضًا أسس الفنان فريد الأطرش شركة إنتاج سينمائي تحمل اسمه، في الوقت الذي حل فيه في المركز العاشر في ترتيب البطولات المطلقة.
بالتساوي مع شركة صوت الفن التي أسسها عبدالحليم حافظ ومحمد عبدالوهاب، في حين جاء الفنان عبدالحليم حافظ في المركز السابع في ترتيب البطولات المطلقة.
ولم تكن الفنانات بمنأى عن ذلك النهج أيضًا، فعلى الرغم من تربّع سعاد حسني على عرش البطولات النسائية في السينما المصرية بين الأعوام ١٩٥٦ و ١٩٧٣، تليها فاتن حمامة وهند رستم وشادية، إلا أن الفنانة ماجدة أنشأت شركة إنتاج تحمل اسمها، حلت في المركز العاشر بين المنتجين خلال تلك السنوات، وفي المركز الثامن من حيث البطولات النسائية.
وهو الأمر نفسه الذي انتهجته الفنانة مديحة يسري، التي أنتجت فيلمين، وحصلت على بطولة فيلمين أيضًا.